الموضوع: الورقة الأخيرة
عرض مشاركة واحدة
قديم 11/10/2009   #1
صبيّة و ست الصبايا sandra
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ sandra
sandra is offline
 
نورنا ب:
Dec 2007
مشاركات:
3,859

افتراضي الورقة الأخيرة


في قديم الزمان كانت هناك بنت تدعى جون جوي وكانت تعيش مع أمها في ضاحية المدينة ، وكان هناك شخص آخر يعيش في نفس البناء هو الرسام بيلمان، بالرغم من كون بيلمان رساماً إلا أنه نادراً ما يرسم ، فقد كان يرسم فقط عندما يكون بحاجة ماسة إلى النقود.
بيلمان كان رساماً متمرداً ولم يكن يقنعه ما تتركه يداه، كانت سعادة بيلمان هي جون جوي الصغيرة أما جون جوي نفسها فقد كان يسرها دائماً أن تذهب إلى مكان بيلمان كي تلعب هناك معه . وكان بيلمان يستغل فترة وجود جون جوي عنده فيرسمها، كان الاثنان يمرحان ويضحكان ويلعبان.

وفي خريف أحد السنين مرضت الفتاة الصغيرة مرضاً شديداً، فكانت تسعل بشدة وحرارتها مرتفعة وتتنفس بصعوبة وقضت عدة أيام طريحة الفراش، ومن أجل ذلك استدعت الأم الطبيب. بعد انتهاء الطبيب من فحص الفتاة المريضة خرج من الباب وكان الحزن والرعب يملأ عينيه فعرفت الأم أن هناك خطبا فخرجت إلى الطبيب وقالت له:
ـ ما بها جون جوي يا دكتور؟
ـ ابنتك تعاني من مرض ذات الرئة. عليها ألا تخرج من البيت أبداً، وأن تستلقي في الفراش وتتناول الدواء ... إذا استمر الحال هكذا، أخشى أن يكون الأمل بشفائها ضعيفاً، ربما بنسبة 1 بالعشرة إذا لم تنخفض درجة حرارتها يا سيدتي أبداً. وكذلك استمر جسمها بالتردي والنحول ومن سيئ إلى أسوأ. المهم بالنسبة لها هو الأمل والرغبة في الحياة يا سيدتي
ــ ماذا ؟ الرغبة في الحياة !!!
ــ الرغبة في الحياة ... اعتني بها ...
في تلك الأيام كان مرض ذات الرئة من الأمراض الخطرة، حتى الطبيب لا يستطيع أن يساعد المريض كثيراً. لم يكن أمام والدة جون جوي سوى البكاء وهي ترى ابنتها الجميلة تضعف يوما بعد يوم.

ذهب بيل مان إلى بيت جونجوي صاعدا السلالم بصعوبة بسبب كبر سنه وعندما دخل المنزل وقف بجانب الأم التي كانت جالسة على كرسي بجانب ابنتها التعيسة.
قال بيل مان مسرورا كأنه يتوقع أخبارا سارة: هل تحسنت جونجوي
فحركت الأم رأسها بالنفي وهي في قمة التعاسة
وأخبرته الأم بما أخبرها الطبيب وبينما هما جالسين يفكران بحزن وبصمت سمعا صوت الفتاة الصغيرة تقول:
ــ ورقةٌ أُخرى تسقط ! لقد سقط الكثير !!!

نهض الإثنان من مكانيهما مسرعين وتابعت جون جوي بيأس قائلة : 7 فقط
قالت الأم مستغربة: ماذا تقولين؟
قالت جون جوي وهي تنظر للنافذة: إنها تسقط بسرعة
قال بيلمان: أخبريني جون جوي ما هذا الذي يسقط بسرعة
أجابتهما:
ــ الشجرة .. أوراق الشجرة .. انظرا إليها ... عندما أُصبت بالمرض كانت هنالك أكثر من مئةٍ منها .. انظر !! ربما ستسقط كلها هذه الليلة .. وبعد ذلك سوف أسقط أنا أيضاً .. إنها مثلي تماماً ستسقط عندما تحين الساعة
كانت الفتاة تتألم بشدة لمنظر الأوراق وهي تتساقط، وكأن كل ورقة تسقط على الأرض، هي في الحقيقة قطرة من قطرات دمها المنسكب على الأرض! وأردفت قائلة:
ـ أوراق الشجرة هي حياتي عندما تسقط آخر ورقة، أسقط أنا أيضاً، سأموت مع سقوط آخر ورقة منها .. أنا أعرف.
يبدو أن البنت الصغيرة قد استسلمت إلى للموت طوعاً ولم يعد لديها أي رغبة في الحياة.

لسوء الحظ، كان الجو في تلك الليلة ممطراً ومرعداً وكانت الريح على أشدها وبدأ الجو يزداد برودة حتى أن الثلج بدأ بالسقوط.
وفي هذا الجو البارد العاصف ... خرج الرسام من غرفته
كانت أم جون جوي تحيك لها الملابس وكانت جون جوي تفقد الأمل في الحياة في كل ثانية تمر عليها.

وفي صباح اليوم التالي هدأت العاصفة وما إن فتحت الصغيرة عينيها حتى نادت والدتها التي كانت تعمل في المطبخ
ـ أريد أن أرى الشجرة أرجوكِ يا أمي افتحي النافذة.
توجهت الأم إلى النافذة لتفتحها وهي خائفة، إذ من المفروض أن تكون جميع أوراق الكرمة قد سقطت بسبب العاصفة الثلجية ولو رأت ابنتها ذلك لــ ...!!
"آآآه يا إلهي لا زالت هنالك واحدة .. لازالت هنالك ورقة " صرخت الأم
نظرت الفتاة إلى النافذة ..بالفعل هناك ورقة واحدة !! يا للعجب كيف لم تسقط هذه الورقة في العاصفة ، قالت والأمل بادِ عليها
ــ ورقتي !! لقد استطاعت أن تتغلب على العاصفة والأمطار والثلوج .... لقد عاشت ورقتي وسأبقى على قيد الحياة ما دامت الورقة حية.
وأسرعت الأم باتجاه الدرج كانت بطريقها إلى جارهم الرسام لتخبره بما قالت ابنتها قبل قليل، ففتحت الباب وهي تصرخ من الفرحة: سيد بيلمان سيد بيلمـ ..

توقفت الأم عن كلامها حين رأت أدوات بيل مان للرسم ملقاة على الأرض ورأته في سريره
قالت الأم وهي تقترب منه تنظر إليه: آه سيد بيلمان...

كان الرسام ميتاً كان يرقد على حافة سريره وابتسامة الرضا على وجهه
لقد خرج الرسام في تلك الليلة العاصفة ورسم الورقة الأخيرة مستنفذاً كل طاقته
لقد رسم ورقة العنب ليعطي البنت الصغيرة الدواء الذي وصفه الطبيب
لقد رسم لها ورقة العنب التي ستعطيها السبب للتمسك بالحياة
لقد رسم ورقة عنب لا يمكن لأعنف عاصفة وابرد جو أن يسقطها من غصنها
لقد رسم بيلمان ورقة عنب كانت من الدقة والروعة بحيث دخلت في أعماق البنت الصغيرة كورقة عنب حقيقية متمسكة بغصنها إلى الأبد








منقول بتصرف

// وأنّ حضورك في دمي مسكُ الختام //
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05264 seconds with 11 queries