عرض مشاركة واحدة
قديم 14/02/2008   #5
شب و شيخ الشباب secular
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ secular
secular is offline
 
نورنا ب:
Dec 2007
المطرح:
بقلب الحرية ...
مشاركات:
253

افتراضي



ميثة الخلق البابلية

في القرآن، نقرأ: "أولم يرَ الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً. ففتقناهما، وجعلنا من الماء كل شيء حي" (21: 30) (2 مك).


إن ميثة ( أسطورة) الخلق البابلية القديمة التي تتحدّث عن فتق وحش أصلي موجود منذ الأزل، مقحمة أيضاً عند اليهود والمسيحيين. وهذه القصة محفوظة عند اليهود في صيغة باهتة (تكوين راباه 68: 20). كذلك فإن " سفر أخنوخ " المسيحي يلمّح إلى هذه الميثة، حيث يقول "إن صنماً كبيراً للغاية انفجر متحطماً، فتولّد منه كل شيء مرئي". يتحدّث فيلو عن logoz tomeuz ["اللوغوس المنقسم"]، الذي وظيفته استدعاء المتناقضات التي لا حصر لها من مادة العالم الأصلية التي لا شكل لها . هذا اللوغوس ـ بالعربية: أمر = מאמרא مامرا ـ كما تقدّمه الآية (65: 12): ["الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن"]، يشغل وظيفة التنزّل بين السموات السبع والأرضين السبع وهكذا بحيث يتشكّل الخلق. وتذكر "حكمة سليمان" (18: 15)، أن اللوغوس يتنزّل من السماء إلى الأرض: ["هجمت كلمتك القديرة من السماء... في وسط الأرض"]. أما الليتورجيا المندائية فتتحدّث عن فتق في قبّة السماء بوساطة اللوغوس، أدّى إلى فصل النور عن الظلمة، الخير عن الشر، والحياة عن الموت. كما يدّعي سفر "سيبلين" المسيحي أيضاً، أن اللوغوس هو خالق كل شيء.

الماء!

في القرآن، تنشأ الحيوانات (24: 45): ["خلق كل دابة من الماء"] والبشر (25: 54) ["هو الذي خلق من الماء بشراً"] من الماء، حيث الإشارة من بعيد إلى الآية المذكورة آنفاً والتي تردّ كل كائن حي إلى الماء ("وجعلنا من الماء كل شيء حي"). أما الآيات (7: 57): ["أنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات"]؛ (22: 5): ["وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج"]؛ (32: 27): ["أولم يروا أنّا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم"]؛ و(41: 39): ["ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت"] فتظهر بوضوح أن الخلق من الماء هو إشارة إلى تلقيح الأرض بالماء. وبما أن الكائن البشري خُلِق من الماء، فعملية التناسل الطبيعية جاءت أيضاً من الماء، وذلك بحسب (77: 20 ـ 23): ["ألم نخلقكم من ماء مهين. فجعلناه في قرار مكين. إلى قدر معلوم. فقدّرنا فنعم القادرون"].

يرى هرشفليد أن مسألة ولادة الحيوانات من الماء تتقاطع، بفهم خاص، مع الآيتين (1: 20 ـ 21) من سفر التكوين: ["وقال الله: لتعجّ الماء عجاً من ذوات أنفس حية، ولتكن طيور تطير فوق الماء، على وجه جلد السماء، فخلق الله الحيتان العظام، وكل متحرّك من كل ذي نفس حية، عجّت به المياه بحسب أصنافه، وكل طائر ذي جناح بحسب أصنافه"]. على كل حال، غالباً ما نجد في الكتابين المقدسين اليهودي والمسيحي تصوراً عن الخلق الأصلي من الماء. فرسالة بطرس الثانية (3: 5)، تجعل الأرض تنشأ عن الماء: ["وأرض خرجت من الماء وقائمة بالماء"]. كذلك فإن فيلو يلمّح إلى هذا التصوّر؛ أما 4 عزرا فتقول موضحة: "هذا ما كان، فالماء الأبكم والفاقد للحياة أثمر مخلوقات ذات أرواح، وذلك بحسب أمرك". وفي شرح أفرام السرياني للتكوين (1: 20) نجد أن السمك، وحوش البحر والتنانين نتجت كلها عن الماء. كذلك فهذا المفسّر الكتابي يشرح هو ذاته (تك 2: 19)، كما يلي: "ثم جُعل معروفاً... أن كل الحيوانات الزاحفة أو التي تدبّ على أربعة والطيور كلها أُنتجت من الماء والأرض". من أجل التوسع في الموضوع، أنظر أيضاً: أغسطينوس، مدينه الله (20: 1:"Latet enim illos hoc volentes, quia cael ierant olim et terra de aqua, et per aquam constiu dei verbo...": ["بمعنى أنه لو يخفى عليهم، أولئك الذين يتوقون إلى ذلك، فهو لأن السماء والأرض خلقتا من الماء وعبر الماء في الأزمنة القديمة، بكلمة الله..."].قارن:التلمود الاورشليمي، حاغيغاهII ، 1، 8 ب: "في البداية كان العالم ماءً في ماء". التعبير ذاته يتكرّر في تك راباه (5: 2)؛ خر راباه (15: 8؛ 50: 1) وعدد راباه (19: 4): "قال بار قبارا: خُلِقت (الطيور) من مواضع ضحلة (الطين) في اليم". قارن: حولين 29 ب. ويذكر براندت تفاصيل أخرى، حيث يتحدّث عن السامبسائيين Sampsäer الذين اعتقدوا أن الماء إله فأعادوا كل الحياة إليه.

