الموضوع: شظايا شعرية
عرض مشاركة واحدة
قديم 09/05/2005   #26
عاشق من فلسطين
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ عاشق من فلسطين
عاشق من فلسطين is offline
 
نورنا ب:
Nov 2004
المطرح:
حيث هناك ظلم ... هناك وطني..
مشاركات:
4,992

إرسال خطاب MSN إلى عاشق من فلسطين إرسال خطاب Yahoo إلى عاشق من فلسطين
افتراضي ابراهيم حسو


ابراهيم حسو

صدر له : الهواء الذي أزرق 2003

الطيور تغرق في الشعر

التاسعة من عمر مضى
سقطت في صحراء.. وكنت قبل ذلك سقطت في أرض
مغناطيسية سريعة الذوبان..
الليل و نظيره النهار غير موجود أبدا على هذه الأرض
النجوم التي تلتصق بالسماء كانت بلا جدران أبدا.

خلق هائل يذوبون من الضحك
أفواه من الشمع
تتجمع وتنهار .
روح تطير وتعربد سكرانة في الغناء الموحد لأشخاص
لا ملامح لهم .. الأرض وديعة وسعيدة العشب كأنها
تتألم ..
السماء _ آه من يراها وقد تقسمت إلى ينبوع
من كرز غير مفهوم ، !

روح سكرانة

بقيت في الخريف
عشت معه ، نفضت يدي الكبيرة عن أوجاع الورق .
وهي تهدر هنا وهناك .

بقيت مع بازيار ، وبقيت بازيار مع أشجار وهمية
لا منافس لها .. سواء أكان طيرا أو حيوانا آخر .

بازيار ضربتني وخذلت الخريف الأول والوحيد على شباكي
كان مجمدا منذ قرون ..
عنيفا ومذهولا من الضياء . !

السر أنه الخريف

لا مؤانسة تخفي ألاعيبي
لا شبق يخفي الشجر ، أنها سعادة الورق ،
عنفوانها الأزلي ، طفولتها القديسة ..

إنه الخريف المؤانس الوحيد للورق المعافى من صدمة
الغيم .
لا شر من عطائك للإرهاب إلا حرب من كفرك للجسد
لا زعل ..لا كلام .. لاحب .. لا استسلام ، لا نهاية
لا شبح يفتح الأرض ، فتخرجين إليّ نصف مشلولة
بعين واحدة ، وبخفافيش ترعبني وقتما أشاء
أنت طفلة بعمر طائش
ولد دهسته أرملة من بلاد قريبة
شاعرة منذ ألف سنة ..
تكتبين عمري الذي يكمله غيري ..
أنت قصائد معدنية في زورق يمشي إلى بلاد الشيطان
فأغرق أنا هنا .. وأنت تنسين الحديث عني هنا
أنت من نحاس صلب . مدّمر بين القبلة واللمسة
السحرية على شجر شرقي بعيد . !













ابراهيم الجبين
صدر له " براري " 1994
" يعبر اليم " 2004
وصـالْ
[ على ماءٍ...... تورقينْ]



كمان...
عازفٌ كضربةِ سكيّنٍ باللّون الاحمر على شاشةٍ سوداء...
نغمٌ أصفر...
استداراتٌ مفاجئة للعازف الذي بسرعةٍ... بسرعة..
يعزف «تفريد الكمان» ـ من بحيرة البجع ـ تشايكوفسكي.

طائرٌ فردوسيٌ
يتنفس بعمق...
بهدوء...
وحَدهُ

عينان لحظُهما حائرٌ
بين كونَين أحدهما يأتي الآن ولا نراه
والآخر نراه الآن ولا يأتي..


لا تقذفي الجمرةَ في اللَّيل
لا تقذفي الجمرة قربَ رأس الحصان الأسود
يفتح عينيه..
نيزكٌ يعبر قربَه.... ببطء.

على ماءٍ

تورقينْ...
نَفْسُكِ نفسُ ذئبٍ... ليلُك النبيذُ
والنجوم طيورٌ تخفقُ في البعيد
واللّيل طويلٌ بلا نبيذ... وبنبيذٍ أيضاً.


ترفع جفنيها إلى أعلى
كأنما يُضاء معبدٌ من حجر بإشراقِ روحٍ خارجةٍ
من صيام آلاف السنين
ترى الأرضَ جامدةً.. ولا أحد... فقط منازلُ القمْر
آثارُه.. والهواء الهادىء.... يعبرُ...
صوتُ نايٍ قريب...
تنهيدةُ من يعزف.

جانٌ تهربُ من آثار الخطى... مسُّ كلامٍ سريٍّ
في الحبّ... وسبعُ رياحٍ تحمل ما لا تحمله الريحُ
يدان تنفردان على القلقِ... بينهما غيومٌ من طيور...
نَفْسُ ذئبٍ... تركض في فجرها...
تخطو على ترابٍ من غيوم...

ضيـوفْ


نزلوا في وادٍ قربَ دمشقَ...
يشبهون سّكان الكتب القديمة المخطوطة باليد..
معهم كلاٌب بيضاء وجمالٌ بيضاء.. صغارهم بيضٌ
وخيامهم بيضاء..
لم أكن هناك... ولكن تراءت لي وقائعهم..
ديكٌ أبيضُ ينادي... كشفوا عن رؤوسهم...
الشَّعر وإنسانُ العين... رمالهم ... السماء...
الشمس... عرف الديك... وتد الخيمة... الهواء..
النبات.. العالم.



أحمد ديبو
صدر له : الماء البارد 2000

بأرواحهم بللوا الشتاء

1

لتوهم ينفضون السراب عن ثيابهم , أو يتبادلونه بلا وجهٍ كشهوة.
ما يحزنهم أنهم أحبوا أعواماً , و لتوهم تذكروه البارحة .
ما يحزنهم أيضاً , اختناق الملامح طوال عبورهم ردوم الوقت.

لتوهم أزاحوا نبوغ الفتنة عن امرأة تهتدي تواً إلى ملامحهم .
حذفوا كثيراً من ندمهم , زوروا ظلالهم ,
من أجل امرأةٍ تسلقت لتوها خسوف ذاكرتهم .

الكسإلى ...
غباراً ... طحنوا ظلالهم و نثروها على الدروب .
احتلوا شكلاً عادياً سيرافقهم حتى الموت .
ذهبوا و ما تركوا أثراً واضحاً يدل عليهم , إلا حفنة – نوايا مقفرة- .

2

ولدوا خلسةً بين الأشياء , حشوا الأطباق شرائح جوعهم .
النهار الذي ينسدل على الشرفات ينسدل عليهم و حبال الغسيل أيضاً .
تهزه الريح ..
لا تحجبه الحواس .
الحواس التي ترسب بصيصه المملوء بالوقت في مسامهم .

تعرفوا على الضوء , عندما اصطدموا به , يسيل على جلودهم ,
تنزلق نظراتهم عليه .
خيالات الأمكنة ... تقودهم سهواً إلى قاماتهم السرية.
ما يغيب في الفضاء , خيالاتهم المقبلة.
خيباتهم بعد فوات الأوان لن تسقط ..
بيضاء / كما لو أنها ثلج .


عند المساء ...
جلسوا ينخلون ظلالهم على العشب .
عالياً طيروا السعال المعضوض بأسنانهم المهترئة , أضاؤوا حواسهم بالمصابيح ليلاً.
من نعاسهم أو من كلامهم يخرج الغبار ..
الغبار الذي هو خراب النوايا / دمار الملل.
الحمقى.
عبثاً بللوا الشتاء بأرواحهم, عبثاً أغلقوا أحلامهم عليهم و ارتحلوا
بعيداً جداً
عن أسمائهم .
و عبثاً... تذكروا , ما انهار من أحلامهم / أحلامهم المقبلة .



















أحمد محمد سليمان
صدر له :
غنائية الموتى فوق هامش الممالك    1993
خدر السهو 1996
  الحفيد السري "أورهان أوزباي"    1996  
  زهور النار/ من الالف الثاني في الكومنولث تحديداً  2001
 أتشكل / آخر الحي الاثني أول النفق المزدحم   2002   


بورتانيغرا - قرأت في رواية سأكتبها
 
 
 
لست أنشغل، مشغول فحسب، لم أفكر بك قط
.لم أفكر بنفسي حتى
 
أنشغل بالأبنية التي عادة تحويني
كذلك بالمارة فيما يجوبون أرصفة لاتليق بي
.أرصفة لن تفهمينها وان وطأتها
 

عودي الى فوضاك
.لن أرجوك بالمطلق
 

...فوضاك
لن تشفى منها أعماقي
يافوضاك ، وأنت
أهربا معا
كي لايجف بصري
 

ابتعدي و فوضاك عني
لأنني أنشغل بتفكيك منام عشته
 
 

لن ادخلك منامي
كماانني لن أخاصمك
.لكنني مشغول يا امرأة
 
 
مشغول بالليل وبخلوتي
أنشغل عنك الى أن يهبط النهار 
مشغول بالنهار أيضا ،،، ما رأيك ؟؟؟
 

سأبحث عن سواك ربما
بين المارة 
 أو في المترو المعطل 
 

كل ذلك
كي
لا
أصل
.الجحيم الذي يرميني بك
 
 
,لن أقف هناك
 عذرا
.من فوضاك
 
 
لن أقف بالقرب من المدخل الروماني
حيث جئتني بصديق أظنه يحبك
 

لذلك أجلس، مذ حينها أجلس ولن أبارح مطرحي

كي لا تلتقينه
 بدلا منى

وأنت الليلة مشغولة ، هكذا قرأت في روايتي

وتقولين: ان العالم ملهاتك
 وان الرجال كما لو انهم قطعة ثياب رخيصة
- طبعا تشيرين الى مجنونك الجالس في مرآتك -
 

حيثما جئتني بملاك دوخك
, وأيضا أدخلني هلوسة لم أفهمها
 

ألم أقل لك انني مشغول
 
,بدورك مشغولة ,هكذا تفيد ثيابك

,كذلك زجاجة العطر النسوي
 
 أذكر انني جلبتها لك بثمن كتاب ندمت علي بيعه

,وأنت مشغولة ، تماما مثلي 
, وتقولين بأنك لن تفكرين بسواي  

,لكنك ككل ليلة مشغولة بمرآتك
 
 
وقلت في الصفحة الثالثة من روايتي
, أنتم فلاسفة العدم قلت,
, أبناء زانية ، قساة ، أجبتك -

نصحتني حينها كي أذهب الي أشعاري
,لم أفعل, سوى انني, أخلد في واحدة منها
 
وعدك ألا أوبخك

ألا أكتب عنك, كما فعل مجنون الزا
- اشتعلت غيضا - قالو لي
 
ثم رأتك مخيلتي تضعين الصندل
 على كتفك
 
مذ حينها
أعتقد بانني مشغول
 يا امرأة
 
بفوضاك التي لاتعرف الطريق
الى بوحي
بالأزقة الموحلة
والبلاد المحتلة بدماء الماضي

اهربي ،،، لن أكون فريسة أبدية -
اذهبي ، حيثما تهدأ ظنوني
-لن تكوني ملكة - تقول الرواية   
,ولا جارية حتى
 

كما تعلمين أن عالمي تسكنه طيور بشرية

, اهربي
.يا كائن حر

لن أقرأ بعد اليوم رواية لم تكتب
كما انك لن تكونين
 امرأة اعرفها
ولن تشبهين فوضاك
,,,اهربي
 
كي لا أطلق عليك طيورا تسكنني
انزعي صوتي
عن مسمعك
 
,,,,كذلك امسحي أثرك عني ,فيما أجلس هنا
 
لأنه لدي دروس لن أتعلمها
لانني قرأت أغلبها في الـ بورتانيغرا
 
,ثم انني لن أكتب عنك
 
لأنك لست ملكة أوجارية, ثم ان فوضاك ملفقة

ولأنني مستعجل , لدي الكثير من النوم

 ابتعدي عني ،،، سأغمض عيني كي تتواري
 
 
هيا اهربي
 يتها العالية ـ كسوري تهتف

كسورى ، بلاغتها مميتة .... كسوري شوارع أهرع فيها
 ,كسوري نفق لن أشفى منه 

 
,,,اهربي
لست طائر يحويني
.طائر وقليل من روحه تسكنني
 
 بورتانيغرا : مدخل مدينة قديمة ، أو ما تبقى من سور أثري يمثل أبرز مخلفات العهد الروماني, شيدت حولها أبنية وبقيت متوسطة مدينة
تريا ـجنوب المانيا

 
 

أديب حسن محمد 
صدر له
موتى من فرط الحياة/ 1999
إلى بعض شأني2000
ملك العراء/قصيدة2003
وثامنهم حزنهم2004

ملك العراء
لا شكَّ كُنتُ حديقةً…..
وإذاً
…فأين نسيتُ خضرتي الأصيلة..؟؟
أين حطَّ الفجر أرصدة الندى..؟؟
بلْ كيف صارتْ مقلتاي
محجّ قافلة الظلامِ..؟؟
وكيفَ راودني اليباس
وغُلّقتْ أبواب صوتي؟؟
كيفَ …
كيفَ تناهَبَتْني ميتتان ْ..؟؟
الطينُ
عادَ إلى الطفولة مثخناً
والروح
فوق بياض صمتي
شمعدانٌ من تعبْ
أضغاثُ أزهار
على جفن الحديقة
إذْ تشّهاها المنامُ…..
حديقةٌ من لازوردِ يفاعتي
أيام شرّدني الرصيفُ
ومَالَ نخلُ اللاذقيّةِ
فوقَ "جولييتَ "
التي فتحتْ
محارَ رجولتي
ـ هل ترقصينَ..؟
سأَلتُ..
ردّدها الفراغُ
وراءَ قلبي سادراً

ـخُذْ خصْرَ أُمنيتي إذاً…!!
ورأيتُ
ما شلَّ الحروف على لساني…….
....
نجمةً
سَطَعَتْ على شطّ الجبينِ
وكوكبينِ
تقاسما فلك المُقلْ
فلاسْتَرِحْ……
ولتسْتَرِحْ يُمنى اليدينِ
من التعلّلِ بالكتابة
والجُمَلْ.
وليسترِحْ أيضاً خرابي
ذارِفاً دمعَ الحجارة
و الطللْ.
فلربّما
إنْ نِمْتُ في ثوب الدريئةِ
غافَلَتْني مقلتاك النجمتان
وراشقتني بالقُبَلْ.
ما زلتُ أحْتَفِنُ الهواءَ
أقولُ
أنّي مالك الحزنِ الثمينِ
وصولجاني
من قَصَبْ.
لو ينزِفُ الأمَلُ الغبيّ من المسامِ
ولو مضى بالحلم راوية الظلامِ
ولو غَدَوتُ
سوى المصّفَدَ في زنازين الرزانةِ
أو خَلَعْتُ نعال أمنيتي هنا
ودَخَلتُ
صومعة اللهبْ.

