الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 04/01/2008   #175
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


س: في المجموعة الأولى "الوصول إلى مدينة أين" يحمى القاريء أن القصائد منتقدة من فترات معينة وليس ثمة تاريخ للقصائد فهل كنت متعمدا في هذا الاختيار؟

- ج: إن قصائد "الوصول إلى مدينة أين" هي قصائد متفجرة وهي قصائد الحيرة بدءا من العنوان وإذا فتحت الكتاب وقرأت الكلمة الأولى وهي «وصلت» وقرأت الكلمة الأخيرة في الكتاب "ذهبت" تجد في الكتاب أن فكرة الوصول إلى مدينة أين محتجزة بين هاتين الكلمتين. ففي البداية تصل ولكنك في النهاية تذهب ولم تصل إلى أي مكان لأن ليس هناك أي مكان والمسألة هذه تلتقي مع قول القديس أوغسطين أنه "ليس هناك مكان نحاول أن نذهب ونجيء إليه ولكن ليس ثمة مكان" التي كانت حاضرة في مجموعة الوصول إلى مدينة أين.

س: هل تنطبق هذه المقولة على اختيار كل القصائد في المجموعة؟

ج: أنا أختار القصائد لتشكل كتابا وليست مجموعة قصائد، وأنا أكتب كتابا له بداية ونهاية وتجد هذا في الكتاب الثاني "الحياة قرب الأكروبول" فالكتاب الثالث "الأول والتالي" يبدأ من الطفولة وينتهي في نيويورك وهو يضم سبعة أجزاء وهذا ينطبق على كتاب "الحياة قرب الاكروبول" فكل البلدان التي عشت فيها والمدن التي تعرفت عليها والنساء التي شكلت تجربتي تقولب نفسها كي تتخذ هذه الأشكال وفي النهاية تصب في نوع نهائي هو الكتابة.

س: في نصوص «الوصول إلى مدينة اين» تقنيات في الكتابة تكاد أن تتشابه.. كيف تصف تلك التقنيات؟

ج: هذا الكتاب حاولت أن أجمع فيه جوهر الأصوات المتعددة التي كنت أكتب فيها منذ بدء الستينات بكتاب جاء في الثمانينات أي بعد نشر الكثير من القصائد في المجلات العربية غير أني لم أجمع منها سوى النزر اليسير وركزت بدل ذلك على ما أسميه بالقصائد التفجيرية، لأني أردت أن يكون الكتاب الأول مركزا على النثر بصورة كاملة دون أي تشبث بقصائد الوزن التقليدية كما كانت تكتب من قبل الرواد وأن تكون قطيعة مطلقة من حيث الصوت ومن حيث الإيقاع النثري الخالص مع الشعر السائد. وأنا حين أنظر إلى كل ذلك من خلال هذه المسافة الزمنية أجد أن الجنون العاطفي والايقاعي الذي يصل أحيانا إلى حد اللاوعي والاستغراق به في هذه القصائد هو دليل على ما كنت أعانيه عندما جئت إلى الولايات المتحدة من بيروت وهو دليل على حيرتي إزاء هذا العالم الشاسع الوحشي الذي وجدت نفسي فيه وكيف يمكن لي أن أعبر عما كنت أعيشه وباي سبل. كانت هناك ضرورة قصوى أن أجد أشكالا أخرى لتقمص التجربة الأمريكية كامتداد لتجربتي في الستينات في كل من بغداد وبيروت وهكذا جاء كتاب "الوصول إلى مدينة أين" وهو يعبر عن اللامكان الذي كنت أقف فيه آنذاك.