من ناحية أخرى، فقد خلق الله "المائين الأصليين" أيضاً لأجل البشر؛ أنظر (35: 12): "وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه، وهذا ملح أجاج. ومن كل تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها".

يفصل الماءان عن بعضهما ببرزخ؛ أنظر (25: 53): "وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً". قارن: (27: 61): ["وجعل بين البحرين حاجزاً"]. كذلك فالمزمور (104: 8 ـ 9)، يتحدّث أيضاً عن الحاجز الذي يحجز البحر: ["تعلو [المياه] الجبال وتنزل إلى الأودية، إلى الموضع الذي حدّدت لها. جعلت لها حدّاً لا تجاوزه، فلا تعود تغطي وجه الأرض"]. من ناحية أخرى، يميّز فيلو بين المائين العذب والمالح: "إنه يفصل الماء العذب والقابل للشرب عن ماء البحر، فيحسبه مع الأرض وينظر إليه كجزء من الأرض، لا من البحر (والحقيقة أنه كذلك)، وللأسباب المذكورة آنفاً، تتماسك الأرض عبر الصفات العذبة (للماء) كما لو أنه رباط محكم".

كذلك، تقول تعنيت (9ب)، أيضاً:"يُعلِّم: يقول ح. اليعيزر: العالم كلّه يشرب من مياه المحيطات. لأنه يقال: وبخار صعد من الأرض ليسقي كل سطحها وأراضيها (تك 2: 6). فيقول له ح يهوشوا: لكن أليس ماء المحيطات مالحاً؟ فيجيب: أصبح عذباً في السحاب". قارن: جامعة راباه (I: 13)؛ تكوين راباه (13: 9 ـ 10). ويفسّر افرام السرياني تك 1: 2؛ 1: 6؛ 1: 9، بالقول إن الماء الأصلي لم يكن مالحاً، وإن الماء الأعلى عذب، وإن المائين منفصلان كل عن الآخر.

لقد قامت حاغايغاه الأورشليمية (II، 1، 17 آ)؛ حاغيغاه (15 آ)، وتك. راباه (2: 6) بتقديم حسابات حول طول الحاجز الذي يفصل المياه العليا عن المياه السفلى وعرضه. وفي تك. راباه (4: 4)، نلاحظ بوضوح أنه لا يمكن اختلاط المائين بعضهما ببعض: "ليسا مختلطين". وبرأي ح. ليفي، (تك. راباه 13: 14)، فإن المياه العليا مذكرة، والدنيا مؤنثة. ومن مدراش أكثر حداثة، هو بركه ح. اليعيزر، الفصل الخامس، نقتبس الفقرة التالية ׃"كل المياه، حين تسير على الأرض، تكون جيدة، مباركة، عذبة ومفيدة للعالم، لكن حين تصبّ في البحر، تصبح ملعونة، تفهة، مرة، وغير مفيدة للعالم".