00000000000000
يُروى بأنّي لمْ أكُنْ
وإذاً فكيف تقاسموني
حالِمينَ بقطْف قلبي..؟؟
كان موتي ساهراً
مثل الظلام
حوال مهدي
كنتُ أجزله العطاء
بلا سبَبْ.
وسألتُ…
تسبقني حياتي..
كمْ تُرى
أُلْقِيتُ في جبّ الأخوّةِ..؟؟
كمْ لبثْتُ جُنيبَ كهفي
ناطِراً عودَ الرفاقِ الميّتينَ
ليخبروني
…أيّنا أزكى طعاماً لليبابْ..؟؟

لكأنّني:
ظلال بيتٍ
أخوةٌ
يتنازعون على الفراغِ
وجدّةٌ
وُلِدَتْ عجوزاً..!!
أصدقاءُ يغادرون إلى المنافي
لاهفين على الغيابْ.
أَوَلَمْ يكن للموت
قبضته المضيئة
في ظلام الشكّ
يرفعها مراراً
كي يجيب على سؤال العابرينَ..؟؟
ومن بقى في القلب
لمْ تحصدْ يداه
مناجل العُمرِ /الحطامْ ؟؟
وإذا ركَضْتُ أَمَامَ موتي
مَن تُرى يهدي الخرائط
للوصول إلى نهاية محنتي
لأفُكّ أحجية الظلامْ
وأريدني …
سهلاً
وصعباً
دون إسراف الطغاة
ودون طيبة من تهاووا
تحت أكياس الهمومْ
وأريدُني
قلباً بلا قلبٍ
لكيلا أُدمن التجوال
مثل قصيدةٍ
قُدَّتْ من الفقدان
لمّا غادرتْ
"جولييتُ " هودجها
فربّ قصيدةٍ
فتحتْ لحمص جراحها
ثمّ استكانتْ كالنيازك
في سرير الأرضِ
كوني يا سماء"المريمية"
وردة الحبّ الأخيرة
بعدما أفل السلامْ
مُتَشرّدٌ خلف العَدَمْ
وأجرُّ قُطعان النَدَمْ
وأجرُّ سهباً
من ظهيرته الأميرة
نحو مملكة الغمامْ
لي أن أعود إلى شِراكي
لي على تلك الجبال قنيصةٌ
والليلُ حارسها الهمامْ
لي أن أعود إلى فراغٍ راهبٍ
وإلى "التزنزن" في البدن ْ
وحدي على وشك الهبوب
من الجهات
المستريحة في يديْ
وحدي أُرافِق
من يُسمّى نادبي
"طوروس" يهجس:
"قدْ يكون بلا وطنْ..!!"
ويُعانقُ"الجوديُّ" طير تشرّدي
ويقوم"دجلةَ"
من شقائقه الخجولةِ
كي يعمّدهُ الشجنْ
وأعود
أمكثُ في شراكي
نادباً
عُمْراً يضيع بلا ثمنْ.







أسامة اسبر
صدر له : شاشات التاريخ 1994
ميثاق الموج 1995
تتكرر فوق المنفى 2004

الذين أنا بينهم

لست الغريب ولست الأليف
أظـنني خميرة تهوى التشكل
على صورتها.
سميت نفسي بعد أن ولدت وسرعان ما محوت اسمي
لم أولد لأصبح بطلاً.
ساويت نفسي بكل عادي وأليف
وتخشبت ساقاي أمام كل مغامرة.
تدربت على التجنب
لكن بعد أن تذوقت نكهة العالم
وأقسمت ألا ألوذ بأبراج ذاتي.
لماذا ؟
لماذا ألوذ بغبار يجثم برهة ؟


تمر الفصول وأنا أمرح،
أتخيل طيوراً تحط على كتفي،
أتذكر
نساء عشت معهن في برية من الكحول
كان حضورهن المضاء بغربة الجسد
عطراً كونياً
ترنحت على شرفاته
و تآخيت مع عبوره.

لا، ليس جسدي مهماً إلى هذه الدرجة
يرتدي ثياباً،
يتدحرج كنرد
يذهب إلى موعد كأنه ذاهب إلى وظيفة
يتنشق كأن الهواء على وشك أن ينفذ
يتبدد في الثواني والدقائق والأيام
ويتنحى
الجسد الذي كغيره
المتكرر الشريد
يتكئ على فوضاه
ويظل غائباً.


لست الغريب ولست الأليف .
الذي لا يسافر، لا يبقى
المتكور على عبوره
يتجرجر في أحقاد الآخرين
يتجرع كأس غيرتهم
يمحي في شغاف مراياهم السوداء
وعلى عتبة قرن جديد
في الخطوة الأولى نحو هاوية أخرى
يفتح ذراعيه لعناق
جسده لروح جديدة.









اسماعيل كوسة
صدر له : حديقة واسعة للتعب 2002
أعمارُُ تتبعثرُ مع الريح

1
لاتخف
لاتنزعج
القصيدة التي قلتها ذات فرح
التي كتبتها
ذات حزن
هي... أجملُ منك
2
مري بشارعنا
افتحي الباب علي
هذه أصابعي
خذيها لنهديك
هذه وسادتي
تنتظرُ شعرك
المجعد القصير
هذه دموعي
تنهمرُ كالمطر
هذا قلبي
فلا تضعيه في جيبك
مري بشارعنا
افتحي الباب علي
في هذه الليلة الصاخبة
وخذي طعنة هادئة جدا
.......
لاتمري بشارعنا
3
سرُ المدينة ضوؤها
وسرُ العاشق ...
هذيانُه
4
أنا شاعرُُ ثملُُ
أرتكبُ الضوء
حتى آخر الظلام
لأقدم له ظله
على أرض الرسالة
ضيعتُ جبالا
وفي نفق الموت
غنيتُ للشهيد
الذي مر من هنا
خذلني
والذي مر هناك
لم ينتبه لحكايتي
أنا وجهُُ ثملُُ
أرتكبُ الظلام
ولا ظل لي
يا وجه الملائكة
في الجسد الذابل
على عتبات المدى
يا وجه الرب
في القلق الحزين
ماذا بعد الحنين
وبعد الشجر
ما عدتُ قادرا
على كسر الحدود
ورمي الحجر ؟؟!






إسماعيل الصمادي
صدر له :
- السمندل ، 1999 0
أنا إسماعيل 00 فانحرني على حجر القصيدة 00 يا أبي 1999
- على هامش الريح 2004

قدود
على موجتي
أفاقَ نعاسُ الكلامِ
من الحلم فوق حريرِ الغرامِ
فصبَّح روحي ، ورتّبَ لي مهجتي
ووسَّعَ لي فسحةً في الفضاءِ
فطيَّرتُ ريشَ الغناءِ
إلى زوجتي
 
حبيبي
يرمِّمُ جلدي
ويختمُ بالشهدِ خدي
ويبعثُ شمساً بُعيدَ غروبي
تعيدُ من العتمِ ظلي
   لبعضك كلي
حبيبي
 
  وكان حبيبي
يُعدُّ صباحَ الفطورِ
على طبقٍ من كلامِ العطورِ
عصيرَ السرابِ وبيضاً وريقِ الحليبِ
ويومئ : أن النهارَ قليلُ
وأنَّ الهواءَ عليلُ
بدارِ الذنوبِ
 
أنا من أنا
أجيبي لأمسِكَ موتي
إذا ما رآني أُزوِّجُ صوتي
على ساعديك بأنثى ذَوَتْ بيننا
كريحٍ على شجرِ الأمنياتِ
وراحت مع الأغنياتِ
لأبقى هنا
 
                                           
نهارٌ صريحُ
يطيِّرُ سربَ الكلامِ
إلى غيمِ صمتي ، ويعلو منامي
رويداً 00 رويداً ويرفعُ ظلّي المديحُ
إلى سدّة الريحِ يعلو 00 ويعلو
يوشوشُ حيناً 00 ويتلو
وحيناً يبوحُ
 
سيأتي ورائي
ويجلسُ فوق انتظاري
رجعتُ : يقولُ ، فيتلو انتصاري
خطابَ الحضورِ ، ويعلو 00 فتدنو سمائي
ليعلنَ فيها 00 ومنها قبولي
قبلتُ حوارَ الفصولِ
لأمدحَ مائي
 
يطيرُ البجعْ
يوشوشُ قلبَ سحابي:
حبيبُكَ جفَّ ، فيهوي ضبابي
وتبكي غيومي ، فيرضعُ حتى الوجعْ
ضروعَ اشتياقي،ويضربُ صدري :
أطلتَ ، وعُتِّقَ خمري
بماذا الطمعْ
 
رأيتُ اللقالقَ فوق الحزينةِ ترفو
بدمعِ الحريرِ عيونَ المساءِ
فيبصرُ كُنْهَ السماءِ
عميقاً00ويغفو
رأيتُ الزمانَ يفكِّرُ قرب السرابِ
فأيقظتُ قلبي ليتبعَ روحي
وبحتُ فنامتْ جروحي
وهبَّ ضبابي
 
على هامشِ الريحِ كانت شكوكي تنامُ
وتحلمُ : كان السرابُ يغني
لموجِ حبيبي ، ومني
يهجُّ الغمامُ
على شرشفِ الماءِ كانت زهوري تموءُ
تقولُ : عطشتُ ، فيبكي سرابي
لماذا أطلتُ غيابي
لماذا أجيءُ
 
رأيتُ حبيبي يرتِّبُ وجهي ، فـَغِرْتُ
وسرّاً فقأتُ عيونَ المرايا
كَسَرْتُ إطارَ الهدايا
سئلتُ،وحِرْتُ
أكنتُ بوجهي سوايا
أكنتُ بظلي مثيلَ أنايا
مسختُ تفاصيلَ وجهي،ومني نَفَرْتُ
 
رأيتُ الخيولَ تعودُ إلى الريحِ ليلا
على هامشِ الوقتِ فوق الرصيفِ
وتذعنُ خلف السيوفِ
وتصطفُّ رتلا
وتبدأُ نحو النزيفِ
مسيراً ، وتبلغُ جرفَ الخريفِ
وتسقطُ فوق الزمانِ ، فتصعدُ أعلى
 
أناخوا السفنْ
وألقوا عتابَ المراسي
على ساحلِ الفجرِ فوق المآسي
وآخوا _ ولا يعرفونَ لماذا _ الزمنْ
تراهمْ إذنْ
أعادوا حنينَ النحاسِ
وقادوا قطيعَ سنيّ اليباسِ
إلى البَرِّ عادوا ونادوا صهيلَ المدنْ
 
  
كغيري تماما
ركضتُ لألحقَ نفسي
وراءَ حبيبي ، وقاومتُ يأسي
تبعتُ أمامي ، وكان سرابي غماما
كنفسي تماما
أردتُ اليقينَ لغيري
لحقتُ بظلي ، ومازلتُ أجري
أمامَ ورائي فضعتُ ، أضعتُ الإماما



أكرم قطريب

صدر له "آكان, أحرث صوتك بناي " 1995 ,
" أقليات الرغبة " 1998,
" مسمرا الى النوم كابن وحيد " 2003  

المسماة
المسماة حين ينهزم الجنود
ولا يبقى أحد في الأمل
لحظة يأتي من يحرق الموتى والعشب معا
ولا يظل أي شيء آخر سوى المرح الجماعي
لبشر ينامون على عجل مع طيورهم وأحصنتهم
وأسنانهم الذهب
 
 
المسماة
ربما تأتي من هذه الجهة
والتي لا تمنحنا ما ننجو به بأرواحنا
نقطع الأنهار والصحارى حفاة ومعنا
بعض خيام
وشراشف كي نكون قريبين من الحافة
التي يسكن عليها جسدها
 
ومن شدة النظر
 سنقضي قبل أن يحل بنا التعب
حيث لا ماء ولا سلاح ولا قرب لبن
محمولة في ضروع النوق
 
 
المسماة
ابنة السلالة الحاكمة
القديمة في أعالي النبل
وبرفقتها محارب من آرارات
تجرد ت من الملابس
وعلى ظهورنا أحمال الحطب
 

وجه مخترق بنظرة ميتة

1


كما تعوي الذئاب في لوح القرميد

نمضي

برجفة المشتبه بهم


يصفون الريح

وهم ميتون

2

أقسى ما في الفجر

مخطوطة التيه

يمزقها ذئب مفجوع

بموت الليل

3
وجه مخترق بنظرة ميتة

4

الطائر في الزرقة

خطوة مطبوعة على الرمل

5

ذئاب تحسب عويلها

في عين البئر

ثغاء قطعان مستسلمة

6
تحت أقدامنا تشع الأحجار

مثل ذهب قديم

أيتها الريح

فلنتحدث معا, ودون رفة جفن , أو

نمشي على الماء

كما لو أنه خشب مكسور.








