الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 22/06/2008   #294
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


ألم يكن هذا بالضبط ما يفعله فيتوريو دوسيكا؟ كانت أفلامه الرائعة مثل "سارقو الدراجات" و"معجزة في ميلانو" و"امبرتو د" تصادف في ايطاليا فشلاً تجارياً ذريعاً، وكان عليه من أجل الاستمرار في انتاج مثلها ان ينتج من حين لآخر أفلاماً مقبولة لدى الجمهور تجلب له الربح. أما كان بوسعك ان تحذو حذوه؟

- لا يا سيدي، ربما لعجزي عن ان أنتج فيلماً انا غير مقتنع به، أو ربما لاعتقادي بأن التضحية مرة اثر مرة بالمثل العليا من شأنها ان تؤثر في مستوى الاداء، فيصعب بعد ذلك العودة الى هذه المُثل.

عن المهرجانات


اريدك ان تحدثني عن مهرجانات السينما الدولية التي نال بعض أفلامك فيها الجوائز، هل ثمة اعتبارات غير جودة الفيلم تؤثر في قرارات لجان التحكيم بمنح الجوائز؟

- بالتأكيد، وبالضبط كما في جائزة نوبل أو اي جوائز عالمية اخرى، ان اعضاء لجان التحكيم ليسوا ملائكة مجردين من الهوى والتحيز والمؤثرات الشخصية واعتبارات السياسة الدولية، فإن كان في اللجنة عضو بولندي مثلاً، فغالب الظن انه سيميل الى اعطاء صوته للفيلم المجري أو التشيخي، أو كان فيها حكم مصري فسيسره ان ينال الفيلم الهندي الجائزة، فإن اشتركت اسرائيل في المهرجان، فمن المؤكد أن يجد فيلمها اكثر من ناقد متعاطف لمجرد ان الفيلم اسرائيلي ومن دون اي اعتبار آخر، وكما ان مقرري جائزة نوبيل في بعض الاحيان يتنازلون ويلتفتون الى دول العالم الثالث، ويمنحونها لكاتب، كالكاتب النيجيري ول سوينكا، فإن المحكمين في مهرجانات الأفلام يمنحون الجوائز احياناً (وإن لم تكن احياناً كثيرة) لأفلام دول نامية، ربما رغبة في ابعاد شبهة التحيز أو الاستعلاء، أو الجهل بانجازات تلك الدول، أو على سبيل التشجيع.


بصرف النظر عن الازمة الاقتصادية التي تهدد مستقبل الصناعة السينمائية المصرية، هل يمكنك القول انك راض عنها عموماً؟

- الحقيقة التي يتفق الكثير من المثقفين المصريين معي عليها هي ان الفن السينمائي اصبح في السنوات الاخيرة اهم الفنون في مصر وأرقاها، وأحفلها بالأعمال المتميزة، وذلك بفضل مخرجين مصريين افذاذ، مثل صلاح ابو سيف ومحمد خان وعاطف الطيب وشادي عبد السلام وتوفيق صالح وعلي بدرخان واشرف فهمي وغيرهم، غير ان الازمة الاقتصادية - كما ذكرت - تهدد هذا الفن اكثر مما تهدد الفنون الاخرى كالأدب والموسيقى والرسم والنحت، وهو ما يجعلني أميل الى التشاؤم بالنسبة إلى مستقبله، وترافق هذه الازمة الاقتصادية، للاسف الشديد، مشكلة رهيبة اخرى خاصة بتجارة الفيديو، فهناك اناس لا ضمائر لهم وجدوها تجارة مربحة. طبع الآلاف من النسخ من الأفلام المصرية من دون ترخيص أو إذْن على اشرطة الفيديو، وبيعها بأسعار زهيدة نسبياً من دون ان ينال المنتجون قرشاً واحداً في مقابل ذلك، والسلطات عاجزة تماماً عن وضع حد لهذا النشاط غير المشروع. ونتيجة هذا كله يكاد الحافز المادي يختفي من الصناعة السينمائية عندنا، لقد خسر فيلمي "وداعا بونابرت" نحو نصف مليون جنيه، واتوقع ان يخسر فيلم "اليوم السادس" نحو 400 الف جنيه، فمن ذا الذي لديه القوة والمثابرة والمال والحافز الفني الملح فيواصل انتاج أفلام رفيعة المستوى في مواجهة مثل هذه الصعوبات الاقتصادية الضخمة والمتزايدة؟ الكثيرون يهجرون الميدان، والكفايات تهاجر من مصر، واذا نحن نعاني من ازمة في الخبراء الموهوبين، كما في حال كُتاب السيناريو والحوار مثلاً. لقد أصبح كتاب السيناريو والحوار الممتازون عندنا عملة نادرة، ما يضطرني في معظم أفلامي الى ان اكتبها بنفسي، وثمة أيضاً مشكلة الرقابة والقيود التي تفرضها على السينما وتشل من حريتها، فهناك مواضيع لا ينبغي ان تمس، ومناظر لا ينبغي ان تُضَمّن، وألفاظ لا ينبغي ان ترِد، وشخصيات لا ينبغي ان تُصّور، وقد اعترضت الرقابة أخيراً على فكرة فيلم كنت انوي اخراجه عن قصة يوسف الصدّيق، بحجة ان الانبياء والصحابة لا يجوز تصويرهم على المسرح أو في السينما. وتخامرني الان فكرة ان اخرج فيلماً عن الشيخ محمد عبده، آمل ألا تعترض الرقابة عليه.

