عرض مشاركة واحدة
قديم 27/10/2007   #2
صبيّة و ست الصبايا *Marwa*
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ *Marwa*
*Marwa* is offline
 
نورنا ب:
Aug 2007
المطرح:
البــلاد المـقـدســـة
مشاركات:
2,869

افتراضي


في اللقاء اياه تحدث الصحفي رفيق حلبي واشتكى من انه لا ينجح بان يدفع ابنيه بقول جملتين بلغة عربية نظيفة من العبرية. وقال ان والده لم يكن يعرف الا خمس كلمات عبرية بسبب علاقته التجارية كصاحب دكان مع بلدة يهودية . واشار الى كلمات عربية دخلت للغة العبرية بلفظ مشوه ، أصبحت تستعمل من العرب باللفظ العبري المشوه. الى جانب ان الملمين جيدا بالعربية أصبحوا يستعملون في حديثهم اللغتين ، حتى مع زوجاتهم ، بجمل نصفها عبري ونصفها عربي .وقال حلبي انه في قرية شركسية ، يصلون بالمسجد بالعربية ، ولكن يخرجون ويواصلون حياتهم اليومية باللغة العبرية. واشار الى ان أكثر اللافتات على المحلات في القرى العربية مكتوبة بالعبرية ، ليس لأن زبائنهم يهود ، بل هي صورة عن مأساة العرب في اسرائيل.