أوس أحمد أسعد
صدر له : يوماً ما 1999
بالمزهريَّةِ الاحتمال

-1-‏
كأُمومةٍ‏
اتكِئي بيمامِكِ‏
إلى كتِفيْ.‏
كأُمومةٍ‏
هَذِّبي طُفولةَ جسدي،‏
وأطلقي سُنونُواتِكِ‏
الفارهةَ،‏
أَعلى فأعلى،‏
حتَّى ينبلجَ الأُفقُ‏
من زهرةِ‏
الفَنَاءْ...‏
حتى تَبزُغَ‏
"زهرةُ الأنا"‏
من فمِ‏
النَّرجسْ.‏
-2-‏
ثمَّة هسْهَسَةٌ‏
في المزهريّة،‏
ما الَّذي‏
يُقلِقُ الورده؟‏
-3-‏
أعطِهِ.‏
أعطِ الشِّعرَ شتائِمَكَ‏
المقُفَّاةْ.‏
مفرداتِ تيهِكَ،‏
حُمَّاكَ،‏
دُلَّهُ إلى ثُمالتِهِ،‏
سُكْرٌ هي اللُّغة‏
محضُ سُكْرٍ...‏
هَبْ صمْتَكَ‏
آنيةَ المكانْ.‏
والأسئلة‏
حَبقَكَ اللاَّهثَ،‏
رُشَّها‏
على تخوم الهندسة.‏
-4-‏
في الشُّرفةِ‏
قَلَقُ وياسمين.‏
وفي الشُّرفةِ‏
هُبوبُكِ المشرعُ‏
على غيابي...‏
-5-‏
متكئِةً‏
على بنفسجِكِ‏
تَرِدِيْنَ عزلَتي،‏
مُطلقاً‏
من يَمام.‏
يداكِ‏
الترشُفانِ قامتي،‏
كنباتٍ حزين‏
تُؤكِّد أنني.‏
هَيْتَ‏
اْدنُ منِّي يا كرزَ الثَّغرِ‏
لأشْرَحَك.‏
ويا لوزُ‏
رتِّبِ الحديقةَ‏
بالزَّهوِ اللاَّئقِ‏
كيْ‏
أُعرِّي السُّرةَ‏
من لُبْسِها،‏
كيْ‏
أُفسِّرني‏
-7-‏
الوقتُ مثقوبٌ‏
بولوجِكِ‏
فلما‏
لا تزهر العتبة؟‏
حين تعجز عن السُّقوطِ‏
بكَ.‏
بكاملِ أغصانِكَ‏
واللَّبيبِ/ ظلِّكَ‏
حين تكون وعجزُك‏
جسداً واحداً،‏
أيقونةً واحده،‏
حين تكونْ،‏
أطلقْ البَهاء‏
تماهى كَتِيْهٍ،‏
ورتّلْ معي‏
شهقةَ‏
الزيزفون...‏
علِّم الحديقةَ‏
علِّمها الغوايةَ‏
لتقودَ الصَّباحاتِ‏
من أُنْثاها...‏
- 10-‏
طَقْسُ ارتطامِكَ‏
بالقاعِ،‏
قاعِ السُّؤال‏
أوَّل الصَّحو.‏
-11-‏
ليزهرَ‏
فيكَ العُلوُّ،‏
ولا ماءَ في راحتيك‏
أبحْ النِّهايةَ‏
لعذاباتها البِكر،‏
والصَّمتَ، دُلَّهُ،‏
-السَّيد الصّمت-‏
إلى زهرة القولْ...‏





























أيمن إبراهيم معروف
صدر له :احتفاءات1997
العابر 1999
الرنين 2001




قصيدتان


(1)
قصيدة أخطاء‏
وأخطاءٌ على مزلاجِ بابِ البيتِ‏
.. في الحاجاتِ والرغباتِ‏
.. في الأفعالِ والأقوالِ‏
أخطاءٌ تمرُّ من الكنايةِ والمجازِ..‏
منَ المرايا والخُطى..‏
ومن الْتِماعِ النَّصْلِ..‏
أخطاءٌ تمرُّ على انهدامِكَ..‏
وانقسامِكَ..‏
وانتظارِكَ خلفَ وهمِكَ‏
حينَ لا تخطو‏
.. تنامُ على سريرِكَ‏
في الحكايةِ‏
.. فوقَ مكتبِكَ الوظيفيِّ‏
الّذي يجتاحُ يومكَ‏
أوْ جداركَ‏
حينَ يبدو ضاحكاً‏
في البيتِ...‏
أوْ في الرّوحِ..‏
أوْ في الخوفِ..‏
أخطاءٌ تُفكِّكُ يومَها‏
وتمرُّ مثلك في الصّباحِ‏
أوِ الظَّهيرةِ‏
.. في اختلاطِ الكائناتِ‏
وفي الحدائقِ‏
والشّوارعِ..‏
في التباسِ النّاسِ‏
حينَ تُدقُّ فوقَ رؤوسِها الأجراسْ.‏
وأخطاءٌ مُؤَبّدةٌ‏
تمرُّ على انتباهِكَ..‏
أو جنونِك..‏
في مكائِدها‏
وتهتكُ وردةَ الأنفاسْ.‏
وأخطاءٌ..‏
وأخطاءٌ..‏
وأخطاءٌ..‏
ـ على إِيْلامِها ـ‏
الأخطاءْ.‏
وبابُ غيابِكَ المفتوحُ‏
مفتوحٌ.....‏
على أيّامِها الزّرقاءْ.‏
(2)
قصيدة آثام‏
سيكونُ ليلٌ‏
أوْ يدٌ قتّالةٌ‏
تلهو بأسمالِ القتيلِ‏
إذا تهالكتِ الحدودُ‏
على الخرائطْ.‏
ويكونُ حائطْ.‏
ويكونُ مُنْحدَرٌ‏
لنهبطَ في فداحتِهِ‏
وريحٌ تعبرُ الشّرفاتِ‏
.. آلاتٌ مُؤَلَّلَةٌ‏
وكهفٌ داكنٌ‏
وتمرُّ منْ ظلماتِهِ‏
البشريّةُ الدكناءْ.‏
ستكونُ آثامٌ‏
ومُتَّكأٌ لموتٍ شاسعِ الأرجاءْ.‏
سيكونُ مُتَّسَعٌ لتكتبَ ما ترى‏
ويكونُ حقدٌ لائبٌ‏
وترى قميصَكَ في السُّؤالِ الفلسفيِّ مُهدّداً‏
ويديكَ تضطربانِ‏
في الجسدِ المكَهْرَبِ‏
حينَ ترفعُهُ إليكْ.‏
ويكونُ أكثرَ ما يكونُ منَ الحصى‏
في ناظريْكْ.‏
وتكونُ أُحجيةٌ تُناقشُ يومَها‏
ويكونُ يومٌ مُخْتَلِفْ.‏
ودمٌ على بابِ البنايةِ‏
يرتجفْ.‏

بسام نديم علواني

صدر له:
آخرُ الرُّؤيا  1997
      و تدخلُ الشمسُ أوردةَ الصقيع 1998
دَمٌ لِبابِ الذاكرة 2003


صَادِياً .. أُبْعَثُ فيكِ


أَعيدي ليَ الماءَ

كيْ أتنفَّسَ مِلْءَ السّماءْ

و صُبّي على جسدي

ـ منْ شَظايا الأنينِ ـ أريجَ الرّؤى

تعبتْ ـ في مساءِ الجدارِ ـ يدايَ

* * *

أَعيدي ليَ النّورَ

حتّى أنامَ قليلاً ،

أُقَبّلَ ثَغرَ الهواءْ

لِهذا اليجيءُ دمٌ يَفتحُ الرّوحَ ،

يَمتَهِنُ الغيمَ حينَ التساقطِ

من أسفلِ النّومِ حتّى ارتجافِ النّهوضِ

أنا الآنَ أرفعُ عنّي خُطايَ ،

أُعِدُّ الوَليمَةَ :

كأسٌ لأنفاسِ وجهي

تَبيضُ الأسى في مَخاضِ الرُّكوعِ ،

و كأسٌ تُبادلُني نِصْفَ نَبضي ،

و تُسرِفُ حينَ ارتشافي

* * *

أَعيدي ليَ الحُبَّ

أعشَقُ أنْ أتوارى ،

و أُبعثَ في راحَتيكِ

مَزيجاً منَ النّهرِ

يجري على ضِفّتَيهِ

يَقودُ بِإصبعِ الرّيحِ هذا اللُّهاثَ

إلى مُزنةٍ ما تزالُ تَسَلَّقُ روحي

بُعَيْدَ امتشاقِ الضّبابِ لِوابلِ صمتي

أَ . هذا اللّقاءُ على مَفرَقِ الكلماتِ

ارتجالٌ خَفيفٌ لِمَعنى كُسوفي .؟

إذا الشّمسُ ـ فوقَ الهَلاكِ ـ انكِماشٌ ،

و رحلةُ بَوحي إليكِ .. خرستُ

إذا الأرضُ لا تُنبِتُ البرتقالَ

لأيِّ الذُّنوبِ وَأَدْتِ احتراقي

و هذا المُدَلّى على النّبضِ قلبي

إذا ما الأنامِلُ صَبَّتْ شِتاءً

كَشكلِ المَعاطفِ وجهي

أُراهِنُ أنّكِ ما عُدتِ ـ وهماً ـ

تجيئينَ مثلَ الهُروبِ ،

و أنّكِ سوفَ تُطِلّينَ عندَ العَويلِ

* * *

سَلامٌ على الغَيمِ

إنْ مَرَّ فوقَ بَلدتِنا ديكُها لا يصيحُ

سلامٌ على الليلِ

يُلقي على السّارقينَ السلاسِلَ

يرفعُ طَيفَ صَلاةِ المُعَذَّبِ

يأتي .. يَؤُمُّ العِناقَ ،

يُسَجّي المَتاهةْ

* * *

أَعيدي لِيَ البحرَ نَعْشاً ،

لأرعى عليهِ ابتهالَ الرّمالِ ،

أُزَورِقَ فيهِ الأماني ،

و أدفنَ فيهِ بَقائي

أَ . هذا الجفافُ بِحَلقي يَباسٌ ،

أمِ البحرُ يُؤوي النَّوارسَ فيهِ .؟

لأيِّ الجِهاتِ يُصَلّي الغريقُ .؟

إذا الماءُ يَطفو

بِمَنْ يَستجيرُ التّنفُّسُ .؟

هذي المَآدبُ حَولَ صُراخي

سَتُولَمُ يوماً لِجوعِ الأفاعي

إذا القِرشُ يأكلُ حتّى بُكائي بِماذا أُحِسُّ ..؟

و تِلكَ القبائلُ منَ الجوعِ

حينَ تَجيءُ لِتَقرأ فوقَ رُفاتي العزاءَ

تُراني أرُدُّ إليها التحيَّةْ .؟

أُقيمُ لأجلِ الضُّيوفِ الكراسي .؟

أنا أكرهُ الآنَ :

