في نوادر العربِ
- خرجَ المـَهديُّ يتصيَّدُ، فعارَ بهِ فَرَسُهُ حتّى دُفِعَ في خِباءِ أَعرابيٍّ، فقالَ: يا أَعرابيُّ، هَل مِن قِرىً؟ فأَخرجَ لَهُ قُرصَ شَعيرٍ، فأَكَلَهُ، ثمَّ أَخرجَ لَهُ فُضْلَةً مِن لَبَنٍ فَسقاه، ثُمَّ أتاهُ بنَبيذٍ في رَكْوَةٍ فَسقاهُ، فلَمّا شَرِبَ قالَ: أتدري مَنْ أَنا؟ قالَ: لا؛ قالَ: أَنا مِن خَدَمِ أَميرِ المُؤمِنينَ الخاصَّة؛ قالَ: باركَ اللهُ لكَ في مَوضِعِكَ؛ ثُمَّ سقاهُ مرّةً أُخرى، فشربَ فقالَ: يا أَعرابيُّ، أتدري من أنا؟ قالَ: زَعَمْتَ أَنّكَ مِن خَدَمِ أميرِ المؤمنينَ الخاصَّة؛ قالَ: لا، أنا مِن قوّادِ أَميرِ المؤمنينَ؛ قالَ: رَحُبَتْ بِلادُكَ، وطابَ مُرادُكَ؛ ثُمَّ سقاهُ الثّالثة، فلمّا فَرغَ، قالَ: يا أَعرابيُّ، أتدري مَن أنا؟ قالَ: زَعَمتَ أنّك مِن قُوّادِ أميرِ المؤمنينَ؛ قالَ: لا، ولكنّي أميرُ المؤمنين. قالَ: فأخذَ الأعرابيُّ الرّكوةَ، فأَوكاها وقالَ: إِليكَ عنّي، فواللهِ لَو شربتَ الرّابعةَ لادَّعيتَ أنّكَ رسولُ اللهِ؛ فضَحِكَ المـَهديُّ حتّى غُشيَ عليهِ، ثُمَّ أحاطتْ بهِ الخيلُ، ونزلتْ إليهِ الملوكُ والأشرافُ، فطارَ قلبُ الأعرابيِّ، فقالَ لهُ: لا بأسَ عليكَ، ولا خوفَ؛ ثُمَّ أَمرَ لهُ بِكُسوةٍ ومالٍ جزيلٍ.
Mors ultima ratio
.
www.tuesillevir.blogspot.com
|