عرض مشاركة واحدة
قديم 20/08/2008   #61
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


من هنا إلى أين؟



هناك من يريد لهذين اليومين أن يمضيا على خير، وبسرعة. فاللياقة تقتضي الابتسام ل»حزب الله«، وتقدير نضاله، وشكره. غير أن لهذه اللياقة دورها في شحذ السكاكين. وربما بدأ الطعن يوم الاثنين. إذ يستحسن بالعيد، أيضاً، أن يمر. لقد نجح الحزب إلى حد يفرض عليه دفع بدل نجاحه. فما تبقى من »إنجازات« لا تليق به. لا بل إن إنجازه الوحيد قد يكون إنجازه الأخير: الاختفاء في سبيل لبنان واللبنانيين. إنه حزب من أحزاب قليلة في العالم تجد من يقول لها الشيء نفسه سواء أنجزت أو أخفقت!
لنستعد، إذاً، للاستماع إلى هذه المعزوفة: كلنا مع الحزب والمقاومة، كلنا كنا مع تحرير الجنوب وإطلاق الأسرى، لكننا لا نريد لأحد أن يحل محل الدولة، أما شبعا فعلينا إثبات لبنانيتها، وأما سمير القنطار فالدبلوماسية تتكفل به. إن شجاعة الأمس هي حماقة اليوم. ألا ترون الغضب الأميركي؟ ألا تفهمون معنى احتلال العراق؟ ألا يكفينا الاهتراء الاقتصادي؟ هل في وسعنا أن نجاري أرييل شارون في جنونه؟ ألم يحن الوقت لمساواة المقاومة بباقي الميليشيات؟ هل نريد أن نقدم ذرائع للعدو؟ فلنرسل الجيش إلى الجنوب، ولنقفل الجبهة، ولنساعد الحزب على التحول إلى العمل السياسي.
كلام مكرّر. لو تمّ الاستماع إليه قبل عام 2000 لكان الجنوب محتلاً بالكامل. ولو تمّ الاستماع إليه غداة التحرير لكان الأسرى في السجون. أما الدبلوماسية وإطلاق سمير القنطار فيسأل عن الأمر... مروان المعشر.
كلام مكرّر، إلا أن فيه بعض الحقيقة. لا يمكن إنكار أن إطلاق الأسرى، بعد تحرير الجنوب، يوهن صلة لبنان المباشرة بالصراع المسلح مع إسرائيل. ثمة قضايا عالقة بالتأكيد (شبعا، القنطار، مصير الأخوة الفلسطينيين...) ولكنها، في عرف البعض، أقل إلحاحاً من أوضاع سابقة لجهة »استدعاء« السلاح.
يجب أن يكون المرء عنيداً حتى لا يعترف بأن »حزب الله« أقدم على تأقلم معيّن بعد أيار 2000. ولقد حصل التأقلم في اتجاهين: الأول هو حصر المواجهة العسكرية مع الاحتلال حيث هو، في مزارع شبعا، والثاني هو تطوير البُعد الإقليمي القائم على نصرة الانتفاضة الفلسطينية.
لقد بقي هذا التأقلم فائضاً عن محصلة التوافقات اللبنانية. أي أنه، بكلام آخر، استمر عنواناً من عناوين التباين. هناك من رعاه ودافع عنه. وهناك من اعترض وطالب بالمزيد. لقد شهدنا، بعد أيار 2000، تبلور تيار صاغ توجهه بشعار مركب: الجيش اللبناني إلى الجنوب والجيش السوري إلى سوريا. وبدا، لفترة، أن هذه الأطروحة صاعدة نحو موقع الهيمنة على السجال الداخلي. إلا أنها تراجعت تحت ضغوط داخلية (لم تكن كلها موفقة و»ديموقراطية«)، واتضح أنها، باسم حوار يفترض فيه إنتاج توافق، إنما تثير انقسامات أشد خطورة. ومع أن تفجيرات 11 أيلول وما تلاها صبّت الماء في طاحونة هذا الرأي فإن أصحابه تراجعوا عنه بعض الشيء (باستثناء ميشال عون) وإن كان بعضهم لم يتخلّ جدياً عنه.
