عرض مشاركة واحدة
قديم 22/07/2005   #25
شب و شيخ الشباب أبومريم
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ أبومريم
أبومريم is offline
 
نورنا ب:
Jun 2005
المطرح:
مصر المحروسة
مشاركات:
1,040

افتراضي


الأخوة الأعزاء
لنلخص قصة جمع القرآن الكريم منذ نزوله وحتى وصوله لأيدينا الآن
حتى نغلق الباب على كل من يتغنى بما لا يفهم

إنًّ تأخير تدوين القرآن عن حياة النبى صلى الله عليه وسلم وجمعه فى مصحف فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه ، لامساس له مطلقًا بوحدة القرآن وصلة كل كلمة بالوحى الإلهى ؛ لأن القرآن قبل جمعه فى مصاحف كان محفوظًا كما أنزله الله على خاتم المرسلين .
والعرب قبل الإسلام ، وفى صدر الإسلام المبكر كانوا ذوى ملكات فى الحفظ لم يماثلهم فيها شعب أو أمة ، من قبلهم أو معاصرة لهم ، ومن يعرف الكتابة والقراءة فيهم قليلون فكانوا يحفظون عن ظهر قلب ما يريدون حفظه من منثور الكلام ومنظومه .
وروعة نظم القرآن ، ونقاء ألفاظه ، وحلاوة جرسه ، وشرف معانيه ، هذه الخصائص والسمات فاجأت العرب بما لم يكونوا يعرفون ، فوقع من أنفسهم موقع السحر فى شدة تأثيره على العقول والمشاعر ، فاشتد اهتمامهم به ، وبخاصة الذين كانوا من السابقين إلى الإيمان به ، وكانوا يترقبون كل جديد ينزل به الوحى الأمين ، يجمعون بين حفظه والعمل به .
وكان النبى صلى الله عليه وسلم كلما نزل عليه شئ من الوحى يأمر كُتًّاب الوحى بكتابته فورًا ، سماعًا من فمه الطاهر ثم ينشر ما نزل من الوحى بين الناس .
وقد ساعد على سهولة حفظه أمران :
الأول : نزوله (مُنَجَّمًا) أى مفرقًا على مدى ثلاث وعشرين سنة ؛ لأنه لم ينزل دفعة واحدة كما كان الشأن فى الوحى إلى الرسل السابقين .
والسبب فى نزول القرآن مُفَرَّقًا هو ارتباطه بتربية الأمة ، والترقى بها فى مجال التربية طورًا بعد طور ومعالجة ما كان يجد من مشكلات الحياة ، ومواكبة حركة بناء الدعوة من أول شعاع فيها إلى نهاية المطاف .
الثانى : خصائص النظم القرآنى فى صفاء مفرداته ، وإحكام تراكيبه ، والإيقاع الصوتى لأدائه متلوًّا باللسان ، مسموعًا بالآذان ، وما يصاحب ذلك من إمتاع وإقناع ، كل ذلك أضفى على آيات القرآن خاصية الجذب إليه ، والميل الشديد إلى الإقبال عليه ، بحيث يجذب قارئه وسامعه واقعًا فى أسره غير ملولٍ من طول الصحبة معه .

وبهذا صار القرآن سهل الحفظ لمن حاوله وصدق فى طلبه وسلك الطريق الحق الموصل إليه

إن الحفظ كان العلاقة الأولى بين المسلمين وبين كتاب ربهم وكان الحفظ له وسيلة واحدة ضرورية يعتمد عليها ، هى السماع . وهكذا وصل إلينا القرآن ، من بداية نزوله إلى نهايته .
وأول سماع فى حفظ القرآن كان من جبريل عليه السلام الذى وصفه الله بالأمين .
وأول سامع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمع القرآن كله مرات من جبريل .
وثانى مُسَمِّع كان هو عليه الصلاة والسلام بعد سماعه القرآن من جبريل .
أما ثانى سامع للقرآن فهم كُتَّابُ الوحى ، سمعوه من النبى عليه الصلاة والسلام فور سماعه القرآن من جبريل ؛ لأنه كان إذا نزل الوحى ، وفرغ من تلقى ما أنزله الله إليه دعا كُتَّابَ الوحى فأملى على مسامعهم ما نزل فيقومون بكتابته على الفور .
ثم يشيع عن طريق السماع لا الكتابة ما نزل من القرآن بين المؤمنين ، إما من فم الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو من أفواه كتاب الوحى .
وقد يسَّر الله تعالى لحفظ القرآن واستمرار حفظه كما أنزله لله ، أوثق الطرق وأعلاها قدرًا فكان صلى الله عليه وسلم يقرؤه على جبريل فى كل عام مرة فى شهر رمضان المعظم . ثم فى العام الذى لقى فيه ربه تَمَّ عرض القرآن تلاوة على جبريل مرتين . زيادة فى التثبت والتوثيق .
وفى هذه الفترة (فترة حياة النبى) لم يكن للقراء مرجع سوى المحفوظ فى صدر النبى عليه الصلاة والسلام ، وهو الأصل الذى يُرجع إليه عند التنازع ، أما ما كان مكتوبًا فى الرقاع والورق فلم يكن مما يرجع إليه الناس ، مع صحته وصوابه .
وكذلك فى عهدى الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما كان الاعتماد على الحفظ فى الصدور هو المعول عليه دون الكتابة ؛ لأنها كانت مفرقة ، ولم تكن مجموعة .

