عرض مشاركة واحدة
قديم 21/02/2006   #1
شب و شيخ الشباب واحد_سوري
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ واحد_سوري
واحد_سوري is offline
 
نورنا ب:
Feb 2006
المطرح:
كوكب الارض
مشاركات:
549

إرسال خطاب MSN إلى واحد_سوري بعات رسالي عبر Skype™ ل  واحد_سوري
افتراضي مصدر الحدس و الإلهام


لاحظ العلم المنهجي بوضوح أن العقل يتكوّن من منطقتين ، أوّل هاتين المنطقتين يحكمها الوعي أو الشعور أو العقل بمفهومه المألوف , و المنطقة الأخرى يحكمها اللاوعي أو اللاشعور أو العقل الباطني ( حسب تعبير البعض ) . و لاحظ أن هذا القسم الأخير الخفي من العقل ، له وظائف أكثر من العقل الواعي بكثير ، و حجمه بالنسبة للعقل الواعي عظيم جداً، لكنه أخطأ بالخلط بين العقل الباطن (الذي هو مسئول عن الحركات أللاإرادية و مخزون التجارب و الخبرات التي جمعها الفرد في مسار حياته) ، و العقل المبدع الخلاق الذي هو مصدر الإلهام و غيرها من معلومات خارجة عن متناول الإنسان . فقد جمع العلم المنهجي هذين القسمين من العقل تحت عنوان واحد هو "اللاوعي" أو "العقل الباطن"، دون محاولة الفصل بينهما ، بالرغم من الفرق الكبير والواضح الذي يبدو جلياً .
العقل اللاواعي عبر التاريخ :
لم يكن الاهتداء إلى هذا القسم الخفي من العقل وليد صدفة ، و لا كان اكتشافه هدفاً محدّداً سعى إليه الإنسان ، فقد حدّثنا التاريخ عن طرق كثيرة سلكها الأقدمون للوصول إلى ما نعرفه الآن عن هذا الكيان الخفي .
أوّلهم كان السحرة ، و العرّافون ، و الشامانيون أو أطبّاء القبائل ، ثم جاء الكهنة ، و المتنبّؤن ، فالأولياء و القدّيسون ، و المتصوّفون ، و حتى الشعراء و الأدباء , و غيرهم ..جميعهم كانوا يتواصلون مع العالم الآخر (كما سمّوه) ، أو عالم الغيب ، عن طريق الدخول في حالة وعي بديلة ( شرود أو غيبوبة أو غيرها ) و يعودون منه مستحوذين على كشوفات أو إلهامات أو وصفات طبيّة أو حلول لمشاكل مختلفة أو غيرها من معلومات أو أفكار غيبيّة تخدمهم كلٌّ حسب معتقداته أو ممارساته المختلفة .
اعتقد القدماء أن القوى الخفية التي تأتي من العالم الماورائي هي المسبّب للأمراض ، و كانوا يسمونها بأسماء مختلفة ، تبعاً لإختلاف الشعوب و معتقداتها ، فكانوا يعالجون المرضى بالقراءة و الرقى ، كما برعوا في التعامل مع " الأرواح " ، أو كائنات غيبيّة أخرى ، فكانت تنبّئهم بنوع الداء أو الحلّ المناسب لمشاكلهم المختلفة ، و تشبه عملية تحضير الأرواح هذه عملية "التنويم المغناطيسي" الذي هو حقيقة علمية بمفهومنا الحاضر ، و ما زالت ممارسة تحضير الأرواح تطبّق حتى يومنا هذا في المجتمعات المتقدّمة و النامية على السواء .
( عرفت من قبل الذين بحثوا في هذه الظاهرة بحركة الأيدوموتور ، و ليس لها علاقة بالأرواح ، و سوف نشرحها فيما بعد ) .
كان الممارسون القدماء ، بمحاولة منهم لفهم تلك القوى المسبّبة للأمراض و الشرور الأخرى , يدخلون في غيبوبة أو غشية TRANCE ، يقابلون أثنائها الأرواح أو المخلوقات الماورائية الأخرى ، ليفاوضوها لصالح المصابين بالشّر ، فكانوا يسافرون ـ أثناء غيبوبتهم ـ إلى عالم الأرواح . و عن طريق الدخول في حالة الغيبوبة (الوعي البديل) ، توصّلوا إلى معرفة ظاهرة البحران أو الإرتقاء الروحي ، و ليتّقنوا صنعتهم قاموا بتدريب أنفسهم تدريبات شاقة طويلة على التفكير و الاستقراء الداخلي و التأمّل . فكانوا ينقطعون عن الناس للاختلاء بأنفسهم ، بحثاً عن الحقيقة المطلقة . و كانت تدريباتهم في الواقع عبارة عن رحلات داخلية في أنفسهم ، حيث التأمل و التخيّل و الإبداع و غيرها من أمور فكرية .
