عرض مشاركة واحدة
قديم 07/12/2007   #17
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي


العودة إلى العالم بعد الموت
لطالما تساءلت عما يحدث عندما ننتشر من تلقاء أنفسنا في الأرض . قصصت شعري في طوكيو, وقلما أظافري في النروج , ورأيت دمي يسيل وأنا أتسلق جبلا في فرنسا . في كتابي الأول أرشيف الجحيم تأملت قليلا في هذا الموضوع , كما لو أنه بضرورة بمكان أن نبذر جسدنا في أنحاء متفرقة من العالم لكي يبدو لنا شيء ما مألوفا في حياتنا المقبلة .قرأت حديثا في الصحيفة الفرنسية الفيغارو مقالا كتبه غي باريه حول حدث واقعي وقع في حزيران من عام 2001 , عندما أوصل أحد معين هذه الفكرة إلى خواتيمها..
المقصودة هي الأميركية فيرا أندرسن التي أمضت حياتها كلها في مدينة مدفورد الأميركية . وبعد أن كبرت في السن وقعت ضحية حادث قلبي وعائي , زاد من خطورته انتفاخ رئوي أرغمها على تقضية سنوات كا ملة في غرفتها , تضع باستمرار بالونا من الاوكسجين. الحدث بحد ذاته مأساة , ولكن في حالة فيرا كان الوضع خطرا إلى درجة أنها حلمت باجتياز العالم واحتفظت بمدخراتها لكي تقوم بذلك بعد أن تحال إلى التقاعد...
حصلت فيرا على منحة الانتقال الى كولورادو لكي تمضي مابقي من أيامها برفقة ابنها روس.
هناك , وقبل أن تقوم برحلتها الأخيرة –التي لم تعد منها- اتخذت القرار. بما أنها لن تستطيع حتى أن تتعرف على بلادها , فسوف تسافر بعد الموت.]ذهب روس إلى مسجل العقود في المدينىة و سجل وصية أمه: بعد وفاتها تتمنى أن تحرق جثتها . حتى الان , لا أكثر . ولكن الوصية تتابع: يجب أن يوضع رمادها في مئتين وواحد وأربعين كيس صغير , سترسل إلى رؤساء مصالح البريد في الولايات المتحدة الأميركية الخمسين, وإلى كل من بلدان العالم المئة وواحد وتسعين – بحيث أن جزءا من جسدها سيزور أخيرا الأماكن التي حلمت بزيارتها....
وما إن توفيت فيرا حتى نفذ روس رغباتها الأخيرة بالإخلاص المنتظر من ابن نحو أمه. ومع كل إرسالية كان يرسل رسالة صغيرة يطلب فيها أن تمنح أمه دفنا لائقا....
كل من تلقى رماد فيرا أندرسن تعامل باحترام مع طلب روس. ونشأت سلسلة من التضامن الصامت في أربع زوايا العالم..وقام مؤيدون مجهولون بمراسم وطقوس بالغة الاختلاف , آخذين دائما بالحسبان المكان التي كانت المرحومة ستتعرف عليه...
و هكذا فقد نثر رماد فيرا في بحيرة تيتيكاكا من الجانب البوليفي , بحسب التقاليد القديمة لهنود الإيمارا , وفي النهر أمام القصر الملكي في ستوكهولم , و على ضفة شاو فرايا في تايلاند , وفي معبد شنتوي في اليابان , وفي ثلوج المحيط المتجمد الجنوبي, وفي الصحراء الكبرى.
و صلت الراهبات المحسنات في أحد دور الأيتام في أمريكا الجنوبية (لم يذكر المقال في أي بلد) طوال أسبوع قبل أن تنثر الرماد في الحديقة- وقررن فيما بعد أن تعد فيرا أندرسن ملاكاً حارساً للمكان...
تلقى روس أندرسن صوراً من قارات العالم الخمس تبين رجالاً ونساء من الأعراق و الثقافات كافة و هم يحترمون رغبات أمه. وعندما نرى العالم مقسماً كما هو اليوم, وحيث نعتقد أن لا أحد يهتم بالاخر, فإن رحلة فيرا أندرسن تملؤنا أملاً , لأننا نعلم أن الاحترام ما يزال موجودا, وكذلك الحب والكرم في نفس أخينا الإنسان مهما كان بعيداً.....

ان الحياة كلها وقفة عز فقط.......

شآم ما المجد....أنت المجد لم يغب...
jesus loves me...
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03300 seconds with 11 queries