عرض مشاركة واحدة
قديم 27/07/2005   #16
شب و شيخ الشباب s1_daoud
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ s1_daoud
s1_daoud is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
1,231

افتراضي


الاخوان المسلمون Les Fre"res Musulmans
المؤلف: كزافييه تيرنسيان Xavier Ternisien
دار النشر: فايار. باريس. 2005 Fayard. Paris.




من هم الاخوان المسلمون؟ كيف تأسست حركتهم على يد الشيخ حسن البنا في العشرينات من القرن الماضي؟ ما هي التطورات التي طرأت على الحركة منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا؟ وهل صحيح انهم يشبهون الحركات الفاشية التي ظهرت في اوروبا في الثلاثينات من القرن الماضي؟ ام انهم تطوروا وتغيروا؟

هذه هي بعض الاسئلة التي يطرحها الباحث الفرنسي كزافييه تيرنسيان. وهو في الاصل خريج معهد الدراسات السياسية في باريس ـ مركز تدريب الصحافيين. وكان قد اشتغل سابقا في مجلة «الاعتقاد اليوم» قبل ان ينتقل الى جريدة «اللوموند» الشهيرة عام 2000 . وقد تسلم فيها مسؤولية تتبع احوال الاديان في فرنسا. وكان قد قام بتحريات ميدانية عديدة عن المسلمين فرنسا وخارجها، ثم اصدر عام 2002 كتابا بعنوان «فرنسا الجوامع» وهو كتاب يدرس بطريقة واقعية حية كيفية انتشار الاسلام في المجتمع الفرنسي وترسخه على هيئة جوامع ومؤسسات دينية وتربوية وهو بالتالي آخر دين يجيء الى هذه البلاد عن طريق الجاليات المغاربية والعربية ويحتل مكانته بالاضافة الى الاديان السابقة كالمسيحية واليهودية. انه احدث دين يدخل الى بلاد فولتير ويستقر فيها ويثير مناقشات واسعة كانت صاخبة ولا تزال.

في هذا الكتاب الجديد الذي صدر قبل اسبوع في باريس يقدم المؤلف صورة متكاملة عن حركة الاخوان المسلمين. ومنذ البداية يقول بان مجرد ذكر هذا الاسم يحدث القشعريرة والرعب في نفوس الناس في اوروبا والغرب كله. فالغربي غير المسلم يرى في التسمية ذاتها تهديدا له. ويمكن ان نضيف بان الكثيرين من العرب او المسلمين انفسهم يشعرون بالرهبة والخوف ما ان يذكر هذا الاسم امامه. فمن اين جاء كل هذا الخوف يا ترى؟ ولماذا التصق بحركة الاخوان من دون سواها من الحركات الايديولوجية او السياسية العربية؟

على هذا السؤال يجيب المؤلف قائلا: بان الحركات الاصولية المعاصرة خرجت كلها من رحم الاخوان المسلمين. وبما انها تلجأ الى اساليب العنف او الاغتيالات او التفجيرات عادة فان سمعة الاخوان تشوهت على مدار التاريخ المعاصر.

وعلى ما يبدو فان المؤلف ذهب الى القاهرة وقابل معظم قادة الاخوان لكي يعرف الحقيقة. وبالتالي فكتابه عبارة عن سلسلة مقابلات مع الرعيل الاول كفريد عبد الخالق عضو مكتب الارشاد في الخمسينات وتلميذ حسن البنا. وقد كان عضوا فاعلا وقياديا في الحركة لمدة ثلاثين سنة قبل ان يبتعد عنها في الوقت الذي حافظ على علاقات جيدة معها. وعندما سأله الباحث الفرنسي لماذا تركت الحركة؟ اجاب: لقد تركتها عام 1971 لانه كانت لي بعض التحفظات، ينبغي العلم بان الاسلام يحتوي على بُعد انساني رحيم اذا ما فهمنا القرآن الكريم جيدا. وبالتالي ينبغي على المسلم ان يتحلى بالنزعة الانسانية. ولكن للاسف فان بعض الاخوان المسلمين لا يتحلون بها. وهذا هو سبب ابتعادي عنهم.