قد نشهد، في الفترة المقبلة، تبلور صيغة منقحة عن هذا التوجه. وسيحصل ذلك، بالضبط، نتيجة تراجع الدور اللبناني المقاوم ل»حزب الله« قياساً بالتضخم المرتقب في دوره الإقليمي، أي، عملياً، بتعزز المنحى الذي برز بعد 2000 ورد عليه الحزب بقدر من التأقلم المفهوم.
سيقال إن الوضع الناشئ يوفر ذرائع لفنسنت باتل للادعاء بأن الحزب إن لم يكن »منظمة أجنبية« فإنه يخدم »مصالح أجنبية«. وسيصبح ممكناً التركيز على »الإرهاب ذي البُعد الدولي« مع تضاؤل دور التنظيم المحلي المقاتل من أجل الأرض والأسرى. وليس ما يمنع أن يتهم أي دعم للفلسطينيين بأنه تدخل في شؤون داخلية من أجل إثارة الانقسام. غير أن التشديد سيكون على شبكة العلاقات الإقليمية للحزب بحيث يجري تقديم تصلبه وكأنه يخدم سياسات إقليمية تريد التجاوب مع ضغوط تتلقاها عبر تسويات لا تستقيم إلا عبر دفع الحزب إلى تشدد يحسّن لها شروطها التفاوضية.
هذه عناوين لنقاشات مقبلة.
يتجاهل أصحاب وجهة النظر السالفة الذكر حقائق أساسية.
إن الصراعات الإقليمية مستمرة وضارية من فلسطين إلى العراق. وليس في وسع لبنان عزل نفسه عنها إلا بمعنى الانضمام إلى محور آخر. ولبنان معني فعلاً بمنع إسرائيل من إلحاق هزيمة بالشعب الفلسطيني. ونضع جانباً، هنا، واجبات الأخوّة والتضامن من أجل التأكيد على المصلحة الوطنية في تمكين الفلسطينيين من منع تنفيذ الحل الإسرائيلي بطبعته الشارونية. أن يكون لبنان معنياً يساوي أن يكون له دور. وبهذا المعنى فإن ما يسمى »المرحلة الثانية« من أي تبادل للأسرى هو بعض هذا الدور.
إن السؤال الذي يتوجب على اللبنانيين طرحه على أنفسهم هو التالي: أي لبنان في ظل توطد الهيمنة الأميركية على المنطقة في لحظة رعايتها للتوسعية الإسرائيلية في الأرض العربية والتصميم على الإبادة السياسية للشعب الفلسطيني؟
إن الترجمة المحلية لهذا المشروع ليست أقل من تدمير الحد الراهن من الاستقرار، والانتكاس عن السلم الأهلي الهش، والعودة للدوران في الفلك الإسرائيلي... فالمصلحة اللبنانية هي البقاء في المعسكر المستهدف لأن ثمن ذلك هو، بالتأكيد، أقل من ثمن الانتقال القسري إلى الضفة الأخرى. ولعل الموقف من »حزب الله« هو عنوان الخيار الإقليمي بانعكاساته الداخلية.
إذا سلمنا بأن الدور الإقليمي ل»حزب الله« سيزداد بروزاً يصبح التساؤل مشروعاً عن الحماية اللبنانية الداخلية لهذا الدور.
تقول التجربة السابقة إن الحزب اختار تضاؤل دوره الداخلي من أجل عدم إثارة الحساسيات. أمّن الحماية لنفسه بالفعالية، والتغطية الرسمية، وبالتفاف قاعدة شعبية ضيقة في نهاية المطاف، وبدعم سوري وإيراني.
لن يكون ذلك كافياً بعد اليوم. إن ضراوة ما يجري لا تقاوم بذراع عسكرية وتغطية من قمة السلطة. لا بد من توفير مناعة اجتماعية أشد رسوخاً. ويعني ذلك، في ما يعني، السعي إلى تغيير إدارة الشؤون اللبنانية ببعديها الداخلي والإقليمي.
قد لا يستطيع الحزب لعب الدور الذي تدفعه الظروف والإرادة نحوه إلا بشروط من نوع آخر تدخل تعديلات على الصعد اللبنانية كلها.

30/1/2004

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03766 seconds with 11 queries