أنْ أُجلِسَ فوقي الرّحيلَ ،

و أكرهُ دَقَّ السّماءِ بِكَفٍّ يُمَزِّقُها المُستحيلُ

فَكيفَ أُدَحرَجُ منْ أسفلِ القدمينِ إلى الناصِيةْ .؟

أنا الآنَ في الهاويةْ

تُراكِ سَتأتينَ مثلَ الهزائمِ

تُعلِنُ نَصراً ، و فَتحاً جديداً

على ما تبقّى لِهذا الهَزيلِ نِدائي ..؟

أَعيدي لِيَ الماءَ كيْ أتنفَّسَ بَعدَ انتهائي

* * *

أَعيدي لِيَ العُشبَ نَاياً

لأرعى عليهِ خِرافَ القصائدِ

أُقْمِرَ كَهفَ الغِناءِ

لِيُبْعَثَ وجهي ،

و يستيقِظَ الآنَ هذا الإيابُ

أطيلي الوقوفَ ، و غَنّي

عَساني أُرَفرِفُ

فوقَ المراعي هديلاً

يُعيدُ الوعولَ إلى عُشبِ صَدري

أُعَصْفِرُ قلبي طَليقاً إلى شُرُفاتِ البَهاءِ

تُرى : منْ يُلَملِمُ هذا الضَّياعَ

يَرُدُّ إليَّ دِماءَ الدّوالي .؟

تُرى : منْ يُحيلُ الكهوفَ نَهاراً

إذا ما التّلالُ

سَتُرخي البلادةَ فوقَ الوهادِ .؟

تُرى: منْ يُشعِلُ الشَّمسَ في مُقلَتيَّ ،

يُرمِّمُ صَحواً بِأُفقِ الرُّقادِ .؟

أَحِنُّ إلى النَّهرِ يُلقي المساءَ

على ما تَعَرَّى منَ النُّورِ حينَ الغموضِ

أَحِنُّ إلى الهَمسِ

تَأبى الشِّفاهُ ضِمادَ الحُروفِ

أَحِنُّ إليكِ

إذا ما الغِناءُ تَماهى صَداهُ

إلى الشّدوِ يَلثمُ فاهَ المراعي

فَرُدّي إليَّ شَفيفَ الأماني ،

و صُبّي على جسدي

من مَرايا الحياةِ فُصولَ الرُّؤى

كي أتنفَّسَ رُغمَ انتهائي
















بشير العاني
صدر له : رماد السيرة 1993
وردة الفضيحة 1994
حوذي الجهات 1994

يرفع القبَّعة وينحني


كان.. كان لنا حلمنا‏
كيف للوردة اصطيادُ عطره..‏
للمُهر.. تضمُ خطوه..‏
وكيف لي أن أزاحمَ بالمناكب كي أراه...؟‏
كيف للبلاد السباحةُ في مياهه الأمينةِ... واحتساءُ نبيذ القيامة من راحتِه..؟‏
كيف لها ارتداء نعله السحريِّ..‏
قميصه الكونيِّ..‏
ونشر راياته المخزَّنه..؟‏
هل نراه..‏
نلامس سقوفه...‏
صوف ثيابه...‏
وهل تفتح القصيدةُ أورادها لدمه الحكيم..؟‏
***‏
كان.. كان لنا‏
يجيئنا متأبِّطاً أفراحنا وخرائطَ العطرِ...‏
وجريدة يوميَّة للسان حال الوردِ...‏
يرفع القُبَّعةَ حين يمرُّ...‏
وينحني للسابلهِ‏
مرّةَ.. في عيد ميلاد عصفور بدا يمضغُ حلمةً لجزيرة مرضعٍ.. يؤاخي وليدها..‏
ويهدي لسربٍ من ظباء شريدة غيمةً...‏
ويمنحُ أخرى لحقلِ حنطةٍ حزينْ..‏
مرّةً.. كان عارياً في العراء...‏
لا أسنان للهواء.. لا جيوش للسماءِ... لا شوارعَ من عساكرٍ ورصاصٍ..‏
ولا حواري مُغلقه‏
قناديلهُ على ناصيات اللهفة...‏
أشجاره تَمدِّدُ الظِّلَّ للخطوة..‏
وكان قلبُه قريباً... قريب...‏
قرب نسمة... قرب بسمة.. وقرب ارتعاشٍ أكيد.‏
أسراره للنهر... للسهل... للقبيلة والجبلْ‏
يميط اللثام عن نيّة السِّكينِ... ويُقطِعُ الخروف أرضاً من الثُّغاء.‏
لا قصرَ.. لا منِصَّة إلاّ له...‏
الصبايا...‏
والبلاد المشرعات النوايا‏
عرشه اللهفةُ والأيادي الملوحاتُ..‏
صولجانه: الأشواق.‏
في البدء كان الحلم.. كان قتله الجليل‏
لا كمائن للوردة... لا مكيدة في الخفاء‏
لا دم يُسفكُ للحديقة... لا ظبي يُدركه الرصاصْ..‏
كان.. كان لنا..‏
يرفع القُبَّعة وينحني:‏
للسماء ترمقُ شزراً غمامةً تُماطلُ في الهطولِ..‏
تُوغِرُ عليها صدرَ الشرارة... تقول لدوريِّات البرق داهميها:‏
ثمّةَ ممنوعات في جيوبها المُزَّرره.‏
يرفع القُبَّعة وينحني:‏
للوردة الواقفة على أصابع القدمينِ...‏
تدسُّ في صُرَّة النسيم العالي يديها..‏
تهمسُ: نسيمُ... أيا نسيمُ: هو ذا عِطري..‏
هو ذا فائضُ الرائحةِ...‏
هو ذا العنوان.‏
مرحى.. مرحى...‏
يهتف للجند حين يطلقون النار على الجراد والخَونَه..‏
وحين يُفخِّخونَ الأرض بالقطن والنعناع.‏
للصديق: يُرَبِّت على ظهر الصديق..‏
ما أنت وحدكَ لا تحزن‏
ويمضي بقلبه ويديه في كيس أشجانه.‏
للصبيّة: تُشرع كل نبضٍ شبابيك اللهفة..‏
تهتف: يا ريحَ الهوى... يا أنتَ ذا بدني‏
يرفع القُبعة للعاشق حين يمرُّ‏
وحين يُدحرجُ قلبُهُ قبلة المساء.‏
كان ينحني...‏
يرفع القبَّعة عالياً وينحني:‏
لوالدةٍ تقول لإبنها الوحيد طوبى‏
حين يجيء مودِّعاً...‏
في دماه رائحة الشهيد..‏
على فيافي الروح ينهمر الوطن..‏
وتمنع شهقة.. ودمعة راجفة.‏
***‏
من له حلمُنا العتيقُ... ومن يطوِّق بالصهيلِ مضاربَ المستحيلْ..‏
أيا قتلُ: يا جحيمَ الشاعر الفسيحِ...‏
يا بصيرتَهُ المسنونةَ...‏
أُسرجْ لعشائر الحلمِ... ضامرات الشَّغبْ.‏
ويا قتلُ:‏
يا نباتَ الشاعرِ الدائمَ الخضرةِ...‏
يا دوا إليه الأثيرةَ..‏
هيئِّ الأكفانَ لهذا الواضح مثل جثةٍ..‏
هّيئ له الهاوية‏
إرمِ..‏
للحريّة الفتيِّةِ..‏
لا نبجاسِ الحلم..‏
لاشتعالِ الجنونِ..‏
جذوة النشيد.‏










بهية مارديني
صدر لها : للحب رائحة الخبز 2003
في الطريق إليكَ، تلعثم ظلي

1
عند مساحة ما، بين الوهم والحقيقة،
عند نقطة ما، بين الروح والجسد،
عند لون ما، بين الألم واليأس،
نلتقي.
2
تطوقني عباراتك، التي احتضنت قصصاً قديمة
بحبل حرير من الصلابة،
بلهفة عاشق، لم يُكتب، ولن ينطفئ.
3
علمني من أكونَ، عندما أنصهر فيك.
وكيفَ تكون البداية.
أمسكْ بيدي حتى أول قبلة، وأول فكرة.
4
التفاصيل الصغيرة
أكبر مني.
5
قفزتُ إلى
اللا قرار.
6
في الطريق
إليك
تلعثم ظلي
طويلاً
7
أعطيك حباً
تتشح تناقضاً
تجاويفي ليس
فيها هواء
فأغرق.
8
الفراشتان المحترقتان
لن تقترب أصابعهما
للعناق من جديد.
9
صمتي الشاحب
الجدول المبحوح
مرايا الجنون
الحدود الرمادية
الجبال المستحيلة
قيثارة الظلام
التأمل القاتل
تماثيل الغروب
أنا وأنتَ.
10
مررتُ أمامك
ولم ترني،
فانا لم أهتم
إلا ببنصرك الأيسر.
11
أنا موجودة
على سطح هذه الكرة
وأحبك
بحجم لحظات القلق
بعدد وخزات الألم
باتساع مسافات الغربة
في بلادي!
12
تشبعني
أساطيري الخاصة
حول تخوم
لم تكتشف بعد.
13
لماذا كتب علي
أن اكون
نقالة ورق زجاجية؟
أريد أن أرى
بداية المسار
نهاية المدى
فدعوا الأوراق تتطاير
وأنا أعلو وأعلو.
14
جئتَ قوياً
عاصفاً
كشفتي البحر
عندما تغنيان
في ليلة ساكنة.
15
الرؤى الجميلة
لن تكتملَ
كصمت الدخان
والرماد
كتخضب الياسمين
تحت قدميكَ.
16
أشجارك
على جذوري واقفة.
مياهك المالحة
لاتصب إلا في نبعي،
ليجفَّ حلقي وقلمي.
17
تخلطني كأوراق اللعب
تنثرني
على مناضد الغرباء.
أتعلق بألم الوحدة
في أعمق نقطة
من صلابتك.
فاجمعني،
وضعني
في الجيب الأيسر
لقميصك الأبيض.
18
المستحيل
نقطة ضعفي.
19
أكافح لقاء
قطرة مطر
هذا الشراب المجاني
الذي توزعه السماء.
20
قميصك الأسود
الابتسامة الصفراء
قلبي المفتوح
قلبك المغلق
الانتظار الطويل
للقائك الأول
ألاحق غيوم المطر
تضن علي السماء،
أعلى دمي.
ليلة زفافي إلى المجهول
طرقتَ عالمي،
زرعتَ رايتك
أعلى دمي
قبعتَ على سريري،
لتستبيح الخطيئة
وتنحر المستقبل.











جاكلين سلام
صدر لها " كريستال " 2002
 
ونشتبكُ في القلب
القلب عارٍ من فرح عميق
كأنه لم يبقَ شيء
كأنني ما زلت ُ أستيقظ
أنسحب من الظلال
ولا من رفقة، إلا هذا القلب!
 
** ** **
يتكشّف المشهد أكثر
تتوغل في سيرة الريح، روحي
يتقلقل الصمتُ، الجدار المقيم في الخوف
والكلام – نصفه - يسممّ لبّ الحكايا
يُغويني جموح ألفه ...يائه، والمتواري ما بين الألف والياء، أكثر
وحين ينكسر
تنهال على قامتي الألواحُ مدببةً!
 
** ** **
أفترشُ شروداً في ظل شجر الذكريات
هذا ما قد تفعله امرأة، نأتْ عن العائلة وعن القافلة
اخترعتْ من أصناف الأشجار عائلة
من العشب وسادة
من الزهر تيجانا لفرح يصعب لملمة شتاته
وعلى أطول، أنضر، أبهى الأشجار تُهيلُ القلب وتكتب:
أيتها الصاعدة بلا دليل، كم أنتِ أمّي!
متى تفردين اختناق ألوانكِ،
شرايين أوراقكِ المذعورة
وتبللينني بالعبق البريّ، وبالندى؟!
 
** ** **
بلليني
واشهدي فصل الرماد
انزعي الدهشة
أقفلي الذاكرة عن الحذافير الناتئة
هدهديني بما تبقى
دعيني أبتسم بكل حزن الأرض،
أتذكرُ - بعناء - ما قال: سأنتحر، سأموتُ كثيراً، إن تعذّر عليَّ أنْ أكونكِ
وفي المنعطف الأول، حاول حبيبي تقديمي قرباناً للمجهول
 
** ** **
وشوشتُ الظلال بالحقيقة
أودعتها المتبقي من الأسرار:
لستُ امرأة ظلالٍ
ولستُ الظلال
في رأسي تتواشج الخطوط استوائية،
توازن العلة بين قلة الضوء وتزايد نسبة المنتحرين- أو الراغبين في الأنتحار- !
 
** ** **
الأشجار أمي
نشتبك في الظنون، وفي الأخيلة
في الحياة، في أغصان الذكريات والموت
ونشتبك في القلب!
 
ثمر شجرة طيبة- وربما شريرة -
تدحرج بعيداً عن الشجرة الأمِّ
 
لم تكن الأرض سهلاً!
 
** ** **
هُدنةٌ والقلبُ عارٍ
هدنة والصمت جدار
هدنةٌ والعائلة أشجارٌ
هدنة...
للتوِ، أكتبُ فصول القلب،
تساقطَ
المدن
والعشاق...
وبين منعطفين،
أتأهبُ لطريق بين شمس وحقيقة.










جبران سعد
صدر له: " أشعار و 23 قصيدة واحدة " 1998

أغنية إلى البيتلز
عالمٌ لا يشبهني
و لا أشبههُ
ما من طائراتٍ ورقيةٍ – طائراتِ طفولتِنا ذاتها –
ما من خيالٍ زارَ أيامي
لا في زوايا الفلواتِ ولا في طائرة
كي ينبِّه النسيانَ الأزرقَ في أطرافِ أصابعي
أركضُ أركضُ كي ألحقَ بحدسيَ
الذي سبقني أمتاراً من الضوءِ
كأنني الأزمانُ والحقائقُ الزائلة
كأنني تلك الشجرةُ المحمرَّةُ أوراقُها (ذهباً وخجلاً)
في شوارعَ ليفربول البعيدة – شوارع ألعابِنا ذاتها –
المحنيَّة على الضجرِ والغيم
أحبكَ يا تشرين
أحبكِ يا أعمدةَ الشرقِ الحزينة
أنا الإلهُ الهاربُ إلى ذاتي
أتحدثُ عن وجوهِ أحوالي
عن حياةٍ قادمةٍ إليَّ (من الابتسامات العابرة)
عن انتظاراتٍ لعوالمَ عبر المدى
تنامُ على يديَّ
تعالَيْ نركضُ وراءنا
كلُّ هذا الأمام
ولم يزلْ "وراءَنا" يسبقُنا
آه، كنتُ نهراً يتنفسُ عند كتفيكِ
أنا أنا...
وأنتِ... أنا
لندن، 15 تشرين الثاني 2001

















جولان حاجي
عجوزان
هباء ثمل يتعذب في الأعالي
تعب الحالمون من زرقة الجبال
دقت المسامير في الألواح
وحامت، في حلقات الليل، فرادى خفيفة
ندوب شدت من المسيل قفصاً فارغاً
فيما الريح تهبط فوق الطريق المسعورة
كي تهدّى روعها
ولا يد تقوى لتفك مرساة النجوم الخضراء
عن هذا البستان الغريب

