1 تموز
... أتى يوم و دخلت الابتداء في الرهبانية اليسوعيّة و عندما أُخبر تلامذتي اليوم بما كانت عليه الحياة هنالك في الأربعينات , أشعر بأنّه من الصعب عليهم أن يصدّقوا ما أقول . لن أضعك أمام الامتحان , و لكنّي أؤكّد لك أنّه من بداية يومنا , في الخامسة صباحاً , إلى التحدّث طيلة النهار باللاتينية , إلى الساعات الأربع التي كنّا نقضيها في الصلاة . مروراً بفترات صمت طويلة , كل ذلك كان يشكل لغالبيتنا صدمة مروعة .
و بعدما تبدّدت بهجة التحدي الجديد و اتضح لي الثمن الحقيقي لتلك التلمذة , داهمني شكّ عنيف , تبعه تردد زعزع حياتي وزرع الظلمة في كل زاوية من زوايا نفسي . أترى وجود الله حقيقة؟ و يسوع المسيح , هل هو حقاً ابن الله ؟ و هل الأنجيل واقع أم هو نسج خيال ؟ هرعت الى الصلاة ولكنّي لم أجد هنالك مَن يكلمني . فإذا باختباري لله يتحول إلى وحشة قاتلة وصمت عقيم : كلّ ما كان قد مضى , و ليس في الأفق من وعد بميلاد جديد . آنذاك تردّدت في ذهني أصداء صوت جارنا بلجاجة و إلحاح : " الله غير موجود ... الله غير موجود ... الله غير موجود !".