س: في المجموعة الأولى نلاحظ أن القصيدة تتكون من مقاطع قصيرة حيث تعتمد التقطيع، في حين نلاحظ في المجموعة الثانية "الحياة قرب الأكروبول" ان القصيدة تتكون من جمل طويلة وأحيانا تكون مقطعا كاملا فكيف وصلت إلى مثل هذه التقنية ؟

ج: هذا سؤال رائع، بالطبع هناك قصيدة الضربة، منها مثلا قصيدة الجلاد في الكتاب الأول التي تتكون من ثلاثة أسطر وهي عن الطاغية الذي مازال شبحه يلاحقنا حتى الآن وهذه قصيدة كاملة
وهناك قصائد أخرى من هذا النوع في الكتاب، إنها القصيدة الشرسة والصوت الذي يواجه الموضوع مباشرة ويطلق سهمه نحو الهدف. ويضاف إلى ذلك القصائد العنيفة أي تجربة قصائد النثر التي يمكن لها أن تدخل اللاوعي بشكل عاصف حيث تدوخ اللغة العربية وتبدو أجنبية. واللغة من الممكن أن تغرب بهذه الطريقة. وفي الشعر الحديث إذا درسنا صناعة الحداثة نجد أن تغريب اللغة هو أول الأفعال لفصلها وقطعها عما سبقها بحيث تقف وحدها بلباس أجنبي لتبدو لغة أخرى، ومن هنا تبدأ هذه الصناعة. لذا فإن لغة كتاب "الوصول الى مدينة أين" هي اللغة التي غربت نفسها قصدا لأن الهدف في كل الكتاب هو أن تقف على حدة من جميع ما هو سائد وهذا هو فعل الثورية الحقيقي العنيف الذي ربما فاق الحدود في رأيي. بينما في الكتاب الثاني وجدت نفسي أكثر هدوءا وأتعمق في التجربة الحياتية حيث أن الصوت شكل نوعا من الجملة المطولة التي لا تقف عند حد في حين كانت الجملة بالكتاب الأول عنيفة وشرسة. بينما أصبحت في "الحياة قرب الأكروبول" أكثر امتدادا لتنال مدى أبعد.

س: هل جاء اختيار الجملة الطويلة ضمن خطة واعية أم أملتها التجربة الخاصة ؟

ج: دون أي شك جاءت ضمن اختيارات واعية جدا وأنا واع جدا لعملية كتابة القصيدة، ففي الكتاب الثالث «الأول والتالي» تخلصت من أشياء كثيرة كانت موجودة في الكتابين الأولين، وجرت فيه - أي الكتاب الثالث - عملية تركيز مكثفة حيث أن الوعي يبرز أكثر في كل كلمة. لذلك جاءت القصائد أقصر والديمومة تنال القصيدة بأكملها. ففي القصائد الأخيرة نجد ديمومة الصوت التي بدأت في الكتاب الأول بشكل عنيف كما قلت ومن ثم تطورت وهدأت ونضجت أكثر في الكتاب الثاني حيث تنفرش على الساحة الأصوات والايقاعات وتعطيك خلفية كاملة ومطلقة وبتفاصيل حقيقية تعتمد مرجعيا على التجربة الحياتية مثل الحياة في اليونان والتي استمرت - تلك التجربة الاغريقية - في الكتاب الثالث وثمة قسم كامل لقصائد اليونان في "الأول والتالي" متطورة تقنيا إلى حد أن تتخذ القصيدة مشاهد العالم الحقيقي والتعابير والأشكال والايقاعات التي يستنبطها الشاعر من ذلك العالم.

س: من أين تستمد الايقاع؟ وأنت تؤكد أن التفعيلة تجعل من القصيدة ذات تركيب أفقي وذات شكل هندسي من الممكن أن تتصوره قبل كتابة القصيدة، فأين تجربة محمود درويش الذي حاول أن يطوع التفعيلة ويمنح القصيدة أفقا مفتوحا من حيث الايقاع؟

