الموضوع: شذرات لغوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 05/02/2009   #5
صبيّة و ست الصبايا personita
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ personita
personita is offline
 
نورنا ب:
Feb 2008
المطرح:
بلاد الغُرب أوطاني
مشاركات:
932

Wink الحُجَّة و الدَّليل في الرد على شرشبيل


بما أن الآراء قد عادت و تشذَّرت بنا من جديد، أنا و شرشبيل (قرصان سابقا)، فقد رأيت أنه من الأنسب أن ألجأ إلى هذا الركن، و لنفس السبب الذي جعلني أفتح الموضوع هنا، في قسم اللغة،و هو ألاًّ نخرج في نقاشنا عن الإطار المخصَّص للقسم الذي يبدأ فيه دائما الخلاف اللغوي، و لكي لا نظلم الأول، و لكي نستفيض في الشرح و التعقيب، و نستمتع بوضع الأمور في نصابها، قررنا نحن المعنيين بالأمر نقل النقاش إلى مكانه المناسب، "شذرات".

و ردا على افتراءات المدَّعي بفساد بناء الجملة التالية:

"فقد كنتُ حينها.. سعيد ة بأن أكونَ له الطريق..و أفتحُ معابري لك لبائس"

لعدم جواز عطف الجملة الأخيرة على الأولى، لأنه لا يجوز فصل العطف عن المعطوف، إلا إذا كانت الجملة الفاصلة اعتراضية، و بالتالي يجب عطفها على ما قبلها: الفعل المنصوب "أكونَ" و نصب "أفتحَ"، لأن المعطوف يتبع المعطوف عليه في الإعراب.
و هو وجه صحيح ( و هنا لا يقع الخلاف) إذا ما قدَّرنا الجملة كما يلي:
فقد كنت حينها.. سعيد ةبأن أكونَ له الطريق..و (بأن) أفتحَ معابري لكل بائس

و لكن ماذا لو كان تقدير الجملة كما يلي:

"فقد كنتُ حينها.. سعيدة بأن أكونَ له الطريق و (كنتُ) أفتحُ معابري لكل بائس"

هنا يقع الخلاف: حول إذا ما كان العطف لا يفصل عن المعطوف، و أنه لا يجوز عطف الجملة إلا على ما يليها.

يقول عبد القاهر الجرجاني في "دلائل الإعجاز"، باب "مسائل دقيقة في عطف الجمل":

"هذا فن من القول خاص دقيق. اعلم أن مما يقل نظر الناس فيه من أمر العطف أنه قد يؤتى بالجملة، فلا تعطف على ما يليها ولكن تعطف على جملة بينها وبين هذه التي تعطف جملة أو جملتان. مثال ذلك قول المتنبي، من الوافر:
تولوا بغتة فكـأن بـينـاً
تهيبني ففاجأني اغـتـيالا
فكان مسير عيسهم ذمـيلاً
وسير الدمع إثرهم انهمالا

