26 آب
كلّنا يعرف أهميّة " الحضور " الشخصيّ أهميّة مجالسة شخص آخر . و هذا لا يشير إلى مجرد " المجاورة " , بل يعني تلاقياً في العمق و يحتم وعياً خاصاً و تركيزاً على ما يشرك فيه أحدنا الآخر .
و لكنّه من الصعب جداّ أن أُوهم الآخر بأنّني أصغي إليه و أنا منشغل عنه في أمور أخرى . إنّه يُحس في أعماق نفسه أنّني لست حاضراً . الحدث يدرك مالا تبصره العين . فإذا كنت تتساءل في نفسك كم سيطول حديثي , لا بدّ و أن أشعر بذلك . و إذا كنت تفضل القيام بعمل ما بدل أنّ تصغيّ إليّ فلن يخفى ذلك عليّ
أنا لن أخاطر في الانفتاح إذا ما شعرت بأنك منشغل عنّي في أمور أخرى و لن أبادر في البوح لك بما في قرارة نفسي و أنت تراقب الوقت أو تحاول التطرّق إلى موضوع آخر . و لن أشركك في فرحي أو نجاحي إذا كنت غير مستعدّ لأن تشاطرني بهجة العيد .
التأهب المستمر لأن أكون فيما هو للآخر ! هذا في الحقيقة ما حاولنا الإشارة إليه . كلّنا اختبرنا الشعور بالخيبة عندما نطرق باباً و لا نلقى جواباً . عندما أهتف إلى صديق , و في النفس حاجة ماسّة إليه , فأجده منشغلاً , و أعيد الكرّة مراراً فأسأم الصوت الذي يردّد صدى الانشغال عنّي و في نفسي توق عميق إلى أن أشرك ذاك الصديق بما يجول في نفسي . و بعد أن أكرّر محاولة الاتّصال و ألقى تكراراً الانشغال , أصرف النظر عن المشاركة و أحتفظ بما في نفسي لنفسي .