الموضوع: أسبوع وكاتب ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 13/07/2007   #342
شب و شيخ الشباب زياد الرحباني
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ زياد الرحباني
زياد الرحباني is offline
 
نورنا ب:
Nov 2006
المطرح:
حلب والشام
مشاركات:
49

إرسال خطاب MSN إلى زياد الرحباني
افتراضي


واليوم نتحدث عن كنابه : سيرة مدينة

سيرة مدينة عمان وفيها يقول:حين شرعت بكتابة "سيرة مدينة"، كنت أوفي وعدا قطعته على نفسي، أن أكتب عن المدينة التي رأيت فيها النور، والتي قضيت فيها طفولتي وأول شبابي. أما لماذا قطعت ذلك الوعد ولمن، فلأني حين غادرت تلك المدينة غبت عنها ما يزيد على خمس وثلاثين سنة، ولما عدت إليها من جديد إكتشفت فيها مدينة مختلفة، لذا أردت أن أتذكر، مع ناس تلك الفترة، المدينة التي كانت، التي عرفتها، القديمة، كي تقارن بالمدينة الآن، وكي يستطاع من خلال المقابلة بين الصورتين اكتشاف ما يفعله الزمن، وماذا يعني توالي الأيام وكيف يتغير البشر والأماكن بتقدم العمر.
ولعل هذا الكتاب "سيرة مدينة" الذي كتبه عام 1994م, يختلف عن أعمال عبد الرحمن منيف في الرواية أو الاقتصاد أو الإدارة أو... ولعلّ ما يشدّ إليه كثيراً أنه يقع ما بين كتب السير والتّراجم, إذ إنَّ الإنسان يبحث دوماً عن كشف أسرار الأشياء حيّة كانت أو جامدة. فَعَمّان هي المكان والإنسان والتّاريخ والرّمز قديمه وحديثه; ولذلك فإنّكَ تكتشف تلك العلاقة الجدليّة بين عناصر متعدّدة متشابكة ومتفاعلة.

