حين يُختصر الوطن في حزب واحد!
المعارضة في سورية ليست وطنية، أو بالتعبير الذي استخدمه المسؤول الحزبي في حلب: ليس في سورية معارضة وطنية، أي أن المعارضين السوريين (بالضرورة) ليسوا مواطنين، مثلهم في ذلك مثل الجواسيس الذين يخترقون حمى الوطن ليعيثوا فيها الفساد، أي أن الموالين للحكومة وللحزب الحاكم (بالضرورة أيضاً) هم الوطنيون فقط، وبالتالي فهم وحدهم من يستحق أن يحصل على شرف المواطنة السورية .. أليس هذا ما يمكن فهمه من هجوم المسؤول البعثي الكبير على الذين يطالبون برفع حالة الطوارئ وإعادة الحقوق إلى أصحابها؟!
إن اختزال البلد (والشعب) في السلطة التي اختزلت أيضاً في الحزب الواحد كان السبب الأكبر في الانتكاسات المتتالية التي مرت بسورية (والدول المشابهة أيضاً). فكيف يستطيع مواطن يُشك بمواطنيته ويصف في قائمة "المشبوهين"؛ القيام بما يمليه عليه واجب المواطنة في أوقات الأزمات؟
إن القصة هنا لا تطرح فقط إشكالية العلاقة بين الوطن (الذي اختزل في السلطة والحزب والواحد) والمواطن، بل إن التساؤل الذي يجب أن يُطرح: هل بات الولاء للسلطة والحزب الحاكم معياراً للاعتراف بوطنية وبالتالي مواطنية الناس؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن جميع المعارضات في الدول الديمقراطية يجب أن تشطب من قائمة المواطنة، لأنها لا تختلف مع الحزب الحاكم وتعارضه، بل تسعى أيضاً لإخراجه من السلطة والحلول مكانه بالطرق السلمية وعبر الانتخابات، وهو ما يسعى إليه المعارضون الدول التي تتوقف للديمقراطية.
ومن المؤسف أنه في ظل الضغوط والتهديدات الخارجية؛ لا يزال الأيديولوجيون البعثيون يتحدثون بالمنطق ذاته الذي أوصل الأمور إلى ما هي عليه الآن: تأزم داخلي وتهديد خارجي، في حين أن الحل يقتضي إجراء مراجعة شاملة للسياسات والأسباب، بما في ذلك المادة الثامنة من الدستور التي تجعل السلطة حصراً بيد مجموعة واحدة، وكأنها قطعة أرض مسجلة في دائرة الأراضي لمالكين معينين، ما يعني أن نتائج أي عملية سياسية أو انتخابات ستكون محسومة سلفاً. إن لهجة التحدي والوعيد التي يتحدث بها البعثيون (شاء من شاء وأبى من أبى)؛ تذكرنا بالنتائج التي حصل عليها الرئيس العراقي السابق صدام حسين في "الانتخابات" الأخيرة قبل الاحتلال، حين حصل على 100 في المائة من الأصوات، فأين هذه المائة في المائة الآن؟
-----------------------------------------------------------------------------------
رأي أخبار الشرق -
www.thisissyria.net