عرض مشاركة واحدة
قديم 02/04/2006   #2
صبيّة و ست الصبايا السورية المشتاقة
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ السورية المشتاقة
السورية المشتاقة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
عصافير الحرية تكون خارج الوطن
مشاركات:
1,754

افتراضي


مستقبل العلمانية في العالم العربي

الطريق إلى العلمانية في العالم العربي مستقبلاً لن تكون إلا من داخل الإسلام وليس من خارجه، بعد أن فشلت جهود الكثيرين من اليساريين من قوميين وماركسيين وشيوعيين وحتى إسلاميين (علي عبد الرازق وخالد محمد خالد واليوم جمال البنا مثالاً) في المناداة بالعلمانية بعيداً عن الإسلام، وبعد أن نجحت دعوة الكثير من رجال الدين في مهاجمة العلمانية من داخل الإسلام واتهام العلمانيين بالإلحاد، وأنهم خوارج هذا الزمان. وبذا، يكون الرد الشافي على رجال الدين المتعصبين هو الدعوة للعلمانية من داخل الإسلام، وليس من خارجه كما أخطأنا في الماضي، وضاعت جهودنا سدىً على مدار أكثر من نصف قرن مضى. وهذا يستدعي العلم الوافي، وهو السلاح الذي تسلّح به الشيخ علي عبد الرازق والشيخ خالد محمد خالد والشيخ خليل عبد الكريم ويتسلح به الآن الشيخ التنويري جمال البنا وأحمد صبحي منصور الذي يقول بأن "أقرب دين إلى العلمانية هو الإسلام".

ولعل تجديد الدعوة إلى "العلمانية الإسلامية" سوف يقود إلى دعوة "العلمانية الدينية" التي ستضم غير المسلمين وغير العرب إلى صفوفها، كما سوف تترجم معنى الدعوة إلى "الليبرالية الجديدة" من داخل التراث وليس من خارجه، بعد أن تُعاد قراءة التراث قراءة علمية نقدية منصفة، وبتم فرز الواقعي الصالح من الخيالي الأسطوري.

أين عَلمانية الإسلام؟

فهل هناك الآن علمانية داخل الإسلام تصلح لنا في هذا الزمان ويمكن تطبيقها على واقعنا المعاصر لكي نحييها وننفض الكِلس الذي تراكم عليها منذ 1400 سنة، ونرى مدى صلاحيتها للاتباع والتطبيق في عصرنا الحديث؟

وهل الإسلام دين عَلماني في منشئه وقيامه وانتشاره؟

أن المظاهر الإسلامية التالية دليل على أن في داخل الإسلام علمانية نحن نبحث عنها الآن، ومنها:

1- إن حرية الاعتقاد التي منحها الإسلام القرآني وليس اسلام الفقهاء للانسان، هي جزء من حرية الاعتقاد التي تنادي بها العلمانية التي تتيح هي الأخرى للانسان أن يكون حراً فيما يعتقد. والقرآن فضّل الإيمان على الكفر، ولكنه لم يُجبر على الإيمانفإن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر((الزمر:7) وقولهإنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء((القصص:56) والمشيئة هنا ليست لله ولكنها للانسان الذي يشاء أن يهتدي، أو لا يشاء. وإن الله يهدي من العباد من يشاء أن يهتدي. وتلك أيضاً من حرية الاعتقاد والايمان التي هي جزء من الحرية التي تنادي بها العلمانية. وهنا نرى أن الفعل والمشيئة الإنسانية تسبق الفعل الإلهي الذي يأتي في النهاية لكي يبارك هذا الفعل وهذه المشيئة.)والذين اهتدوا زادهم هدى((محمد:17). وهو دليل على أن الفعل الانساني سابق على الفعل الإلهي، وأن الفعل الإلهي يأتي لاحقاً ليبارك الفعل الانساني. وسنرى بالمقابل أن كثيراً من الملحدين يردون على الآيات بآيات تبدو لأول قراءة حرفية لها بأنها آيات متناقضة مع الآيات التي أوردناها. ولكن يبقى الطابع العام لمبادئ الحرية التي نادى بها الإسلام القرآني هو طابع الحرية العامة في المعتقد. وما مثال حروب الردة الذي يسوقه البعض للتدليل على عدم الحرية بالمعتقد إلا (قياس فاسد) كما يقول الفلاسفة. فحروب الردة لم تكن ردة على الإسلام بقدر ما كانت ردة عن دفع الزكاة وهو أمر مالي بحت كان يمكن معالجته بالطرق السلمية، لولا حاجة الدولة الإسلامية الفتية الملحة لأموال الزكاة في ذلك الوقت.

2- وإرادة التغيير لا بُدَّ أن تكون في البداية من داخل الانسان)إن الله لا يغير ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم((الرعد:11). لقد كان الخطأ المعرفي الأكبر للشيخ علي عبد الرازق أنه أنكر في كتابه (الإسلام وأصول الحكم، 1925) كليةً علاقة السياسة بالإسلام، كم أنكر أن الخلافة من الإسلام. وقد ردَّ عليه في حينها الشيخ محمد رشيد رضا بقوله في مقاله بجريدة (اللواء المصري، 8/6/1925) (إن أول ما يقال في وصف هذا الكتاب لا في الرد عليه، أنه هدمٌ لحكم الإسلام وشرعه من أساسه وتفريق لجماعته وإباحة مطلقة لعصيان الله ورسوله في جميع الأحكام الشرعية الدنيوية من أحكام شخصية وسياسية ومدنية وجنائية وتجهيل للمسلمين كافة). وهي نفس التعليقات التي تقال اليوم عن الكتب العلمانية تقريباً. وردد ما قاله علي عبد الرازق مفكرون معاصرون أيضاً مثل المفكر التونسي ووزير التعليم السابق محمد الشرفي في كتابه (الالتباس التاريخي في اشكالية الإسلام والحرية، 2002). فعلي عبد الرازق في كتابه، لا يدعو إلى فصل الدين عن الدولة فقط، بل ينكر صلة الدين بالسياسة أصلاً. وربما كان هذا المنحى الذي ذهب إليه قد أضعف حجّته أمام خصومه ومنتقديه. والمنطق الشارح السليم هو الاعتراف بعلاقة الإسلام بالسياسة وبأن الإسلام كان دولة قبل أن يكون ديناً مكتملاً، والدليل قيام "دولة الرسول بالمدينة" قبل اكتمال الدين، وفي الأيام الأولى للهجرة. ولكن هذه الدولة وما تبعها من دولة الراشدين (أبو بكر وعمر) لا تصلح لنا الآن لتغير الضرورة التاريخية. وما يصلح لنا هو دولة قريبة من دولة معاوية العلمانية، ولكن بطابع حديث.

i am your angel
 
 
Page generated in 0.03443 seconds with 11 queries