عرض مشاركة واحدة
قديم 03/10/2008   #1
شب و شيخ الشباب yass
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ yass
yass is offline
 
نورنا ب:
Jul 2004
المطرح:
الآن... هنا
مشاركات:
9,461

افتراضي قم و اضرب المستحيل...بقبضتك اليسرى


صباح أمس, و بينما كنت أحاول الحصول على فنجان من القهوة في ازدحام كافتيريا مشفى سانتياغو الجامعي, لفت نظري, في طاولة قريبة من الباب, وجود طفلة في كرسي كهربائي ضخم جدا, أضخم من الكراسي المعتادة للمعقدين, حتى الكهربائية منها.

الكرسي كان مجهزا بجميع الوسائل اللازمة لكي تستطيع الطفلة الحركة أو التعبير بحركة الرأس أو الفم, فعدا عن المقود الشبيه بجهاز تحكم ألعاب الكمبيوتر, فقد كان مجهزا بما يشبه المقبض الصغير الذي يمكن تحريكة بالفم, و كذلك بمساند رأس يصدر صوتا عندما يتم الضغط عليه بالرأس, صوت مختلف لكل جهة, و هكذا يستطيع المريض التواصل مع من يعتني به.

هذه هي المشاهد القليلة التي لم تستطع المهنة الطبية مسح مشاعري تجاهها, فوقفت أتفرج على الطفلة و هي تتلقى رشفات من عصير برتقال من سيدة, أفترض أنها والدتها. ثم صحوت على نفسي و عدت إلى نضالي مع الزحام في سبيل قهوتي.

...

لا زال العالم يرقص على أنغام "دلال" و "غنج" الكونغرس الأميركي و حيرته إزاء المبادرة الإنقاذية لبنوك الولايات المتحدة من براثن أزمة إفلاس لم يدخلوا فيها إلا بسبب جشعهم و طمعهم اللامحدود. و على اعتبار أن عطسة في ممرات الكابيتوليوم يمكن أن تسبب حربا في الجهة الأخرى من العالم, فإننا نجلس.. و نتفرّج

في حال تخطي المبادرة للصعوبات التشريعية, فإن ما سوف يتم دفعه للبنوك, هو ببساطة.. جنون مالي.. لو تم توزيع المبلغ الذي يتم الحديث عنه على الشعب الأميركي لنال كل مواطن, بدون استثناء, حوالي 2500 دولارا. و هذا المال سيخرج من ضرائبهم, لكن أيضا من غنائم الإمبريالية الأميركي من غزواته.. العسكرية منها, و الاقتصادية.


هذه هي الرأسمالية, و الامبريال... يموت ملايين الناس من الجوع.. و لا يستحقون حتى مجرد خبر في "وسط إعلامي اقتصادي".. بينما يهب العالم لنجدة البنوك المسكينة.. شيء مقرف.. جدا

هذه الأزمة ليست إلا حلقة أخرى, ستنتهي قريبا, ثم تعاد و تعاد و تعاد... حتى يصل الأمر إلى الحد الذي يستحيل فيه إنقاذ الموقف... ذلك اليوم.. نموت كلنا, جوعا, أو بحرب نووية.. أو نموت من الضحك.. تعددت الأسباب, و الموت واحد

يحدث كل هذا.. و يتفاقم الوضع.. و نبحث عن تغيير.. عن خروج من هذه الحلقة المفرغة.. و نقول لليسار أن يقود التغيير.. هذه القيادة التي كانت منذ نشوءه.. مهمته المقدسة الكبرى.. لكن أين اليسار؟


يذكرني اليسار, بشكل عام, اليوم, بالسكير الذي لجأ للكحول لكي ينسى الاكتئاب الذي أصابه بعد خسارته أمجاده, هذه الأمجاد الواهية, التي ليست إلا عبارة عن جنون عظمة بعض الأنظمة الشمولية التي أساءت لليسار و للحركة اليسارية أكثر من كل الأنظمة الرأسمالية مجتمعة, فبعد انهيار المعسكر الشرقي, هذا الوحش التنكي الأكثر يمينية من أغلب أصوليي العالم. انقسم اليسار إلى ثلاثة أقسام أساسية..

القسم الأول, ما أسميه جماعة "عنزة و لو طارت", و كذلك "الماركسية الوهابية" .. هؤلاء لا فرق, بالنسبة لي, بينهم و بين الأصوليين الدينيين بشيء, يتحدثون بصيغ أكل عليها الزمان و شرب, و بأسلوب تقيأه التاريخ منذ عقود... و تراهم يهاجمون الموروثات البالية عند المتدينين عندما يقدسون هم.. موروثاتهم.

القسم الثاني, اليسار الديمقراطي الحر, و هذا قطّاع مغلوب على أمره, متهم من جماعة الماركسية الوهابية بالتروتسكية و الخيانة (كون جماعة "عنزة و لو طارت" يتخذون التخوين و الاتهام بالبرجوازية كأسلوب تكفيري جدير بتلاميذ بن باز نفسه). لحسن الحظ, توجد بوادر لهذا اليسار الديمقراطي في أميركا اللاتينية, حيث يعيد اليسار اكتشاف نفسه, و يصلح ثقته بنفسه من جديد, و لا أتحدث عن العاهل الفنزويلي الشيخ محمد بن شافيز.


القسم الثالث, اليسار الذي صبغ نفسه بالليبرالية, الذي تصالح مع الوحش الرأسمالي, و أوجد لنفسه تهادنا مع الليبراليين الجدد و تحالفا ضد العدو المشترك المفترض: المحافظين الجدد. هذا اليسار "المفترض" هو جزء من هذا النظام الجاثم على أنفاسنا, يلعب دور الشرطي الطيب في لعبة ازدواجية الأدوار كما في الأفلام البوليسية.

إننا أمام منعطف تاريخي (حقيقي, و ليس المنعطفات التاريخية لمنظّري القومية العربية) يجب أن يقف اليسار أمامه بصلابة, و أن يثبت وجوده, و أن يكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه... أن يجسّد آمال الشعوب و تطلعاتها, و أن يكون مرآة حقيقة لها و لا يخذلها, كما فعل قادته في حقب سابقة..



يجب أن يتم النظر إلى هذه الأزمة, إلى اهتزاز الرأسمالية و تعكّر شهر عسلها مع الإمبريالية, كفرصة حقيقة لمحاولة التغيير... و لا يوجد مستحيل, إلا لمن يريد وجوده..


بالعودة إلى طفلة الكرسي الكهربائي... هذا الكرسي كلّف آلاف الدولارات, و قد يكون ثمنه أكبر من ثمن سيارة فخمة, و لكن أعتقد أن طيف ابتسامة الطفلة و هي تنال جزءا من حياة كريمة منعها المرض عنها, يبرر هذا الثمن, و يجب أن يكون المال ثمنا لأسباب ابتسامة جميع أطفال العالم, في جمع أقطاره... و ليس لتعويض نتائج جشع من نسي الإنسانية في رحم أمه عند ولادته.. هذا إن كانت موجودة أصلا






Yass

أبو مـــــــــ1984ـــــــارال
خبز,, سلم,, حرّية

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05110 seconds with 11 queries