نفهم من هذا الكلام ان قراءة الاخوان المسلمين للقرآن الكريم ورسالة الاسلام هي قراءة عنيفة متشددة على عكس القراءة العقلانية او الاصلاحية للامام محمد عبده مثلا او حتى لاخ حسن البنا نفسه: المصلح جمال البنا. وقد قابله المؤلف مطولا في القاهرة وكان مما قال له هذا الكلام المعبر ذو الدلالة: لو ان اخي عاش اكثر لربما تطور كثيرا باتجاه الانفتاح ولما بقي على مواقفه السابقة، ثم اضاف في مكان آخر: لو عاش حسن البنا عمرا اطول ما سمع الناس بشخص يدعى جمال عبد الناصر! ولكن هذا ليس مؤكدا وربما كانت العاطفة تجاه اخيه وهي مفهومة ومشروعة، قد دفعته الى هذا التصريح المبالغ فيه في رأينا.

هكذا نلاحظ ان الاستاذ جمال البنا يحاول شد اخيه المؤسس باتجاه التقدم لكي يبعد عنه تلك السمعة الرهيبة التي لحقت بالاخوان على مدار التاريخ المعاصر ولا تزال. وهدف الباحث الفرنسي من هذا الكتاب هو ان يقدم عنهم صورة اقل سوادا باعتبار ان الحركة تحتوي على عدة تيارات منغلقة ومنفتحة وليست تيارا واحدا كما نتوهم. وبالتالي فمن الظلم ان نضع الجميع في سلة واحدة. فهناك عبد المنعم ابو الفتوح وعصام العريان اللذان يقبلان بالحوار مع الحضارة الحديثة، بل وتبني الديمقراطية على الطريقة الغربية. وهناك الجيل المتشدد الذي ينتمي الى الرعيل الاول اساسا كصالح العشماوي مثلا او سيد قطب او سواهما.

ويرى الباحث الفرنسي انه ينبغي التمييز بين جيل الشيوخ (اي الرعيل الاول من الاخوان) وجيل الكهول (45 ـ 55 سنة)، وجيل الشباب (30 سنة). فكل جيل يحمل سمات عصره وثقافته وحساسيته.. وبالتالي فالاخوان ليسوا كتلة واحدة صماء بكماء عمياء!.. وانما ينتمون الى عدة حساسيات وتوجهات وفيهم مثقفون مطلعون على الحضارة الحديثة، كما ان بينهم تقليديين منغلقين كليا على العالم.

وعندما قابل المؤلف عبد المنعم ابو الفتوح الذي ينتمي الى الجيل الثاني قدم نفسه على اساس انه يمثل الجناح المنفتح في حركة الاخوان المسلمين، فهو يقبل مثلا بالديمقراطية بدون ان تفسر بالضرورة عبر المنظور الديني وهو بذلك يتخذ موقفا مضادا لمعظم قادة الحركات الاصولية الذين يدينون الديمقراطية باعتبار انها مستوردة من الغرب الكافر. انظر موقف الجزائري علي بلحاج وآخرين، بل انظر موقف المودووي وسيد قطب اللذين يقولان بالحاكمية ويرفضان سيادة الشعب، فالمشروعية في نظرهما ليست بشرية ولا يمكن ان تكون ناتجة عن تصويت الشعب، وانما هي إلهية حصرا.

وهكذا لا يستطيعان التفريق بين ما هو سماوي /وما هو ارضي، وبين ما هو ديني/ وما هو دنيوي، او بين العبادات/ والمعاملات.

فهل يعني ذلك ان الجيل الجديد من الاخوان قطع مع عقيدة الجيل القديم تحت ضغط الاحداث الجارية وبخاصة 11 سبتمبر؟ ربما، هل يعني انه تخلى عن العنف كوسيلة للوصول الى السلطة؟ لا ريب في ان العناصر الاكثر عقلانية اصبحت تدرك مدى خطورة السمعة السوداء التي لحقت بالحركة وشوهت سمعتها في الداخل والخارج بسبب لجوئها الى سياسة التفجيرات والاغتيالات سابقا، انظر التنظيم الخاص والسري في عهد البنا وما تلاه. ولهذا السبب فهي تريد تحسين صورتها امام الرأي العام، المحلي والعالمي تمهيدا لوصولها الى السلطة يوما ما وقد ابتدأت تغازل الغرب وتتودد اليه لكي تبعد عن نفسها شبح التطرف والتعصب والاكراه في الدين. وابتدأ الغرب يفكر في التعامل معها باعتبار انها تمثل شرائح واسعة من الشعب.