من هذه الأرض النائمة
عينان منفيتان تتقربان بلا أثر
وريقات فضية تسقف قبر السماء:
بصمة الله المدوخة
تغور في الأديم
عجوزان غاضبان يتشاجران في المنزل الغارب
تطقطق المدفأة التي منذ هنيهة خمدت
تتوهج الشتائم العنيدة
شمس الريف غضبى في بقايا الهواء
بروق إبر تتقافز فوق عي حزين
بول وحساء، يموجان الأبخرة.
سهر الثلج الذي استضفناه
طاف ردهته
ما ذوب بدبس، ولا مازج الرماد
في الدمى اليقظى تحت سراجٍ مطفأ.
ولىّ إلى وحشته الفجورُ.
طنّتْ ذبابةٌ كبيرة
تقطّع دبقٌ وغاصتْ في حمم العذوبة
على فراش الليالي الثقيل.
نبُّشت الذكرى التي نُوديت سهواً.
كلُّ الإشاراتِ ابيضتْ. ابيض الحقدُ الكبير.
تنمّشت الأيدي ضاعت عيونها.
اصفرَّت السيقان النحيلةُ. قشِّع المخاطُ
تصعد النفتالين سجَّادةً بعد أخرى.
أثغرت الحكمةُ
وأحرقت العبرات آخر خيطٍ استدلَّ به في تراب النهر.
وما عادت نجوم الشتاء فوق البراري الأولى
في عيون ملائك تترقرقُ
ومعطف الأغاني لن يدثر العظام اليابسة
كريحٍ دافئةٍ تتلو أياماً طويلة ممطرة.
تطير لحظاتٌ ضريرة
وفي مناقيرها ندف الريش وفتات الكلمات.
سرُّ سرى، عاصفةٌ، سكتتْ
وجهٌ بارك عبثاً يذوب في غيمةٍ لشقيقتها،
تقطر حلمات تتلامس
ثم شعاع يخز الباب الصدىء.
يسيران، وئيدنين في رذاذ دافئ
عاريين في صباح الفردوس الأزرق:
شفتان آبتا، جناحان انطبقا.
لاتخيفهما صرخات الطواويس
ولا زبدٌ يئنّ ُفي جزر لم يروها
حذاءان مملوءان بالرمل عند القارب
مطر محبوسٌ يلسع جلد البحر.
خلف الستار ترقص أيام مظلمة
ويستلقي أفق كصديق مريض
اتسعت ثقوب مد منها الضوء أذرعهُ:
السير القبر، النوم الموت:
شفتان حمراوان تطوقان مد الساعات
شفتان تتعبَّدان الغبار
في منزل تأكله الظلالُ
ما انفك يزحف نحو حافةٍ تتلألأ بالضباب الخفي
شفتان داميتان تقبلان الغبار
على كتابٍ شاحبٍ
ينقِّطُ كلمةً من نار
تدور خجلى في كفِّ العجوز
فينفخها، كالدمعة، عن ذروة السبابة المرتجفة
ويشمُّ مغمضاً بياض السُّحب الناعم.






























حازم العظمة
صدر له : قصائد أندروميدا 2003
مدن
لا نعود لشيء سوى الحياة
كنا نعود بعد العصر
00 من الطرق السريعة للمدن الكبرى
أو نعود من نوم خفيف
إلى الضواحي الرثة
00بينما تبتعد الجبال
تبتعد حقول الذرة
ثم يرسلون العويل
في الحقول اليابسة
في الحقول اليابسة
أو في علب يسمونها000
نمر من علب
من أبنية
من مقالع حجر
تركت هكذا في العراء
كجرح عميق في الصخور
لا أحد يرانا
مخلصين لهذا الخراب
تلك خطوطنا أيضا
كمانات ونايات
لا نراها
بينما تتساقط ألوانها في الخنادق
000فيالعلب الفارغة
تلك خطوطنا:
على الساعدين
في الكفين
في الحقول
تتركها تذهب كالذرة
بينما نعبر من ممرات الزهور الشمعية
للمساء الشمعي
أو من رباط يتدلى من الشرفة
ثم يرف قليلا
ويترك ذلك الأثر الملون في الهواء
00من شرفات التلال
ترف بحبال غسيل أبيض
000من ظلال لأيلول مائلة
من المدن :
حيث تعود العصافير رمادية
؛والراقصات يتأففن
من الرتب والأحذية
؛00من طرود في الأعياد
ومن بطاقات بحروف ذهبية
؛000ليس خفيفا
ولا أزرق
ليس انحناء من رمال
ليس ثابتا
أو متتابعا
أو كموج على صخرة
؛00جارح و حسب
كالفناءات
كالساحة؛
؛00مقالع حجر تركت هكذا في العراء
كجرح عميق في الصخور
؛كمانات ونايات
لا نراها
بينما تتساقط ألوانها
وهكذا000




حسان الجودي
صدر له :
صباح الجنة، مساء الحب 1998
حصاد الماء 2000
قصائد لغيره 2001
وكأني أهدم الجنات

قبل أن أترك ليل الرّحم المغلق شاهدتُ ملاكاً،
جاءني فيما يجيء
مثل عصفورٍ مضيءْ،
نقر الشّبّاك،
فانزاح الضبابْ.
كنتُ كالورد لما اتفتحْ،
وتويجاتي الوصايا والسّرابْ
وقف العصفور في فتحت قلبي،
ثم أعطاني خيارات النجاةْ:
كوّة الرّوح،
روى المرأة والشعرِ
وآفاقَ العذابْ/
أو كتاباً يهب النّفس الطمأنينة مطوياً على سرّ الحياةْ.
هل ترددتُ طويلاً؟
ربّما لكنّني حين أتى الطّلقُ تطلّعت إلى الكون قليلاً،
ثم أحرقت الكتابْ!
وإذاً كان اختياري العشقَ،
والمرأة منذ الصرخة الأولى
تلمُّ الفحم عن كائنها الأزرق،
المرأة مثل العسل الدافىء للجرح
ومثلُ الثلج للخمر
وفيها كلُّ ما يجعل عشب الحب غابات شجنْ
أو دم العاشق تاريخ سفنْ
أويد الشّاعر إبريقا من الحبر على كأس الزمن
هي طيني كلما فككني الخسران،
وانهدت سدودي،
هي توتي كلّما تقت إلى طعود الخلود،
وهي المرأةُ ضوءُ الجسد السّاطع كالقبّة في أبهى حضور
لارتياد الشغّف الخالص.
المرأة جسر الرّوح نحو الّلانهايات وتمكين الدّم العاجز
من قنص طيور الخصب في ليل الوجود
وهي الفلة في الكأس،
وفجُّ الجمر في الرأس،
وعين الماء إذ ترفد آبار النشيد.
وإذا كان اختياري الشِّعر،
والشّعر صهيل الجسد المؤود
صوت الحجر النائم
حلم الروح بالغامض
ضَوْعُ الهذيان الحلو
إغلاق الممرات على النّفس
حصول اللذة الكبرى
وتقليص المسافات مع المطلق...
الشّعر زمان الأمكنهْ،
لا سواه يتماهى في شقوق المركب التائه ألواحاً،
وفي ماء الحواس الضّحل قيعاناً من الدّهشة.
الشّعر مكان الأزمنه،
يفعل الشعر الأعاجيب،
يعيد الروح للميت،
يؤاخي الماء بالنّار،
ويحدو في سباق الموت كلَّ الأحصنة..
وهو الشّعر انبثاق القمح من مسكب جمرٍ
وانفجار الورد في الأرواح
ربط الكرز الأخضر بالشّمس
وتثليج الجراح الساخنة..
فاعذريني،
كل ما أكتبه الآن يقاضيني،
أنا المشدود كالسهم إلى قوسك،
لا أقدر أن أطلق روحي في فضاءات اليقين،
لستُ منحازاً إلى غيرك،
ليس القلبُ أنفاقاً إلى هرجك،
لكنّ صلاة الشعر تنهاني عن التجوال في حقلكِ
والإيغال في نسغكِ
واللهو بحبات الحنين..
وكأنّي أهدم الجنات،
كي أحظى بصحراء من الوحشة،
كالأفعى بها أسعى على الأشواك مفتوناً ببحثي عنك في كل ربيعٍ
وكأني أغرس النّاب بشرياني لتخدير الجنون،
كلّما وصلت خيطاً فيك جاء الشعرُ،
كي يقطع خيطاً.
كلّما قبّلتُ إبطاً منكِ جاء الشّعرُ،
كي يجْرحَ إبطاً.
فافهميني،
وحده الشّعرُ يزيح الطّينَ عن عين الخلاص الأبديْ،
فإذا أصبحت للمرأة وحدي،
كيف لي أن أطرق البابّ الذي يفضي إلى الشّعر النبي؟
وحدها المرأة كاللؤلؤ كجناح غباري
فإذا أصبحتُ للأشعار وحدي،
كيف لي أن أصنع الماسات من فحم انتظاري
أنتِ والشعر صراطان صديقان عدوان ينوسان أمام المقصلة،
وعذابي أنني أجهل في أي اتجاهٍ
أدخل الرأسَ،
لتنجو الأسئلة.








حسين بن حمزة
صدر له " رجل نائم في ثياب الأحد " 1995



بيضاء .. مبكرة إلى النوم
1
بيضاء ..
ليس ذلك البياض
الشاسع
اللا مبالي
للثلج
الذي يرى من جميع الجهات
بل مثل
غرابٍ يلمع سواده وسط آلاف البجع !
يائسة..
مثل نهرٍ لا يحتفظ بصورة واحدةٍ
للشجرة التي تميل عليه لتلقي نظرة أخيرةً
على أناقتها ..!
" مقدسة ..
مثل 36 مليون أرنب حديث الولادة .."
2
أية حماقاتٍ , كان يمكنني أن أصدقها .. و أنا
أخترعها أمامك .. أية قبور كنت سأدلك عليها ,
لكي تري :
روحي مثل شاهدةٍ تصدأ تحت المطر ..!
أيةُ ملائكةٍ , كنت سأضيفها إلى أحلامك ,
كي تذهبي مبكرةً إلى النوم , تتركيني وحيداً
كالكتاب الذي لم تفرغي من قراءته . مرمياً
على وجهه , على الصفحة السعيدة , التي كلماتها
مازالت مبللةً ,
بنظرتك..؟!
أيةُ ذئابٍ كنت سأربيها , لكي أطلقها تحت شرفتك,
المضاءة ..؟ بينما طيفي يتجول في الهواء المجاور
لتنورتك الخفيفة..؟
أية بحار ٍ , كنت سآخذكٍ إليها لكي تري :
أزرق وحشتي
و شاحب أيامي ..
3
كان يمكن أن يحدث هذا :
قطار يذهب
بينما
الأشجار تلو الأشجار
تغذ الركض
كرتل من العميان
في الاتجاه
المعاكس..!!؟















حسين حبش
صدر له " غرق في الورد "2002
و " هاربون عبر نهر إفروس"2004
مدارات الإغتباط


إغتبطي يا كائنات المديح فإننا ورثنا عتبات الأوج
بمدائحنا الإرجوانية للينابيع
وشرايينها التي تغرف من أخاديد التراب
جرحاً مسفوكاً في الحقول والبساتين.
إغتبطي فإننا خلعنا المحاريث وإرتطمنا بالأفق
نعلِّي مصير الزرقة من فوق الأباطيل،
نزوِّدها بتيجان الشهوة وقناديل الفراغ المزدحمة
بالأحلام المتلألئة ومرجان النوم.
إغتبطي فإننا إختبرنا الموت في شروده
وإقتحمنا لهوه بثقة العشاق
نحمل رعشة النبات في الأعماق
مروِّدين قطيع النهر إلى حكمته
من فمه الأملس ومن غشيانه الأشقر.
إغتبطي يا عروش الصقور
فإننا ورثنا الأبراج العالية من أختام البنائين
وأقاصي اليقظة ننقضُّ على الظلام
ونقفل على عمائه المسالك
ونكون الدليل إلى الفجوات والأرخبيلات
المفتونة بالعراك والدويِّ الذي تحدثه
جدران أعماقها الهائجة.
إغتبطي فإننا نوالي الخفقان في ضرباته
السريعة
وهبوب خطواته المختالة
من رنين الإغواء ومن قدوم كماله
من مطالع المشيئة،
نهيء له الظل الأثير للروح.
إغتبطي فإننا نؤرخ هبات المصادفات
من خزائن العدم ونعثر على محبرة الخفيِّ
نكتب بيانات البرق على ميزان
النهاية المشغولة
بإنجاز ما لا ينجز وإمساك ما لا يمسك
وحفظ ما لا يحفظ.
إغتبطي يا أنفاس الرعد فإننا ورثنا
كيمياء الكواكب من زقاق الخيال
وصداقة البرق وأجواء نعمته
الطاغية في سقوطه المتعمد
على وجه الصخور المربوطة
بعناية الله غلى سفوح الجبال.
إغتبطي فإننا عمَّدنا الأمواج بملاءات الإوز
وأعناق البجع في إحتفال باسط الذراعين
أمام إتساع البحر ونهبه المتسارع.
لا ميثاق يوقفنا ولا إجفال يغمض
أعيننا المترصدة
للذبذبات اللاهثة في نهاية السرِّ
والفجاءات المرتجلة من الأعالي إلى الخضم.
إغتبطي فإننا قلَّصنا المسافة بين السماء والأرض
وحلجنا قطن المسرات لأعشاش الطيور المرتعشة،
لا تخبط ولا خوف بعد الآن،
لترقد أرياشها في أمان باذخ
وترف مطمئن وطويل.
إغتبطي يا خيام الغفوة فإننا أرهفنا السمع للغيِّ
وإحتدمنا مع البطش
نقاومه ويقاومنا،
نعانده ويعاندنا..
حتى أوصلنا القمم إلى القمم
والجهات إلى الجهات
وربطنا الهواء بالهواء..
موقدين فوانيس المشارف البعيدة.
إغتبطي فإننا نثرنا الزنابق على الجسور
وتماهين مع بهاء الشهقة
في طلوعها التنكريِّ من خيلاء المعنى،
نخوض معها تجربة الألفة
على منعطفات السماء السابعة
نفتح مشيئة الأقدار.
إغتبطي فإننا عرينا اليأس من مشاربه
وخلعنا أنياب النمور الشرسة،
أنذرنا الرقباء وأقمنا مأدبة الياقوت
فوق كمين الخسارات.
إغتبطي يا الرغبات
يا لجسارات
يا الأقدار
يا المصائر الهائمة في مجاهيل
القلق
والسؤال
والجنون
إ
غ
ت
ب
ط
ي...








