الموضوع: وليد معماري
عرض مشاركة واحدة
قديم 05/10/2009   #22
شب و شيخ الشباب mhsen77
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ mhsen77
mhsen77 is offline
 
نورنا ب:
Nov 2008
المطرح:
بين البيت و الشغل ما عم افضى لشي تاني
مشاركات:
1,497

إرسال خطاب MSN إلى mhsen77 إرسال خطاب Yahoo إلى mhsen77
افتراضي


مفقود.. مفقود



التقيتُ به في الصباح الباكر، وتبادلنا الابتسامات،كما في كل صباح... أنا نازل إلى عملي.. وهو صاعد إلى بيته... والمسافة بين بيتينا، حين التقينا، واحدة، لأننا جاران يسكنان في بناية واحدة.. والفرق بيننا عدة درجات فقط.. هو متقاعد يسكن في الطابق الخامس، وأنا أسكن في الثالث... أي أنه صار أقرب إلى السماء مني.. هذا، إذا لم يكن مثل هذا الصعود سيتم بحافلات البولمان، وقد ارتفعت أجور ركوبها إلى حدود جهنمية، وحينها ربما فضّلنا الهبوط بحافلات (الهوب، هوب) نحو الأسفل لمسافة، لا يحتاج السكن الأبدي فيها إلى مادة المازوت من أجل التدفئة!...



هذا الصباح، حين التقينا.. كانت ابتسامة جاري أوسع من المعتاد.. ابتسامة تشبه ابتسامة البحر لمن يعيشون على أطاريف شاطئه.. الابتسامة التي افتقدها أهالي اللاذقية منذ سنوات.. وسيفتقدونها لربع قرن قادم، بعدما بيعت ابتسامات الأمواج إلى شركات استثمارية، على نظام الـ (B.O.T) أسوأ، بما لا يقاس، مع مستثمري البولمانات التي تنقل الناس إلى (الأعلى)!!..



اعذروني... فاتني التعريف بنفسي... اسمي عبد المكتفي الروائحجي.. واسمي يفيدني كثيراً حين تكون تسعيرة الميكرو باص الذي أذهب به إلى مكان عملي سبعة ليرات ونصف، وأدفع لسائق الميكرو عشر ليرات.. (فيطنش) السائق عن الباقي.. وحين أصافحه مودعاً، وأذكر له اسمي، يعيد لي ليرتين ونصف، وأتعجب، من وجود عملات بين يديه، مختفية من السوق، منذ غزو الفرنجة لبلادنا!...



واعذروني لأني لم أذكر اسم جاري حتى الآن... واسمه فرحان الفحْرري.. وحين سألته عن سبب الابتسامة الليبيرالية المرتسمة فوق وجهه في مثل هذا الصباح الملوث بسخام السيارات.. أجابني: يا رجل.. أتستكثر عليَّ الفرح، وقد افتتحوا في حارتنا مؤسستين, واحدة للخضار واللحوم, وأخرى للبضائع المفتخرة من صنف (التيرسو)... وهذا يشبه رشّ الملح على الجرح.. ويشبه تكفين ميت فقير بكفن من الحرير... وقد كانت جدتي تقول إنهم يبيعون الجمل بـ (متليك).. والجمل معروض للبيع في السوق.. لكن (المتليك) غير موجود.. لأنه، يا ولدي.. مفقود.. مفقود..

«صوت الشعب» العدد 190 (1684) 19-26 تموز 2008
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04121 seconds with 11 queries