وهذا اكثر ما يخشاه المثقفون التحديثيون في العالم العربي من امثال رفعت السعيد الذي قال للمؤلف: الخطر الاكبر هو ان يتحالف الاخوان مع الاميركان. وعندئذ لا يستطيع احد ان يقف في وجه هذا التحالف! وهذا الكلام يقودنا الى طرح بعض الاسئلة عن شعبية الاخوان في مصر، فالبعض يضخمها والبعض الآخر يقلل منها. فهل حقا انهم سيصلون الى السلطة اذا ما جرت انتخابات حرة؟

جمال البنا يعتقد ذلك بحسب ما نقله الباحث الفرنسي من تصريحات عنه. فهو يقول بانهم سيحصلون على عدد يتراوح بين 50 و 100 نائب في مجلس الشعب. ولكنهم الآن لا يمتلكون إلا (17) نائبا لأن الانتخابات لم تكن حرة. ولكن مائة نائب ليست كافية لاستلام الحكم، وانما يلزمهم على الاقل (225) نائبا.

وشعبية الاخوان عائدة الى الحقيقة البسيطة التالية: وهي ان جميع الاحزاب السياسية مارست الحكم ما عدا الاخوان. وبالتالي فلم يفقدوا مصداقيتهم بعد والناس يعتقدون بأنهم قادرون على حل مشاكلهم، ولهذا السبب فانهم يشكلون معارضة حقيقية وتخيف النظام. انتهى كلام جمال البنا.

ولكن المؤلف يقول بان المراقبين الآخرين للساحة المصرية لا يعتقدون بان الاخوان يمكن ان ينتصروا في الانتخابات الحرة. فأفضل التقديرات لا تعطيهم اكثر من نسبة %30 من اصوات الشعب المصري. وهي نسبة كبيرة ولا يستهان بها، ولكنها ليست كافية لتحقيق الاغلبية المطلقة في مجلس الشعب والوصول الى سدة السلطة. ويبدو ان الاستاذ جمال البنا لا يتمنى انتصار الاخوان المسلمين بحسب ما ينقله عنه المؤلف. لماذا؟ لأنه يوجد اختلاف راديكالي بين السلطة والقيم الدينية، فاذا ما استولى الدين على السلطة، فإنها تفسده! فهل هناك كلام اجمل من هذا الكلام؟ ولكن من يستمع الى حكيم مصر والعرب؟

في ختام الكتاب نلاحظ ان الباحث الفرنسي يعطي بعض النصائح للاخوان المسلمين الذين فتحوا له ابوابهم في القاهرة بكل ترحاب من كبيرهم الى صغيرهم. ولذلك يبدو متعاطفا معهم، او قل متفهما لهم، من دون ان ينسى اخطاءهم ونواقصهم، وهي كبيرة، واحيانا فاحشة، فهو ينصحهم بتشكيل حزب سياسي على طريقة يمين الوسط: اي على غرار حزب العدالة والتنمية التركي، وهو حزب نجح في تجديد القوانين التركية والتخلي عن الفقه القديم الذي لم يعد صالحا للعصور الحديثة. فلا احد يقبل بقطع يد السارق او رجم المرأة الزانية، او التفريق بين المواطنين على اساس طائفي او مذهبي، وبالتالي فالاقباط ينبغي ان تكون لهم نفس الحقوق في وطنهم تماما كاخوانهم المسلمين. فهل يستطيع الاخوان العرب ان يحققوا نفس الطفرة النوعية التي حققها الاخوان الاتراك بقيادة طيب رجب اردوغان وعبد الله غول؟ هذا هو السؤال المطروح على الاخوان المسلمين في مصر وغير مصر. هل سيقبلون بوجود مواطنين ينتمون الى اديان اخرى غير الاسلام، او الى مذاهب اخرى غير مذهب اهل السنة والجماعة؟ ونقصد بذلك المذاهب الشيعية والاباضية بمختلف انواعها، ام انهم سيظلون يكفرونهم ويبيحون دماءهم؟ بل ويمكن ان نصعد التساؤلات اكثر ونقول: هل سيقبلون بوجود مواطنين غير مؤمنين بالمعنى التقليدي للكلمة، اي غير ممارسين للطقوس والشعائر؟ بكلمة مختصرة: هل سيقبلون بالفصل بين الانتماء الطائفي/ والانتماء الوطني؟

