عرض مشاركة واحدة
قديم 20/08/2008   #58
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


شكرا اوبس وبنكمل:

أفكار مجهولة المصدر



كيف يخطر في بال معارضين عراقيين سابقين مخاطبة الأميركيين بالشعار التالي: لقد حرّرتمونا، شكراً، ارحلوا؟ هذه جملة مجهولة المصدر والسياق. لا معنى لها. ومع ذلك فإنها تتردد كثيراً. هل هي ناجمة عن نقص في الوعي السياسي؟ وفي هذه الحالة يكون التقدير صائباً في ما يخص »ديكتاتورية النظام« ولكنه يكون صبيانياً في ما يخص الدوافع الأميركية. ويمكنه، أيضاً، أن يكون تصديقاً حرفياً لادعاءات واشنطن عن »الخير« الذي أزاح »الشر« من دون أن تكون له مصلحة في ذلك إلا فعل الإزالة نفسه. فمن يقرأ تصريحات الرئيس جورج بوش عن نواياه حيال العراق لا يشك لحظة في أنه أكثر غيرية من الصليب الأحمر. وقد لا يؤثر في ذلك أن قواته كانت تصيب العشرات، في اللحظة نفسها تقريباً، في الفالوجة. إن »حرّرتمونا، شكراً، ارحلوا« قد تفسّر بأنها صيغة احتيالية وريثة لأطروحة »البلهاء المفيدين«: لا للحرب لا للديكتاتورية. وهي كذلك لجهة إيهام النفس بالقدرة على الربح في مجالين متضادين. وتكاد تشبه، أحياناً، أكذوبة السفارة الأميركية التي تدفع لأحد العملاء... الجزية. وبقدر من المبالغة، يمكن القول إن الله سخّر الجيوش البريطانية والأميركية لنصرة معارضين وبما أن »المكتوب« حصل بات تسليم الأمانة واجباً. وليس مستبعداً أن تكون العبارة تعويذة يُراد بها الجمع بين كراهية صدام حسين وإبلاغ بوش بعدم محبته. إنها نوع من حل لفظي لمشكلة نفسية.
كيف يخطر في بال راديكالي فلسطيني الاعتقاد بأنه قادر على إجلاء إسرائيل عن كامل الضفة والقطاع وانتزاع حق العودة من دون قيد أو شرط؟ وهذا الراديكالي هو، على الأرجح، إما أصولي أو متحدر من أصول يسارية. أي إنه، في الحالتين، يفترض فيه الاعتقاد بأنه جزء من معركة أوسع كثيراً من مجرد الثنائية الفلسطينية الإسرائيلية.
يتناسى هذا الراديكالي تاريخ السجال »الوحدة طريق التحرير« أو »التحرير طريق الوحدة«. ومن حقه، ربما، أن يتناسى لأن أحداً لم يسجل، بحد أدنى من العقلانية، نتيجة هذا السجال. المهم أن وعياً رديئاً يأتي ليملأ هذا الفراغ. ففي خلفية شعار »انتفاضة حتى النصر« قلة إدراك لمعنى إسرائيل، وموقعها، ودورها، وخصوصية المقاومة الفلسطينية لاستعمار استيطاني هو فريد من نوعه لجهة التوازن الديموغرافي الذي يوجده، ولجهة استهدافاته التي تتجاوز أرض فلسطين.
غير أن الأخطر من ذلك هو أن »انتفاضة حتى النصر« هو ضوء أخضر لكل المتخلين العرب والمسلمين عن الانتقال من »التضامن الأخوي« مع الفلسطينيين إلى اكتشاف المصالح الفعلية الوطنية والقومية في خوض المواجهة. إن الشعار يميني حتى النخاع ويوظف لغة قطرية ثورية في خدمة تخاذل عام. ويمكن له، عند الممارسة، أن يقود إلى نهج عدمي يحوّل الشعب كله إلى »استشهادي« يتركز همّه في الثأر من الاحتلال لا في إجلائه.
إن التصرف وكأن احتلال العراق لا يغيّر شيئاً خطير. وهو لا يفعل، عملياً، سوى تعبيد الطريق أمام كل من يريد أن يذهب في استنتاجاته إلى الحد الأقصى... المعاكس. ويصح هذا التقدير، أكثر ما يصح، عندما يكون المتصرفون على هذا النحو ينتمون إلى تيارات تضع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في إطار أوسع، وتتنبّه إلى أن الخصم المباشر، هنا، هو جزء من معسكر يمتد نفوذه على العالم كله.
كيف يخطر في بال مسؤول سعودي الاعتقاد بأن الإعلان الأميركي عن إعادة انتشار القوات خارج المملكة لن يؤثر في العلاقة بين الدولتين؟ الفكرة تبشيرية بالكامل وترفض أن تواجه واقعاً مستجداً: لقد تحرّرت واشنطن مرتين من الرياض، عسكرياً ونفطياً. وكان لها، مع تفجيرات 11 أيلول، أن حسمت في لا جدوى الاستفادة الإيديولوجية.
ولن تتأخر الأيام في إثبات أن الإدارة الأميركية، صقورها تحديداً، تملك دفتر شروط تضغط من أجل تنفيذه. وإذا كانت بنود من هذا »الدفتر« أعلنت في الأشهر المنصرمة فإن الآتي أعظم ومن العبث التصرف وكأن شيئاً لم يحصل.
كيف يخطر في بال قطري أن يتحدث عن »تحالف« بين دولته وبين الولايات المتحدة الأميركية؟ يخطر.
كيف يخطر في بال مثقف عربي أن يعتبر نتيجة الحرب على العراق غير عادلة؟ نعم كانت الحرب ظالمة أما النتيجة فعادلة. وهي كذلك لأنها كافأت الأكثر استعداداً وعاقبت الأقل استعداداً. وعبثاً تعريف الثاني بأنه »النظام العراقي« وحده. إنه مجموع الجهد العربي العام المبذول منذ عقود إن لم يكن للنهوض فلوقف التدهور. لقد اعتقد البعض أن التاريخ سيساعد في تحويل الهزائم العربية الكمية إلى انتصار نوعي. غير أن أحداً لا يطيق هذا النوع من المزاح السمج. إن كل تفكير في درجة الظلم في هذه الحرب قاصر إذا لم يجرؤ على مواجهة معنى »عدالة النتائج«.
كيف يخطر لمناضل عضو في »المؤتمر العربي العام الثالث« أن يوافق على عبارة تقول: »إن الوحدة العربية، بصرف النظر عن الأشكال الدستورية التي يمكن أن تتخذها، هي اليوم ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى، فالكيانات الكبيرة وحدها هي القادرة على التصدي للأنواء الدولية«. إن هذه »الكيانات الكبيرة« ليست في أمر اليوم. ولكن »التصدي« خيار لا بديل منه. فهل يمكن الارتهان إلى »ضرورة« وحدة تزداد ابتعاداً خاصة أن التهديدات تطال الكيانات القطرية.
تبدو العبارة فعل إيمان لا علاقة له بالواقع العياني. وتدل على أن الخطأ، ربما، هو أن يخطر في بال ساذج إمكانية أن تحصل المراجعة المطلوبة وأن تذهب إلى نهايتها.
هذه نماذج سريعة عن أنماط تفكير تنتمي إليها أطياف المشهد السياسي العربي. وهي تدل، موضوعة في سياق تاريخي، على أننا نعيش أفضل أيامنا لأننا، بعدة من هذا النوع، سنترحّم على يوم سقوط بغداد.

1/5/2003

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04141 seconds with 11 queries