حسين عجيب
صدر له : أشباه العزلة 1997
نحن لا نتبادل الكلام 2004
عجيب

تمنيت أن أدخل بهدوء
تمنيت أن أغادر بصخب
ما زال القليل الذي أعرف
يكفي للانتقال إلى الجهة الأخرى
حيث كل شيئ مظلم وكئيب
في يوم حار من حزيران1960
فضل أبي اسم بطل كربلاء
على الحاكم المصري لسوريا
لا أميل معه إلى لوم الآخرين
مع أنساب بلا قرار
كثيرا ما أسميتهم سلالة خنازير
لأغير التسمية إلى سلالة ملائكة أو جبابرة
في اليوم الذي يليه
عدا الأساطير
التي سبقت أرواحهم إلى السماء
وعظامهم إلى العفن
ذهبت معهم
إلى أبعد من الأسف
وصار نصف أصدقائي من الأموات
بالأوهام
بنينا جدران غربتنا
ونحن اليوم ينبغي أن نضحك
من الصياد الذي تحول إلى فريسة
وتسأل من سيرغب ثانية بالعصيان
من يقبل على المخاطرة
خذني إليها أيها الفكر الحر
لم تعد الرغبة تكفي للاحتفال
لينتهي الوهم بطبيعة البشر
ثم الوصول إلى الجهل الكامل
الوصول إلى الشغف الحي
أخطأت وسامحتني
صرت أطلب الهدوء في عريي الكامل
وصارت تسامحني بلا أخطاء
ليست هي المرأة التي أعرف
وليس الرجل الذي أحب دائما أن يكون
الماضي هو صورة الحاضر
والحاضر هم الآخرون
الآخرون
هم الجحيم
الآخرون هم المعنى
الآخرون كلام في البداية دوما
الآخرون أنا في غيابي..










خضر الآغا
صدر له " كتب يقول" 1995
" أنوثة الإشارة " 1998

الجاهليُُُّّّّّّّّّّّّّّّ ُُّ الذي أنا
الجاهلية أنتِ
نارٌٌ واحدة في الأتون ذاته
-1-

أدركت، حين اندلعت فيك كهندي أحمر، دقة أصابعك التي بيدي
أدركت أن وصيتك التي مثل مركب متروك أسفل الفهرس
عصفور أبيض
وأنني مثل شاعر مخلوع، تمر عليه القصيدة، ولا تلقي عليه
الكتابة
ولا التحية



كيف أعرف إذاً: أن يدي اللتين مثل لغة باذخة مهجورتان
أن الجدار الذي سيحمل ملصقي غداً هابط
في
العدم
وأن الثياب التي أخلعها كلما رأيت صوتك
ضاربة في الإثم
وأنها جاهلة


كيف أعرف - حين كان جسدك منطرحاً فيك -
أنني كنت مذعوراً من الرجل الجاهلي الذي
كان يحرس الإشارة من ربطة العنق
ومن سيرة البلاغة


الجاهلي: سيرة اللحم المرمي بأسيد القراءة
الكتاب الذي يُقرأ محمولاً على الدم
الهيئة التي تُرسَم بممحاة
نافذة، وقد اكتظت بطيور الضلالة
سماءٌ، وقد سقطت في كأس


الجاهلي- حدثني العصر-:
اسمٌ خارج الصفحة
ثوبٌ مقلوب
كلامٌ لا يفضي




الجاهلي الذي أنا
ذو العاقبة الملقاة من أعلى السورة في إناء النار
أدركت ـ حين نزلتِ بي إلى قاع الذكورة في حراء الفناء ـ
أنَ الدم الذي على هيئة الأمر الزائل دمي
أن الفراشة المحروقة بالكهف روحي
أن النداء الذي على هيئة السديم جسدي


ـ2ـ

أدركت:
سوف يبقى لهاثك في رئتيّ‘ كأنه الوشم، يدل عليك
حين تكونين فيّ
تكونين في القتل


أدركت أن التي تسهر في الإشارة
وتحمي العلاقة بين الكتابة وبين الماء
هي المرأة الجاهلية


الجاهلية:
مخطوط الرغبة على وسادة السيدة الحديثة
قاربٌ متروك في منحدر الضوء
عباءة معبأة بهواءٍ ملسوع
أرشيف الرمل، تحذفه المدينة لترتفع المآذن
كالياقة


الجاهلية: وجهٌ منقوشٌ بغبار الطلع
عزلةٌ أُريقت على نباتات الزينة
أفق مسفوح على ركبة العصر


الجاهلية التي أنت
ذات العاقبة الهابطة من أعلى الركعة في الأتون
كنت ِتعرفين ـ حين عدت بي إلى الغار الكبير ـ
أن الدم المرمي على وردة العار دمكِ
أن النساء اللواتي سيمزقن ثيابهن
وسيثقبن السماء برعشة لا سرير لها:
سيحملن رداءكِ
ومهبّكِ
وينبتن في أصص الخطيئة، في كل مرة،
وفي الجحيم


ـ3ـ

المارة لا يعرفوننا
والداخلون إلينا داخلون في حمأة الحائط البارد
جاهليان متروكان على طرف الكلام
والمدينة
يضعان اللغة في جيوبهما كمنديلٍ
ويشيدان من أعضائها الخيل النافرة من ذاكرة الرمل
وحين يسألان عن الشاعر
يأتي بطيوره الضوء
فينسيان ظلهما على درج البناية
وشهواتهما في قبعة الحارس
يدخلان بيت الشعر، وينامان


جاهليان يرثان الحمى
ويراقان فيما تبقّى من وثنٍ
ومن وأد ٍ
وتتحول المدينة فيهما إلى وثن الطاغية
وإلى وأد الجميع


جاهليان يخلعان التاريخ من أوسمته
ومن لحيته الشعثاء
ويرتبان عقاله وحواسه
وخطواته الباذخة
ويتركانه في عمى الصحراء كنبيٍّ عجوز
لا أتباع له
ولا رسالة ..

الخلف    خلف علي
صدر له " نون الرعاة " 2004   
صبوات السيف
 
هذا عري المترع بالقربى يئن وئيدا , يحفر اسئلة في ظل الموتى
يباري حمحمة الخيل , مثل الشبق بسيرته الاولى حين يفر
  من صلب  العاشق صبحا مذعورا
يرجم ظلا منذ الطوفان يطارده  وبلا مأتم يجتاز الندابات 
                  يحوز برهان الموت                                                  
يوقظ شهوته تصرخ في الجسد الخاوي , تلبسه العتمة وتطارحه
نواح الموؤد
 
هذا الطالع من رحم الدهر     المشتول كبرهة شبق حول الحلمة
 اللاثق بالرشف بياضا  او سعة من جمر الهجر بين سديم الفخذين
المتوسد وقتا مفضوحا  , او اعمى عراه الملح كفراق ينتصب وتدا في
قلب الناحل
 
ما كل الطير تفر كا لشهقة من صدر مشطور بالفاس
ما كل الماء يسيل وقتا مهجورا
                 لكن الخطوة ايات الّرحل             
        معراج فراق ينمو في شاهدة القبر                         
تعض فاتحة الوهم تغدو ندبا مثل سطوع البهتان                           
 
وهو المرحوم بلغة السيف الواضح
يحطب شمسا من ليل قسّمه الاعمى
تاريخا يتدفئ بالسيف ,  بالومض الجائر  , بالوهم المنقشع عن ماء سواه      
يدمدم
هذي قسمة ربي
ويذرف انثى جائعة لا يطعمها السيف صليل الصبوات
 
هذا الوجد نشيد ,      قبر فض بكارته الناحل بالوسطى
يهمي فوق طيور تعدو,      ترفّ لا تصل الافق كدم جائع
وهذا الكون يضن بانثى تكسر رغبتها كا لظل , وتمرغ صرخة  حلمتها
بتراب الذاهل
توجعه الحلمة فينوء بكتاب الجوع وفؤوس الحطابين
تنفض الواقعة , تعيد الانثى بكارة مشيتها المرة , تسرف في لين الجسد
          المثلوم                                                                           
تتهجى السهد وتطفر كا لصرخة في شعب ذاق الكأس
 
 
يا مفتون الوجد تساقط
اوقد هذا الشبق المشتعل , هذا الفيض العشوائي لروحي الثرثارة
لا تفتعل الغفو على جيدي كالطيف الاخرس
امدد صوتك واقبض نهدي النافر بالعبرات
لا يرضعني القادم                  
لا يحطبني الغافل                  
انطر سيفا يقطر شبقا لمرأى الراس مفصولا عن جسد الصبح
ادخله ظلامي , بئري الموؤد , فابوح فراغا يبصر
لا تنظر فيّ
لا سر لدي         
ما طرق بابي اعنى فابصر الا الناحل, والبصر سراب الاعمى
من ماتوا على بابي لن يرحمهم ربي  , ما كانوا شهداء صهيلي
برق اللذة اعماهم , ضاقو بهباء الصحو , مدوا اياديهم
 إلى ورد الرغبة في النهد النافر
ذابوا                                  
انا الوهم
ظلي الله
شجر السدر نشيدي واسيلي كشروق البازغ من ليل صلاّه الصبح
صوت شخيب الدم يفتنني
افجر وهجي  , غواية لبني ,  اردافي المنحوتة كالآيات 
 صرة عرشي
              اسيل عواء يقضم رغبته           
يخض دم الرّحل                            
تسري الروح باغوار السر الكائن في البرهة , العائث بالشجو
  والمبتل حنينا                                
لا ا حد سواي يطوح بالوهج , ينقض على العاشق كالباشق نزوته
في الظل
 
من يحنو علي تجثو في الصحو خيول الدفء عند قدميه
 وفي الليل احنو عليه كأنثى وارفة, بشهوة فارس
خانته امراة سافرة القحل
  ومن احنو عليه
يرعى في جسدي صراخا          
عري صباحي الفارع                            
 
يسبحني وينسى الله ..               
 28/2/2002
اثينا             


















  

دلدار فلمز
صدر له : عاش باكراً 2002
قصائد

حسكة
إلى نائلة
 
مصابة باليرقان
وفقر الدم من أيام
جدي الخامس عشر
هي ليست مدينة
وبالتأكيد
……….ليست قرية
 
* * *
إسكافي
 
أخيط أحذية الزمان
بخيط من نور
وإبرة من انتظار
تحت شمس الشمال
هل تعرفين؟
ماذا يعني أفق أصفر
تحت شمس تموز
هذا هو حال
عاشقكِ
 
* * *
ضد…؟
ضد من سأهدر كل هذه الوصايا
والتعاويذ المتراكمة في ترانيم الدم
أدون كل الذي يسمي تعباً على الغياب
هل لي أن أرث مفاتيح المياه؟
ثم كيف لي أن أنسف ذاكرتي المحشوة
بالأسماء؟
ضد من سوف أرمي
أبعاد هذا الهذيان
ومن ضدي في كل هذا الكون
وفي هذا الوقت بالذات
أو في أي وقت كان
ضد من سوف أزرع النباتات
على شاكلة العذاب والتعب
على خطى وجهكِ
في كل هذا الاشتياق
 
* * *

لا تكف
يا فرقاً يؤنبني
في عربات لا تكف عن جديدها
وزئبق العيون يترنح
في دم مجهول
أيا ماضٍ يؤنبني
الروح ترتاح على زقزقة الرفوف
في الأمس نامت يداي في حلم اللقاء
قرب كنيسة الأرمن
والآن روحي في أصداء …"عاصمة شحاذين.."







