الموضوع: كأس العالم
عرض مشاركة واحدة
قديم 08/07/2006   #1713
شب و شيخ الشباب صياد الطيور
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ صياد الطيور
صياد الطيور is offline
 
نورنا ب:
Jun 2005
المطرح:
في قلب حبيبتي
مشاركات:
12,956

إرسال خطاب MSN إلى صياد الطيور
افتراضي ملعب برلين الاولمبي قيمة تاريخية


عندما اصدر الزعيم النازي ادولف هتلر قرارا بتشييد الملعب الاولمبي في العاصمة الألمانية برلين على أبواب استضافة ألمانيا دورة الألعاب الاولمبية الصيفية عام 1936، لم يكن الهدف رياضيا بالدرجة الأولى بل كان محاولة لتأكيد التفوق العرقي، حتى دحض العداء الأميركي "الأسمر" جيسي اوينز طموحات النازيين بإحرازه أربع ميداليات ذهبية.
ويمكن القول أن المآثر الرياضية التي يمكنها أن تعطي قيمة اكبر لتاريخ الملعب وتجعله محطة ذكريات بارزة في أذهان المتابعين، بقيت غائبة على الأقل في مجال كرة القدم.
ويعتبر ابرز حدث عرفته ألمانيا على الصعيد الكروي قبل مونديال 2006، كان استضافتها كأس العالم عام 1974، إلا أن شرف احتضان المباراة النهائية للبطولة المذكورة كان من نصيب الملعب الاولمبي في ميونيخ حيث أحرزت ألمانيا لقبها العالمي الثاني على حساب هولندا (2-1)، واقتصرت مهمة ملعب العاصمة على استضافة ثلاث مباريات فقط.
وكان من الطبيعي استمرار غياب لحظات المجد عن الملعب الاولمبي الشهير، في ظل اعتماده من قبل فريق هرتا برلين الذي لم يستطع طوال تاريخه تحقيق انجازات تذكر على الصعيدين المحلي أو الخارجي، وانحصرت مشاهد الاحتفالات في أرجاء الملعب على الفريق الفائز بالمباراة النهائية لكأس ألمانيا، كونه دأب على استضافتها في شكل منتظم في الأعوام الماضية.
إلا أن الحال تغيرت مع إعلان استضافة ألمانيا مونديال 2006، وعهد إلى ملعب العاصمة إسدال الستار على أحداث البطولة حيث سيسجل التاريخ الكروي لحظات لا تنسى سواء كانت فرنسا أو ايطاليا الفائزة بالمباراة النهائية، لتضاف إلى القيمة التاريخية التي يختزنها الملعب، والتي كانت لتصبح اكبر لو أحرز المنتخب الألماني اللقب في نهاية المشوار.
وتبرز النفحة الأثرية منذ النظرة الأولى إلى الملعب، وهذه لا تترك انطباعات ايجابية في نفس صاحبها، بل يبادر المرء إلى سؤال بديهي ومنطقي هل صحيح أن هذا "الملعب الهرم" سيكون مسرحا للمواجهة الكروية الأهم في العصر الحديث؟
ويتبادر هذا السؤال إلى الأذهان في حال أردنا مقارنة المظهر الخارجي للملعب بأقرانه الحديثي العهد، أمثال "اليانز ارينا" في ميونيخ و"ارينا أوف شالكه" في غيلسنكيرشن اللذين استضافا بدورهما منافسات أهم حدث كروي يشهده العالم كل أربع سنوات.
وتختلف الصورة التي يبدو عليها الملعب من نواح عدة، إذ يلفت الأنظار من الجو بضخامته وبسقفه المصنوع من مواد زجاجية فريدة لإضفاء وهج الشمس البراقة على أرضية الميدان، وهذا الأمر يجعل المراقب عن بعد يقتنع بأن هذا الصرح يتسيد المباني الضخمة التي تعج بها برلين، إذ يضاهي بعظمته نظيره "كومرتز بنك أرينا" في مدينة فرانكفورت، علما أن ملعب "القرية العالمية" (لقب فرانكفورت التي تضم أهم أسواق البورصة في أوروبا والمصرف المركزي الأوروبي) يبدو مدهشا بهندسته الفنية وسط روعة تركيبة سقفه القائم على شكل خيمة، مما منحه لقب "اكبر سيارة مكشوفة في العالم".
