الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 27/12/2007   #30
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي




دلمــون القصيــدة بمعطــف القـرن الحـادي والعشريـن حاوره من مدينة أور: نعيم عبد مهلهل
قاسم حداد في ليستر سكواير في لندن

تستيقظ دلمون في كل صباح ليقابلها ضوء زمنين تتداخل فيهما رؤى مشتركة لألهة صنعتها الرغبات وأحلام قصائد العشاق. ضوء أور السومرية وضوء البحرين دانة الشاطئ الخليجي وبين البقعتين تخطط الأساطير مشاريع الوصول الى ظل التأريخ بأقل عذاب ممكن، وتلك المهمة لايتحمل مشقتها سوى الشعراء وربما يكون الشاعر قاسم حداد من أولئك بفضل تراث شعري مكنه ليكون في مقدمة نساجي معطف دلمون الذي أرتداه في القرن العشرين وسط تداخلات البدء للعولمة والحروب والاحتلالات وقفزت معه الى القرن الحادي والعشرين . وهو شاعر الجملة الواعية التي كانت ثوريتها مميزة بحدة الصوت وكثافة الصورة ، وهو أيضاً من الذين افترضوا في الشعر كينونتهم الوطنية وجعلوه شكلاً من أشكال المقاومة الحضارية والثقافية ، والذي يقرأ قاسم حداد يكتشف مراحل لاتحصى من نضوج الحلم الدلموني وتحولاته الفكرية التي ولدت من مخاضات لاتحصى في معركة أثبات الوجود ، وهو شاعر يضج بمعجميات الأمكنة وتأريخها فيما تمثل دراما وعي القصيدة عنده رائية لاكتشاف أكثر من هاجس ويصعب جداً أن ترى في شعر قاسم حداد تلاقيات هشه أو مديح لمن لايستحق المديح حتى لو كان نسراً على جبل .
هذا شاعر تتوضح خطاه في قيمة ماينتج ، وتراثه عبارة عن أهرامات من قصائد أزمنته هو بكل ماملكت من قساوة وعسر ومرح ولقد شكل مع مجايله وعياً جديداً وحداثوياً للحركة الشعرية في مملكة البحرين بل وجعلوا هذا الحركة علامة فارقة في تطور الجملة الشعرية وقوتها في زمن كانت شواطئ الخليج تبحث عن ذاكرة الوجود وسط جنون تدفق ناقلات النفط وهموم البحث عن السيادة والتخلص من هيمنة الشركات الكبرى .
في المنامة حيث ركن قاسم حداد مع روحة الرائية لظلال الأشياء اللامعة حتى ببعد سنوات
ضوئية ، هدأت الرجل وركنت الى صوفية حاذقة وتبشرية ذهنية تداف بشئ من حداثة الفلسفة الأثينية المعمولة بخلطة رمل سواحل جزر بلاده المتناثرة في ذاكرته كحبات اللؤلؤ الذي شد به قاسم وجع قصائده الأولى وصنع منها إشراقات واقعية البدء وجدية تعاملها مع الموجود الذي كانت تهيمن عليه عادات الشرق وتقاليده التي لاتحصى والخاضعة أصلاً الى موروث الاستلاب وثورات الحلم منذ مقتل الحسين ومروراً بالقرامطة والزنج وعصيانات القرن الثامن والتاسع عشر وانتهاءاً بعصر التمدن .
ويبدو أن خيار هذه الصوفية قد خلقت كونية واعية لنمط الحداثة الشعرية لقاسم حداد لهذا واستباقاً لكل هذا المجد الشعري الواعي وما أقل الواعين من صاحبي موهبة الشعر كان الحوار معه أشبه بمن يغامر ويصنع في ذاكرته حلم سندباد لسفينة لم تصنع بعد . ولأني صنعت أسئلتي من خلال جهد قراءة مركز لتراث قاسم حداد عبر معرفة ثقافية تعود الى سبعينيات القرن الماضي حملت أسئلتي على أكتاف ذاكرتي وبسطتها أمامه كمن يبسط بضاعة الريش في نهار لا تهدأ الريح فيه .
الشاعر قاسم حداد أنت وكما أراك حساً عائماً في قدرية الامتلاك. وكأن هذا وصف سريالي .ولكنك حتماً ستجد جواباً لمشفرتي.أي أريد منك أن تضع حدود الفهم لقصيدة تولد في رأسك، وأفضل أن تكون من البدايات ؟
الشاعر لا يستطيع الزعم باقتراح حدود (لفهم) قصيدته. ليس لأنه لا يريد أن يفسد حرية قصيدته، ولكن الأهم أنه ليس من الحكمة المجازفة في (إفساد) القارئ. فالعطب سرعان ما ينال من حرية مخيلة القارئ، ليس إزاء قصيدة بعينها، ولكن العلاقة الحرة مع الشعر سوف تتعرض للتنكيل.
فالشعر هو حرية بالدرجة الأولى. وعندما أكتب نصاً ما ليس في برنامجي معنى (مسبقاً) ناجزاً يمكن أن أقترحه (لئلا أقول أفرضه) على القارئ، مطلق قارئ.
بقي أن تدرب (مشفرتك) على تفادي توجيه مثل هذا السؤال للشاعر، فربما ساعدك القارئ على ما تريد أكثر مما تتوقع من الشاعر. وبالمناسبة فنحن عندما نكتب القصيدة أو الشعر فإنما نكتبه للقارئ العاري والمتحرر من (المشافر) وليس للناقد المدجج بها.