رشا عمران
صدر لها " وجع له شكل الحياة " 1997
" كأن منفاي جسدي " 1999
" ظلك الممتد إلى أقصى حنيني "2003
إلى سرير آخر الليل
في وحشتها الفاغرة
تتفقد المرأة جسدها
لا شيء فيه تبدل
فقط
حدائق الشفتين
شحبت قليلا
النهدان تبقعا بالحنين
الخصر خف انحناءه علىالشهوات العتيقة
الفخذان اقتربا كثيرا
من سؤال
الأنوثة
بينما
العينان تمدان ضياعهما
نحو اتجاه
لا تعرفان شكله
 
 
ما من شيء يوقف تدفق وحدتها
الأن
حين يصمت الهاتف
او يهيم الأصدقاء
في دفء أسرّتهم
او يستأنف الليل سقوطه
نحو اشجار صامتة
او ينحسر الوهم
عن آخر حلم
لم تقابله بعد
 
 
في هذه الوحشة الباردة
تسطع الموسيقا كضوء قليل
تخلع المرأة ثيابها المجعدة
كي تباشر جلسة غرائبها
ثم
تبدأ استحضار العالم
 
 
في الرعشة الأولى
يحضر أول برق للأنوثة
حين ( السأم ) خطوة اولى نحو دهشة الغريزة
مشهد المكان المراوغ
وجوه مشوشة
يد من وخز شوك مفاجىء
شفاه كلدغة مجهولة
ارتجاف الجلد في اللذة الحائرة
اضطراب في الجسد حين يراقب احتمالاته المتأرجحة
في خيالات ثملة
 
 
في الرعشة الثانية
تحضر أنثى في ورد تفتحها
مشهد للزمن العاصف
حيث الوجوه
مشوشة أيضا
والألسنة تتحرك
بكلام كثير
أحاديث حمراء
أوهام حمراء
شبق أشد احمرارا
حيث الجلد يرتعش في اللذة المتمردة
بينما الروح تضطرب
تحت ضغط الانتماء إلى الرغبة
فقط
 
 
في الرعشة الثالثة
أنثى في بلور بهائها
مشهد الاختيارالمترنح
حين تفترض الأنثى
شكلا كاملا
للرجل
و لكن
في احتماله النمطي
حين يخفت ارتعاش الجسد عند كل حقيقة
حين يبدأ الجلد صهيله
مبتعدا بملحه عن الرائحة الباهتة
يحضر غبش الوقت
غبش الوجوه التي تلعق بهاء الأنثى
حين تسقط في خديعة الاختلاف الشائك
 
 
في الرعشة الرابعة
تستحضر الأنثى غريزتها
حين الجسد
يقطر الماء و النار
وحيدا مع اوراق تستعيد تكوين الأنثى
تحضر وجوه عالقة في الروح رغم تتابع الأيام
عالقة في الأوراق ربما
لا فرق هنا بين الشهوة في ارتعاشها الكامل
وبين ارتعاش الأصابع الأولى
يحضر الموت ساطعا
حين لا مباليا يفرش فراغه على مساحة بيضاء
أو حين يمد الجسد توتره
في العدم
 
 
في الرعشة الخامسة
يأتي الوجه الذي لم تقابله بعد
في ( كامل تفاحها ) الأنثى
و الجسد نابض من مجرد الصوت
يأتي الرجل من الوانه كلها
من حنينه الكحلي
من شغفه الأخضر
من البياض في كينونته
من اختبارات زرقة غرائبه
و الجسد يحلق بنبضه الشاهق
إلى ما بعد السماء
الجسد في احتمالاته كلها
في تفكك عناصره
في تلملمها
الرجل الأخير
الذي يأتي الأن مثقلا بأسراره
و الأنثى في صرختها النادرة
ترجع العالم إلى جسدها
 
ترتدي ثيابها المجعدة
تطفىء ضوء الموسيقا القليل
ثم ترافق وحشتها الفاغرة
إلى سرير آخر الليل..
















رفعت شيخو
صدر له : نهد يطلق حلمته الغزيرة 1994
ركاب البذخ 1998
نافخ التمبور بجذوره
رياحٌ مٌحنّاة ،
تلج جذور الخشب المفروك بأريج الرئة .
وليمة معصوبة لغرقٍ يسطع
الثغر العائم في أوج نوطةٍ بعليّة
ويسيلُ
التمبور .
فارتْ من الأذن ، الرئات ثملةً
أصابعهُ . تيجانها شفاهٌ . تجني وميضها .
مناقيرٌ غائمة . منقوعة في جريان الزيتون .
 
وذاب المعدن . بعرقِه
الخصلة المحنّاة . بلونٍ . ثلاث
ترفو معصْم زوبعةٍ ، ترشُّ قلبها
كتفهُ الأكثر كتفاً ، تزخّ شجرةً .
نافخُ جذور زوبعة وسيمة ، بعمقها الملايين ، تربض في حجرهِ .
تتولى جذورها الممعنة ، أغشية طبولنا .
شجرةُ
أفواه
الكُرْد ، الزُّلال
بضوء شاماتها المتراقصة .
عشٌّ جمّ في غور سُرّة
انْحنتْ غيمةٌ ، تصحبه
إذ على سواحلها الداخلية ، يلمع بيض فراشة ،
صائغٌ يترجّل على خاتمٍ يتدفّق من سُرّتها الفائرة
زهاء بشارةٍ تُحلِّق في كتابٍ . تُدخّنه السماء . كّلما أكْتملَ
عازفُ ثدييها
والناي الذي لا ترفرف عليه الثقوب . البتة.
يموج بين غُصْنيْ واديها . وحليبها العميق
تعزف على جذور بئرٍ في خيمةٍ . تتقدّمهُ
أسْفل نايٍ مُتبّلٍ.
قبطان الصفير الحار ، إزاء ثديٍ أوسط
يتنفّس كتاباً راسياً في قطرة عرقٍ
عمقها
سبع
سنين.
 
 
عازفة مظاهرة في حصان عميق
ريثما يكتمل المنقار
بحسب العزف ، تميل الأرض
حالما أخذتهُ رئتاهُ .. طار.
بالكاد هدأ عزفها على رائحته القديمة
بساطٌ يَثِبُ ، كلّما نبض الذي هناك
قطف لها ناياً من بندقيّةٍ مُحنّاة ، لا يجفُّ العزف فيه.
وبزغ ، خلا جميع ساقه اليسرى ، المنثورة في فم ثلجٍ بعيد.
بقدمٍ كثيرة.
تجري في أحشائه .. يجري.
الراقصُ الثمل.
بعَرَجَه.
حصانٌ عميق.
جذور خطواته ذي الصفير
أربع ضفافٍ . للمظاهرةّ داخل حصانْ .
سبعٌ لكِ.
لـ اللّهب ثلاث.
حَنَّتْ صوتهُ.
رولا حسن
صدر لها: شتاءات قصيرة 1997،
حسرة الظل 2002
قصائد
تسوية

ثمة وقت ……
لأرتب طاولة حياتي
وألتفت صوب
حقول العائلة اليابسة
ثمة وقت
كي أسحب
ملاءة الحنين
وأسوي
سرير الضجر .


باب موارب

لعينيك نذرت نذوري
أشعلت البخور
على العتبات
صلّيت طويلاً
-ووجهي صوب
نعش أيامك –
وأنا أخرج
من الباب
الذي تركته موارباً
وأنت تغادر حياتي


عائلة

إنها آخر القلاع
التي تحصّنّا فيها
خلف سور خلافاتها الشائك
كبرنا
صرنا غابة
كل مرة نسقي الصور ،
نزرع الحبق على الشرفات
وكل مرة
لا يزهر غير العتب
ولا تتبلل
غير ابتسامات الأخوة
في الألبوم


طيور السعد

ولدت
تحت برج الخسارة
طيور السعد
مرّت في الفنجان
وحادت عن سمائي
من أحببت
أهداني للنسيان
الأصدقاء
جفّوا
تحت شمس
الندم


حصوة صغيرة

من ماءٍ أنا
مجرد حصوة صغيرة
تؤلف فيّ دوائر
على صفحتي
دعني أرسم وجهك
وأمطر طويلاً
أنا التي
انتظرت
في يباسك.


إشارات

هنا
وحيدة
مثل فطر
شجر الكذب
يظلل حياتي
من مضيت إليهم
فتحوا – في وجهي –
أبواب النسيان
كيف أبدأ ….
والثلاثون
تعبرني بعرباتها:
…. مدينة
تعوي
في أزقّتها الريح .











رياض العبيد

صدر له : تحولات في الأرض 1990
صلوات في معبد الزمن 1991
قران الهجرة1992
حديقة الرغبة 1996

قصائد راعشة


1

الهواء العليل ينقل لي أخبارك كل يوم

بلغة الطير والإشارات الإلهية

لا بلغة الأخبار الجوية والسياسية والاقتصادية

عندها فقط أكون قد بلغت أعالي الصمت والحكمة

الماء يُسمعني كل صباح آخر أغنياتك

عن جوهر الروح في الأحجار الكريمة

التي ترتسم على شفتيك الشهوانيتين

لوزة ناعمة

عندها أكون قد تجاوزت مرحلة المسافات الطويلة

على نهج منطق الطير والملائكة

واختتمت جزءا من تاريخ النجوم

التي أفنت عمرها الطويل

في تشكيل لوحة سوريالية عن الوردة

التي كانت وما تزال منحوتة

على نهديك المتآلفين

أوراق الخريف المتساقطة

تلحّن لي ما تيسر من أوركسترا عينيك الزرقاويتين

التي ابتدعها فصل الشتاء الطويل

في زاوية من الكون والسلام البرتقالي

عندها أكون قد تشجعت

بارتشاف موسيقى يديك, فخذيك الراعشتين

وبدأت أقفز في مرعى الأشواق كالغزال.


2


تلك الغيوم التي رحلت عن الشتاء

محتجة غاضبة

خلفت وراءها خيطا رفيعا من الحزن

يكفي لتهدئة روع الشواطئ في الصيف

أو تهدئة أعصاب المجانين

الذين قبّلوا عشيقاتهم في الليالي الباردة

ثم سحبتهم عاصفة أمطار شديدة

تلك الغيوم التي لم تعرف الراحة طوال حياتها

من كثرة التنقل كالبدو أو الغجر

من مكان إلى آخر

فقدت حاسة تأويل الزمن

وحين تراها وأنت تنظر في الأفق

البعيد صافنة حائرة

فستدرك في الحال

أنها تستنجدك متضرعة

إنقاذها من صراع الآلهة

أو حين تضع يدك على كتفها

وهي تميل إليك ميلا خفيفا

كالعاشقة

فستدرك في الحال

أنها تريدك أن تتخذها زوجة أو حبيبة

لتنجو من طوفان الشكوك

تلك الغيوم التي ترتجف كل لحظة

من الخوف أو الموت

لا تسمع نحيبها الدامي
سوى عيون الغرباء


3


المسافة التي قطعتها بين عالمين

آلمتها أن تكون علامة تعجب

في آثار خُطاك الحثيثة

وأحزنتها كثيرا

ما خلفته لها من فراغات متقاطعة

في رحمها الأنثوي

الذي انجرف حادا إلى النسيان

المسافة التي أدركت منذ البدء

أنك ستغادرها إلى جهة ما خلف اللامكان

وفي عينيك قلق عليها

حاولت أن تكون متماسكة الأعصاب

عندما ودعتك وحيدة على الشاطئ

كي لا تبدو وردة رومانسية

تودع باكية فراشات الربيع الزاهية

لكنها بقيت تحتفظ طويلا

برائحة أحلامك الزرقاء

في رعش حاجبيها الرهيفين

وتنتظرك وحيدة على الشاطئ الذي أضاع الذاكرة



4



الجدار الداكن الأبيض

يحلم أيضا بإجازة سنوية إلى بلاد العجائب

فقط لكي يتخلص بعض الوقت من رائحة عزلتك

في الغرفة التي تسكن منذ سنين

غير آبه بما تثور فيه من أحاسيس كامدة

كلما ضيقت عليه الضوء والرؤية في وضح النهار أو آخر الفجر

هو يدرك الحيرة التي تتركها تلتصق به

كصورة لمطربة فتنت حياتك وهي في عز شبابها

ثم انتهت إلى مشفى المجانين

لكنه لم يعد لديه صبر طويل

على كل هذا الجمود الذي طليت به كل شيء من حولك

حتى الهواء والكلام البسيط

الجدار الداكن الأبيض

الذي عايش احتفالاتك الجنسية الحمراء

بعينين ضاحكتين بريئتين وكأنه في نشوة خضراء

وكأنه يبتهل

رافعا يديه للسماء بأن يستمر الجسدان المشتعلان

بلمس يديه الرقيقتين إلى جوهر العمق في اللا زمان

الجدران تعرف أصحابها

من وقع خطاهم على الأرض

ومن بهجة أنفاسهم حين يلتقون بالحبيبة الملاك الآسرة

إذا ليس لديك الآن سوى

أن تُلقي بكل هيامات الكتابة واحتراق المستحيل

5



الزفرة الأخيرة

التي تطلقها بعد يوم ثقيل جدا

تتعربش على الأسطح والجدران كالعنكبوت

تلتصق بثيابك الداخلية كنهر يتصبب عرقا

من فرط العواصف

لا تتركك تتأكد من الوجوه التي تمر أمامك

على نحو يدعو إلى الفرحة أو الارتباك

تنزع عنك غشاوة القيلولة أو النوم

الذي تود أن تخنقه كعاشقة إلى أسبوعين في الفراش

الزفرة الأخيرة

ذات الأعراف الحادة

والآذان الطويلة

تترك بصماتها على الباب

حين تدخل إلى البيت أو تخرج منه

كجريمة لم تكتشف خفاياها بعد

أو كإشارة من عابرة جميلة في الشارع

لم تستطع أن تدرك ما تريده منك تماما

لعل ها كانت تريد إغواءك بمفاتنها الساحرة

فقط لترضي نفسها بأنها من جميلات المستحيل

تلك الزفرة التي لا تترك حتى في الأزقة الضيقة

أو حتى بين الأفكار الطاحشة

وحتى في عمليات الجنس الخارقة للعادة

تطلق أخيرا عليها الرصاص

6



الخوف الذي زرعه في حُراس القصر الكافكاوي

وسُجّانُ القياصرة الروس والرومان

وقراصنة البحر المتوسط

الفينيقيين إلى آخر بطلهم الأسطوري هانيبال

إنه مملوك لا يعرف القراءة والكتابة

امتدت جذوره في شراييني

إلى درجة أنني لم أعد أتنفس سواه

أو أرى احدا يُجالسني طوال الليل والنهار

دون أن يشعر بالملل والضجر

ذلك الخوف الذي زوجوني إياه

دون مهر أو مفاوضات عائلية

مستشارو الطغاة في أول الزمان وآخره

إنه بدا لي صديقا حسنا

مع مرور الوقت الطويل

وبعد أن كسب ثقتي به

وتسليمي بالقدر الذي أهداه إلي

أحد أولئك الطُغاة دون أي سؤال أو جواب

لذا فقد صار ي صارحني بكل ما كان قد حدث ويحدث له

مع أولئك الجبابرة الخصيان

وهذا ما جعلني أرتاح قليلا

وأتخدر كثيرا بالتفاصيل

التي كان يق ص ها علي

حول الجنس والعربدة الحمراء.






