أما على الأرض، فلا يخلو المشهد من عنصر المفاجأة نظرا إلى الحالة الخارجية المحيطة بأسوار الملعب الاولمبي التي تبدو أشبه بقطعة أثرية ضخمة لم تتلطخ يوما بالطلاء أو تطاولها أيدي مهندسي عصر التكنولوجيا والتطور.
وانطلاقا من البوابة الرئيسية حيث ممرات الدخول إلى المدرجات، تظهر اللمسة التاريخية الصرفة والمحببة بالنسبة إلى الكثيرين من الألمان، إذ كادت عبارة "نحو الملعب الاولمبي" تختفي بفعل العوامل الطبيعية التي آكلتها عبر السنين.
وعلى غرار ما تتصف به الشوارع الرئيسية في برلين، التي تجمع بين الماضي والحاضر في آن معا عبر تجاور المباني المهجورة والمتضررة من مخلفات الحربين العالميتين، والأخرى الحديثة ذات الهندسة المعمارية المميزة، ينطبق الأمر تماما على الملعب من الداخل بين المدرجات وأرضية الميدان.
ففي عام 1998 ثار جدل واسع النطاق في ألمانيا بين أبناء برلين على وجه التحديد حول مصير الملعب الاولمبي، وانصب الانقسام في اتجاهين مختلفين، إذ أراد البعض هدم الملعب وبناء آخر جديد يواكب التطور الذي أصاب معظم الملاعب الكبرى في القارة العجوز، بينما رأى فيه آخرون أهمية تاريخية توازي "الكولوسيوم" في العاصمة الايطالية روما، على رغم انه تركة ثقيلة من حقبة الحكم النازي.
وانتهى الجدل باعتبار الملعب إرثا حضاريا يفترض تجديده ضمن شروط معينة، أبرزها الحفاظ على مظهره الخارجي المكسو بالحجارة الطبيعية غير المطلية بلون معين، لذا تركزت جهود التجديد التي كلفت 242 مليون أورو، بين المدرجات التي أضحت تتسع إلى 76 ألف متفرج (أكثر الملاعب اتساعا للمتفرجين بعد ملعب "فيستفالن" في دورتموند)، وسقف الملعب وأرضيته حيث علت الانتقادات لتغيير لون مضمار العاب القوى من الأحمر إلى الأزرق الذي يرتديه الفريق المحلي هرتا برلين.
وبين الحداثة والعراقة، يلفت الشكل البيضوي غير المكتمل للسقف المزين بنظام إنارة مدهش سمي "حلقة النار"، إلى جانب الشاشات الالكترونية العملاقة الموزعة في اتجاهات مختلفة.
في المقابل، ينافس "قوس الماراتون" حيث ساعتي التوقيت والشعلة الاولمبية التي أضاءها العداء الألماني فريتز شيلغن في 1 آب 1936 إيذانا ببدء دورة الألعاب الاولمبية في حضور هتلر، البرجين المنتصبين عند مدخل الملعب اللذين يحتضنان الشعار الاولمبي وساعة تشير إلى الوقت.
وفي خضم لوحة "الموزاييك" التاريخية - الحضارية تبدو اللمسة العصرية غير مستحبة لدى إدراك أن الملعب الاولمبي هو من الأماكن القليلة التي صمدت أثناء أحداث الحرب العالمية الثانية، إذ لم يتأثر سوى بالرصاصات الطائشة التي أصابته من جراء المعركة الشهيرة في محيطه في نيسان/ابريل 1945 بين الجيش الأحمر الروسي ونظيره الألماني، أعقبها احتلال الحلفاء لبرلين واستخدام ملعبها قاعدة عسكرية.
وبعد دوره الخجول في نهائيات مونديال 1974، واستضافته ست مباريات (أربع منها في الدور الأول وواحدة في الدور ربع النهائي) في المونديال الحالي، يتأهب الملعب الاولمبي لمهمة اكبر تتمثل باستضافة المباراة النهائية التي سيرفع في ختامها الفريق الفائز الكأس الذهبية الأغلى.

ســــــــــــــــــوريا قلعة الصمود العربي
 
 
Page generated in 0.03627 seconds with 11 queries