عرض مشاركة واحدة
قديم 14/09/2008   #11
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


وفي حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل , جاء فيدل كاسترو لزيارته . لقد تعارفا منذ بداية الثورة , منذ بدايتها المبكرة , حين حضر غراهام غرين تصوير فيلم (رجلنا في هافانا) , وقد التقيا بعد ذلك عدة مرات , خلال رحلات غراهام غرين المتتالية , ولكنهما لم يلتقيا على ما يبدو في الرحلتين الاخرتين , لان غراهام غرين قال حين تصافحا : "لم نلتق منذ نحو ست عشرة سنة" . بدا لي انهما هائبان بعض الشيء , ولم يكن من السهل عليها بدء الحديث , لذلك سألت غراهام غرين عن حقيقة حادثة الروليت الروسي التي يرويها في مذكراته . شعت عيناه الزرقاوان – وهما اكثر العيون الزرق التي أعرفها صفاء – وقال : "حدث ذلك وأنا في التاسعة عشرة من عمري , حين احببت مدرسة أختي" . وروى أنه قد لعب فعلاً في ذلك الحين لعبة الروليت الروسي بمسدس قديم لأخيه الأكبر , وفعل ذلك في اربع مناسبات مختلفة .
كان يفصل بين المرتين الأوليين مدة أسبوع تقريباً , أما المرتان الاخريان فكانتا متتاليتين لا يفصل بينهما الا دقائق معدودة , فسأله فيدل كاسترو الذي لا يستطيع المرور مروراً عابراً على أمر كهذا دون أن يستنزفه حتى أدق التفاصيله , سأله : كم طلقة كانت تتسع طاحونة المسدس . فأجابه غراهام غرين : "ست طلقات" . حينئذ أغمض فيدل كاسترو عينيه وراح يهمس أرقاماً مضروبة ببعضها بعضاً , ثم نظر اخيراً الى كاتب وقال له : "استناداً الى حساب الاحتمالات , يجب ان تكون ميتاً " . ابتسم غراهام غرين بالهدوء الذي يبتسم به جميع الكتاب حين يشعرون انهم حدثاً من أحداث كتبهم , وقال : "لحسن الحظ أنني كنت كسولا في الرضيات دوماً" . وربما لأن الحديث كان يدور حول الموت , سرعان ما انتبه فيدل كاسترو الى بنية الكاتب المتينة وجسمه السليم فسأله اية تمارين يمارس , وكان سؤالاً لا يمكن ان يفوت فيدل كاسترو الذي يعتبر التربية البدنية احد الامور الاساسية في الحياة , فهو يمارس التمارين الرياضية لعدة ساعات كل يوم , وبالنسبة الكبيرة ذاتها التي يمارس بها جميع مهامه , وهو ينصح جميع اصدقائه باتباع نظام تمارين مماثلة . انه يتمتع بصحة بدنية استثنائية بالنسبة لرجل في مثل سنه, وهو يعزو اليها حسن سلامته الذهبية , ولهذا فوجىء كثيراً عندما رد عليه غراهام غرين قائلاً إنه لم يمارس أية تمارين في حياته على الاطلاق , انه رغم ذلك يشعر بصفاء ذهني تام ولا يعاني أية اضطرابات صحية وهو في التاسعة والسبعين من العمر , وكشف كذلك عن انه لا يلتزم بأي نوع من الحمية الغذائية الخاصة , وانه ينام من سبع الى ثمان ساعات يومياً , وهو امر مفاجىء بالنسبة لعجوز ذي عادات ثابتة , وقال قد يشرب في بعض الاحيان زجاجة كاملة من الويسكي في اليوم , وليتراً من النبيذ مع كل وجبة طعاماً , دون ان يعاني مطلقاً من عبودية الإدمان على الكحول .
ولبرهة , بدا على فيدل كاسترو أنه أخذ يرتاب بفعالية نظامه الصحي , لكنه سرعان ما ادرك ان غراهام غرين هو استثناء عجيب ... استثناء وحسب . وعندما ودعنا بعضنا بعضاً , كان قد بدأ يؤرقني اليقين بأن ذلك اللقاء
سيذكر عاجلاً او أجلاً , في كتاب مذكرات واحد منا , او ربما في مذكراتنا نحن الثلاثة .

لا أحتاجُ لتوقيعٍ .. فالصفحةُ بيضا
وتاريخُ اليوم ليس يعاد ..

اللحظةُ عندي توقيعٌ ..
إن جسمكِ كانَ ليَّ الصفحات
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03162 seconds with 11 queries