عرض مشاركة واحدة
قديم 03/02/2009   #2
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي



جئت لأقول كلمة، وسأقولها، وإذا أرجعني الموت قبل أن ألفظها يقولها الغد، فالغد لا يترك سراً مكنوناً في كتاب اللانهاية. إن أنكر النبيَّ قومُه، إن سحقت الأجيال المارة أعماله فإن أحلامه لا تفنى وعواطفه لا تضعف، لأن الأحلام والعواطف تبقى بقاء الروح الكلي الخالد وقد تتوارى وتهجع آونة متشبهة بالشمس عند مجيء الليل وبالقمر عند مجيء الصباح، النبي هو من كانت نفسه غنية باكتفائها ومشغولة عدا ذلك بمجد الألوهة، النبي هو من يدأب على دفع الصيرورة الزمانية نحو الكمال، النبي أرق من تنهدة زهرة البنفسج وأشد من العاصفة، النبي مصداقية مطلقة ترسم الطبيعة بإخلاص ثم لا تلبث أن تتحول إلى كلمة تقولها الطبيعة ثم تستردها وتخفيها طي قلبها ثم تقولها، النبي من يغادر ونفسه بحراً عظيماً، ناشدين بحراً أعظم، كل شيء عند النبي وهو كل شيء، إذ لا تبرز ليده أية حاجة إلى تنظير وحذف وإضافة، ليس نبياً على الإطلاق من كانت الأشياء بالنسبة إليه على غير ما هي عليه، وأنّى لـمُصادر أو مُستحوذ أو مصنوع من مصطلحات اتفاقية أن يكون نبياً. إن المصطلحات الاتفاقية هي بنات اللحظات الزائلة التي لم تكن أبداً، تصنف الأفكار الناجزة في معجم تلك المصطلحات، والأفكار الناجزة كزجاج النافذة، نرى الحقيقة من خلالها، لكنها تفصلنا عن الحقيقة، تأتينا الأفكار الناجزة في كتب فتقطعنا عن أعماقنا وتنسينا أن ليس في الوجود شيء أعمق من نفس الإنسان، والنفس هي العمق الذي ينشد ذاته، نطبع هذه الكتب على أوراق نأتي بها من أشجار متناسين أن الأشجار أشعار كتبتها الشمس على صفحة الأرض ونحن نقطعها ونصنع الورق منها لندون فيها فراغنا وبلادتنا، وما الشمس والأرض إلا بداءة لشمس أعظم وأرض أعظم، وستبقيان بداءة إلى الأبد. تصور الذاتُ كل شيء في لحظة راهنة وتكسرها بمجرد تأملها ومع غيابها تغيب الأفكار، وما تلك الأفكار إلا اللحظة المنشودة راهنة بل هي تجميد للحظة ولّت ولم تكن أبداً، إنها الانحدار إلى الموت، لكن النبي يتمرد على الموت وينأى بالحياة عن أن تكون عرضاً زائلاً، إنه لا يجدف على الشمس ويحجم عن السخرية بالطبيعة، إنه متأهب على الدوام وشاحذ قواه ابداً لصوغ الفكرة تلو الفكرة، تعتمد النبوة تنقية دائمة للخافية مما خلفته لحظات لم تكن ابداً، وكل لحظة انقضت لم تكن ابداً، ففي اللحظة الراهنة تذوب وتتحد عناصر الماضي والحاضر والمستقبل، أما الآن فقد عرفت أن في الهنيهة الحاضرة كل الزمن بكل ما في الزمن مما يرجى وينجز ويتحقق، أما الآن فقد علمت أن مكاناً أحل فيه هو كل مكان وأن فسحة أشغلها هي كل المسافات.
إن النبي المصداقي النقي وحده يستطيع أن يتشوق ثم يتشوق ثم يتشوق حتى ينزع الشوق نقاب الظواهر عن بصره فيشاهد إذ ذاك ذاته، ومن ير ذاته ير جوهر الحياة المجرد، فكل ذات نبي هي جوهر الحياة المجرد، هكذا علم النبي جبران.
إن كان آينشتاين قد تعلم من دستويفسكي أكثر مما تعلم من نيوتن، بدوري أقر وأعترف أن القليل مما أعرفه قد أخذته من جبران ولم أنقله عن آينشتاين، أنا لا أعرف الحقيقة المجردة، ولكنني أركع متضعاً أمام جهلي، وفي هذا فخري وأجري.


13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04692 seconds with 11 queries