لقد ورد ذكر عمّان عند ياقوت الحموي بقوله: "كورة من أعمال دمشق بين الشام ووادي القرى قصبتها عمّان وفيها قرى كثيرة ومزارع واسعة, وبجود حنطتها يُضرب المثل "وأضاف أنّها كانت قصبة البلقاء وبالقرب منها الكهف والرقيم. وأضاف المقدسيّ: "جبال عالية باردة ذات قرى وعيون وأشجار".
وأورد ذكرها بيركهات سنة 1812 بأنّ قبائل البدو كانت تتردّد على مياهها... والنهر المدعو "مية عمّان" ينبع من بركة من طرف البلدة الجنوبيّ ويجري في واد تتاخمه على الجانبين تلال صوّانيّة.
إنّ عمّان لا تختلف كثيراً عبر تلك العصور عن تلك الصّورة التي وجدها عليها عبد الرحمن منيف عندما وُلِدَ فيها عام ,1933 لأبٍ نجدي من أرض الجزيرة وأمٍّ عراقيّة; حيث قضى في عمّان قرابة عقدين من الزمن إلى أن أنهى دراسته الثانويّة في مدرسة العبدليّة عام ,1945 ثمَّ سافر للدّراسة في بلدة جدّته في العراق. يقول عبد الرحمن منيف عن عمّان المكان: "تبدأ المدينة بعد رأس العين بمسافةٍ ليست قريبة وأوّل المعالم الماديّة فيها البناء الذي يضمّ مولّدات الكهرباء, مقابل سياج رأس العين على يمين الطريق الترابيّ, وبعد المولدات في بسطة ضيّقة من الأرض عند تلاقي أودية الجنوب والغرب يقع سوق الحلال الأساسي, وعلى ضفاف النّهر من النّاحيتين وحتّى جسر المهاجرين بساتين الشّركَس, أما عند الجسر فكانت الطّواحين, وبدأً من جسر المُهاجرين مروراً بالجامع الحسينيّ وصولاً إلى الجسر العبسلي السوق مع فجوات تتخلّلها البيوت, وغالبيّة سكّانه والعاملين فيه من العرب الذين أتوا من مأدبا والكرك والعقبة, وأيضاً من الجزيرة ثمَّ بعد ذلك وكلّما اقتربنا من الجامع الحُسيني تصبح الأغلبية من الشوام".
ويشير عبد الرحمن منيف إلى وجود دير اللاتين والمدرسة الورديّة على مقربة من المسجد الحسيني الذي كان يشكّلُ قلب المدينة كما هو الحال في جميع المدن الإسلاميّة, ثمَّ بعده يأتي الحمّام الوحيد في عمّان وهو للرجال والنساء وفق ترتيب معيّن. وعلى مسافة قريبة منه مركز الشرطة الرئيسي وغير بعيد عنه كان في يوم من الأيّام أوّل سجن في عمّان الذي كان مكوّناً من ثلاثة طوابق. مقابل المسجد مع انحراف قليل نحو الشّمال السوقان الرئيسيّان: الرّضا والسعادة; حيث يلتقيان جهة الغرب عند دار البلديّة فيشكّلان شارع فيصل الذي يقود بدوره إلى غرب المدينة وشمالها ويؤدي بالنتيجة إلى وادي السير والسلط.
وإذا اتّجهت شمالاً إلى مسافة ليست بعيدة من المسجد الحسينيّ تجد المدرّج الرّوماني أو ما كان يُعرف بمدرّج فرعون وفندق فيلادلفيا, يقابله على الجهة الأخرى بيت الأمير عبداللّه بن الحسين, وعلى مشرفها جبل القلعة. وإلى الجنوب من المسجد الحسينيّ المستشفى الطّلياني ومستشفى الست العرجا.
هذه هي أهم ملامح عمّان بين عام 1941 وعام ,1947 كما يسجلها عبد الرحمن منيف; خليط من السكان الأردنيين; مسلمين ومسيحيين, والشوام وأهل الجزيرة العربيّة والشركس انصهروا جمياً في بوتقة واحدة, إلى أن حلّت نكبة 1948 لتحتضن عمّان موجات من المهاجرين من فلسطين وبأعداد كبيرة لتشكّل نموذجاً فريداً للمدينة العربيّة تضم بين جنباتها أخوة من شتّى أقطار الوطن العربي في تنوْع قوميّ ومذهبي ودينيّ فريد.
ورغم ذلك لم يكن يتجاوز سكّانها في أواخر الأربعينات خمسة وثلاثين ألفاً إلى أن أصبحت بعد الحرب العالميّة الثانية خزّاناَ بشريّاً ضخماً.
