عرض مشاركة واحدة
قديم 26/12/2005   #205
شب و شيخ الشباب Tarek007
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Tarek007
Tarek007 is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
Damascus
مشاركات:
3,584

افتراضي


كان لدى رئيس الوزراء هما اكبر من هم تصعيدي التحدي الذي وجهته له ,و كنت أعرف هذا, و لكن موقفي كان موجها الى قيادات أعلى لتعرف أنه قد اصبح لي موقفا محددا من هذا الشخص, و هو موقف يطابق موقفها, و كان رفع وتيرهه الإتهام و توجيهه بشكل مباشر بهذا الشكل يحمل نيات إعلامية لأنني أريد تعزيز وجودي الشخصي كرجل نزيه رافض لكل ما هو فاسد و غير كفىء و لم تقصر آلتي الإعلامية في الطنطنه لهذا الموقف و لم يقصر الرواة و هواة القصص و المجالس في حقنها بكميات من البهارات و المحسنات فباتت حكاية هذا التحدي تحمل نكهة "المستبد العادل" الذي يحلم به الجميع قادما على حصان ما و بيده سيفا و في جيبه وصفة جاهزة لكل شيء من إزدحام الطرقات الى الخلافات الزوجية وصولا الى التحرير و النصر.و هي الصورة التي أريدها لنفسي .على أنني حرصت أن تكون هذه الصورة اقل بدرجة واحدة من صورة خالدة في وجدان الوطن لا يستطيع أحد أنتزاعها و هي صورة السيد الرئيس,فلا يجوز أن يرتقي أحد مراقيه و لن يستطيع أحد ان يفعل ولو رأى ليلة القدر,فتلك الصورة مختلفة عما للبشر هي مزيج من الناسوت و اللاهوت خالط بعضه بعضا و أصبح اقرب للقدسية.

حتى الطبيعة عبرت عن كرهها الشديد لرئيس وزرائنا فحبست الأمطار كما لم تفعل من قبل و كأنها تعرف أنه سيغادر عاجلا أم آجلا ففضلت اللحاق بي و مدي بمساعدة عظيمة من هذا النوع,فكان المسكين يتابع النشرات المطرية بأعصاب محروقة و مشدودة و يصدم بالأرقام الهزيلة فيتمم شاتما و لاعنا المطر و الغيوم و البحار و القمح و الخبز و ربما طالتني لعناته و طالت ايضا السيد سومر صاحب هذا المشروع القمحي الخلاق.بات الرجل قلقا كل الوقت و يتناوب على حك ذقنه و رقبته و ظهره و كأنه مصاب بجرب أو آفة جلدية و بدأ يزفر أنفاسه بغضب ظاهر و تحول تنفسه الى إخراج النيران التي تضطرم في جنباته فلا يكاد يثبت في مكان و عندما يراني كان يتحرك كالملسوع فيوجه ألي نظرات نارية حاقدة و يتابع نوبة الحك الجنونية,وقد عرفت أن السيد رئيس الوزراء قد اصيب بلوثة ما في دماغه عندما طلب من وزير الأوقاف دعوة العلماء و الفقهاء و أرباب الشعائر الدينية الى إقامة صلاة استسقاء بعد أنحباس المطر الطويل عنا.ضحكت بصوت مرتفع لأن تصرف كهذا يعني أن رئيس الوزراء قد سقط بالضربة القاضية وقد بدأ يستنجد بالسماء و هي التي تخلت عنه منذ الوهلة الأولى عندما حبست عنه أمطارها.لم يكذب وزير الأوقاف الخبر و دعا الناس عبر الإذاعة و المساجد الى النفير العام و التوجه الى الجبل المطل على المدينة لإقامة شعائر صلاة الإستسقاء رأفة بالمؤمنين و إستجابة لغبة رئيس الوزراء.

لم تتحرك السماء أما آلاف الأكف الضارعة و الرؤؤس المكشوفة بل إزدات الشمس إشراقا و تبخرت كل الغيوم التي كانت تغطي السماء و عاد الجميع بعد أن ايقنوا أن لعتة حلت على البلاد و هذا ما أنتبه إليه السيد الرئيس عندما عقد إجتماعا طارئا و قد خصص معضمه للحديث عن اللعنة التي حلت على هذا البلد و حضنا على مضاعفة الجهود و إنحباس المطر لا يعني أن نتواكل و نستسلم كان السيد الرئيس يتكلم و يوجه الى رئيس الوزراء نظرات ذات معنى بل أنه في أحدى المرات توجه مباشرة إليه و قال له "أليس كذلك" يا دولة رئيس الوزراء توارى رئيس الوزراء خلف رموشة و قد أحس أن اتهاما يوجه أليه بالتواطىء مع السماء لتأخر المطر و إنحباسة كل هذه الفتره,كان ذلك الإجتماع و كلمة السيد الرئيس القشة التي قصمت ظهر رئيس الوزراء فقد ايقن بالهلاك فبدآ يتكاسل في متابعة أخبار المطر و يتكاسل أكثر في متابعة أخبار النمو في الأماكن المروية و استسلم للجلوس بصمت في مكتبه يقضي في ساعات الدوام تالرسمي و هو يتوقع بين اللحظة و الأخرى أمرا من السيد الرئيس يطلب منه الإستقالة.