"ثم استوى (الله) إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين. فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزيّنا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً" (41: 11 ـ 12) (3مك). قارن (2: 29) (مد): ["ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات"]؛ (23: 17، 86) (2مك): ["ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق"، "رب السموات السبع"]؛ (65: 12) (2مك): ["خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن"]. في (78: 12) (2مك) توصف السماء بأنها "سبعاً شداداً" وفي (23: 17) "سبع طرائق". كذلك فقد خُلِقت السموات واحدة فوق الأخرى: "الذي خلق سبع سموات طباقاً" (67: 3)؛ أنظر أيضاً: (71: 15) (2مك): ["خلق الله سبع سموات طباقاً"].

عن طريق الفرس أو الغنوص ، وصلت الكواكب الإلهية البابلية السبعة، الممثلة رمزياً في أبواب المعبد، إلى اليهود والمسيحيين، كتصوّر لسماوات سبع. وتتقاطع الميثات البابلية مع القرآن في مفهوم السبع سموات طباقاً، الذي يبدو مشابهاً لمفهوم "طوبوقاتي" البابلي. مع ذلك يظهر أن تصوّر السموات السبع وصل إلى اليهود في زمن قديم . فالتلمود يعرفه، لأنه ربما وجد دعماً لهذا التصوّر في مصطلح שמי שמים شمي شميم (سماء السموات أو السماء السابعة)، أو لأنه رأى في المترادفات الكتابية العديدة برهاناً على المعلومة الشعبية القديمة..

من آراء التلمود في هذا السياق، ما تقوله حاغيغاه (12 ب): "قال ح ليفي: توجد سبع (سموات)، وهذه [السموات] هي: فيلون (= فيلوم)، رقعيا، شحقيم، زبول، معون، مكون، عربوت. لا تفيد فيلون في شيء، فهي تدخل في الصباح وتخرج في المساء وتجدّد كل يوم عمل الخلق... في رقعيا تُثبت الشمس، القمر، النجوم، والكواكب... في شحقيم توجد الطواحين التي تطحن المن للأبرار.. في معون توجد مجموعات الملائكة الخدم، الذين يسبّحون بحمد الله في الليل.. في عربوت يوجد الأوفانيم، السرافيم والأرواح المقدسة والملائكة الخدم والعرش الإلهي، أما في عربوت فيجلس الملك القدير الجليل على العرش". قارن: تثنية راباه (2: 23).

تكوين الإنسان الأول

الآية (32: 9) (3مك): "ثم سوّاه ونفخ فيه من روحه، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، قليلاً ما تشكرون". قارن: (15: 29) (2مك): ["فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي"]؛ (38: 72) (2مك): ["فإذا سويته ونفخت فيه من روحي"]؛ مشابهة أيضاً (82: 7 ـ (1مك): "الذي خلقك فسواك فعدلك. في أي صورة ما شاء ركّبك". وفي (40: 64) (3مك)، أعطى الله الإنسان شكلاً حسناً: "صوّركم فأحسن صوركم". قارن: (7: 11) (3مك): ["لقد خلقناكم ثم صورناكم"]؛ (64: 3) (مد): ["وصوركم فأحسن صوركم"].

يمكن أن نقارن مع تك (2: 7): ["وجبل الرب الإله الإنسان تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار الإنسان نفساً حياً"]. كذلك يخبرنا أيوب (10: 8 ـ 10) عن تكوين الإنسان:["يداك جبلتاني وصورتاني بجملتي، والآن تبتلعني. أذكر أنك قد صوّرتني مثل الطين، فإلى التراب تعيدني. ألم تكن قد صببتني كاللبن الحليب. وجمّدتني كالجبن"]. قارن، أيضاً: سيرا (17: 1): ["خلق الرب الإنسان من الأرض وإليها أعاده"]. أنظر أيضاً جامعة راباه لـ(2: 17):"يقول ح. اسحق بن ماريون: مكتوب: "جبل الرب الإله الإنسان" (تك 2: 7)، لماذا يقال أيضاً: "الذي جبله" (تك 2: ؟ هذا يعني أن الله مكوِّن فنان، وهو يبدو وكأنه يتفاخر أمام عالمه ويقول: أنظر إلى خليقتي، التي خلقتها، وإلى الشكل، الذي جبلته". قارن: لاويون راباه (23: 1) وايضاً افرام السرياني: "... جبل بذاته جسد الإنسان بيديه هو ونفخ فيه نَفَساً وجعله يحكم في الجنة.. وأعطاه ثالثاً أيضاً اللغة، العقل والشعور الذين لكائن إلهي". وحده آدم، بعكس المخلوقات الأخرى، التي نشأت عبر كلمة الله (أبوت 5: 1:["بأمرك خُلِق العالم"])، جُبل من قبل الله ذاته:["جزء من البشر الذي خلق بكلتي اليدين"] (أبوت ح. ناتان، النهاية؛ وكتوبوت 5 آ). من آباء الكنيسة يعلّم ذلك ثيوفيلوس ، ومنهم أيضاً أفراهاط، في الترتيلة 11 "عبر كلمة الله كوّنت السماء، وحده آدم جبله بيديه"..

