عرض مشاركة واحدة
قديم 08/10/2007   #19
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي


الست شفوق...... كوليت خوري
-مات جارنا العجوز!
وتناقل أهل الحي النبأ...كما هي العادة في حينا القديم الذي يشبه القرية الصغيرة....
وتوالت التعليقات..
ونطق أحدهم:-مات اخيرا؟ رحمه الله!
فتمنت واحدة:- ليتنا جميعا نعيش بقدر ما عاش...
-نعم...مائة وخمس سنوات....
ووصل الي الخبر وأنا في بيتي ,فأحسست بالغصة تنغرز في صدري ,ومشيت صوب النافذة وطارت منها نظراتي الى بيت جارنا العجوز , وشردت أفكاري..
كنت دائما أقول لجدتي شفيقة, وكنت أدلعها باسم"الست شفوق" و أمازحها ضاحكة:
-مارأيك بجارنا. هل تقبلين به عريسا؟
وكانت "تتغمى" كما نقول بلهجتنا الشامية في غنج وحياء وهي تهمس:
-اخجلي ...عيب....
وكنت أصر:-أين العيب يا ست شفوق؟ أنت أرملة منذ ستين سنة ومازلت جميلة..وجارنا أيضا أرمل ...وهو يكبرك بعشرين سنة...!
وكانت تحمر وجنتاها كما قبل ستين سنة وتقول:-"تقبريني"... اسكتي...لئلا يسمعك أحد...عيب!!
جارنا العجوز!!!!أنا لم اكن أقابله...لكن معرفتي به قديمة تعود الى ولادتي...
ففي حينا القديم,يعرف كل واحد جيرانه مذ يفتح عينيه للنور....
وأنا ابنة هذا الحي...وكنت صديقة أحفاده وحفيداته....
ولطالما تناقلنا ,نحن الأحفاد ,أخبار أجدادنا و جداتنا, وقصص عطاءاتهم لنا, ومواعيد زياراتنا لهم...
حتى أن أحفاده قبل أشهر أخبروني بأن جدهم على أحسن حال, وأنهم ذاهبون اليه ليحتفلو بعيد ميلاده الخامس بعد المئة...
قبل أشهر....
أواه كم يبدو هذا التاريخ بعيدا....سحيقا...
أواه كم يبدو الماضي القريب بعيدا ......حين يكون الفاصل رحيلا.....
قبل أشهر أرسلت جدتي في طلبي..
امتثلت أمامها فقالت للاخرين بلهجتها المهذبة دائما:
-اعملو معروف اتركوني معها...
وخرجت امي وخالاتي وبقية أفراد الأسرة من الغرفة ,وبقيت مع جدتي ,وحدي....
فقالت: -اسمعي..أنا أريد أن أتحدث معك في موضوع جدي وهام..بعثت وراءك لأني أتكل عليك أنت وحدك...فأنا أعرف أنك قادرة على تحمل المسؤولية....
قاطعتها مستغربة:-ماذا هنالك؟.....أخبريني....
قالت: -اصغي الي جيدا...اقتربي مني...واصغي الي......
اقتربت وأنا أردد:-ماذا هنالك؟
فقالت: - استمعي جيدا...أنا عشت حياتي مستورة كريمة...فقدت زوجي ..جدك ,كما تعلمين وأنا في الخامسة والعشرين..ومررت بأيام بل بسنوات قاسية عصيبة...ماديا ومعنويا....صعبة جدا ومرة كانت تلك الفترات...لكن أحدا لم يسمع مني شكوى طوال هذا العمر....
دمدمت : -صحيح....فتابعت: -هذا الفم لم ينفتح في يوم من الأيام الا ليعطي نصيحة أو ليدعو الى الله أن يحفظكم....في الأيام الصعبة كان الصبر صديقي...وفي ايام الفرح كانت دموعي هي التي تعبر عن سعادتي....
ازداد عجبي من كلامها وسألتها:
-مالقصة؟ ماوراء كلامك؟ هل جرى شيء؟
قالت بلهجة متأثرة رزينة:
-انتبهي لي يا كبدي....
كانت دائما تناديني يا كبدي .....واه كم اشتاق الان لأن اسمع هذه العبارة بصوتها....واه كم اشتقت اليك يا ست شفوق.....
وتابعت: - كم قلت لك ...عشت حياتي كريمة مستورة ...أريد أيضا أن اكون كريمة في مماتي...أريد أن أوصيك بجنازتي...
صدمت فقاطعتها:- ماهذا الكلام الان؟؟
قالت: - لأنني أعرف أن بامكاني الاعتماد عليك..انا اتحدث اليك الان ...أنت الوحيدة التي استطيع ان اتحدث معها بهذا الموضوع...فلا تخذليني...أمك مريضة بالقلب و لاتحتمل مثل هذه الأحاديث...وخالتك التي أوصيك بها طيبة و عاقلة و انما ضعيفة لاتستطيع أن تقوم بمثل هذه المهمة...أما أنت......

ان الحياة كلها وقفة عز فقط.......

شآم ما المجد....أنت المجد لم يغب...
jesus loves me...
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.08802 seconds with 11 queries