ج: إن البحور العربية تفرض على الشاعر العربي - أي قبل أن يكتب قصيدة - أن يمشي عبر الصفحة بشكل معين ودون حرية مطلقة، أي أن الشاعر مهما برع في السيطرة والسيادة على الوزن هناك دائما الايقاع الهندسي الذي تفرضه شكلية البحر المختار لكتابة القصيدة. واذا قررنا أن نكتب على إيقاع بحر الكامل مثلا لوجدنا أنفسنا مجبرين على اختيار كلمات معينة ومطولة تتوافق مع متفاعلن ومستفعلن. أي أن مجزوءات هذين الشكلين اللذين يؤلفان بحر الكامل سيفرضان علينا دائما طوال القصيدة أن نتقيد بالكلمات التي تنبني أو تنصب في هذين الصوتين، فـ(متفاعلن) يقابلها (متفجر) لذلك ستكون كل قصيدة تكتب على بحر الكامل ستكون على الاطلاق مؤلفة من كلمات يكون الجزء الأساسي منها مشددا حيث لا تكون ثلاثية أو رباعية وانما من كلمات خماسية وسداسية وأكثر.

س: يعتبر بحر الكامل من البحور التي تمتاز بالتعقيد فهو يجمع بين بحر الوجز والسريع والمتدارك، وثمة عدد قليل من شعراء التفعيلة الذين لجأوا إلى استخدامه مثل أدونيس ومحمود درويش.

ج: إذا كان الأمر يتعلق بشاعر سيد على وزنه وسيد على قصيدته قد يكون مختلفا، فشعراء مثل أدونيس ومحمود درويش هؤلاء يعرفون كيف يمسكون بالتيار وكيف يسيطرون على الدفق. وأنا أتكلم عن أشياء مسبقة عن السيادة ومطلقة بالنسبة لأي شاعر يكتب بالوزن، أي ما أسميه بالقصيدة الأفقية إذ يكون من الصعب كسر السطوح التعبيرية والايقاعية فيها وأحيانا يكون صعبا بشكل استحالي، وعندما يتعلق الأمر بالنثر وأنا أتحدث عن سيد نثره وسيد الايقاعات وهذا لا ينطبق على جميع الشعراء وانما ينطبق على قلة حيث يمكنك أن تخلق في النثر إيقاعات حقيقية وحرة تضرب في مجالات لا يمكن للقصيدة الموزونة أن تطرقها.

س: كيف يمكن تحديد هذه الإيقاعات؟ وما هي إيقاعات القصيدة التي تكتبها؟

ج: عندما نتحدث عن الإيقاع الموزون والإيقاع النثري فإننا نتحدث عن شيئين مختلفين، ذلك لأن الأذن العربية لفرط تعاملها مع الوزن قد صارت مخدرة وتعترف بإيقاعات خاصة معينة تنتج نوعا من الطرب وهي الإيقاعات التي تحتويها البحور العربية. لذا يبدو أن الأذن العربية تحتاج إلى وقت طويل كي تتعود على إيقاعات النثر، وقصيدة النثر لا تعتمد على الإيقاع فحسب بل هي تعتمد على أشياء كثيرة فالإيقاع هو عنصر واحد. وهو في قصائد معينة يتبع دائما الثيمة والموضوع والشكل والأشكال الشعرية الأخرى التي لا تمتلكها قصيدة الوزن بكل بساطة لذا فإن التعقيد في هذا النوع من الشعر- شعر النثر -هو من أول الشروط الشعرية التي يتبعها الشاعر.

س: نلاحظ أن تجربة جيل البيكنس الأمريكي استفادت من إيقاعات معينة مثل الجاز حتى عندما نقرأ نثر جاك كورياك نجد إيقاعات الجاز حاضرة في نثره.

ج: دون أي شك هناك إيقاعات الجاز والبلوز والإيقاعات التي استقاها والت ويتمن من التوراة، إضافة إلى الإيقاعات التي استوحاها واستنبطها ألن غينيسبرغ من ويتمن نفسه ومن الشعر العبراني. واستنبط جاك كيرواك إيقاعات من موسيقى البلوز ومن ما يسمى بالبيب بوب في الجاز وإيقاع الهايكو الياباني فهي تقنيات وأشكال ساهمت في الخلق الشعري الحديث ما بعد إليوت والتي شكلت ما يسمى بما بعد الحداثة كحركة.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04351 seconds with 11 queries