آدم يسمّي كل شيء

السورة (2: 30 ـ 33) (مد): "وإذ قال ربّك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك؟ قال إني أعلم ما لا تعلمون. وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون".

إلى حكاية يهودية مشابهة يشير غايغر. لكنك تستطيع أن تجدها في مواضع كثيرة من الكتابات اليهودية. مع ذلك، فالأكثر توافقاً مع الصيغة القرآنية هي تلك الموجودة في عدد راباه (19: 3): "ماذا كانت حكمته (آدم)؟ أنت تجد، أنه عندما أراد الله خلق الإنسان، استشار الملائكة الخدم. قال لهم: نريد أن نصنع إنساناً على صورتنا (تك 1: 26)! فقالوا له: ما الإنسان حتى تذكره؟ (مز 8: 5). فقال: الإنسان، الذي أريد أن أخلقه، أذكى منكم. ماذا فعل (الله)؟ جمع كل الحيوانات الأليفة وغير الأليفة وكل ما عنده أجنحة وجاء بهم أمامهم (الملائكة) ثم قال: ما أسماء هؤلاء، فلم يعرفوا ذلك. وما إن خلق الإنسان، حتى جاء بهم (الحيوانات) أمامه، وسأله: ما أسماء هؤلاء؟ فقال: هذا نسمّيه الثور، وهذا الأسد، وهذا الحصان، وهذا الحمار، وهذا الجمل، وهذا العقاب. لذلك يقال: هو أطلق عليها أسماءها (تك 2: 20). فقال له (الله) عندئذ: واسمك أنت؟ قال: آدم! ولماذا؟ لأني خلقت من أدمة الأرض. فقال له: وماذا سيكون اسمي؛ قال (آدم): الأزلي. ولماذا؟ لأنك رب كل الخلائق". قارن: تنحوما حقات؛ جامعة راباه 3: 23؛ تكوين راباه 8: 4؛ 17: 5؛ سانهدرين 38 ب. ويبدو وكأن فيلو قد اشار إلى الحكاية: "يقول هكذا، إن الله قاد كلّ الحيوانات إلى آدم، لأنه أراد أن يعرف أية أسماء سيطلق على كل واحد منها، وليس لأنه كان يشك بأنه لا يعرفها ـ فلا شيء مجهول عند الله ـ بل هو يعرف، إنه جعل قوة التفكير في الإنسان بحركة مستقلة ذاتياً، كي لا يشترك في الشر. لقد امتحنه كما يمتحن أستاذ تلميذه، عن طريق إيقاظ النشاط في نفسه وجعله (النشاط) واحداً من وظائفه الضرورية، فيطلق الأسماء بقوته الذاتية، ليست غير صحيحة أو غير مناسبة، بل تلك (الأسماء)، التي تعبّر عن صفات الأشياء بشكل جيد جداً".

في "الشرع المقدس المجازي"، يشير فيلو إلى أن موسى يُرجع ظهور الأسماء وبالتالي اللغة إلى الإنسان الأول، في حين يزعم الفلاسفة اليونان، أن الحكماء هم الذين أطلقوا الأسماء على الأشياء. وفي المصدر الذي يستخدمه فيلو كثيراً، Cic. Tusc. I. § 62، يرجع فيثاغورث ظهور الكلام إلى أحدهم، وهو الإنسان الأكثر حكمة. قارن أيضاً: (Quaest. In Gen. I § 20 f). يفترض فيلو من ناحية، أن إطلاق الأسماء يحتاج إلى الحكمة العليا، ومن ناحية أخرى كان آدم أحكم البشر.

