الموضوع: أسبوع وكاتب - 2
عرض مشاركة واحدة
قديم 22/06/2008   #183
شب و شيخ الشباب achelious
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ achelious
achelious is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
الغدّ
مشاركات:
2,008

افتراضي


لماذا الفرار؟!

بعض مؤرّخي الأدب اجتهدوا في تفسير ما قام به تولستوي: أن تصرفه بالفرار من مزرعته، وهو العجوز ابن الثانية والثمانين، في ليلة قارسة، دون أن يكون قد حدد مكاناً لإقامته، لهو من بعض أعراض أمراض الشيخوخة وما يصطحبها من قرارات ارتجالية. هذا ما قاله من لا يحبون تولستوي!

أما أنصاره وتلاميذه أمثال صديقه (تشيرتيكوف) فقد كتب يقول: «لقد تحمّل تولستوي الكثير من معارضات ومشاكسات زوجته صوفيا أندريفنا، ما لا يتحمّله القديسون! كانت سجّانته بكل ما في الكلمة من معنى! تريد أن تفرض عليه آراءها بشأن تنازله عن أملاكه للفلاحين! وبشأن علاقته بالقيصر! وبالإمبراطورة!
كانت تحدّد له من يجب أن يقابل أو لا يقابل من أصدقائه وتلاميذه! بل كانت تريد أن تعرف أفكاره الروائية! وتطلب أن يكون لها حق إقرار ورفض ما لا يتناسب مع أفكارها! كانت تحبه.. أجل..! ولكن حب التملك.. لا حب التضحية! لا أوجّه اللوم لصديقي تولستوي على فراره منها! ولولا أنه شديد الإيمان بالله لقتل نفسه يأساً منها منذ زمنٍ بعيد!».

وطلب تولستوي من رفيق رحلته الدكتور ماكوفيتسكي أن يستعد للرحيل من غرفة الدير! فيخبره الدكتور بأن نبضه غير مستقر، ولا يجوز أن يعرّض نفسه للإرهاق.
فيقول له: إنني بخير! ليس بي إلا التعب من قلة النوم، فالقطط كانت تموء طوال الليل!. وفي الغرفة السفلية أيضاً امرأةٌ كانت تبكي وهي تناشد الله أن يغفر لها ما ارتكبت من خطايا!
لقد ظننت أنني سأجد الهدوء هنا! لنغادر هذا الدير! لنغادره قبل أن تلحق بنا صوفيا!
فيسأله طبيبه: إلى أين يا ليو؟!..
يجيبه: سنسافر إلى مقاطعة (شاماردينو)، وهناك سنستأجر بيتاً ريفياً صغيراً بحديقةٍ مزهرة! إنني أعرف سيدة سبق لها أن عرضت علي بيتها لأقيم فيه شهور الشتاء في أي يوم أقرره! وقد أخفيت ذلك العرض عن صوفيا، وفي عزمي أن أحقّقه في يومٍ ما! وقد جاء هذا اليوم المناسب يا سيرجي! هيا.. هيا! لنرحل إلى شاماردينو فهو المكان الوحيد الذي لن تبحث فيه عني صوفيا..

وما أن استقر، حتى كتب إلى ابنته الرسالة التالية: «عزيزتي ساشا، إن ما يحدث عندكم يلقي على كاهلي عبئاً ثقيلاً، ورغم هذا فإنني أثق بقدرتك، وقدرة أختك تانيا وأخيك سيرجي على تهدئة والدتكم! المهم هو أن تُفهموها، وتُقنعوها بأنني لم أفعل ما فعلت إلا بسبب إصرارها على التجسس عليّ، وعلى رغبتها العنيدة في السيطرة على حياتي، وتحريكي في كل أموري الحياتية والفكرية حسب نظرتها الخاصة! حاولوا أن تقنعوها أن بغضها غير المنطقي لصديقي وجاري العزيز تشيرتيكوف، كان يسوّد كل لحظات حياتي! فهو مع إخلاصه الشديد لي، وتفهمه الذكي لكل أفكاري ومشروعاتي، لا يكنّ لها إلا كل احترام وتقدير!
اقنعوها بحق السماء بأنني أدرك الآن بوضوح أن الحب الذي تدّعي أنها تحمله لي، كذبةٌ كبيرةٌ، وخبثٌ خادعٌ، لم أعد قادراً على التسامح فيه لأن هدفه هو خنق حريتي! وقهر إرادتي! وإرغامي على التنازل عن أفكارٍ أؤمن بها!. بقوة إيماني بالخالق العظيم. إنها لا تفهم أن هذا الأسلوب في معاملتي سيؤدي بي في النهاية إلى الموت! كأنما هي تهدف إلى قتلي؟! حسناً أعتقد أنها ستنجح في الوصول إلى هذا الهدف قريباً!
فقد أكد لي الدكتور ماكوفيتسكي أنني إذا كنت قد نجوت من النوبة القلبية الثانية، فلن أنجو من الثالثة التي تسعى أمكم جاهدة إلى أن أصاب بها في أسرع وقت تتخيله! حسناً لتأتي النوبة الثالثة لتخلصها مني! وتخلصني في الوقت نفسه من هذا الجو المأساوي المروّع الذي تحملته لسنوات طويلة، والذي لا أريد أبداً مهما حدث أن أعود إليه!».

لا أحتاجُ لتوقيعٍ .. فالصفحةُ بيضا
وتاريخُ اليوم ليس يعاد ..

اللحظةُ عندي توقيعٌ ..
إن جسمكِ كانَ ليَّ الصفحات
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04912 seconds with 11 queries