الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 03/01/2008   #142
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


وماذا عن سنية صالح؟
هذه العلاقة أثمرت شعراً وأكداساً من الحزن والألم والذكريات، لقد لعبت سنية دوراً مهماً وكبيراً في حياتي منذ التقيتها أول مرة، اعترف بأنني اقترفت أشياء كثيرة في حياتي، لكنني لم ادع ذلك يؤثر علي شعري أو عائلتي أبداً،لقد رثيتها في سياف الزهور وهو أجمل ما كتبت، هل هو احتجاج علي موت سنية؟ أم علي الحياة التي اغتالت لحظاتنا الجميلة؟ أم أننا نحن الذين اغتلناها؟
لقد توقف قلبي لأول مرة حين غادرتني سنية وحيداً مع حزني وذكرياتي وطفلتين هما شام وقد أصبحت طبيبة، متزوجة وتعيش الآن في أمريكا، و سلافة وهي الآن خريجة فنون جميلة متزوجة أيضاً وتعيش في دمشق.

قلت في سياف الزهور:
كالجندي الجريح
ولم استطع أن أحملك بضع خطوات
الي قبرك
الزوجة والأولاد... تفاصيل تعود بنا الي العائلة والي سلمية التي لم تزرها منذ عقود؟

ولدت في سلمية عام 1934 وكنت الأبن الأكبر في عائلة تضم ستة أخوة، درست في المدرسة الزراعية فيها، ثم غادرتها الي دمشق لمتابعة تحصيلي العلمي في ثانوية خرابو الزراعية، لكنني اكتشفت أنني لا أصلح للعمل في الأرض، وأن الحشرات والمبيدات ليست هوايتي المفضلة، اضافة لتردي وضع الأسرة المادي، حيث باع والدي مضخة المياه طرمبة بـ 12 ليرة سورية، في ذلك الزمن وأرسلها لي لأنفق منها علي دراستي، فتركت الدراسة وعدت الي سلمية. في سلمية يمكن للمرء أن يتعرف علي الفوارق الاجتماعية الهائلة، وأن يحس بالتمرد، حتي أن ماركس كان يفترض به أن يولد في سلمية وليس في ألمانيا.في سلمية انتميت الي الحزب القومي السوري الاجتماعي ليس لمعرفة أو خيار ايديولوجي، بل لأن مقر الحزب هو المكان الوحيد قرب بيتي والذي أستطيع أن أجد فيه مدفأة أجلس بقربها في أيام الشتاء البادرة، وأتدفأ في صقيع سلمية شبه الصحراوي.
وقد كتبت منذ الستينات عن سلمية التي هُدمت عشرات المرات. سلمية معقل القرامطة والمتنبي:
سلمية الدمعة التي زرفها الرومان..
يحدها من الشمال الرعب
ومن الجنوب الخراب
ومن الشرق الغبار
ومن الغرب الأطلال والغربان
لكن سلمية هذه أحبها جداً، رغم أن أغلب أصدقاء الطفولة والذكريات المشتركة فيها قد غادروا. منهم من مات ومنهم من هاجر أو دخل السجن، لكنها المكان الذي لم يغب عن ذاكرتي لحظة واحدة، واذا كنت لم أذهب اليها منذ عشرين سنة فلأسباب كثيرة، ولكنني ارغب حقاً في أن أزورها، وأنا الآن بصدد ترميم البيت القديم الذي خلقت فيه في سلمية.

غادر محمد الماغوط الحزب مبكراً، لكنه ما يزال مسكوناً بهم السياسة في كل ما يكتب؟
الانسان أكبر من الحزب، وأنا في كل ما كتبته كنت معنياً في صياغة معادلة الانسان كقيمة فردية في مواجهة السلطة ـ الدولة، فهي المعادلة المستباحة في واقعنا، منذ استباح العسكر روحي ـ كما قلت لك ـ وأنا أجاهد لالتقاط أنفاسي، لاعادة الاعتبار لانسانية الفرد وكرامته.
فمن يستبيح الانسان... يستبيح الوطن، هذا الوطن الذي يدعوك لمغادرته بكل ما فيه، لكنني لن أتزحزح من مكاني:
كتبت عن السلام فاندلعت الحرب
عن النظام فعمت الفوضي
عن البطولة فتفشت الخيانة
عن الأمل فزادت عمليات الانتحار
عن تنظيم الأسرة فغصت الشوارع بالجانحين والمنحرفين
عن البيئة فدفنت النفايات النووية بين المنازل
عن الصمود فغصت السفارات بطالبي اللجوء السياسي
والاقتصادي والجنسي والديني
يبدو أنني طوال هذه السنين
ألقي مرساتي وأنصب شباكي
في البحر الميت.
30 سنة وأنت تحملينني علي ظهرك

آخر تعديل butterfly يوم 17/01/2008 في 08:57.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03522 seconds with 11 queries