عرض مشاركة واحدة
قديم 24/10/2008   #1
صبيّة و ست الصبايا sandra
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ sandra
sandra is offline
 
نورنا ب:
Dec 2007
مشاركات:
3,859

افتراضي طباعنا.. هل يمكن أن تتغير؟


طباعنا.. هل يمكن أن تتغير؟
بقلم ... جُمان خياط

مشكلة الوراثة ككل المشكلات الحيوية ليست وليدة العصر الحديث وإنما نجد أنها شغلت ذهن الإنسان منذ زمن بعيد. ولذا كان طبيعيًا أيضًا أن يرغب المرء أن ترث ذريته خير الطباع وأسمى الصفات سواء في ذلك جمال الخلقة أو قوة الصحة أو ذكاء العقل أو طيب الخُلق.
ومشكلة الوراثة لم تكن قديمة فحسب، وإنما أخذت بعض نظرياتها تتكون بصورة لا يطمئن لها العلم الحديث والعلوم الإنسانية كل الاطمئنان فنجد الشاعر العربي يقول:
إذا كان الطباع طباع سوء
فلا أدب يفيد ولا أديب
ويؤكد الشاعر هنا أن للكائن طبيعة ثابتة لا تؤثّر فيها البيئة ولا يجدي فيها التأديب والتعليم, نجد أيضًا الأمثال الشعبية المنتشرة بين الناس تحمل الكثير من المعاني المؤكدة لفكرة الوراثة: إن الحية لا تلد إلا الحية,
إن هذا الشبل من ذاك الأسد
ولكننا عندما ننتقل إلى أقوال بعض المربين نجد أن هناك خلافًا. فالإمام الغزالي يؤكد أن عقل الطفل قابل للتأثر بكل ما حوله. ويؤكد لوك كذلك أن الطفل يولد وعقله صفحة بيضاء ينقش عليه المربي ما يريد.
ونرى في الوقت نفسه شاعرًا عربيًّا يصف الموقف في اتزان وحكمة فيؤكد كلا من الجانبين دون أن يغفل الآخر, يرى هذا الشاعر في الحياة جانبين: جانبًا مرجعه المحيط والمجتمع، وآخر مرجعه الوراثة ويرى جانب الوراثة أهميته بحيث يضع الحدود التي تحدد مدى أثر المحيط و المجتمع, فلا يمكن أن نحوّل الأغبياء بطبيعتهم إلى أذكياء عن طريق التعلم.
رأيت العقل عقلين
فمطبوع ومصنوع
ولا ينفع مصنوع
إذا لم يك مطبوع


إذا لاحظنا الآراء منقسمة إلى 3 نظريات:
الأولى تؤيد الوراثة فقط لا غير، والثانية تؤيد التربية والبيئة دون وجود أي اعتبار لوراثة الإنسان وجيناته، والثالثة تجمع بين الرأيين السابقين معطية الأهمية لجينات الإنسان ووراثته وللبيئة التي نشأ وترعرع فيها.

فإذا أخذنا الطبع بالمفهوم العلمي حاليّاً وجدنا الجين يرافقه, هذا الجين هو المسؤول عن المظهر الخارجي يلعب الدور الرئيسي في العمليات الجارية داخل الكائن الحي، فكما يمنحه الهيكل الخارجي أي البنية الخارجية يمنحه البنية الداخلية أو التحتية. الجين الذي يعطي الفرد ملامحه الشخصية مثل: الطول, لون البشرة, الشعر, العينين, وغير ذلك يكون أيضًا مسؤول عن الإفرازات الداخلية التي تسيطر على وظائف الجسم كلها كالخمائر والهورمونات والبروتينات الفعالة وغيرها.

إن ثمة حقيقة وجب ذكرها, وهي أن الجينات الموجودة في البشر ليست متساوية في الفعالية من حيث إنتاجها البروتينات، والبيئة تلعب دوراً هامّاً فيها, الجينات قد تستنسخ ذاتها إذا اقتضت الحاجة. فمثلا في البيئة الملوثة بمادة الكاديوم (مادة سامة تكثر في التربة)، يحتاج الجسم إلى مادة أخرى لمعادلة التسمم به, فالجين المكلف بإنتاج هذه المادة يستنسخ نفسه مرات كثيرة ليلبي الإنتاج المطلوب. وقد تنعدم وظيفة هذا الجين وحتى قد يختفي إذا عاش الفرد في بيئة خالية من الكاديوم حيث تنعدم الحاجة إليه, وهكذا تتصرف غالبية الجينات الأخرى الفعالة.
وهذا هو أحد الفوارق بين جينات البشر الذين يعيشون في بيئات مختلفة وظروف متباينة.


يتبع ...

// وأنّ حضورك في دمي مسكُ الختام //

آخر تعديل sandra يوم 25/10/2008 في 14:48.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03173 seconds with 11 queries