يعتقد الملائكة، كما في القرآن وتنحوما بحوقوتاي أيضاً، أنه كان باستطاعتهم أن يحلّوا مكان الإنسان الذي لم يكن قد خلق بعد، عند الله.فعلى سؤال الله:"من سيعيش بحسب قوانيني، إذا أنا لن أخلق الإنسان؟" أجابوا:نحن نراعي تعاليمك". كذلك فنحن نجد المقولة القرآنية، بأن آدم سمّى كل شيء (ليس فقط الحيوانات)، "الأسماء كلها"، في نص أقدم في "تنحوما شميني": وهكذا (مثلما فعل مع الحيوانات) سمّى آدم كل شيء". في هذا الصدد، وقفت الملائكة، بحسب "المرقاه السامرية"، شهوداً على خلق الإنسان. والحكاية موجودة في صيغة أقصر بكثير في "مغارة الكنز" أيضاً. ويعلّم الإيلكاسيون ، أن آدم، الذي خلق بوصفه pnema ["روحاً"]، يقف فوق الملائكة ويدعى المسيح. ويوضح مكاريوس المصري، أن الإنسان أنبل من كل الملائكة. قارن: ترتليانوس (II, Adv. Marcionem 8 (111, 84)). ورغم أن حكاية تسمية آدم للكائنات الحية لم تكن غير معروفة بالكامل في الدوائر المسيحية، وأن تصوّر الإنسان كمخترع للكلام موجود أيضاً في الكتابات الإغريقية، يبدو الأصل اليهودي هو الأكثر قرباً من النص القرآني. وعلى المرء أن يلاحظ التوافق شبه الكامل بين الحكاية القرآنية ومثيلتها في المدراش، إضافة إلى وجود تعابير، مثل "نحن نسبّح" قريبة جداً من مثيلاتها في الليتورجيا اليهودية.

السجود لآدم. سقوط الشيطان


السورة (15: 28 ـ 3 (2مك): "وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حما مسنون. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. فسجد الملائكة كلهم أجمعون. إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين، قال يا إبليس مالك الا تكون مع الساجدين. قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حما مسنون. قال فاخرج منها فإنك رجيم. وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين. قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون. قال فإنك من المنظرين. إلى يوم الوقت المعلوم". تسمّي السورة (2: 34) الشيطان بالمستكبر. لكن الشيطان يبرر كبرياءه في (7: 12) بالكلمات التالية: "أنا خير منه (آدم) خلقتني من نار وخلقته من طين". وفي (18: 50)، يوصف ابليس بأنه من الجن. قارن أيضاً: (17: 61): ["وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس"]؛ (38: 71 ـ 82): ["إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. فسجد الملائكة كلهم أجمعون. إلا ابليس استكبر وكان من الكافرين. قال يا ابليس ما منعك أن تجسد لما خلقت بيدي استكبرت أم كنت من العالين، قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. قال فاخرج منها فإنك رجيم. وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين. قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون. قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم. قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين"].

لقد أثبت غايغر أن الحكاية تطوير مسيحي للأسطورة المتعلقة بتعظيم عقل الإنسان الأول. عن الاحترام الذي أولته كل الكائنات الحية للإنسان الذي خلق في النهاية، يحكي فيلو أيضاً: "لا بد أن يكون الإنسان آخر شيء مخلوق، حتى تشعر الكائنات الحية الأخرى بالخوف من ظهوره المفاجئ. عندما رأوا الإنسان، كان عليهم أن يندهشوا منه ويحترموه باعتباره القائد والسيّد الطبيعي. لذلك، حالما لمحوه، صاروا أيضاً أليفين جميعاً. كلّهم أيضاً، وهم الذين كانوا متوحشين جداً بطبيعتهم، صاروا عند النظرة الأولى مطيعين مباشرة وأظهر كل منهم رغبة شديدة بقتال الآخر، لكنهم نحو الإنسان وحده كانوا خانعين". لكن "حكمة سليمان" (3: 24) تحكي عن حسد ابليس، الذي جاء بالموت إلى العالم. إن الحقيقة القائلة إنه لا وجود في المدراش لحديث عن السجود لآدم، إضافة إلى اسم ابليس وتبريره بأنه من جوهر أنبل، تبرهن أن تطوير الحكاية، الذي يحكي عن السجود لآدم، كان بتأثير مسيحي. ففي اليهودية يحكى أن الملائكة تشرف آدم بسبب حكمته وجماله، لكن الله يمنع الملائكة من النظر إلى آدم كقديس، فيأخذه في سبات عميق، كي يوضح عدم قدرته على عمل كل شيء. يمنع آدم المخلوقات أيضاً عن السجود له، ويطلب إليها، أن تسجد لله. لكن يمكن دون شك أن الحكاية المسيحية عن سقوط الشيطان جاءت من الأسطورة اليهودية المتعلقة بسقوط الملاك .

