عرض مشاركة واحدة
قديم 18/08/2008   #1
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي مقالات لجوزيف سماحة


نصر الله ... الفرنكوفوني



استقبل الأمين العام لحزب الله القمة الفرنكوفونية بترحيب. حسن نصر الله فرنكوفوني؟ لقد استغرب البعض ذلك. والترحيب، إذا كان مفاجئاً، فهو مفاجئ بالمعنى الإيجابي للكلمة. لا يفعل سوى تأكيد أن هناك أصوليين أكثر تعقيداً بكثير مما يريد لهم خصومهم أن يكونوا، ومن الصورة التي يقدمها أصوليون آخرون عن أنفسهم.
أشاد نصر الله بالفرنكوفونية كرابطة ثقافية. كان في وسعه، حسب التبسيطات السائدة، اعتبارها غزواً ثقافياً يهدد الروابط الوحيدة التي يرفض الغلاة أن تشوبها شائبة. لم يصل إلى حد المجازفة بالحديث عن أن كل هوية هي، تعريفاً، مركبة. غير أنه تجاوز عتبة الحديث عن حوار الثقافات، عنوان المؤتمر، من أجل أن يمارسه فعلاً. واما أنه استسهل الأمر الصعب فلم يعد وارداً أن يتردد أمام الدعوة إلى تدعيم الفرنكوفونية لتحويلها الى رابطة سياسية. وفي الحالين كانت التعددية هدفاً يحاول الدفاع عنه. وهذا الهدف، عدا مصالحته مع واقع الحال، يمثل منحى سجالياً مع أحادية ثقافية وسياسية (واستراتيجية) تسعى لأن تفرض نفسها ولأن ترغم كل متباين عنها على أن يعيش وكأنه على حافة الانقراض.
وإذا كانت فرنسا هي القلب النابض للفرنكوفونية فإنها، في ممارستها السياسية، تبدو كمن يحاول الدفاع عن قدر من التعددية. لا داعي لبناء الأوهام في هذا المجال. ولكن لا بد من التسجيل أن باريس عندما تتصلب بعض الشيء، كما في مجلس الأمن هذه الأيام، فإنها تشجع أصواتاً على الارتفاع وترغم »انفراديي« الولايات المتحدة على إجراء حسابات تبدو لهم مهينة: استئذان الشرعية الدولية.
إن دول عدم الانحياز هي التي فرضت النقاش العراقي في نيويورك. والمزاج العام في القمة الفرنكوفونية معارض للجموح الأميركي. وفرنسا، في الموقعين، عنصر فعال. وهو يصبح أكثر فعالية إذا وجد صدى لتمايزه. ولقد أراد نصر الله، بحدود ما ومن يمثل، الإيحاء بأن الصمم عن »الاستثناء« الفرنسي خطأ. وتصرف في ذلك كمن يدرك أن الثنائية، في أسوأ الأحوال، هي شرط للتعددية وأنه ضروري التشبث بكل موقف مغاير من أجل توسيع ثغرة الخروج من الحصار.
حضور نصر الله إلى بيال كرر، بمعنى ما، صورة الوزاني. لا بل يمكن القول إن النجاح (المؤقت؟) في الوزاني لم يكن ممكناً لولا إدارة جيدة للعبة: الاحتماء بالقوانين الدولية، استنفار الوحدة الوطنية الداخلية، توزيع العمل بين الدولة والمقاومة، انتهاز الظرف السياسي. ففي هذه اللعبة يتداخل السياسي بموازين القوى العسكرية بالشروط الدولية والإقليمية، وهي أمور يصعب التقاطها على من يعجز عن فهم المغزى من الجلوس في الصف الأمامي يستمع إلى جاك شيراك يلقي كلمته. ولقد كان لافتاً أن الرئيس الفرنسي أسقط المطلب الصريح بإرسال الجيش اللبناني الى الحدود. وهو مطلب لو كان تحقق لما كانت قضية الوزاني عرفت المسلك الذي سلكته.
ثم إن حضور نصر الله موصول بتطورات تفاعلت منذ عدوان 96 وكان لفرنسا إسهام مباشر فيها. ففي ذلك الوقت كسر شيراك، عبر هيرفيه دو شاريت، الانفراد الأميركي. ونجح في الدفع نحو »لجنة التفاهم« التي حيّدت المدنيين وأمكن القول، آنذاك، إن العد العكسي للاحتلال بدأ. لم يكن متبقياً سوى أن تكون المقاومة فعالة، وقد كانت، خاصة أنها تمتعت، بعد فترة، بتواصل من نوع جديد مع السلطة الرسمية.
كان صعباً لمن شاهد نصر الله حيث كان أمس ألا يتنبّه إلى أن الأصولية متعددة.
فقبل أيام ارتأى البعض أن ضرب ناقلة نفط فرنسية في ميناء عدن هو عمل محبذ. ولم يدر في خلده ان الخطوة مجانية، وعدمية. ولم يهتم بانعدام الصلة بين العملية وبين أي ترتيب للأولويات سواء في فلسطين أو العراق. وقبل أيام، أيضاً، قال أحدهم إن المطلوب استهداف المصالح الألمانية علماً أن غيرهارد شرودر، حالياً، يتحمل الكثير جراء اعتراضه على السياسة الأميركية. وتنتمي هذه الآراء الى التبسيط المشكو منه عند الأميركيين. لا بل تفوقه بؤساً لأنها، ببساطة، لا تملك أدوات أفكارها ومشروعها ولا تفعل سوى زيادة العقبات في وجه الساعين، بما أمكنهم، إلى تعديل موازين القوى.
إن حضور نصر الله إشارة تبرؤ من حادثة عدن ومن تبريراتها. لا بل إنها رسالة تساجل ضد خلط الإرهاب بالمقاومة. فالحضور دليل قدرة على التمييز بين ما يستوجب رفع الصوت تهديداً، كما عشية تدشين الوزاني، وما يفرض مد اليد حواراً.
إن حضور نصر الله الجلسة الافتتاحية لقمة الفرنكوفونية هو عمل ديالكتيكي بامتياز. وليس مهماً إذا رفض اعتبار التوصيف مدحاً... علماً أن هذا هو القصد منه.
10/19/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com

آخر تعديل رجل من ورق يوم 18/08/2008 في 19:53. السبب: ولا شي
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.09061 seconds with 11 queries