التقاليد الحكومية لدينا تقول أن رئيس الوزراء الجديد يجب أن يعين قبل ان يرحل القديم و لذلك بدأت المشاورات و الإجتماعات الجانبية و تسريب الأسماء و الأخبار كنت أترقب كل ذلك بإبتسامة رضا و ظفر و قد كنت متأكدا أن منصبي القادم هو رئيس الوزراء و لكن يجب أن تسير أمور المشاورات كما هو مرسوم لها,ألتقيت ابو مكنى و حدثني حديثا ليس له علاقة بالأمر الذي تغرق فيه البلاد و هو المطر و تغيير الوزراة كان ابومكنى قلقا على ابنه و هو يتقدم الى أمتحانات الثانوية العامة و هو يعتقد أن ابنه "كر" و لن ينجح إذا ما قدم فحصا كما يقدم الجميع و قد طلب مني أن أكلم وزير التربية لتخصيص مدرسين له خارج أوقات الدوام من خيرة كوادر الوزارة,و عندما قلت له و لكن الوزارة كلها "ماشية" لماذا لا تنتظر الى أن تعين وزارة جديدة و نكلم الوزير الجديد فكر ابو مكنى قليلا ثم قال لأ..لأ ما بقدر استنى كتير... الوقت عم يمر و الولد متل "فدان البقر" لازم تتأمن دراستو فورا..استدرك كلامي و عدل لهجته قائلا..بعدين وزير التربيه كتير محترم و نضيف و أخلاقي..خليه....خليه يبقى وزير التربيه شوفيها.أثنيت بدوري على وزير التربيه الذي كان يبدو كمدرس ابتدائية عتيق يجاهد و يصارع ليبقى مستيقظا طوال فترة الإجتنماعات التي تعقدها الوزارة.حاولت أن استدرج ابو مكنى الى الحديث عن التشكيل الوزاري الجديد و لكنه كان يغير الحديث مباشرة و كأن الأمر محسوم بالنسبة أليه و كل ما يجري من مشاورات و لقاءات لذر الرماد في العيون.

بدأت التقارير الجدية بالوصول عن الأمراض التي بدأ تدب في محصول القمح و أزداد رئيس الوزراء عزلة و إنزواءا و أنقطع أتصاله بكل من كان له إتصال به و أحسست أن الجميع بدأ يعاملني بإحترام أكبر و قد سرت شائعة كبرى أني رئيس الوزراء القادم زملائي الوزراء كان يهاتفوني يوميا, كبار ضباط الجيش الأمراء كان يبعثون ورودا و رسائل ,و قادة الحزب الكبار و منظريه السياسيون, و لكن الذي جعل الأمر واقعا أتصال هاتفي من سومر يطلب مني الإستعداد للمرحلة القادمة, و قد أحسست أن هذا الهاتف كان بمثابة قرار التعيين, طبعا الوحيد الذي لم يتصل ابو مكنى حتى أنه لم يشكرني و قد فرغت لإبنه جيشا من المدرسين بعد أن استدعيت وزير التربيه و طلبت منه ذلك و ألقيت له عظمة بقائة في الكرسي الذي هو فيه, و قد كان في منتهى الحيوية و هو ينفذ ما طلبت منه.

ثم جاءتني الدعوة التي أنتظرها كان الرجال في منتهى الأدب رغم بذلاتهم التي تنم عن ذوق سيء, قادوني الى سيارة تقف أسفل مبنى الوزراة جلست في المقعد الخلفي و جلس رجل في المقعد الأمامي عرف عن نفسه أنه العميد زيدان من المرافقه الخاصة سرنا بصمت و هدوء نحو القصر الجمهوري و قد قال لي العميد زيدان أن السيد الرئيس يرد حضورك الى القصر فورا.

خضعت قبل الدخول الى تفتيش دقيق ,لم يلمسني أحد بيده ,و لكن كنت أمر عبر ابواب تصفر أو تزمر فيطلب ألي العميد زيدان أن أعود للمرور مرة أخرى بعد أن أخرج كل المعادن التي معي وبعد أربعة أو خمس ابواب من هذا النوع لم يبقى معي شيء له علاقة بالمعدن حتى حزام بنطلوني أخذوه مني و قد ابدى العميد زيدان اسفه الشديد لذلك و لكنها أجراءات أمن يخضع لها الجميع و قد تخف فيما بعد. جلست مع السيد الرئيس في ذات الحجرة التي تظهر على التلفزيون و يقابل فيها ضيوفه و كنت وحيدا معه بعد أن أمر بإخلاء المكان ,السيد الرئيس كان شديد القلق على الموسم الزراعي و قد كان يخطط للإكتفاء الذاتي و لكنه فجع بموسم مطري هزيل و رئيس وزراء غير كفؤ .قال لي ساضع فيك ثقتي و يمكنك أن تتمتع بالصلاحيات التي تريد يمكنك أن تتصل بي في ايه لحظة و لكن أريد تغييرا في كل شيء و أريده سريعا و عاجلا أختر الطاقم الذي يعجبك لن أرغمك على أحد طبعا إلا وزارء السيادة فهؤلاء اسمحلي بهم أما ما عداهم يمكنك أن ترشح من تريد و سنتعاون جميعا للوصول الى ما نريد,كان السيد الرئيس يتكلم و حماسة يزداد و يتعاظم و قد وصل ذروته و هو يقول لي لقد سمعت عنك الكثير و أنا مؤمن بقدراتك على التغيير نحو الأفضل ضع الوطن نصب عينيك و الله يوفقك. أريد ترشيحاتك الوزارية هنا في اقل من اسبوع ,الوضع معقد و يتطلب حركة سريعة و فعالة. قال السيد الرئيس هذا الكلام و هبط حماسة مرة واحده الى مادون الصفر لأنه وقف على اقدامه و مد يده ألي مصافحا و مودعا.

لم اكد اصل مكتبي حتى كان ابو مكنى أول المتصلين على غير العادة...لم يهنأني و لم يتمنى لي التوفيق بل قال تعال ألي فورا..و حالا...

يتبع....

عـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة






زورو موقع الدومري :
http://aldomari.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04569 seconds with 11 queries