قوله: فكان مسير عيسهم، معطوف على تولوا بغتة دون ما يليه من قوله ففاجأني لأنا إن عطفناه على هذا الذي يليه أفسدنا المعنى من حيث إنه يدخل في معنى كأن، وذلك يؤدي إلى أن لا يكون مسير عيسهم حقيقة، ويكون متوهماً كما كان تهيب البين كذلك، وهذا أصل كبير. والسبب في ذلك أن الجملة المتوسطة بين هذه المعطوفة أخيراً وبين المعطوف عليها الأولى ترتبط في معناها بتلك الأولى، كالذي ترى أن قوله: فكأن بيناً تهيبني، مرتبط بقوله: تولوا بغتة وذلك أن الثانية مسبب والأولى سبب، ألا ترى المعنى تولوا بغتة، فتوهمت أن بيناً تهيبني؟ ولا شك أن هذا التوهم كان بسبب أن كان التولي بغتة، وإذا كان كذلك كانت مع الأولى كالشيء الواحد، وكان منزلتها منها منزلة المفعول والظرف وسائر ما يجيء بعد تمام الجملة من معمولات الفعل مما لا يمكن إفراده على الجملة، وأن يعتد كلاماً على حدته.
وها هنا شيء آخر دقيق. وهو أنك إذا نظرت إلى قوله: فكان مسير عيسهم ذميلاً وجدته لم يعطف هو وحده على ما عطف عليه، ولكن تجد العطف قد تناول جملة البيت مربوطاً آخره بأوله، ألا ترى أن الغرض من هذا الكلام أن يجعل توليهم بغتة وعلى الوجه الذي توهم من أجله أن البين تهيبه مستدعياً بكاءه، وموجباً أن ينهمل دمعه. فلم يعنه أن يذكر ذملان العيس إلا ليذكر هملان الدمع، وأن يوفق بينهما؟ وكذلك الحكم في الأول فنحن وإن قلنا إن العطف على تولوا بغتة فإنا لا نعني أن العطف عليه وحده مقطوعاً عما بعده بل العطف عليه مضموماً إليه ما بعده إلى آخره. وإنما أردنا بقولنا: إن العطف عليه أن نعلمك أنه الأصل والقاعدة، وأن نصرفك عن أن تطرحه، وتجعل العطف على ما يلي هذا الذي تعطفه، فتزعم أن قوله: فكان مسير عيسهم؟ معطوف على فاجأني فتقع في الخطأ كالذي أريناك. فأمر العطف إذاً موضوع على أنك تعطف تارة جملة على جملة، وتعمد أخرى إلى جملتين أو جمل، فتعطف بعضاً على بعض، ثم تعطف مجموع هذي على مجموع تلك"


فما قولك، يا فقيه اللغة؟!!

مثال آخر لفصل المعطوف عن المعطوف عليه:


أن الله بريء من المشركين و رسولُه""


برفع (رسولُه)، لأن العطف هنا عطف جملة على جملة , والتقدير (ورسولُه بريء منهم) .


هنا لو قلنا بوجوب جمع العطف و المعطوف لفسد المعنى و صارت الآية كما يلي:

"أن الله بريء من المشركين و رسولِه"

فما قولك يا فقيه؟

هذا فيما يخص المبنى، فيما يتعلق بالمعنى:

يقول ابن عقيل في "شرح ألفية ابن مالك" (2/20 :
" العطف على نية تكرار العامل ".
فبدل أن تقول : جاء زيد وجاء عمرو ، تختصر فتقول : جاء زيد وعمرو .
وكذلك الحال في عطف الجمل التي لها محل من الإعراب :
فبدل أن تقول : إن الله يعلم ما أنتم عليه ، وإن الله سيحاسبكم عليه .
تختصر فتقول : إن الله يعلم ما أنتم عليه وسيحاسبكم عليه .
و كذلك الأمر بالنسبة للآية التالية، التي بنيت على هذه القاعدة ، فيكون تقدير الآية :
( إني ظلمت نفسي ، وإني أسلمت مع سليمان لله رب العالمين )
ولا يلزم لغة – إذا كان العطف بين الجمل – أن تشترك في المعنى ، بل قد يكون المعنى متضادا .
يقول الأستاذ عباس حسن في "النحو الوافي" (3/557) :
" والعطف بالواو إذا كان المعطوف غير مفرد ، قد يفيد مطلق التشريك ، نحو : نبت الورد ونبت القصب ، أو لا يفيد ، نحو : حضرت الطيارة ولم تحضر السيارة " انتهى .

هذا و يتعلق الأمر بعطف معنيين متضادين، فكيف بجملة عطفت على أخرى و حذف منها الفعل فقط، لعدم تكراره؟!!

في انتظار "ردك المفحم"، يا شرشبيلي المقفوش!



لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إذا لم يكن ديني إلى دينه دان
و قد صار قلبي قابلا كل صورة
فمرعى لغزلان و دير لرهبان
و بيت لأوثان و كعبة طائف
و ألواح توراة و مصحف قرآن
أدين بدين الحب أنَّى توجهت
ركائبه، فالحب ديني و إيماني
ابن عربي
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05375 seconds with 11 queries