فمن المعلوم ان كل «مؤمن» مواطن بالضرورة، ولكن ليس كل مواطن «مؤمنا» بالضرورة، وعندئذ تصبح مسألة الايمان قضية شخصية بين الانسان وربه ولا يحق لمخلوق كائن من كان ان يحاسبه عليها. تصعب الاجابة بالايجاب على هذه الأسئلة في الوضع الراهن للامور، وذلك لأن الاسلام، كما يقول المؤلف، لم يشهد بعد اصلاحه الجذري، كما حصل للمسيحية الاوروبية اثناء الفاتيكان الثاني، وهو المجمع الكنسي الشهير الذي تخلى عن المقولات اللاهوتية العتيقة وصالح بين المسيحية والحداثة بعد طول عراك وخصام.

ثم يردف المؤلف قائلا: بالطبع فإن الكثيرين من المثقفين العلمانيين يتمنون من كل قلوبهم ان يحصل اصلاح للاسلام، كما حصل للمسيحية في اوروبا. وهو اصلاح يمكن ان يؤدي الى اسلام تنويري مضاد للاسلام الاصولي الذي لا يزال يتمسك به جمهور الاخوان حتى الآن. ويمكن القول بانه لو استمر خط الامام محمد عبده، ولو لم يصادر حسن البنا مشروعه الاسلامي الرائع، لكنا قد توصلنا الآن الى اسلام تنويري وعقلاني بالكامل.

ولكن الباحث الفرنسي يقول بان الاصلاح الديني لا يحصل عادة الا في ظروف مؤاتية. وهذه الظروف غير متوافرة الآن في الاسلام. فالعالم العربي يتعرض لزعزعة استقرار كبيرة في فلسطين والعراق، وبالتالي فآخر همّ له هو ان يفكر في اصلاح الاسلام، على العكس فإنه بحاجة اليه في صيغته الجهادية لكي يدافع عن هويته المهددة، ولهذا السبب فإن التيارات التكفيرية المتشددة هي التي تسيطر على الساحة، وسوف تظل الامور كذلك حتى تحل قضية فلسطين والعراق.

وبالتالي ففيما وراء تنظيم الاخوان، فإن مصير العالم الاسلامي كله اصبح الآن على المحك. والسؤال المطروح هو التالي: هل سيقلب العالم الاسلامي في اتجاه العنف والارهاب، ام على العكس سوف ينحو باتجاه الديمقراطية على الطريقة التركية؟ وما هو دور الغرب في ذلك؟

في الواقع ان الغرب الذي يمسك بمقاليد العالم اليوم يستطيع ان يساعد العالم العربي ـ والاسلامي ككل على السير في اتجاه الاصلاح الديني والحداثة السياسية، ويستطيع ان يعقد له اموره ويدفعه في اتجاه التطرف اكثر فاكثر. وتقع على اوروبا مسؤولية كبيرة في هذا المجال. ويرى المؤلف ان عليها ان تختار بين طريقين: اما ان تضع جميع الاصوليين في سلة واحدة غير مفرقة بين معتدل ومتطرف، واما ان تفعل العكس. والحل الثاني هو الصحيح. فمن غير المعقول ان نساوي بين طارق رمضان وبن لادن، وبين الشيخ يوسف القرضاوي وابو مصعب الزرقاوي! على العكس ينبغي تشجيع التيار المعتدل في الاسلام من اجل مواجهة التيار التكفيري المتطرف وتحجيمه. وكل ذلك بانتظار ان يحصل التنوير في الاسلام يوما ما وتنحل المشكلة من اساسها

Nothing Else Matters

عندما قرر ادم اكل التفاحة لم يكتفي بقضمها بل اكلها كلها ربما كان يعرف انه ليس هناك فرق بين انصاف خطايا وخطايا

jesus i trust in you
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04856 seconds with 11 queries