إن أشهر عرض للحكاية المسيحية موجود في "حياة آدم وحواء": "أجاب ابليس: آدم، ماذا تقول لي؟ بسببكَ أُخرجت أنا من هناك. فعندما جُبلتَ أنت، أُخرجتُ أنا من وجه الله وطردتُ من جماعة الملائكة. عندما نفخ الله فيك نَفَس الحياة وخلق وجهك ومثالك على صورة الله، جاء بك ميخائيل، وأمر أن يسجدوا لك أمام الله، فقال الرب الإله (تك 2: 4 وما بعدminus deus ) أنظر يا آدم، لقد خلقتك على صورتي ومثالي. فاقترب ميخائيل ودعا كل الملائكة، على النحو التالي: اسجدوا لمَثَل صورة الرب الإله، كما أمر الرب الإله! وسجد له أولاً ميخائيل ذاته، ثم دعاني قائلاً: اسجد لمَثَل صورة الإله. فأجبت: لست بحاجة لأن أسجد لآدم. ولأن ميخائيل دفعني كي أسجد، قلت له: لماذا تدفعني؟ سوف لن أسجد لمن هو أصغر مني وأقل شأناً. لقد خُلِقت قبله. فقبل أن يخلق، كنت أنا مخلوقاً. عليه هو أن يسجد لي. وعندما سمع الملائكة الآخرون الذين هم تحت سيطرتي هذا، لم يرغبوا بالسجود له. فقال ميخائيل: اسجد لصورة مثال الله! فإن لم تفعل ذلك، سيغضب الرب عليك. فقلت: إذا غضب علي، سأرفع مكانتي فوق نجوم السماء وسأكون مثل (الإله) العلي (قارن: اش (14: 14 وما بعد)). فغضب الرب الإله علي وطردني مع ملائكتي من عليائنا، وهكذا شُرِّدنا من مساكننا إلى هذا العالم وطردنا إلى الأرض. ثم سقطنا بعد برهة في الحزن لأننا خُلِعنا من مثل ذلك العلياء الكبير. وأحزننا أنه كان علينا أن نراك في مثل ذلك الفرح والسعادة. وبالحيلة أوقعنا زوجتك في شباكنا وجعلناك تُطْرد بسببها من فرحك وسعادتك مثلما طردتُ أنا من عليائي". قارن أيضاً: "مغارة الكنز": "وحالما سمع الملائكة هذه الأصوات الإلهية، ركعوا على ركبهم وسجدوا له (آدم). وحالما رأى رئيس المنظومة التحتية، أي كِبَر أعطي لآدم، حسده في ذلك اليوم، فرفض السجود له، وقال لجماعته: لا تسجدوا له ولا تسبّحوه مع الملائكة! عليه هو أن يسجد لي، أنا الذي من نار وروح، وليس علي أنا، أن أسجد للتراب، للذي جُبل من حبة رمل واحدة. هذا ما قاله المستاء فعصى وانفصل بإرادته وحريته عن الله، فرمي واسقط، هو وكل جماعته؛ وفي اليوم السادس في الساعة الثانية حدث سقوطه من السماء. وأُخْلِع ثياب مجده، وصار اسمه: "ساطانا"، لأنه كان مارقاً (سِطا setم)، و("شيدا")، لأنه كان مُسقطاً (اشتدي eڑtedï) و"ديفا" لأنه فَقَدَ لباس جاهه ("أوبيد aubed")". كذلك فالمندائيون يعرفون أيضاً هذه الحكاية: "جاء ملائكة النار واستسلموا لآدم. جاءوا وانحنوا له ولم يخالفوا قوله. وحده فقط، الشرير، الذي جُبل الشر منه، خالف كلام سيّده. فوضعه الرب في قيد".

إنّ أغرب ما في الإسلام، كمنظومة معقّدة للغاية، هو هذه القوة الاستلابيّة التي تجعل المرأة تدافع عن تحقيرها الذاتي . نبيل فياض
_____
منتدى المسيحيين العرب
http://www.ch-arab.com/vb/index.php
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07863 seconds with 11 queries