واشار حلبي انه ليست فقط لغة اليهود تسيطر على العرب ، وانما الموسيقى أيضا والملابس ، والسينما . وقال انه يرى بالتنازل عن لغة الأم تنازلا عن جزء من الهوية. وان من يفقد هويته، هو انسان ضائع.
البحث تناول تجارب اخرى من اكاديميين عرب وادباء عرب ...
ولكني رأيت ان أسجل بالأساس الموضوع الأكثر اقلاقا . هل هزمت اللغة العربية في اسرائيل؟
بالطبع لست في باب اعطاء الجواب الحاسم . فالأجوبة الحاسمة باتت مقولات لسياسيينا الأفاضل .انما أنوي طرح جوانب مختلفة من هذه الاشكالية المرعبة بكل المقاييسس .
واعترف انا مثلا اني اكتسبت ثقافتي العربية بجهدي الذاتي ، وبتشجيع ودفع من والدتي بالأساس ، حتى اتقنت القراءة وعشقتها وانا في الصف الثالث ، ولكني واصلت دراستي الثانوية بمدرسة عبرية ، وزملائي العرب بنفس الصف غير قادرين اليوم على صياغة رسالة بعشرة اسطر بلغة عربية غير مكسرة وبجمل واضحة مكتملة .
حقا لا أعرف القواعد العربية او قواعد النحو والاعراب ، وقدراتي اللغوية الصياغية لا لبس فيها ، وأكثر ما أنشره لا يمر على مصحح لغوي ، لذلك أواجه أحيانا بانتقادات من بعض التافهين المتحالين بجدول جارتهم . لو كان فيهم بعض العقل لميزوا على الأقل بين الصياغة اللغوية الكاملة والسليمة نصا وفكرا، في طرح الرؤية والموقف الواضح بلغة يسيرة على الفهم ، وبين بعض قليل من أخطاء في القواعد ، لا تؤثر على المضمون . أعرف ان لغتي ممتازة ،وانا لست قلقا من الانتقاد ، وليت منتقدي لغتي يلمون ببعض ثراء لغتي كلمات وفكرا وتعبيرا.
ولكن لست انا المشكلة ، وليست قدراتي اللغوية هي النقاش المطروح ..
في دراسة فريدة من نوعها ، للمحاضر في قسم اللغة العربية في جامعة تل أبيب ، الناقد الدكتور سليمان جبران ، وحملت عنوان على هامش التجديد والتقييد في اللغة العربية المعاصرة طرح العوامل المؤثرة سلبا وايجابا .
يطرح د. سليمان جبران تساؤل زميل مترجم مواد تعليمية من العبرية الى العربية ، يسأل : كيف تطورت اللغة العبرية ، في مدة قصيرة نسبيا ، من لغة ميتة الى لغة عصرية تماما ، بينما تعرج لغتنا وراء الحضارة المعاصرة بصعوبة؟
ويضيف الزميل :أترجم من العبرية الى العربية فأجد عشرات بل مئات من المصطلحات الحديثة وجدوا لها البديل العبري حتى شاع على الألسن ، بينما يصعب وأحيانا يتعذر علي ايجاد البديل العربي المناسب ، رغم استعانتي بكل القواميس المتاحة .
ويكتب الدكتور جبران : الواقع ان العبرية تعاني أيضا كثيرا في لحاقها بالثورة الفكرية والتكنلوجية المعاصرة، وغالبا ما يدور الجدل هناك أيضا بين المجددين والمحافظين، بين من يتبنى المطلح الأجنبي بعلاته ومن يحافظ على العبرية ونقائها دون هوادة . ويصل للشرح : علينا الأعتراف ان العبرية تطورت فعلا أكثر من العربية في المئة سنة الأخيرة ويضيف : الدليل على ذلك ان الترجمة من اللغات الأجنبية ، الانجليزية مثلا ، الى العبرية ، أسهل بكثير من الترجمة الى العربية، سواء من حيث المصطلحات أو مباني الجمل أيضا.
ويستنتج : السبب الأول في رأينا ، وليس الأهم بالضرورة ، ان العبرية أكثر طواعية من العربية، فالعبرية تخلصت منذ عهد بعيد من حركة الآخر وعلامات الاعراب الأخرى ، كما حدث في لغتنا المحكية . وعلاماتى الاعراب ، كما لا يخفى على كل مهتم باللغة العربية، عبء على الكاتب والقارئ والمترجم. ثم ان نحو العبرية الحديثة سهل طيع ، تكاد تصوغ الجملة فيه كما ترغب ، دونما خوف من الوقوع في الممنوع أو غير المألوف ، على الأقل.
ويقول : ان نحو لغتنا الفصيحة بقي صارما ، تحكمه القواعد التي وضعها سيبويه وأقرانه منذ مئات السنين ، فيما عدا تغييرات طفيفة أملتها الحياة المعاصرة، ويعتبرها الغيورون خروجا على اللغة طبعا.
وتسائل : هل هناك لغة حديثة يحكمها نحو وضعوه قبل مئات السنين، ولم يؤلف فيما بعد - في رأينا- نحو حديث يتناول ضبط اللغة الحديثة؟ كيف يمكن للغتنا ان تخضع لسيبويه والكسائي الى أبد الآبدين ؟
ويواصل د. جبران بحثة الممتاز : السبب الثاني ، وهو الأهم في نظرنا ، هو سبب انساني ، فالقائمون على اللغة ، والفكر عامة ، في اسرائيل ، يتصلون بالغرب واللغات والثقافات الأجنبية اتصالا مباشرا، ونقل الحضارة الغربية من تكنلوجيا وثقافات وآداب ، يكاد يتزامن مع نشوء هذه الحضارة في مجتمعاتها الأصلية هناك .
يفسر د. جبران ذلك بسهولة نقل المستحدثات في اللغة العبرية وترويجها ونشاط اكاديمية اللغة العبرية وصوتها المسموع.
ويقارن ذلك مع وضع اللغة العربية المختلف .: عالم مترامي الأطراف . اذاعات وفضائيات وصحف لا تعد ولا تحصى ، ومجامع لغوية بدل مجمع واحد مشترك. وصوتها لا يكاد يسمع .ويستنتج ان اللغة العربية لا تتطور بمساعدة المؤسسات والهيئات ، بل يمكن القول انها تتطور رغم المؤسسات ورغم اللغويين الذين يعترضون على كل تجديد في المعجم أو النحو، كانما التجديد عمل منكر.
اذا كانت هذه هي حال اللغة العربية في موطنها ، فماذا تنتظرون ممن واجه سياسة تجهيل مريعة في السنوات الاولى للدولة يوم كان يفصل كل معلم وطني أو لا يتماثل مع السلطة ؟
ومع ذلك كان مستوى التعليم ، رغم الارهاب المسلط فوق رؤوس المعلمين ، خاصة في اللغة العربية ،أرقى من مستواه اليوم .