الشعرهو ما يذهب بنا الى آخر لا نعرف ملامحه بالضبط سوى أنه قارئ . كيف نصنع ثقافة مميزة لقصيدتنا ؟ هل نرمي الطعم لذاكرة الآخر ونشيد له وعياً لا يمتلكه هو أصلاً ؟ هل نحتفي معه بسعادة نصنعها من أجله ؟ أم أننا نبدع القصيدة ونترك الحبل على الغارب؟
كيف تجرؤ ؟ أنا شخصياً لا أجرؤ القول عن القارئ أنه (لا يمتلك الوعي أصلاً). هذا قول غليظ .. يا نعيم.
ليس من الحكمة الزعم بهذا كما لو أن القارئ هو جاهل مسبقاً. علينا أن نتميز بوعي يمنحنا الثقة في وعي القارئ. أكثر من هذا، فإنني من الذين لا يثقون في ثقافة ومعرفة القارئ فحسب، ولكنني أشعر دائماً في أن ثمة قارئ يتميز بالوعي والمعرفة أكثر من الشاعر. هذه طبيعة أشياء الحياة. فكوني الشاعر قادر (بموهبته) أن يكتب القصيدة فان هذا لا يعني على الإطلاق أنه يمتلك المعرفة والثقافة أكثر من سواه، وربما أكثر من القارئ خصوصاً. ولا ينبغي الصدور أبدا عن هذا الوهم لئلا نسهم في تكريس الفجوة بين النص الآخرين.
في سؤالك ثمة تعال لا يليق بمن يضع أدواته النقدية الجديدة في موضع الصقل والتجربة الجديدة. مما يستدعي الصدق و المسؤولية التنبيه برصانة حميمة الى أننا غير مهيئين الى خذلان إضافي ونحن نأمل في الأصوات النقدية الشابة وهي تقترح علينا حوارها المختلف.
لقد عانت تجاربنا من بعض الأوهام القاتلة من بين أخطرها تلك النظرة الدونية للقارئ، الى حد أن ثمة من تلقى فكرة (موت) القارئ لكي يؤثث موقفه الفض تجاه الآخر، مبالغاً في الوهم بأن الشاعر هو نبي المعرفة و الوعي لا يستطيع أحد فهمه وليس بين القراء من يمتلك ثقافته. أية روح يمكن أن تقود الشاعر و المثقف الى هذه النظرة ؟
شخصياً، اشعر بالقلق الكبير تجاه أجيال الشباب وهي تستورد مثل هذه المنظورات من أسلافهم المعاصرين، وتواصل المزاعم نفسها مكرسة القطيعة (المتوهمة) ذاتها. لابد لكم أن تكترثوا جيدا وعميقاً بما يصادفكم في التراث المعاصر أكثر من اكتراثكم بتركة التراث القديم.
غاستون بلاشار يقول : المكان هو من يصنع مادة الذهن . ماذا يفعل الزمان للذهن إذن ؟ ولكي أقربك من وعي العبارة سنأخذ قصيدتك { ماتيسر من سورة الخليج والدماء } وهي كتبت عام 1970 . أنا درست رائية الثورة في هذه القصيدة وكان صوتها يتحدث عن مكان هو البلاد وبعض شخوص لكن الزمن ينفلت الى أكثر من مكان . ماذا تقول ؟
تلك القصيدة ليست نص مكان فقط ، ولكنه خصوصاً نص زمان. وربما هذا السبب هو ما جعلها أقل قدرة على الاستمرار (النوعي) في تجربتي الفنية. ها أنت تتشبث بالنص بوصفه (ذاكرة)، في حين ينبغي لك، (كقارئ خاص أولاً وكنزوع نقدي ثانياً) أن تتصل بالنص بوصفه (مخيلة) بالدرجة الأولى. في الشعر، تظل الذاكرة هي العنصر الأكثر قدرة على العبور العميق
للزمان والمكان وهي بالمناسبة من النصوص التي لم يتضمنها أي كتاب شعري لي لأسباب فنية، هي بالضبط من النصوص التي (تقول) وليس من النصوص التي (تحلم). وها أنت تقول أنك درست فيها رائية الثورة.
إنني مدين لتلك القصيدة ومرحلتها بالكثير من دروس الثورة على غير صعيد.
أعمالك الأولى { البشارة ، خروج رأس الحسين ، قلب الحب.. } تميزت بمرحلة الانفلات الذي لا يخشى. أنا قرأت خروج رأس الحسين وكنت طالباً في المتوسطة. خلتك تدعو الى ثورة جديدة وتشهر استلاب الذات العربية بجرأة قد تحسد عليها . هل بقيت تلك الجذوة موجودة كما في كتب السبعينيات ؟
عليك أن تسال النص دائماً، لأن الشخص مشحون بالمزاعم التي ليست فوق مستوى الشك.
الشعر يمنح الإنسان مشاعر تتراوح بين الأحلام والأوهام بصورة غاية في الخطورة. وأخشى أنه كلما كثرت المزاعم ندرت الأشعار. بالطبع لا اخفي أنني تواق للمغامرة لا أزال، دون أن يكون هذا التوق ناجحاً على الدوام، لأن احتمالات الفشل تكون أكثر كلما تقدم الكائن في السن والتجربة. لكن من المؤكد أنني سوف أتذكر كلما قالتها ليلى صاحبة قيس عندما سألوها في عمر متقدم، ما ذا كانت جذوة الحب لا تزال ، فأجابتهم: إن الشهوة موجودة ولكن الآلة تقصر عن ذلك . علينا أن نسال النصوص دائما عن تلك الشهوة الأسطورية
.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة

آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:27.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05170 seconds with 11 queries