زياد عبدالله
صدر له : قبل الحبر بقليل 2000




ثــــلاث قـــصائــــــد


يوم آخر

كلُّ ما عليك
عليكَ القيام به
والارتداد عنه إليه
والتغني بأمجاده ولعناته
ومطاردته ومحاباته
وإغراقه بالأنخاب
والزود عنه
والثأر له بسعةِ صدر
على امتداده
على إخفاقه لدى الإعلاء من شأنه
وإتقانِ لغته على أن ترطنَ بتلعثمه
وتكبُّدِ ما يحلو له من عناء
وتتبعه بإصبعك على إفريز النافذة والاستناد بمرفقك عليه إلى أن تتقطَّع وأوصالك.

كلُّ ما عليك
على عاتقك
نفّذ
وأشح بوجهك يا لها من صفعة!
تحت وطأتِه ورحمتِه وعطفه
تحت سعادتِه وغبطتِه
إلى أن يقاطعك أحدهم
لتصرخَ
وتنتفضَ
وتصحو
وعلى عاتقك يومٌ آخر.


بدايات

توقَّف عن اللهاث
تنَّفس ملياً
ثم اختنق
دائماً اختنق.
إن مرَّرك أحدهم من تحت الباب
اصطفق في أرجائه
أو دعه موارباً
يتقاطرُ والصرير
ابدأ بإهالة الأختام وجمع التواقيع وتهوية ملفٍ ضخمٍ عن السأم.
إن أمهلك أهمله
قلها على الملأ:
(لقد فقدت رفاقي في أوراق اللعب
وكل ما أقتنيه أصطبغ بحمرته)
ابدأ بحزم أمتعتك وإراقة المطارات والكتابة عن كل شيء.
توعَّدهم بمتنفسٍ آخر
عاين هباءهم وهبوبهم
دع لهم أن يتهالكوا عليه
ابدأ بجمع النوافذ وتقطير المشاهد والإطاحة بثرثرتهم.
ابدأ بالصمت فور وصولك
استسلم
ارفع عنهم يديك
دع للبداية أن تمسسك -
بذاك السوء
بتلك اللعنة.


أميال وأصقاع وكائنات

شيءٌ من هذا القبيل
بمذاقه
برقته
يبتلعكَ
يستسيغكَ والمرارةُ تقطرُ من فمك.
شيءٌ يذيبك بملعقة
يصعدُ بك إلى أفواهٍ فاغرة
ويثبِّتُ روحك بمسمار.
شيءٌ بدماءٍ جديدة
وألقابٍ تتبادلُ التحية
يتفيأ شجرةَ العائلةِ والميلادِ والسياج.
شيءٌ بجناحين
يتلفَّتُ حوله
ويهمُّ بطعنتين أو ثلاث
لكَ أن تشهدَ ضده
له أن يتخاطفكَ والأبصارُ أدنى من انتباه
أن يستفيضَ وينحدرَ ويتردى
أن تتسامق شاهقاً باهتاً
من الوريدِ إلى الوريد
هنا
هناك
تخالطه
تمزِّقه
لتصرخَ بأعلى.

شيءٌ بمساماتٍ تتلصص منها -
منمّشٌ بالحياة
متقدٌ
ممهورٌ بلونٍ يخمدُ كلَّ لون
مثله مثل مراميه
يبدأ لئلا ينفد أبداً
يتدفق
يتسربُ بما يفيضُ عن رمقنا
مباشرةً
دون
توقفٍ
لأميالٍ
و
أصقاعٍ
و
كائنات.





















سامر فهد رضوان
صدر له: تشكيلات لمولد الحصار 2001
طرائق لنيل اللقب

الطريقة الظاهرية:
من الشارعِ الغجريِّ
الذي لا يحبُّ التقاطع، والأصدقاء
أحاولُ أنْ أستميحَ النواصي
لأني إذا قلتُ أرفضُ،
تخسرني بحّةُ الناي،
والمشي بالطرقاتِ وحيداً
بدونِ الحديدْ
وسلسلةُ القهرِ أضحتْ هدايا
لجيلٍ جديدْ
هو الآن يكنسُ كلّ الأزقةِ
من طحلبٍ كانَ أبهى من الوردِ

كان يسمّى مجازاً وطنْ
خارجٌ من دخولِ النقاشاتِ
والضرب بالبسملةْ
داخلٌ للخضمِّ المناطِ بسجاننا
يحملُ السوطُ حبّ المناجلِ للسنبلةْ
أيُّ وقتٍ أنا؟
وقتيَ الصمتُ،
والأكلُ دونَ التنفسِ
هذا هو الحبُّ والمسألةْ
لا أملُّ
وإنْ ضاقَ صوتُ المغني
عليهِ التصاقُ الشفاهِ بكمِّ القميصِ
وإلا..
فَتُمْتَدَحُ المرحلةْ
أحبُّ الحلولَ التي حضّها سالفُ العصرِ
كي تنتقيني الخليقةُ
شاهدَ جرحٍ على المهزلةْ
أفكُّ زُرارَ القميصِ
لتخرجَ من عروةِ القلبِ
أسئلةُ الداخلينَ إليَّ
أنا باذرُ النارِ
في الصمتِ أُشعلُ رفضي
وأسكتُ إنْ سمعَ الحائطُ المخمليُّ صريراً
فأقلامهم لا تجفُّ
وأُتهمُ اليومَ بالانحياز لكلّ الفراشاتِ
صامدةٌ أبجديتنا
إذ فتحتُ المطارَ لترسو السفينةُ
تحملُ وهجَ الأغاني،
وتخنقها الزلزلةْ

الطريقة السوريالية:
لنا الرملُ
خذْ يا صبيُّ التصحُّرَ، عُدّ الصبايا
وأنتَ تسوّقُ مبدأَ مِشطكَ
هنّ يرحبن بالمتشدّقِ:
لا فرقَ بيني وبينكِ إلا انتفاخُ القميصْ.
هربتَ من الوعدِ،
خضتَ بأوهام هذي القبيلةِ،
والكهفِ،
بيني وبينكَ ما بينَ بين،
وبينَ الصدامِ وسلمكَ،
أعشابُ أرضٍ تشابهُ كثّاً عريَّ الجبينْ
إليكَ السطوعُ الذي سوف يخبو،
إليكَ المرايا
وأنتَ تقلّمُ أغصانَ ظلّكَ،
في راحتيكَ الحدائقُ تحتاجُ أنْ تستفيقَ
لتهربَ رقتها من هناكَ
إذاً كيفَ أحلمُ؟
والطقسُ أدمنَ حتى اتعاظيَ
من هدأة البوقِ بعدَ النشورِ،
وكيفَ أعاودُ تدوينَ كُلّ المصاحفِ
والأصدقاءُ الذينَ تُخَبِّئُؤهمْ جارتي
قد توفّوا

وكيف أطرِّزُ عشقي بصنارةِ الصوفِ
حين السنانيرُ أضحتْ لصيدِ السمكْ

الطريقة الأرسطية:
من السوط تبني الحمامةُ عشَّ الخلافةِ،
تستلُّ هيأتها نائباً بانتخاب السيوفِ،
على ريشها نامَ تاجُ الوصايا
يزيحُ التزنّرَ بالفُلكِ،
بالعصمةِ الجدلية،
(نفيّ النفيْ).. (ثمّ نفيُ النفيْ)
ثمّ عودتُهُ للبلادِ،
وقد أوعزَ اللهُ للأرضِ
أنْ تُخرجَ الفلكَ من قرصناتِ الجباةِ،
ينطونَ بالحبلِ
أسمعُ منْ وقعهمْ
آيةَ الانزلاقِ إلى صدر طفلٍ
أحبَّ الفراشاتِ، والركضَ

ثمّ استثارتهُ حلوى البلادِ
وما ذاقتِ الأقحوانةُ طعمَ الندى
كمْ منَ الوقتِ مرَّ
ولم أُعتقِ العامَ من سيّدٍ
لا يحبُّ اقتناءَ الجواري
ولكنه الارتباطُ بإطعامِ هذا الحجيجِ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أحبُّ اعتلاءَ العروشِ
لأني اعتليتُ الحمارَ
ولم تسقطِ الرغبةُ المشتهاةُ
دسستُ بهاراتِ فلفلِ أرضي
بإحدى مغاراتِ هذا الحمارِ
فَشُلّ اللجامُ
وأفلتَ ذيلُ الفتاوى
وأقسمَ مسرورُ
أنْ يُرديَ البحرَ ماءً
وأنْ يقطفَ الرغبةَ المشتهاةَ
ويقرفَ رأسي.


الطريقة الشائعة:
أنا أخرسٌ لا أجيدُ الكلامَ،
وأسئلةُ الكونِ تعقدُ قِمّتها
فوقَ (رأسٍ) بجسمي.
























سرى علوش

كحل أيلول

هكذا أمطرتْ
لم تكن وقتها تشبه العائدينَ
برائحة الحب فوق ثيابك،
أو بغيوم
ظننتك خبأتها لعيوني
ولكنها أمطرت
كحلُ أيلول فوق النوافذ
شكل السماء الجميل
الذي كان شكلك في داخلي
ليلُ شعرك فوق بياض القرنفل
منذ انتظرتك
كل النجّوم
التي سقطت من دمي
كلها رجعت
كنت مثل الرياح
يداعبني الورق المتساقط
من ذكرياتك فوقي
فاحمل وجهي
وأمضي
أفتش بين الأماكن
عن أي وقت أحبك فيه
فلا يعرف الآخرون
وعن شكل قلبي بدونك
كيما أجمع ما مات منه
ليكفي
أرمّمع بالكلام القليل الذي قلتهُ
بابتساماتهمْ
حين لم يبق منهم سواي
ولم يبق مني سواك
نفتش عن قبلة
ما وصلنا إليها
وعن نجمة أطفأت نفسها بينها
كدتُ أرمي على بحرك نفسها بينها
كدتُ أرمي على بحرك الليلكي
سلامي
ليسحبني الموجُ نحو عناقك
لكنّ شالاً من الرّمل
غطىّ خطاكَ التي ذهبتْ
هكذا...
مثلما تقسم الشمسُ قلبي
إلى اثنينَ... ضدّينِ
جئت مع الشمس
لا تشبه الآخرين بأحلامهم
غير أنّكَ
لوّنت نصف السماء المضيء
بأيلول صيفاً
فغامتْ
ولم يبق إلا مساءات آب
التي يبستْ
وقتها..
أذكر الآن...
كنتُ تيبست مثل الضباب
على جذع دمعي
ولم يبق إلا نسيمٌ رمادٌ من الغيم
بيني وبينك
كان الضباب
يعودُ على عجل نحونا
والستائر تفتح أهدابها
وأنا أشعل القلب بالورد
عوداً فعوداً
لتأتي قليلاً إلي
وأبصر في بقعة الضوء صوتك
لم تأت
كنت سأبكي كثيراً عليك
وأذهب
لكنّها أمطرت..!





























سمر علوش
صدر لها : يمام غريب 2004

هدهدات

ليس دمعاً،
فإن قليلاً من المطر اللؤلؤيِّ
يعلِّمُ سربَ صغارٍ من القطراتِ
التَّنزُّهَ في مقلتيّ.
ليس دمعاً،
فإن الغيومَ الحبيبةَ
تُمضي قليلاً من الوقتِ
بعد عناءِ شتاءٍ
على وجنتيّ.
لست أبكي،
فنمْ،
وتفقَّد غزالاتِ حلمكَ
قبلَ مرورِ الفراشاتِ
من بابِ أوقاتكَ السوسنيّةِ،
نم هانئاً يا بنيّ.
ليس دمعاً،
فإنَّ البلادَ على مايرامْ.
والعبادُ إذا شبَّ رأيٌ لهم
لا يضام.
والكثيرُ الكثيرُ من الأرجوانِ
الذي قد تراهُ
رذاذُ نبيذٍ على سندس الأرضِ
من كأس شمس الغروبِ،
فما من شهيدً وهذي البلاد لنا
من أقاصي الترابِ
إلى تاجها في الغمامْ.
هكذا.. هكذا
يحلم الطيبونَ،
ويسقون جنَّةَ أحلامهم
لتصيرَ البلادُ مروجَ سلامْ.
تستفيقُ العصافيرٌ يا ولدي
وهي مشتاقةٌ
لتناولِ وجبتِها من صباح السماءِ
على شاطىءٍ
قرب بيت الغيومِ،
تراها تطيرُ بزينة ريشاتها،
لاتخافُ براحلتها مطراً
أو ضبابْ.
ليست الشمسُ إلا سواراً من الدفءِ
تحرسها،
وترافق أحلامَها بندى بوحها الذهبيِّ،
وتنبِتُ أشواقَها شجراً
فوق وجه الترابْ.
غير أنَّ الظلام يمرُّ ،
ويحدثُ أنَّ يديهِ
تخبَّىءُ عنك الرؤى
بعض

..غنــــي قلــــــيلا يـــا عصـــافير فأنــي... كلمـــا فكــــرت في أمــــــر بكـــيت ..
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.28138 seconds with 11 queries