وكان النشاط الثقافي الحزبي ( الشيوعي في وقته) واسعا ومربيا ومعوضا على نقص وشح المصادر الأدبية العربية ، وجعل من الثقافة الوطنية مهمة سياسية اجتماعية حضارية لها اولوية عظمى ، فأصدر أفضل مجلة ثقافية عربية ،مجلة الجديد ربما الأفضل عربيا حتى اليوم (كمان أبرز محرريها المؤرخ والناقد والقائد الشيوعي اميل توما ، الباحث والمفكر جبرا نقولا ،الشاعروالكاتب عيسى لوباني الشاعر محمود درويش ، الشاعر والمفكر سالم جبران وباقة كبيرة من الأدباء والمفكرين البارزين من العرب في اسرائيل ، وتوقفت مع تضعضع أوضاع الحزب) وكانت صحيفة الاتحاد ( الشيوعية أيضا ) مدرسة ثقافية أدبية سياسية فكرية نقدية ، ظل منها اليوم اسمها فقط . وكانت منظمة الشبيبة الشيوعية ، مدرسة نضالية وتعليمية للغة العربية والثقافة والفكر والمجتمع للشباب الطلائعيين . ومن يقرأ كتاب عرب طيبون للباحث هيلل كوهين من الجامعة العبرية ، يكتشف الدور المذهل في أهميته الذي لعبه الشيوعيون في الأنقاذ الوطني والثقافي للأقلية العربية في اسرائيل من براثن سياسة التجهيل والعدمية القومية والترحيل ومصادرة الأرض .
انا اشتغلت مضطرا ، بعد دراستي للفلسفة والعلوم الاجتماعية ، حدادا ،لأني استبعدت من الوظائف الرسمية بسبب قناعاتي السياسية ( الشيوعية في وقته ) وتقدمت مهنيا لأصبح مديرا لنوعية الانتاج ، وبعدها مديرا للعمل بالصناعات الثقيلة ، ومديرا للانتاج في أكبر مصانع الفولاذ في اسرائيل ، وما زلت مستشارا للكثير من المقاولين الذين يطلبون مساعدتي وخبرتي المهنية في الانتاج والتركيب.
الذي اريد ان أقوله اني لم استطع استعمال اللغة العربية في مهنتي ، لم أجد التعابير التي يمكن ان انقل فيها معارفي التكنلوجية والمهنية ، وأكثر من ذلك لا اعرف كيف اشرح خارطة أو خطة عمل باللغة العربية للمهنيين ، أجد نفسي ، انا عاشق اللغة العربية والغيور عليها .. مضطرا للخلط .. نتفاهم عموما بالعربية ونستعمل المصطلحات المهنية العبرية لشرح العمل وطرق تنفيذه ، وكم أجهدت نفسي في محاولات ايجاد تعابير مهنية عربية ، وقد وجدت ان كل مجموعة سكانية عربية تستعمل تعابير مختلفة عن الآخرين ، وغير مفهومة لي أو للآخرين ( مثلا الأردنيين والفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية الذين عملوا معي ، كانوا يستعملون تسميات عربية لم أجدها قابلة للفهم وللتطبيق ).
ان مساحة اللغة العربية في حياتنا داخل اسرائيل لا تتعدى 20% من ساعات يومنا ، وعلى الأقل 50% من وقتنا نفكر ونتحدث بالعبرية مع بعض الخلط لكلمات عربية . هذا عدا اعتمادنا على الأخبار والتقارير الاخبارية الراقية والمثيرة بالعبرية ، حيث النقد وعدم الصمت على تجاوزات المسؤولين الرسميين او غير الرسميين ، ولا أظن ان له مثيلا حتى في الغرب الدمقراطي.
والسؤال الرهيب أكثر : هل حال اللغة العربية في مواطنها العربية أفضل من حال اللغة العربية في اسرائيل ؟
كم من المواطنين العرب ملمين بلغة عربية سليمة ؟
وما هي نسبة المواطنين العرب الذين يعرفون لغة الاعلام ( اللغة العربية الفصحى السهلة ) ويفهونها ؟
عندما يكون 80% من سكان العالم العربي فقراء أو تحت خط الفقر ، فهل يحتاجون الى تعلم لغة ما ، عربية أو غيرها؟
وعندم تصل نسبة الأمية في القرن الواحد والعشرين ، قرن الحضارات المنطلقة للفضاء الكوني بكل اتساعه الى 70% في العالم العربي (النسبة أعظم بين النساء ) ، فأي قيمة تبقى للغة ، حتى بالنسبة لمن يفكون الحرف ويحسبون مع غير الأميين ..؟
وماذا نسمي اكاديميين لا شيء يربطهم بلغتهم وثقافتهم ؟
من هنا أيضا أفهم خوف العرب من التطبيع ... الثقافة الدخيلة واللغة الدخيلة ، أكثر جاهزية للتقدم والحياة من الثقافة العربية المنغلقة فكريا ولغويا. وحالة العرب في اسرائيل ، حيث نسبة الأمية تكاد تقترب من الصفر، ونسبة التعليم الجامعي مرتفعة ، الا ان لغتهم لا تشكل تحديا حضاريا للغة العبرية ، للأسباب التي ذكرتها. وما زلنا نبحث عن المصادر الممتازة بالعبرية ، ليس فقط لعدم وجودها بالعربية ، انما لأن العبرية أكثر دقة في الترجمة وسهولة الفهم ، وكنت قد كتبت سابقا عن حالة واجهتني مع كتاب الاستشراق لادوارد سعيد ، ترجمه بروفسور عربي للغة العربية ، لم انجح بفهم طروحات سعيد ولغة الكتاب العربية المعقدة ، فقرأته بالعبرية بلغة رائعة سهلة وواضحة . الى جانب حقيقة ان أجمل ابداعات الأدب والفكر والأبحاث والعلوم تصدر بالعبرية فورا بعد ظهورها في اللغات الأجنبية . واذا صدرت متأخرة باللغة العربية ، فهي تكون بلغة مقعرة او مفككة ، متعبة للقراءة.
ان اندثار اللغة العربية مسألة وقت اذا لم يتغير الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للعالم العربي ، نحو نهضة اقتصادية اجتماعية علمية و ثقافية ولغوية .
نبيل عودة – كاتب ، ناقد واعلامي – الناصرة

لا تَقُل : يا رب عندي هَـمّ كبير
ولكن قُل : يا هـمّ عندي ربّ كبير :]







؛

يا ريـحة البـلاد يا عطر الفّواح ..غـالي علينا يا تراب بلادنا
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06638 seconds with 11 queries