أما عن مستوى التمثيل عندنا ففي اعتقادي انه عالٍ جداً، وانه ارتقى بشكل ملحوظ خلال السنوات العشرين الاخيرة بالابتعاد عن الميلودرامية والتمسك بواقعية الاداء، فإن سألتني عن اعظم الممثلين المصريين طراً أجبتُ بلا ادنى تردد: محمود المليجي، لقد كان الرجل من اجهل الناس بشؤون السياسة، ضئيل الحظ من الثقافة، وكثيراً ما كنا نضحك منه اثناء مناقشاتنا، غير انه كان في التمثيل لا يضاهى، ملكاً من السماء، وكنت احياناً لا املك نفسي من البكاء اثناء تصوير المشاهد التي يظهر فيها خصوصاً في فيلم "الارض" وفيلم "اسكندرية ليه؟" ونور الشريف ايضاً ممثل ممتاز، بدأ بداية طيبة، ثم اهدر موهبته بقبوله أدواراً هابطة المستوى، ثم تدارك نفسه واصبح اعظم مما كان في اي وقت مضى، محمود مرسي؟ لا بأس به، غير انه محدود القدرة على تنويع ادواره أو تصوير شخصيات شديدة التباين والاختلاف، واحترامي له كأستاذ في معهد السينما اكبر من احترامي له كممثل. واقربهم إلى قلبي جميعاً تلميذي محسن محيي الدين، ففيه اركز كل آمالي المحبطة، واحلامي التي لم يُكتب لها ان تتحقق. وانني أدعو الى الله له من صميم قلبي ألا تصرفه اغراءات الدنيا والمال والشهرة عن الطريق الجاد الذي قطع فيه شوطاً بعيداً.



... وعن النقاد


وماذا عن النقاد السينمائيين في مصر؟

- صراحة، أنا لم استفد من النقاد في مصر الا بمقدار ما اسهموا به في ذيوع صيتي، اما عن نقدهم وبيانهم لأخطائي ونصائحهم فلا. ومستوى النقد عندنا باستثناء ناقدين أو ثلاثة، رديء هابط، وهو محكوم في معظم الحالات إما باعتبارات شخصية (كالصداقة أو العداوة بين الناقد والمخرج)، أو مفاهيم ساذجة فجة عن الفن السينمائي، أو الغيرة والحسد والرغبة في تحطيم كل موهبة حقيقية تبرز في الميدان، فإن شئت مثالاً على ما اذهب اليه قلت ان ليس من النادر ان تشكو احدى الممثلات إلى ناقد أو صحافي معين هي على علاقة صداقة وثيقة به، من مخرج رفض ان يسند اليها دور البطولة في فيلمه، أو جرّبها في الدور فوجدها غير صالحة له فاختار غيرها، فيعدُها صديقُها الصحافي بأن "يبهدله ويمسح به الارض" في نقده للفيلم، و"يبهدل" الممثلة التي اخذت الدور منها ويمسح بها الارض، وكل هذا قبل ان يرى الفيلم، وبصرف النظر عن مستوى أداء الممثلة!


ما هو أفضل اعمالك السينمائية في رأيك انت؟

- البعض يرى أن "اليوم السادس" هو أفضل أفلامي على الاطلاق، ربما... والبعض ممن يعتقد ان أفلامي تزداد بمرور الايام صعوبة أو "حذلقة" كما يسميها، يصر على أن فيلم "باب الحديد" الذي اخرجته من نحو ثلاثين عاماً (195، هو أفضلها، غير انني اعتز بصفة خاصة بفيلم "اسكندرية ليه؟"، لأكثر من سبب. كنت قد أصبت قبله بأزمة قلبية كادت ان تودي بحياتي، واجريت لي في اوروبا عملية خطرة معقدة، وكنت خلال تلك الفترة العصيبة احاسب نفسي وأراجع حياتي لأرى ما قدمت يداي، وما اذا كنت تاركاً بموتي عملاً ذا شأن، فإذا بي غير راضٍ عما انتجت في ما سلف، معاهداً نفسي لو قدر لي ان أعيش أن أقدم في عملي التالي عصارة حياتي وتجاربي وخبراتي في قالب سينمائي فني من الدرجة الاولى. وكان فيلم "اسكندرية ليه؟" هو أول فيلم على الاطلاق - في مصر أو خارج مصر - يتحدث فيه المخرج عن نفسه وعن حياته بصورة مباشرة، وبصدق وصراحة كاملين، ربما كان فيلم فريدريكو فيلليني (8 ونصف) مستوحى من حياته، غير انه خلط الخيال بالحقيقة، والبطل فيه لا يحمل اسمه. اما "اسكندرية ليه؟" والفيلم المكمل له "حدوتة مصرية"، فهما يوسف شاهين من ألفه إلى يائه... أضف إلى ذلك انه من الأفلام المصرية النادرة للغاية التي تصور عائلة مسيحية مصرية بعاداتها واسلوب عيشها ومفاهيمها، وفي رأيي ان الفنون المصرية عموماً تفتقر بشدة الى صور لهذا القطاع من المجتمع المصري. وهو تقصير أنسب المسؤولية عنه إلى الفنانين المسيحيين المصريين.

على كل حال، إن كل فيلم من أفلامي هو قطعة من نفسي، وثمرة فترة معينة من حياتي، أو على حد قول التعبير الشائع "كلهم أبنائي!".

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04607 seconds with 11 queries