عرض مشاركة واحدة
قديم 15/02/2006   #210
شب و شيخ الشباب Tarek007
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Tarek007
Tarek007 is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
Damascus
مشاركات:
3,584

افتراضي


جلست على كرسي, و أسندت ظهري الى أقصى مدى ,و رفعت ساقي على سطح مكتبي أتجهت عيني مباشرة الى حيث ترقد هدية أبو مكنى مازالت ملفوفة بالطريقة التي أختارها, أسرعت بالهرب ببصري عنها و كأنني رأيت أفعى كان قلبي ينتفض بشدة عندما ألمح الصندوق الصغير القابع فوق الخزانة و المتنكر في هيئة هدية حاولت أن ابعده عن ناظري قدر الإمكان و أن أبقى في منأى عنه.رمقت ورقة الرئيس نظرة أكثر تفحصا الأسماء جميعها معروفة و من ضمن الشخصيات التي ركضت اسماؤها على أوراقنا و على أسماعنا لاكت الألسن المتصارعة أعراض جميع هذه الأسماء و لم ينج واحد منها من سب أمه أو أخته أو زوجته و منها ما نال شتائم متساوية القدر لكل أفراد العائلة و بعضها أتهم بالسرقة و منها ما أتهم بالخيانة و الآن لا مجال لرفض أي منها فقد اصبحت أمرا واقعا, و قد تلقيت تعليمات واضحة من السيد الرئيس و هو بمزاج عال بعد أن كرع أبريق كاملا من المته تقول: "حط صباتك بتم كل معارض".سهل على الرئيس أن يقول هذا الكلام و هو يستمتع بمذاق المته الساخن المر لكن من الصعب علي أن أضع حذائي في الفم الذي يعجبني لأن الأمر مقسم حسب الأفواه و الأحذية هنالك افواه من الصعب حتى أن أفكر بدحش حذائي فيها و ربما من السهولة أن يحصل العكس و هناك افواه أستطيع أن أفعل بها ما أريد و لست بحاجة لأمر رآسي لأفعل.ألقيت نظرة أخرى و أخيره على القائمة ثم نحيتها جانبا أخرجت حقيبتي السوداء و أفرغت محتوياتها مازالت فيها بعض أشياء أبو مكنى القديمة و مازلت أحتفظ ببعض الأوراق و الأقلام التي تنتمي الى العهد البائد,نظرت أليها بحنو و نقلتها برقة الى الخارج,لم تكن حقيبة رئيس الوزراء سوداء بالكامل لأنها كانت مزودة بحواف لامعة من المعدن غير القابل للصدأ فتحت غطائها الخفيف المتين كانت تبدو من الخارج أصغر و لكن أرتحت لرحابتها من الداخلية , وضعت أوراقي فيها أحتلت قائمة الوزراء التي وضعها السيد الرئيس مكانا بارازا ثم رمقتها بنظرة أعجاب أخير و أغلقتتها بهدوء.

لم يجرؤ أحد على على الإعتراض و لا حتى برمشة عين على أي من الأسماء الواردة في القائمة كنت أنشرها أمام زواري ممن يرشحون الوزراء و اقول لهم هذه الأسماء التي وافق عليها "المعلم" كانت كلمة المعلم تسبب أبيضاضا في وجوه زواري و أرتخاء في حواجبهم و ربما أزدرد بعضهم لعابه , لم أستطيع التمييز أن كانت ردود الفعل هذه أحتراما أم رهبة أم رعبا,الحق كان السيد الرئيس في منتهى الحكمة في إنتقاء الأسماء وضع في القائمة إسما لكل طرف ووزارة لكل جهة لم يلتزم بما يريده كل طرف و لكن الخلطة التي خرجت كانت مثالية و مرضية هو ,و بدا الأمر و كأنه الأمر الوسط الذي يريده الجميع,و لم يكسر بخاطري فجعل لي السنجري وزير دولة و هو منصب يحمل صاحبة الصفة الوزارية و لكن بدون وزارة و هؤلاء يكلفون بمهام خاصة و سرية أحيانا من قبل السيد الرئيس مباشرة أو من قبلي كرئيس للوزراء أو حتى من قبل مسئولي الأمن,تمتعت وزارتي بأربعة وزراء دولة كان السنجري أحدهم , و لا أعرف الى جهة يتبع الثلاثة الأخرون.

