عرض مشاركة واحدة
قديم 18/08/2008   #11
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


في قلب الإعصار



تواجه المنطقة العربية حالة غير مسبوقة، لم تعرفها في الماضي القريب. فالعقيدة المنسوبة الى رئيس الدولة العظمى جورج بوش تضع هذه المنطقة والعالم الاسلامي المحيط بها في قلب الاعصار.
لم تعتد سياساتنا على هذا المستجد. وفي حين يتحكم بالقرار الأميركي أشخاص اختبروا »الحرب الباردة« جيداً، وأداروها، وانتصروا فيها، تسيطر على التجربة السياسية لحكامنا الدروس المستقاة من تجربة كنا فيها على أطراف هذه الحرب ولو اننا كنا على أطرافها المهمة.
منذ 11 أيلول حدد بوش فلسفة سياسته الخارجية »إما معنا أو ضدنا«، ثم أضاف الى ذلك تشخيصاً ل»محور الشر«، ثم بدا واضحاً أن التركيز سيتم على »الشر« في هذه المنطقة. وبما انه يفعل ذلك بعد انهيار »امبراطورية الشر« التي كانت تقيم توازناً مع الولايات المتحدة، فإنه يشعر بأن المواجهة ليست مضطرة الى ان تكون »باردة« لا بل ان السخونة مطلوبة فيها من فلسطين الى العراق، وان شعاراتها يمكن ألا تخجل من التعبير عن الرغبة في تغييرات جذرية.
كان الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي »ضد« الولايات المتحدة. غير ان الرد الأميركي اكتفى ب»الاحتواء«. وليس صدفة ان يكون »الاحتواء« هو الاسم الذي اعطي، في العقد الماضي، للسياسة المتبعة حيال العراق وإيران.
الجديد في الامر هو اعلان فشل هذا التوجه من أجل برمجة الخلاص السريع من الخصوم. والجديد في الأمر، أيضاً، التغيير الطارئ على مضمون »معنا«. لم يعد مصطلح »معنا« يشمل العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية والاستراتيجية المعقودة، وبقدر من الالتحاق، بين حكومة عربية والحكومة الأميركية. فلو كان الأمر كذلك لكانت الأنظمة العربية، في معظمها ، »معنا«. أصبح لا بد من تضمين هذه ال»معنا« شروطاً إسرائيلية تقتضي الاصطفاف في محاربة »ارهاب« لا يسعه، تكوينياً، ان يكون مقاومة لأنه موجه نحو الهدف الخاطئ! أكثر من ذلك ان هذه الشروط الاسرائيلية، كما هي مطروحة حالياً، مقدمة في صيغة شارونية قصوى تستصعبها »صحة« النظام العربي الراهن بالرغم من تهالكه المريع.
لا ضرورة، والحالة هذه، لاستهجان الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الحكومات العربية. ان هذه الضغوط توازي التعريف الجديد، من جانب واشنطن، للمنطقة بأنها مسرح العمليات ضد الحرب الكونية على الارهاب.
في أيام »الحرب الباردة« كانت أوروبا هي المسرح. ومن الواجب استذكار الضراوة التي خاضت بها الولايات المتحدة المعركة هناك (التهديد بالسلاح النووي حاضر باستمرار) من أجل ان نحسن تقدير المعاملة التي سنلقاها. لقد اقيمت أحلاف عسكرية عبر أطلسية، وتأمّن حضور أميركي عسكري مباشر، وتم تهميش القوى المعادية كلها، ولاح شبح انقلابات في دول ديموقراطية اذا تغيرت الأكثرية فيها بالاقتراع الحر (ايطاليا)، وأخضعت المبادرات السياسية كلها لمنطق المواجهة من مؤتمر هلسنكي الى »الاوست بوليتيك«. بكلام آخر حكم منطق الاستقطاب تفاصيل التوجهات كلها بحيث يمكن ضبط الوضع في دول التحالف ونقل المعركة الى معسكر الخصم حتى لو كان »الناقل« عدداً محدوداً من »المنشقين«. لم تكن منطقتنا بمنجاة عن هذا الصراع ولو انها لم تكن في قلبه. ولا شك في ان تطورات شديدة الأهمية حصلت بالارتباط مع هذه الثنائية وبتقدير الموقف من التحالفات الدولية ومنطقها والمصالح العربية فيها.
لقد كانت اسرائيل، في تلك الفترة، مرتكزاً مهماً للسياسة الأميركية (منذ أواسط الستينيات على أقل تقدير) . ولكن عرباً كثيرين فضلوا العلاقة مع واشنطن على أي شيء آخر، وتحديداً، على حركة القومية العربية وتخالفاتها مع »الشيوعية العالمية«. ثم مر عقد التسعينيات حيث كبر الطموح الأميركي ليحاول بناء نظام شرق أوسطي يكون لإسرائيل فيه الموقع المميز. وفي هذا العقد الماضي كانت واشنطن ترى، بين العرب، أصدقاء وخصوماً، لأنها لم تكن حددت هذه الرقعة وجوارها بصفتها المسرح المقبل لحربها الكونية الجديدة.
أما وان الوضع انقلب وانتقلنا من الهامش الذي تصارع واشنطن عليه الى المتن الذي تصارع فيه فكان لا بد من أخذ ذلك بالحساب من أجل استباق ما قد يحصل. لم ينجح حكامنا في عملية التكيف هذه بالرغم من ان الولايات المتحدة اعطت اشارات، سابقة على 11 ايلول، الى هذا »التصعيد« في اهتمامها. من هذه الاشارات تغيير العقيدة الدفاعية ل»الناتو«. ومنها تطوير »المبادرة المتوسطية للأطلسي«. ومنها تكثيف الحضور المباشر والمناورات. وتصب هذه العناوين كلها في مجرى واحد نشهد اليوم آثاره.
لقد ارتقى الاهتمام الأميركي بالشرق الأوسط درجات وأصبحت المطالب منه شديدة الجذرية. انه »القلب النابض« ل»محور الشر«. وهو ان لم يكن »معنا« بشروط صعبة فلن يكون مسموحاً به ان يتنعم بحرب باردة مديدة. فهذه الحرب تكون »باردة« اذا كانت موازين القوى تفرض ذلك. أما الخلل الحالي فيغري بقدر لا بأس به من السخونة

04/26/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03096 seconds with 11 queries