عرض مشاركة واحدة
قديم 21/02/2006   #5
شب و شيخ الشباب واحد_سوري
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ واحد_سوري
واحد_سوري is offline
 
نورنا ب:
Feb 2006
المطرح:
كوكب الارض
مشاركات:
549

إرسال خطاب MSN إلى واحد_سوري بعات رسالي عبر Skype™ ل  واحد_سوري
افتراضي


ـ يستطيع " S" أن يتذكّر لوح كبير مليء بالكلمات و المعادلات الغير منظّمة و ليس لها تسلسل منطقي ، بعد النظر إليه للحظات . و يستطيع استحضار محتويات هذا اللوح إلى ذاكرته في أي وقت يشاء ، حتى بعد سنوات عديدة ، دون أي خطأ .( لكن إذا حصل خطأ ما في استحضار رقم أو حرف معيّن من بين محتويات اللوح ، يكون السبب في أن ذلك الرقم أو الحرف لم يكن مكتوباً بشكل واضح ، أو يمكن أن يكون "S" قد سمع صوتاً مزعجاً ، أو كان أحدهم يتكلّم في الوقت الذي يقوم بعملية حفظ محتويات اللوح ) . فتوصّل لوريا إلى أن أي خطأ في استعادة عنصر معيّن إلى الذاكرة يعود إلى أسباب إدراكية ، ليس لخلل ما في القدرة على التذكّر .
ـ أما الأمريكي "كيم بيك" ، فيستطيع استحضار 7.600 كتاب إلى ذاكرته ، و يعرف جميع أرقام و رموز صناديق البريد في الولايات المتحدة ، و أسماء جميع الطرق الرئيسية المؤدية إلى كل ولاية أو مدينة ، و يستطيع أن يحدّد أي يوم من الأسبوع من أي تاريخ رقمي يعرض عليه ، ( أي إذا سألوه ما هو اسم اليوم الذي يصادف في تاريخ 2\5\1205م ، فيكون الجواب الأربعاء ! ) .
ـ يمكن أن تتجلّى عملية الذاكرة كظاهرة غير عادية على استرجاع المعلومات الغابرة ، لكن نراها أحياناً مجرّد عملية استحضار معلومات محدودة القدرات . هذا الوضع المحيّر يدعونا للتفكير أحياناً ، خاصة و أننا قد لمسنا هذا التناقض الكبير خلال التعامل مع ذاكرتنا . فنحن نستطيع مثلاً أن نتذكّر أحداث و تجارب عشناها أيام طفولتنا ، لكننا نجد أنفسنا أحياناً غير قادرين على تذكّر أين وضعنا علاقة المفاتيح منذ ساعة أو دقائق من الزمن ... و هذا يدفعنا إلى التساؤل :
" ما هي آلية عمل الذاكرة ؟ " و السؤال الأهم هو : " أين توجد الذاكرة ؟ "
هذه الظواهر المذكورة و غيرها الكثير ، سوف تبقى غامضة تماماً بالنسبة للمنهج العلمي السائد ، حتى يأتي الوقت و تظهر الأبحاث شيء جديد و يساعدنا على اكتشاف المزيد عن خفايا عقل الإنسان و طريقة عمله .
و في النهاية لا يسعنا سوى مشاركة ألرياضياتي و الفيزيائي "هينري بوانسير" في تساؤلاته التي وردت في إحدى مقالاته "الإبداع ألرياضياتي" 1948م ، حيث تساءل:

