عرض مشاركة واحدة
قديم 18/08/2008   #4
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


اقتراحات إلى شارلوت



كانت متقاعدة. إلا أنها كانت نجمة من نجوم ماديسون أفنيو التي تصنع، مع هوليود، المخيّلة الجماعية للعالم. جاؤوا بها إلى الإدارة. وليس إلى أي موقع كان. إلى وزارة الخارجية مباشرة لتصبح نائبة الوزير لشؤون »الدبلوماسية العامة«. يوحي سجلّها بنجاح بارز في الترويج لسلع عادية. غير أن جورج بوش وكولن باول يريدان من شارلوت بيرز (66 عاماً) أن تبيع ما لم تعتد، أو يعتد غيرها، على بيعه رسمياً: أميركا أو، بالأحرى، صورة أميركا.
فبعد 11 أيلول طرح سؤال في واشنطن: »لماذا يكرهوننا؟«. ووظيفة بيرز هي ألا يعود أحد يكره بلادها فهي تريد، كما تقول، أن تعلّم »مليار مسلم أنه ليس ضرورياً أن تقتلونا للفت انتباهنا«. وبما أنها متواضعة بعض الشيء فإنها تعتبر حسب مقاييس الشركات الكبرى أن »اكتساب حصة ثلاثين في المئة من السوق هو إنجاز كبير«.
عمل شارلوت هو تعليب الولايات المتحدة وتسويقها في العالمين العربي والإسلامي. »نريد أن نبيع سلعة« قال
باول. وهذه السلعة ماركة مسجلة: القيم الأميركية.
الوسائل التي ستستخدمها شارلوت متنوعة: كتب، أقراص مدمجة، مجلة شبابية، رحلات، تبادل بعثات مدرسية، استقصاءات رأي، دروس لغة إنكليزية، كليبات تلفزيونية، إعلانات صحافية...
وقبل الاستطراد يجدر القول إن الكليبات باتت موجودة في بيروت وإننا »معرّضون« لرؤيتها قريباً من أجل أن ننام متحفّظين على أميركا ونستفيق معجبين بها. ولقد صرّحت شارلوت في شهادة لها أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ (11 حزيران) بما حرفيته: »نستطيع العمل مع المحطات الفضائية البارزة مثل أم. بي. سي. وإل. بي. سي. والمستقبل والجزيرة. وهي محطات متجهة لبرمجة جديدة ووعدتنا بأنها مفتوحة لموادنا«. أضافت انها أجرت الاتصالات اللازمة في أميركا وستؤمن الأشرطة اللازمة. هل يبادر بيار الضاهر ونديم المنلا إلى نفي ذلك؟

يمكن التقدير، مسبقاً، أن مهمة شارلوت صعبة لأن المشكلة هي في مضمون الرسالة الأميركية إلى العرب وليس في شكلها. ولكن، ريثما تكتشف ذلك بنفسها، وبعد أن تكون أكملت دورتها في معاهد البحث وهيئات التشريع والتقرير، هذه اقتراحات لها قد تفيدها.
أولاً عليها أن تطالب بميزانية تفوق ال600 مليون دولار المرصودة لها. فهي تعلم أن إطلاق منتوج جديد يحتاج إلى نفقات أكبر بكثير من ذلك.
ثانياً يستحسن ألا تكتفي بأن تبيع »صورة أميركا« أي »نمط الحياة الأميركي«. فالجمهور يعرف، مسبقاً، أن ثمة مسلمين وعرباً يصعدون السلم الاجتماعي، وأن المجتمع التعددي هناك يتمتع بقدر من التسامح. عليها أن تركّز، أكثر، على ما تصدّره أميركا إلى العالم، وإلى منطقتنا تحديداً، عبر سياستها الخارجية.
لن تكون مقنعة، هنا، إذا رددت، كما فعلت أمام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (15 5 2002) بأنه يفترض تجاهل الصراع مع إسرائيل مثلاً من »أجل أن نخلق مواضيع أخرى للتحاور«!
ثالثاً قد يكون جيداً لو أنها تذهب في التحدي إلى نهايته. فهي تتحدث عن 700 ألف زاروا أميركا في إطار برامج منظمة وتدعو إلى تفعيلهم. وواجبها أن تقول لنا من الذي قبل »التفعيل« وما هو دوره. ولا بأس من الذهاب في الشفافية حتى النهاية بالإعلان عن أسماء جميع المتعاونين في البرامج المتعددة التي تنوي إطلاقها من إذاعة
»سوا« إلى التلفزيون إلى الصحف المحلية وسواها.
رابعاً أحسنت شارلوت فعلاً باختيار الشباب، في حدود العشرين، هدفاً مركزياً لبيع السلعة. ولكنها إذا اعتقدت أن الإكثار من موسيقى البوب يكفي وحده تكون ترضى لهم ما لا ترضاه للأميركيين.
خامساً يجب أن تحسم أمرها. إذا أرادت تعليب السلعة بالخطاب الأميركي التقليدي عن الحريات وحقوق الإنسان فإنها مهددة بخسارة أصدقاء أميركا بين الحكام. وإذا اختارت التعليب بواسطة شرح الأهداف الأميركية الفعلية فإنها ستواجه مشكلة مع الأكثرية الساحقة. وربما اضطرت، والحال هذه، إلى إنهاء حياتها المهنية بفشل.
تعرف شارلوت بيرز جيداً أن الإعلان، كصناعة، يبرز عند انتهاء المنافسة بواسطة الجودة والسعر. فعندما تصبح مساحيق الغسيل، مثلاً، متقاربة في النوعية والثمن يكون للإعلان دور. وبهذا المعنى فإن السلعة »أميركا« لا حظ
لها لأنها رديئة أولاً، وغالية ثانياً. ولذا ربما كان الأفضل، من ناحية تسويقية، التركيز، لدى المستهلكين، على أن لا بديل عن هذا المنتوج. ويعني ذلك أن شارلوت تتوفق أكثر إذا نجحت في إفهامنا أن سلعتها هي الوحيدة المطروحة في السوق وذلك بغض النظر عن مدى فائدتها. عندها لا يعود علينا سوى التكيّف مع ذلك. أي، التصاغر قدر الإمكان من أجل أن نكون صالحين لتقبّل هذه الحالة الاحتكارية. ويقود ذلك، عملياً، إلى تقديس هذه السلعة وتغيير طبيعة المستهلكين بحيث يصبحون في خدمتها بدل أن يكون العكس هو الصحيح.
قد تنجح شارلوت في عملية الإغراء هذه. ولو أن المرأة القادمة إلينا من اختيارات مجلة »غلامور« ترتكب هفوات مضحكة. فلقد شرعت، ذات مرة، في حديث عن الإسلام مستخدمة فيه مصطلح »إيمان« بدلاً من »إمام«. ولما جرى استدراك ذلك تبيّن أنها استخدمت »إيمان« لأنها كلمة أليفة إليها ليس لمعناها الفعلي، معتقد، وإنما لأنها الإسم العلم لعارضة الأزياء الشهيرة!

08/30/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04417 seconds with 11 queries