وخاصية الحفظ في الصدور هو شيئ يفتقده أي مسيحي وأتحدى أن يأتي أحد القساوسة ويقول أنه يحفظ الإنجيل كله كما يحفظ الطفل المسلم القرآن كله

أول جمع للقرآن الكريم
لم يجمع القرآن فى مصحف فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم ، ولا فى صدر خلافة أبى بكر رضى الله عنه ، وكان حفظه كما أنزل الله فى الصدور هو المتبع .
وفى هذه الأثناء كان القرآن مكتوبًا فى رقاع متفرقًا . هذه الرقاع وغيرها التى كتب فيها القرآن إملاء من فم النبى صلى الله عليه وسلم ، ظلت كما هى لم يطرأ عليها أى تغيير من أى نوع .
ولما قتل سبعون رجلاً من حُفَّاظِه دعت الحاجة إلى جمع ما كتب مفرقًا فى مصحف واحد فى منتصف خلافة أبى بكر باقتراح من عمر رضى الله عنهما .
وبعد وفاة أبى بكر تسلم المصحف عمر بن الخطاب ، وبعد وفاته ظل المصحف فى حوزة ابنته أم المؤمنين حفصة رضى الله عنها .
وفى هذه الفترة كان حفظ القرآن فى الصدور هو المتبع كذلك .
وانضم إلى حُفَّاظه من الصحابة بعد انتقال النبى عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى ، التابعون من الطبقة الأولى ، وكانت علاقتهم بكتاب الله هى الحفظ بتفاوت حظوظهم فيه قلة وكثرة ، وحفظًا للقرآن كله ، وممن اشتهر منهم بحفظ القرآن كله التابعى الكبير الحسن البصرى رضى الله عنه وآخرون .
كان هذا أول جمع للقرآن ، والذى تم فيه هو جمع الوثائق التى كتبها كتبة الوحى فى حضرة رسول الله ، بمعنى تنسيق وثائق كل سورة مرتبة آياتها على نسق نزولها ، ولا معنى لهذا الجمع إلا ما ذكرناه ، وإطلاق وصف المصحف عليه إطلاق مجازى صرف . والقصد منه أن يكون مرجعًا موثوقًا به عند اختلاف الحفاظ .
ومما يجب التنبيه إليه مرات أن الجمع فى هذه المرحلة لم يضف شيئًا أو يحذفه من تلك الوثائق الخطية ، التى تم تدوينها فى حياة النبى عليه الصلاة والسلام إملاءً منه على كتبة وحيه الأمناء الصادقين .


مرحلة الجمع الثانية

كانت هذه المرحلة فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه وكان حافظًا للقرآن كله كما ورد فى الروايات الصحيحة . والسبب الرئيسى فى اللجوء إلى هذا الجمع فى هذه المرحلة هو اختلاف الناس وتعصبهم لبعض القراءات ، إلى حد الافتخار بقراءة على قراءة أخرى ، وشيوع بعض القراءات غير الصحيحة .
وهذا ما حمل حذيفة بن اليمان على أن يفزع إلى أمير المؤمنين عثمان ابن عفان ، ويهيب به أن يدرك الأمة قبل أن تتفرق حول القرآن كما تفرق اليهود والنصارى حول أسفارهم المقدسة . فنهض رضى الله عنه للقيام بجمع القرآن فى " مصحف " يجمع الناس حول أداء واحد متضمنًا الصلاحية للقراءات الأخرى الصحيحة ، وندب لهذه المهمة الجليلة رجلاً من الأنصار (زيد بن ثابت) وثلاثة من قريش : عبد الله بن الزبير ، سعد بن أبى وقاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام . وزيد بن ثابت هذا كان هو رئيس الفريق الذى ندبه عثمان رضى الله عنه لهذه المهمة الجليلة؛ لأنه أى زيد بن ثابت قد تحققت فيه مؤهلات أربعة للقيام بهذه المسئولية وهى :
كان من كتبة الوحى فى الفترة المدنية .
كان حافظًا متقنًا للقرآن سماعًا مباشرًا من فم رسول الله .
كان هو الوحيد الذى حضر العرضة الأخيرة للقرآن من النبى عليه الصلاة والسلام على جبريل عليه السلام .
كان هو الذى جمع القرآن فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه .

منهج الجمع فى هذه المرحلة
وقد تم الجمع فى هذه المرحلة على منهج دقيق وحكيم للغاية قوامه أمران :
الأول : المصحف الذى تم تنسيقه فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه ، وقد تقدم أن مكوّنات هذا المصحف هى الوثائق الخطية التى سجلها كتبة الوحى فى حضرة النبى عليه صلى الله عليه وسلم سماعًا مباشرًا منه .
فكان لا يُقبل شئ فى مرحلة الجمع الثانى ليس له وجود فى تلك الوثائق التى أقرها النبى عليه الصلاة والسلام .
الثانى : أن تكون الآية أو الآيات محفوظة حفظًا مطابقًا لما فى مصحف أبى بكر عند رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأقل . فلا يكفى حفظ الرجل الواحد ، ولا يكفى وجودها فى مصحف أبى بكر ، بل لابد من الأمرين معًا :
1- وجودها فى مصحف أبى بكر .
2- ثم سماعها من حافظين ، أى شاهدين ، وقد استثنى من هذا الشرط أبو خزيمة الأنصارى ، حيث قام حفظه مقام حفظ رجلين فى آية واحدة لم توجد محفوظة إلا عند أبى خزيمة ، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل شهادته بشهادة رجلين عدلين .

قام هذا الفريق ، وفق هذا المنهج المحكم ، بنسخ القرآن ،لأول مرة ، فى مصحف واحد ، وقد أجمع عليه جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعارض عثمان منهم أحدًا ، حتى عبد الله بن مسعود ، وكان له مصحف خاص كتبه لنفسه ، لم يعترض على المصحف "الجماعى" الذى دعا إلى كتابته عثمان رضى الله عنه ، ثم تلقت الأمة هذا العمل الجليل بالرضا والقبول ، فى جميع الأقطار والعصور .
ونسخ من مصحف عثمان ، الذى سمى " المصحف الإمام " بضعة مصاحف ، أرسل كل مصحف منها إلى قطر من أقطار الإسلام ، مثل الكوفة والح
جاز ، وبقى المصحف الأم فى حوزة عثمان رضى الله عنه ، ثم عمد عثمان إلى كل ماعدا " المصحف الإمام " من مصاحف الأفراد المخالفة أدنى مخالفة للمصحف الإمام ، ومنها مصحف الصحابى الجليل ابن مسعود وأمر بحرقها أو استبعادها ؛ لأنها كانت تحتوى على قراءات غير صحيحة ، وبعضها كان يُدخل بعض عبارات تفسيرية فى صلب الآيات أو فى أواخرها

الهدف من الجمع فى خلافة عثمان فكان من أجل الأمور الآتية :
1- توحيد المصحف الجماعى واستبعاد مصاحف الأفراد لأنها لم تسلم من الخلل . وقد تم ذلك على خير وجه .
2- القضاء على القراءات غير الصحيحة ، وجمع الناس على القراءات الصحيحة ، التى قرأ بها النبى عليه الصلاة والسلام فى العرضة الأخيرة على جبريل فى العام الذى توفى فيه .
3- حماية الأمة من التفرق حول كتاب ربها . والقضاء على التعصب لقراءة بعض القراء على قراءة قراء آخرين .
وفى جميع الأزمنة فإن القرآن يؤخذ سماعًا من حُفَّاظ مجودين متقنين ، ولا يؤخذ عن طريق القراءة من المصحف ؛ لإن الحفظ من المصحف عرضة لكثير من الأخطاء ، فالسماع هو الأصل فى تلقى القرآن وحفظه . لأن اللسان يحكى ما تسمعه الأذن ، لذلك نزل القرآن ملفوظًا ليسمع ولم ينزل مطبوعًا ليُقرأ .

وأعتذر عن الإطالة
وشكرا
 
 
Page generated in 0.05378 seconds with 11 queries