كيف تجري العمليات الحسابية ؟
أي نوع من الدماغ هو ذلك الذي يجمع و يشكّل و يؤلّف افتراضات و اقتراحات و أنظمة حسابية مختلفة الأشكال و الأوزان ؟
كيف يمكن مقارنة المجريات الفكرية في دماغ عالم الهندسة و الجبريات ، بتلك المجريات التي في دماغ الموسيقار و الشاعر و الرسّام ، و حتى لاعب الشطرنج ؟
ما هي العناصر الأساسية التي تكوّن الإبداع ألرياضياتي ؟ هل هي البديهة و الحدس ؟ أو حاسّة دقيقة للمكان و الزمان ؟ أو ذاكرة قويّة ؟ أو موهبة هائلة في متابعة تسلسلات منطقيّة متعاقبة ؟ أو أنها قدرة كبيرة على التركيز ؟
".... الحقيقة التي يجب أن تفاجئنا هي أن هناك أشخاص لا يفهمون الرياضيّات .!
إذا كانت الرياضيات تتعامل فقط مع قواعد منطقية و مقبولة من قبل جميع العقول ، كما أن براهينها ترتكز على مبادئ شائعة بين الجميع و لا أحد ينكرها سوى المجانين ، كيف إذاً نفسّر حقيقة أن معظم الناس لا يستجيبون لها أو يستوعبونها ؟ .
الحقيقة الغامضة الأخرى هي أن ليس كل إنسان يستطيع أن يبدع أو يخترع . يمكن لنا أن نتفهّم حقيقة عدم قدرة البعض على الاسترجاع إلى ذاكرته شرح معيّن بعد أن يفهمه ، لكن حقيقة أن ليس كل إنسان يستطيع استيعاب المنطق ألرياضياتي رغم الشرح
المتكرّر ، هي فعلاً ظاهرة غامضة و مفاجئة لكل من يفكّر بالأمر ! ..... أما من جهتي شخصيّاً ، فذاكرتي ليست سيّئة ، لكنها لا تجعلني لاعب شطرنج جيّد . و بنفس الوقت ، فذاكرتي لا تخيّبني عندما أخوض في مسألة رياضية صعبة ، بينما لاعب الشطرنج يضيع حين يخوض في المسألة ذاتها ! . فما تفسير ذلك ؟ .
..... إن المعادلة الرياضية ليست مجرّد ترتيب بسيط من القيم الرقمية و القياسات و الرموز . فقياساتها متموضعة بترتيب منطقي محدّد ، و هذا الترتيب المحدّد الذي تشكله العناصر الرقمية هو أهم من العناصر ذاتها .
لكنني مجرّد أن نظرت إلى هذا الاصطفاف الرقمي المحدّد (معادلة معيّنة) ،أستطيع أن أدرك معناها من اللمحة الأولى و أتفاعل معها دون أن أدخل في تفاصيل عناصرها ، و لا أعتقد أن للذاكرة دور في هذه العملية ، فليس هناك وقت كافي للاستعانة بها ، و لا بدّ من أن السبب يعود إلى " حدس" معيّن ، إنه شعور داخلي غامض يصعب وصفه ، إنه شعور بأنني أعرف . جميعنا نعلم أن هذا الشعور أو هذا الحدس الغامض لا يملكه كل إنسان .
ـ يمكن للبعض أن يكونوا مجرّدين من هذا "الحدس" أو هذا الشعور الغامض ، و لا يملكون "ذاكرة" قوية أو قدرة " تركيز"جيدة ، لذلك لا يستطيعون استيعاب الرياضيات المعقّدة ، و هم الاكثرية .
ـ بينما هناك آخرون يملكون هذا "الحدس" لكن بدرجة قليلة , و يتمتّعون بقدرة كبيرة على "التذكر" و "التركيز" ، فيحفظون التفاصيل الحسابية عن ظهر قلب ، يستطيعون أن يفهموا الرياضيات ، و أحياناً يطبقونها عملياّ ، لكنهم لا يستطيعون الإبداع أو الاختراع.
ـ و أخيراً هناك أشخاص ، يملكون ذلك "الحدس" بدرجة عالية ، أما قدرة "الذاكرة" و "التركيز" فهي دون المتوسط ، لكنهم يفهمون الرياضيات جيداً ، و يبدعون فيها ، و حتى يخترعون ! .

ـ هذا ينطبق مع كافة المسالك الفكرية و الفنية التي تتطلّب الإبداع ، كالموسيقى و الكتابة و الشعر و الرسم و غيرها ، فجميعها تشترط وجود ذلك الشعور الغريب الذي يسمونه "الحدس".
ما هو ذلك الحدس ؟ ... ما هو مصدره ؟ ... لماذا لا يتجلّى عند الجميع ؟.
لقد طرح العالم "بوانسير" هذه التساؤلات في أواخر القرن التاسع عشر ، لكن "المنهج العلمي السائد" لم يوفر الإجابات حتى هذه اللّحظة .
إذا قمنا بالتعمّق قليلاً في مفهوم العقل ،سوف نخرج مسلّمين بحقيقة واضحة فحواها أن الإنسان لا يستطيع النجاح بالخوض في معترك الحياة بالاستعانة فقط بالعقل الذي يعرّفه المنهج العلمي السائد .
اسألوا البحارة الذين يجوبون البحار و المحيطات ، و متسلقي الجبال ، و الرياضيين ، و المستكشفين ، و المخترعين ، و المقاتلين في ساحات المعارك ، و حتى العاشقين ، و غيرهم ....
جميعهم أجمعوا على أنه هناك لحظات معيّنة (غالباً في الأوقات الحرجة) ، يقوم فيها الفرد بأفعال أو تصرّفات أوتوماتيكية خارجة عن تفكيره الواعي ، أو يتلفّظ في أحاديثه بكلمات أو يخرج بأفكار ، بشكل بديهي لاشعوري . و جميع هذه التصرفات أو الأفكار خارجة عن متناول العقل العادي .و كأن الفرد ، في تلك اللحظات بالذات ، قد انفصل عن العقل العادي و دخل إلى رحاب عقل خفي آخر ، مجهول المصدر و الهوية . فيستلم هذا العقل الآخر زمام الأمور دون أي تدخّل إرادي من الشخص ، فيرشده إلى برّ الأمان ، أو يلهمه بالفكرة المناسبة أو الحل المناسب لمشكلة معيّنة ، المهم أن النتيجة تكون دائماً لصالحه

سأصير يوماً ما أريد......(محمود دوريش)
لازم يضل شي جواتنا عم يقول لأ (مارسيل خليفة)
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05610 seconds with 11 queries