كم من المفكّرين و الأدباء ـ على طول الطريق الحضاري ـ احتجبوا عن الناس و انفردوا بأنفسهم قبل أن يخرجوا إلى العالم و يدهشوه بإنتاجهم الفكري المبدع الخالد ، مثل هومر و هيراقليطوس و أفلاطون و أبو العلاء المعرّي و جلال الدين الرومي و ابن سينا و ابن رشد و الشهراوردي و كونفوشيوس و منشيوس و غيرهم من المفكّرين القدماء .
التأمّل معروف ، و ممارس منذ عهد البوذيين القدامى إلى متصوّفي العصر الحديث , و في عهد النهضة العلمية الأوروبية تأمّل الفلاسفة ـ أصحاب الفكر المجرّد ـ في الظواهر غير الملموسة كالعقل و المعرفة و النبوغ و الإلهام و الإرادة و غيرها .
و ذهب "نيتشه" الفيلسوف بالتأمّل شوطاً بعيداً ، فبعد أن احتجب عن الناس لفترة من الزمن ، خرج إلى العالم بأنشودته العذبة المعروفة بين المثقّفين ثقافة عالية بـ"هذا ما قاله لي زردشت" . و ما فعله "نيتشه" في الحقيقة هو أنه تجوّل بفكره في العالم ـ اللاملموس ـ و هناك قابل من أسماه زردشت ( نبي فارسي ) ، و ما قابل في الحقيقة سوى نفسه و أفكاره التي تتغلغل في عقله ، ثم أبدع ما أبدعه على لسان "زرادشت" .
ـ استند الفيلسوف " أرثر شوبنهاور" 1830م في كتابه "العالم كإرادة و فكر" على بحث تناول قوّة خفية أسماها "الإرادة" WILL ، فقال أن هذه الإرادة تتحكّم في سلوك المرء دون أن يشعر ، كأنها رجل أعمى قوي البنية ، يحمل على كتفيه رجلاً ضعيفاّ مبصراً .
ـ ثم استبدل "فون هارتمان" عام 1869م كلمة "الإرادة" بمصطلح "العقل الباطن" SUBMIND ، و وصفه بأنه شيء عظيم الذكاء و المهارة و المقدرة ، و هو جوهر الإنسان و خبيئته ، و أنه الأساس المكين لعالمنا الواعي الملموس .
ـ و أسماها الفيلسوف "وليم جيمز" بـ(النفس المختبئة) ، و وصفها بأنها مصدر الإبداع و الإلهام الذي تواصل معه جميع العظماء الذين عملوا في مجال الإبداع الفكري .
ـ و أسماها عالم النفس "فريدريك مايرز" بـ(النفس الخفية) SUBLIMINAL SELF ، و كتب يقول : نحن نعيش في كنف شيء عظيم الذكاء ، و إذا لمسنا حضوره ، نعرف حينها أنه أبعد من متناول عقل الإنسان .
ـ و أسماها عالم النفس " كارل جونغ" بـ(العقل الجماعي) COLLECTIVE UNCONSCIOUS ، أو ( الوعي الخارق ) SUPERCONSCIOUS ، و قد توصّل إلى أن تلك الحكمة و المعرفة الجماعية لجميع الأجيال ، تدخل ضمن مجال ذلك الكيان العظيم الذي هو في متناول الجميع .
ـ عنى "هولم هولتز" عام 1878م بظاهرة فحواها أننا أحياناً نتوقّف عن التفكير في مشكلة معيّنة عندما يصعب علينا حلّها ، ثم يأتينا الحلّ فيما بعد فجأة دون أن نكون قد أعدنا التفكير فيها مرّة أخرى . فاستدلّ من ذلك على وجود إدراك و تفكير خفيين .
هذه الظاهرة شائعة بين الناس و خصوصاً المفكرين . ذكر عالم الرياضيات و الفيزيائي الفرنسي "هينري بوانسير" في مقالة نشرت في إحدى المجلّات العلمية عام 1948م ، أنه توصّل إلى نظرية رياضية معقّدة مؤلفة من سلسلة طويلة من المعادلات و المسائل الرياضية متعلقة بالهندسة الفوقية ، فتوصّل إلى إثباتها على أربعة مراحل ، و اعترف أنه استلهمها من اللاوعي دون تدخّل من عقله الواعي . ففي المرحلة الأولى عمل خمسة عشر يوماً متواصلاً يخوض في سلسلة طويلة من المسائل و المعادلات التي هي عبارة عن شجرة من الأرقام و الرموز ، و ذهبت جميع محاولاته سدى .

سأصير يوماً ما أريد......(محمود دوريش)
لازم يضل شي جواتنا عم يقول لأ (مارسيل خليفة)
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04553 seconds with 11 queries