أما عن التعليم في عمّان فيقول عبد الرحمن منيف: كان في عمّان كُتّابان: كتّاب الشيخ حافظ وكُتّاب الشيخ زكي, وهذان الكُتّابان قريبان من سوق الخضرة, يرسل إليهما الأولاد لدراسة اللغة العربيّة والقرآن الكريم. وإذا أتمَّ الأطفال الدراسة في الكُتّاب يذهبون إلى المدرسة, فقد كانت في عمّان ثلاث مدارس ابتدائيّة حكوميّة, هي: المدرسة العبدليّة - التي درس فيها عبد الرحمن منيف - وتقع عند الطريق النّازل من جبل عمّان من ناحية الشمال الغربي بطريق وادي السير, وعلى بعد أمتار من قيادة الجيش- مقر كلوب باشا - وغير بعيد عن المفوّضية الإنجليزيّة, ثمّ السفارة بعد ذلك, كانت المدرسة العبدليّة.
والمدرسة الثانية العبسليّة, وتقع شرقيّ المدينة, بالقرب من المدرج الروماني, ثم مدرسة العجلوني في اللويبدة, وكان عدد التلاميذ في هذه المدرسة أقل من المدرستين السابقتين.
توجد مدرسة ثانويّة واحدة هي مدرسة التّجهيز, وكانت تضمّ بعض الصفوف الابتدائية إضافة إلى خريجي المدارس الثلاث السابقة الذين يريدون مواصلة الدّراسة الثانويّة حتّى الصّف العاشر, إذ يتوجّب على الناّجحين والقادرين على مواصلة الدّراسة الالتحاق بمدرسة السلط لكي ينهوا الدّراسة الثانوية هناك, إذ إنَّ مدرسة السلط هي المدرسة الوحيدة التي تشكل ثانوية كاملة, وقد تخرّجَ في هذه المدرسة رجالات الأردن الكبار الذين بنوا الدّولة الأردنيّة المستقلّة تحت ظلّ القيادة الهاشميّة كابراً عن كابر وجيلاً إثر جيل
كذلك مدرسة التجهيز في منتصف السوق, ولا تبعد إلاّ مسافة قصيرة عن الجامع الحسيني- مركز المدينة - فيها باحة واسعة مليئة بالأشجار. وفي أواخر الأربعينات تمّ بناء الكليّة العلميّة الإسلاميّة في جبل عمّان, كما كانت هناك مدرسة المطران وهي مدرسة خاصّة سمّيت فيما بعد بمدرسة ترسانطة.
والحديث عن حدود مدينة عمّان ذو شجون, فقد كان شارع وادي السير باتجاه جبل عمّان يشكل منطقة نائية جداً يصعب الوصول إليها حيث كان بستان أبو شام هو نهاية عمّان. وقد كان طلاّب المدرسة العبدليّة هناك يعانون كثيراً جرّاء الأمطار والسيول التي تحدث أيّام الشتاء. كما يحدّثنا عبد الرحمن منيف عن أيّام الفيضان في عمّان وعن أحوال المدينة الاجتماعية والعلاقات العائلية الحميمة التي كانت تربط الناس بعضهم بعضاً لاسيّما في أيّام الحصاد أو أيام الصيف لجمع المحاصيل الزراعيّة أو إصلاح البيوت استعداداً للشتاء القادم. ويحدّثنا عن تأثر أهل عمّان بما يحدث حولهم لارتباطهم بالهمّ القومي العربي أو الأحداث العالميّة. كيف لا? وهم يستمعون إلى آخر نشرة أخبار وفي صباح اليوم التالي يستمعون إلى أوّل نشرة أخبار. فقد كانت إذاعة برلين مصدرهم الرئيس في الأخبار, فقد تأثّروا بموت الملك غازي رحمه اللّه, أو ما يحدث في الحرب العالميّة بين ألمانيا والمعسكر الآخر, ومدى تأثُّر الناس بهذه الأخبار, أو ما يحدث في فلسطين.
لقد كشف عبد الرحمن منيف عن جوانب سياسيّة واقتصاديّة وتاريخيّة واجتماعيّة وجماليّة مهمّة لمدينة عمّان, وهو بذلك يترك الباب مفتوحاً لإعداد دراسات متميّزة عن المدينة في مختلف الجوانب.
ولعلّ الشيء اللافت في هذا الكتاب أنَّ فيه شيئاً من التاريخ والجغرافيا والانثروبولوجيا والسيرة الذاتيّة (رغم نفيه ذلك) وسير الأشياء فضلاً عن لمسة جميلة من البناء الدرامي للرواية من خلال نمو الأحداث وتطوّرها أو ما يعرف برواية الأجيال.
وبعد, فقد أثرى عبد الرحمن منيف مكتبنا العربيّة, وقدّم أعمالاً روائيّة كبيرة ساهمت في دفع الرواية العربيّة قُدُماً, فقد حقّقت نَضْجاً على مستوى الفن والمضمون.

شو ما دينك .. الله يعينك
بياخد منك ما بيعطيك

تعلم منا العلمانية
نقدي ولا بموجب شيك
 
 
Page generated in 0.05801 seconds with 11 queries