نزل المرسوم الرئاسي في الجرائد الرسمية مترافقا مع صور كبيرة لي على الصفحات الأولى لجرائدنا الرسمية و تحتها أسماء الوزراء ووزاراتهم و ترافقت إذاعة التشكيل الوزاري مع تركيز إعلامي على مهمة الوزارة الإقتصادية الكبيرة و تنمية الصادرات و الإعتماد على الذات و الوحدة الوطنية و رزمة من الشعارات ذات القرع العريض المثيرة للحماس و المسيلة للعاب,و هجمت وكالا الأنباء و مندوبي الصحف الى إجراء لقاءات معي و مع الوزراء فأصدرت أمري الأول الى الوزراء و قبل أن يلتئم اجتماعنا الأول بمنعهم عن الإدلاء بالتصريحات حول الخطط المستقبلية و السياسات العامة للدولة و الإكتفاء بالكلام العام الشامل,فليس من المناسب أن "يخبص" وزير منهم بالكلام و نحن لم نبدأ بعد و كنت أريد الإنتظار حتى يجتمع الرءيس بالوزارة إجتماعه الأول و تلقي تعليماته و من ثم يمكن للأعلام أن يأخذ المدى الذي يريد.

أنتظم الإجتماع الوزاري مع الرئيس و المخصص لأداء القسم و جلسة توجيهية للرئيس أوعزنت للوزراء ان تكون بذلاتهم الرسمية متشابهة و حاولت أن أن أعرف من خياط الرئيس عن طريق العميد زيدان الذي أصبح صلة الوصل بيني و بين القصر الرئاسي لون البذلة و شكل ربطة العنق التي سيرتديها الرئيس كان المنظر مهيبا و كأنه أجتماع أركان فرقة عسكرية بالباس شبه موحد قريب جدا من لباس السيد الرئيس جلست على يمين السيد الرئيس و أصطف الوزراء على جانبي الطاولة الكبيرة وجوه متشابهة بروؤس نصف صلعاء و نظارات طبية سمية و كروش بعضها ضخم جدا تختفي تحت الطاولة الكبيرة وزير الدفاع الدمث يجلس الى جانبي و قد حشد على صدرة كل الأوسمة العسكرية التي حصدها و الى جانبه وزير الخارجية بملامحه الجامدة و كأنه صخرة غير قابلة للحت , كانت حركات الرؤؤس متناغمة مع توجيهات سيادته صاعدة هابطة موافقة و مستحسنة و لم تستطع الأكف أن تمسك نفسها عن التصفيق بعد أن أنهى السيد الرئيس كلمته الموجزة,و قد أراد أن يصبح البلد بفضل هذه الوزارة كجمهورية افلاطون و نحن الوزراء و على رأسهم أنا يجب أن نحقق ذلك خلال فترة وجيزة لأن عيون العالم ترقبا و تجحظ نحونا لأنها تركت كل شيء ووقف لتعرف ماذا سنفعل . وعدت الرئيس بأسم المجلس المنعقد أن نكون كلمته المسموعة و بيرقه المرفوع و سيفه الذي يقطع به روؤس أعدائة شكرني الرئيس و تمنى للمجلس النجاح في مهامة.و غادر بعد أن صافحنا فردا فردا,لم يستطع المجلس أن ينهي أجتماعة بطريقة مهنية لأن وجود الرئيس فرض جوا عاطفيا حميما فخصصنا ما بقي من وقت للحديث عن شخصية سيادته القياده و فكره النير الوضاح.

