عرض مشاركة واحدة
قديم 19/08/2008   #1
صبيّة و ست الصبايا sona78
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ sona78
sona78 is offline
 
نورنا ب:
Jun 2008
مشاركات:
1,993

افتراضي ثالوث التجديد الإسلامي1


مرح البقاعي

يشكّل الإسلام مكونا ثقافيا أساساً في تركيبة الهيئة الثقافية الجمعية للمجتمعات العربية، بخاصة، والمسلمة، بوجه العموم. لكن أين يقع الإسلام اليوم من هيكلية الدولة بمؤسساتها ومرجعياتها وبيئتها السياسية؟ وما هي أسباب تحول مجتمعات الشرق الأوسط من الازدهار والانفتاح والتعددية، في عصرها النهضوي الذهبي، إلى ما آل إليه حالها اليوم من تكتلات دينية وعصبية، معزولة وناشزة؟
وما هو الدور الذي يفترض أن يلعبه الإسلام في مسيرة المجتمعات المعاصرة، وهل يستعدي هذا الدور حراكا فاعلا وواعيا في التجديد والإصلاح لـ "المفهوم" الديني، في تجاوز حازم لـ "الوثنيّ" من هذا المفهوم؟ وما هي درجة قابلية الخطاب الإسلام للتجديد في ظل المقولات المتشدّدة التي يعتقد أصحابها أن الإسلام، بنيويا، دين لا يميّز بين ما هو زمني دنيوي وروحي عقائدي، وبالتالي هو غير قابل للتجديد؟ وإذا ما كان هناك بوادر للتجديد الديني الإسلامي فهل سيكون على طريقة مارتن لوثر في إصلاحه للكنيسة الكاثوليكية في القرن الخامس عشر، ليقوم على أيدي رجال وعلماء دينيين، أم أن للدولة، والمجتمع، والمثقفين موقعا في هذا التجديد؟
من البديهي القول إن الجدل الراهن القائم بين أطراف ثالوث (الإسلام ـ الدولة ـ المجتمع)، والذي تحول سريعا إلى مواجهات فكرية وسياسية ـ وأحيانا عنفية ـ تجلت في ممارسات الجماعات الدينية المتطرفة، إنما ينطوي على رهانات واستحقاقات لا بد من الاعتراف بها ومعالجتها من أصولها، استحقاقات تتمحور حول رؤيتنا للإسلام، وقراءتنا لنصوصه، في ظل المتغيرات والتحولات الكونية.
لا تكمن المعضلة هنا في النص الديني الإسلامي، فهو نص ثابت لم يتغير منذ تدوينه، بل هي تقبع في الصلب من المجتمعات الإسلامية بوصفها امتداداً تاريخياً وثقافياً وجغرافياً للإسلام، مجتمعات نأت بنفسها عن قراءة الحالة المدنية في شريعة الإسلام، ودرجت على استحضارها كمفهوم عقائدي سياسي جامد غير قابل للعصرنة والتحديث.
إن غياب "حاسة النقد" للخطاب الديني وتراجع "الفعل الاجتهادي" في النص، هما ـ مجتمعان ـ ما أجج الصدام، المتواصل أصلا، بين الجماعات الإسلامية من جهة، والتيارات العلمانية، من أخرى، الأمر الذي أودى إلى تعاظم الاحتقان الاجتماعي في ظل غياب أرضية مشتركة للحوارعلى المستوى "الرؤيوي" بدايةً، ومفاعيله على مستوى التطبيق السياسي، نتيجةً، أرضية تجمع فئات المجتمع كافة بجماعاته وتياراته وتنظيماته، المدنية منها والدينية، من أجل صياغة عقد اجتماعي جديد لا يبتعد عن الدين "جوهرا" ولا يتماهى فيه "فعلا سياسيا"، بل يقف على مسافة واحدة من الأديان والمذاهب والأطياف السياسية كافة، في ظل تمكين مفاهيم الدولة المعاصرة التي أسّها ومرجعيتها "المواطنة" لا "الدين"؛ الدولة المعاصرة التي تقوم على فصل السلطات، وإطلاق الحريات العامة، وإقرار التعددية السياسية، ومداولة السلطة، وتمكين المرأة، وإحقاق التكافؤ في الفرص، ودفع عجلة العدالة الاجتماعية. وفي ظل هكذا تحوّل "دراماتيكيّ" في علاقة الإسلام بالشأن السياسي، يغدو دور الجماعات الإسلامية ـ حصرا ـ دوراً "دعوياً" يتداول القيم الإسلامية، التي هي أصلا قيم إنسانية وأخلاقية وضميرية، ما يمهد الطريق واسعاً للاجتهاد وتجديد الخطاب الإسلامي، ونقده، لتخليصه من الشوائب والتراكمات الزمنية، والتمكّن، تاليا، من أدوات تفعيل حركة التنوير النهضوي المرتجاة بعيدا عن التجاذبات السياسية المعطِّلة.
وعليه، فإن تجديد الخطاب الإسلامي يرتبط عضويا بعملية "دولنة الإسلام"، أي "تداول" الإسلام ضمن فضائه الحيوي، الذي مساحته ضمير الفرد الشخصيّ والإدراك الجمعيّ الوجدانيّ، وذلك إثر تفكيك المفهوم الإسلامي إلى جوهره الاعتقادي الروحي الأول كونه علاقة منفردة ومتفرّدة بين الفرد والله، لا ثالث لها، ولاوسيط منهاا، هذا يترافق مع مواجهات نقدية ملزِمة لسياسات "أسلمة الدولة" وما تفرزه من غيبيات وإفتاءات جماعية قسرية، في ظل من الاحتقان السياسي والاصطفاف المذهبي والانقسامات العقائدية السياسية التي تضع منطقة الشرق الأوسط برمتها على حافات الهاوية!
موقع سورية الان

قلي لي احبك
كي تزيد قناعتي اني امرأة
قلي احبك
كي اصير بلحظة .. شفافة كاللؤلؤة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04054 seconds with 11 queries