عرض مشاركة واحدة
قديم 06/06/2008   #30
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


والقصة كما يذكرها ابن كثير، نموذج فريد لصحيح العشق، وأصيل الغرام، ولا بأس أن تذوب لها قلوب الصبية، وتنفطر لها قلوب الصبايا، وتسيل من أجلها قلوب المحبين، لكنها – في تقديرنا – شاذة أشد ما يكون الشذوذ، بعيدة أكثر ما يكون البعد، عندما يتعلق الأمر بأمير المؤمنين، وإمام المسلمين، وخادم الحرمين، وحامي حمى الإيمان، والملتزم بأحكام القرآن، وبسنة نبي الرحمن.

ولعلنا نتساءل ومعنا كل الحق، ما بال المطالبين بعودة الخلافة يستنكرون الحانات، ويفسقون المغنيات ويكفرون الراقصات، بينما هذا من ذاك بل هذا بعض ذاك، ولقد عاصر يزيد أئمة كباراً، وفقهاء عظاماً من أمثال الحسن البصري وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وغيرهم، وكانوا أقرب ما يكونون إلى التقية، وكانوا يوصلون بالعطايا ويتحفون بالهدايا، ويؤدون أحياناً دوراً مرسوماً بدقة، محدداً بحنكة، يظهر فيه الخليفة مسبل العينين .

يسألهم فيجيبون، ويطلب منهم الموعظة فيعظون، وربما خوفوه من النار، وعذاب الجبار، ووحدة القبر، وموقف الحشر، وهو منصت خاشع، تسيل دموعه مدراراً، بينما هم مدركون لحدود الحديث، ومدى الموعظة، لا يتجاوزون إلى التعريض بالخلافة، أو التهديد بتأليب الرعية، أو الحكم بالكفر، ذلك كله خارج السيناريو المرسوم والمعلوم، والذي ينتهي دائماً بصراخ الخليفة ونحيبه، حتى يخشى عليه أو يغشى عليه، أيهما أقرب إلى قدراته، وأنسب لملكاته، وما أسرع ما ينتقل الأمر إلى الرعية بسرعة البرق، فيتداولونه في خشوع وإيمان، وينقله إلينا كتاب الديوان، فنشربه كما شربته رعية يزيد وغير يزيد، ونشرب معه المزيد، مما تسطره أقلام المحترفين، وتردده على مسامعنا ألسنة المكفرين والجهاديين، ما علينا، ففي الجعبة مزيد.

غير أنا نتوقع أن يعترض علينا معترض، رافعاً في وجهنا ما يراه حجة، منكراً علينا ما أنكرناه على يزيد، مؤكداً لنا أن يزيد لم يرتكب منكراً، ولم يقترف إثماً، فالتسري بالجواري والتمتع بما ملكت الأيمان أمر لا ينكره الشرع، ولا يشترط فيه القران، ولا ينهى عنه القرآن، وهو رخصة ترخص بها يزيد، وترخص بها كبار الصحابة قبل يزيد، والله يحب أن تؤتي رخصة كما تؤتي عزائمه.

وقد كان يزيد ككثيرين في عصرنا، يتعشقون الرخص، ويسبقون بها العزائم، وهنا نقول له قف، وحاذر فأنك تركب صعباً، فنحن وأن وافقناك على أن التسري بالجواري والتمتع بها ملكت الأيمان، لا يتناقض مع روح عصر يزيد، ولا يخالف أحكام القرآن، إلا أنك يجب أن تدرك أن للإسلام روحاً، وللدين جوهراً، وللرخص حدوداً.

وليس منطقياً أن تكون إباحة التسري سبيلاً إلى التهتك، أو التمتع بما ملكت الأيمان وسيلة لهجر الإيمان، أو الحلال سبيلاً إلى التحلل، وإذا كنا نناشد الرعية غض البصر، ونتوعدهم بالعذاب إذا زنى النظر، فلا أقل من أن ننهى الخليفة عن التفرغ للخلوة على أسر حال وأهنأ بال، لاثماً راشفاً متمنياً أن يطير، لا لشيء إلا لأن الله أعطاه جناحين، من مال وسلطان، فتوسع فيما ملكت الأيمان.

ولعل يزيد لم يكن في ذلك فلتة، فقد روي عن الخليفة المتوكل – العباسي أنه: (كان منهمكاً في اللذات والشراب، وكان له أربعة آلاف سرية، ووطىء الجميع) (تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 349 – 350).

وقد تثير هذه القدرات الخارقة لعاب منتجي أفلام (البورنو) في عصرنا الحديث، لكنها ممجوجة مكروهة إن كان الحديث عن الحكام، في الإسلام أو حتى في غير الإسلام، ولعل هذا كاف حتى يلزم المعترض علينا حده، ويثوب إلى رشده، ويتركنا ننتقل من حديث يزيد إلى حديث ولده، الوليد بن يزيد الذي أوصى له يزيد بالخلافة بعد أخيه هشام، ووفى هشام بعهده لأخيه، رغم ما كان يسمعه ويأتيه، من أخبار فسق الوليد ومجونه، وهي أخبار تأكدت بعد ولايته، حين فاق الوليد أباه بل فاق ما عداه، وفعل ما لم يفعله أحد في الأولين والآخرين، حيث يروي عنه أنه قد اشتهر بالمجون وبالشراب وباللواط وصدق أو لا تصدق، برشق المصحف بالسهام، وكان إلى جانب ذلك شاعراً مطبوعاً، سهل العبارة، يحسن اختيار الألفاظ ورويه .

لا اله الا الانسان
نشأ الدين عندما التقى أول نصاب بأول غبي
Religion can never reform mankind , because religion is Slavery
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03771 seconds with 11 queries