التحدي الأول كان في تجاوز مشكلة العجز الشديد في القمح و قد اصيب موسمنا السابق في مقتل نتيجة السياسات الزراعية الخرقاء لرئيس الوزارة المنصرف , و كنت أفكر أن اثير الموضوع قضائيا فلست ممن يسكتون على المتلاعبين بقوت الشعب ,ولكني أجلت الأمر الى ما بعد تلافي هذه المشكلة,كان الأمر يتطلب تأمين كميات كبيرة من الدقيق خلال فترة وجيزة لتأمين حاجة مواطنينا من هذه المادة الهامة و مواطنينا من سوء الحظ يأكلون الخبز كما يأكلون "الهوا",عقدت أجتماعا مع وزير التموين و الزراعة و التجارة و أضفت لهم وزير الدولة مساعدي الشخصي السنجري و تداولنا الأمر تبين أن السادة الوزراء مجرد حمير و تباروا في الخطابات التي تتحدث عن التقنين و الصبر و التعالي على المحن و قد كان أكثرهم فصاحة وزير الزراعة صاحب شهادة الدكتوراة في الأدب المقارن و هو من المعجبين بشخصية البحتري و له دراسة أدبية شاملة حول هذا الشاعر,و قد سمعت منه أكثر من بيت شعر للبحتري خلال ذلك الإجتماع و أنتهى الإجتماع بقصيدة على بحر الهزج نضمها وزير الزراعة في كيفية صناعة الخبز إبتداءا من زراعة القمح و أنتهاءا بعملية التقطيع الى لقم هنية.

بعد انصراف السادة الوزراء أختليت بالسنجري وقد أردت أن نجد حلا حقيقيا بعيدا عن الخطابة إذ يمكن التلاعب بكل شيء إلا بالخبز وافقني السنجري على فكرتي , و اقترح تجميع كل منتوج الموسم منه و العودة الى الإحتياطي و استيراد الباقي من الدول الصديقة.كانت فكرة جيدة و لكن يلزمها تأمين التمويل لشراء القمح من الخارج و أسعارة في ذلك الوقت كانت في أوجها بالإضافة الى الإبتزاز الذي يمكن أن يتعرض له بلدنا من البلد المصدر فهناك الكثير من الدول المصدرة لا تقبض تمن بضائعها أموالا, فقد تقبض مواقف و أحيانا يترتب على موقف ما خسائر أكبر بكثير من المال الذي كان سيدفع, طلبت من السنجري أن يجري جردا فوريا لكل دول الكرة الأرضية ممن لدية فوائض قمحية و كذلك لدول مستعدة للإقراض بفوائد منخفضة و طويلة الأجل و الإبتعاد عن الدول الإمبريالية و الإستعمارية و المتربصة و المتآمرة,و كنت حازما بطلبي أجابة شافية خلال أربع و عشرين ساعة.

أصبحت الأجتماعات مع أبو مكنى أكثر كثافة و أقصر وقتا أصبح وقته ضيق جدا بشكل مفاجىء و كذلك اصبح وقتي مزدحما بشكل غير طبيعي و لكن اصبحت أدخل أليه مباشرة و كنت فيما مضى أنتظر قليلا أو كثيرا, و صارت كلملتنا قليلة نتبادلها أحيانا و نحنو واقفين قبل أن ينصرف كل منا الى عمله, أصبح اقل بذائة و اكثر مباشرة لم يعد يحدثني عن ابنه الغبي و لا عن أوجاع ظهره المتكررة صارت أحاديثة ذات طبيعة عملية اكثر كان يطلب مني أن أحضر معلومات من الوزراء و المدراء العامين عن اشياء محددة و احيانا يطلب دراسات مفصلة تقوم بها الوزارة أو القسم الفني فيها, و لم أكن أتدخل إلا بالمقدار الذي كان يسمح لي, أحيالنا كان أبو مكنى يطلب الدراسة فأحضرها و يطوي كل شيء بشانها بعد ذلك , و قد طلب مرة دراسة حول جدوى لإتتاح قناة تلفزيونية خاصة و أخرى حول تصنيع أجهزة لصقل عضلات الجسم و ثالثة عن إستيراد أطعمة الحمية. و لكن عند إستقبال الرئيس لي كان أجتماعاتي مع أبو مكنى أطول فألتقيه قبل الإجتماع و بعده و كان اللقاء يطول و نتناول فيه حتى نوع مصاصة المته التي يفضلها الرئيس.

بعد اقل من أربع و عشرين ساعة كان السنجري يقف أمامي و على وجهه بشائر نصر مؤزر,جلس و فرد اوراقه على طاولتي و قال بثقة..... ترمس و ذرة...

يتبع...

عـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة






زورو موقع الدومري :
http://aldomari.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04039 seconds with 11 queries