[ما بعرف]

ريما فرح


عفوك سيد المقاومة، فأنت «لا تفقه في السياسة شيئاً»، وأنت «لست رجل الوعد الصادق»، وأنت «لست وطنياً ولا قومياً»، إنما «وكيل نظامي محور «الشر» السوري ـ الإيراني»...
أنت يا سيد كذلك، لأنك تعاملت مع سياسة الداخل وساستها بغير منطــق بائعي الكشــاتبين، وتعاملت مع شعبك على أنه شعب عظيم صاحب رأس مرفوع لا ينــحني، ورأي يحترم، وكرامة لا يمكن أن تــهان، وتعــاملت معه أيضاً وهنا الخطــورة على أنه صاحب سلطة حساب تحاسب في الدنيا قبل حساب الآخرة.
وأنت كذلك، لأنك تتعاطى مع العدو الإسرائيلي ومع تحرير الأرض المحتلة والمقدسات على طريقة غير طريقة المهزومين.
وأنت كذلك لأنك لم تجر إلى الفتنة، ولم توجّه سلاحك إلى الداخل رغم كل عروض التحريض المذهبي الاستفزازي، واستمررت تنادي بالوحدة الوطنية وتدعو الى الشراكة الحقيقية.
وأنت كذلك يا سيد لأنك لم تتنكر لأشقائك وأصدقــائك، ولم ترم الحــجارة في البئر التي شربت منها على مــدى عقود، وهي البئر التي جعلت منك يوماً رئيساً للحــكومة ووزيراً بدرجة «سوبر»، وفُصّلت لك قوانين الانتخاب وأغدقت عليك التعيينات والصفقات...
وأنت أنت كذلك لأنك لم تعقد التحالفات وتنقلب عليها، ولم تشد بالمقاومة عند الزنقة، وتبيع رأسها بعدما تكون قد سرقت نتائج الانتخابات ومعها النواب...
أنت كذلك لأن شهداءنا هم مجــرد أشــبال وصبية طائشين ومتهورين أغرتهم لعبة الموت وأهوتهم، ومقــاومونا مغــامرون لم يكتبوا التحرير في العام 2000 ولم يســطّروا النصر في العام ,2006 وثكنة مرجعيون تشهد على ذلك...
وأنت كذلك لأن وعــدك لم يصــدق، ولم تستطع أن توقف مشروع الشرق الأوسط الجديد.
وأنت كــذلك لأنــك لم تُعــد النازحين في الدقائق الأولى لوقف العدوان، ولم تلتزم أن تعوّض عليهم الأضرار، بل أبقيتهم في الشارع وتحت الأدراج، وكأنهم مختلفون عن مهجري الثمانينيات من الجبل والشحار والإقليم وشرق صيدا وساحل جزين...
وأنت كذلك يا سيد لأنك تتــهم إسرائيل بالاغتيال، وبالسعي لنشر الفوضى والقتل والخراب في لبنان، وهي التي لم نعد ننظر إليها بالمنظـار «الســيادي» الجــديد إلا بكل خير ووئام، بخلاف ما ننظر لوئام صاحب اللسان السليط...
وأنت كذلك، وكــيف لا، وإلا ما بالك وشخص الرئيس القوي الشريف الصــادق غير المرتهن الذي لا يعقد الصفقات ولا يرضــخ لأوامر السفارات، وما بالك من الاستطلاعات الحيادية ونتائجها «الكارثية المدمرة»، ونــحن نتعاطى ونحكم ونسيّر خلفنا ليس شعباً إنما مجموع قطعان...
وأنت كذلك، لأنك لم تتنكر لصداقاتك وما زلت متزمتاً متمسكاً بمبدأ الوفاء البالي المقيت، ونحن نستنشق «عليل الاعتدال» والانفتاح بفتحته العريضة وفوضاه الإبداعية، وننام ونصحو على «الديموقراطية» بعدما وأدنا الممانعة بشراً وذئاباً وكلاباً...
سيد حسن في الحقيقة زدتها... زدتها بطلباتك، وزدتها بمواقفك، وزدتها بعقلانيتك ونعتقد أنك زدتها أيضاً بتواضعك... لأن من يرى فيه الوطن والأمة بأطيافهما وطوائــفهما عمــلاقاً ليس من حقه عليها أن تقبل بأن يتطاول عليه الأشرار والأقزام.

السفير