الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 26/01/2008   #243
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


حوار مع الأديب عدنان كنفاني





أديب من بلاد عاشت تراتيل الحزن والقهر والظلم بكل صنوفه، ما كسرت الرزايا ريشات جناحيه، وما غادر يوماً شواطئ الأمل، فكان معجوناً في ذاكرة، والمشعل في يده.
عاشقاً لتراب فلسطين، فكتب عن التائهين في غياهب الشتات، وعن الغرباء الذين يموتون بلا قبور، وعن الأحياء المغيبين في مطاوي الظلم.
أعلن صارخاً أن..
"ثمة من يرحل.. ولا يرحل أبداً" وأن"على أدب المقاومة أن يرقى إلى قامة الدم"، فلامس بحروفه الملتهبة شغاف الأرواح، ونسج من خيوط سطوره رداءً لثورة أدبية خطّها بذاكرة ما زالت طازجة تحمل روائح البحر،الزيتون والتين.
عدنان كنفاني.. أديب فلسطيني ملتزم، أبحر في أجناس الأدب فكتب القصة والرواية والبحث والدراسة والشعر وله إصدارات عديدة.
مثّل مستقلاً فلسطين في عدة محافل أدبية وندوات ثقافية، وما زالت ذاكرته تعانق "أرض البرتقال الحزين.. وأم سعد..
ورجال في الشمس.."

س ـ الأستاذ عدنان كنفاني، لقد تمثّلت تجربتك الإبداعية من خلال مجموعاتك القصصية.. ثم الروائية.. أرجو أن تحدّثنا عن هذه التجربة.؟ واسمح لي أن أسألك بداية على أن هناك مقولة تقول بأن "الرموز لا تموت" فكيف ترجمت هذه الرموز في أدبياتك. ؟

ج ـ من هنا أتصوّر وهذا ما كان شاغلي دائماً في أن الكتابة الإبداعية على وجه الخصوص هي التزام ومعرفة وموهبة ضعيها متسلسلة كما يحلو لك لكنها مجتمعة تخلق أفق المبدع.. وهذا يقود إلى أن الكاتب قد يمضي عمراً وهو يكتب ويمزّق ويلقي في سلة المهملات إلى أن يصل إلى درجة من الرضا عن نفسه.. والرضا يأتي من خلال الاطّلاع على إبداعات الآخرين.. ومقارنة السويّة الشخصية مع سويّة المشهد الثقافي، ومن أول المبدئيات - وهذا حسب ما أرى - أن يتعامل المبدع مع قضاياه التي هي قضايا مجتمعه سواء منها الوطنية أو الحياتية.. وأن يكون في كل الحالات وجهاً ممثلاً لضمير الناس.. هذا بالعام، أما عني أنا فأنا أكتب منذ أكثر من أربعين سنة لكنني لم أنشر وأنتشر إلا متأخراً وهذا يعود إلى أسباب عديدة لا أعتقد أنها تهم القارئ كثيراً، وقد بدأت بكتابة القصة القصيرة وأصدرت ثلاث مجموعات قبل أن أنشر روايتي الأولى (بدّو).. باختصار وتواضع أنا راض عن تجربتي حتى الآن وأعمل بجهد على تطوير أدواتي وزيادة معرفتي..

أما عن الرموز، فأعتقد أنهم بتضحياتهم يمثّلون لنا في كل وقت منارة التوجّه، وقيم التمثّل، ومشاعل الإلهام، ولا أعتقد أن أي أمّة على وجه الأرض يمكن أن تنفصل عن رموزها البانين أمجادها.

س ـ يقولون إن القصّة أو الرواية أو المسرحية أو قصيدة الشعر لا تموت إذا استجابت لحاجات ضرورية جوهرية لدى الإنسان، وهذه الحاجات مزيج من ذاكرة وواقع واستحضار لأشياء متأصلة في روح الكائن البشريّ..الشيء البارز في قصصك وفي مجمل نتاجك الأدبي هو حرارة التفاصيل التي تتكئ بالعام إلى ذاكرة وطنية متجليّة في مآثر الذين قاتلوا في سبيل وطنهم من أجل الحرية، ومن أجل حمايته من أشكال العدوان.. ماذا تقول في ذلك؟

ج ـ علينا أولاً أن نفصل فصلاً تامّاً وحقيقياً "في المرحلة الحاليّة على الأقل" بين الرسالة المرتجاة من الأدب بالعام وأعني أدب العالم المترف الذي لا يعاني من مشاكل حقيقية في حياته اليومية وبين الأدب الذي يخص حياتنا وواقعنا كأمّة مستلبة، مستباحة تتعرض للإبادة في كل لحظة، جزء من شعبها مشرّد يعاني ما يعاني من فقر وقهر وغربة، وجزء تحت الاحتلال، وجزء ما يزال لاجئاً رغم أنه يقيم على جزء من أرضه الجغرافية والتاريخية.. هذه الخصوصية تفرض على نتاجات مثقفينا وعلى جوهر نتاجاتنا الأدبية الإبداعية بأجناسها المختلفة أن تحمل طابعاً خاصّاً أيضاً.. وأنا بطبيعة الحال خيط في هذا النسيج لا أرى غير الوطن على واجهة الأولويات.. وعندما أقول الوطن أعني المكان في كل تجلّياته والناس في كل حركاتهم والذاكرة وما تحمله من نبض ساخن..

س ـ تردد دائما بأن السياسة تدخل في خبزنا اليومي، وقلت: حتى لو كتب الكاتب الفلسطيني عن الحب مثلاً يجب أن يصب هذا الحب في قلب الوطن.. إلى أي مدى تجد نفسك ملتزماً ككاتب بهذا القول؟

ج ـ نعم وأقولها.. نحن يا سيدتي شعب مظلوم ومقهور نعيش أقسى ما يمكن أن يتصوّره كائن، ويجب أن يفعل هذا شيئاً في دواخلنا، وعواطفنا وممارساتنا.. ويجب أن تكون لنا خصوصيتنا، ما من بيت إلا وقدم الشهداء تباعاً، ما من أسرة إلا ومشرّدة في أصقاع الدنيا.. كيف إذن نخرج من معاناتنا إلى ترف ليس لنا.؟ نعم قلت وأقول حتى لو نكتب عن الحب عن أي شيء يجب أن تكون اللمسة فلسطينية.. ونحن أيضاً كسائر البشر نحب ونكره ونفرح ونحزن ونستطيع تصوير ذلك كله أعني إبداعياً ولكن بلمسة تصب في مسألة الالتزام، والالتزام بحد ذاته قيمة تحسب على الوطن.. أليس كذلك.؟ والكاتب في كل الأحوال موقف.
.
س ـ من هي الشخصية التي تعتبرها مصدر لإلهامك في الكتابة؟

ج ـ أعتقد ربما من إحساسي الخاص بأن الشعور بالظلم هو أقسى ما يمكن أن يسبب للإنسان الألم والقهر، ولا أعتقد بأن هناك شخصية بعينها تحرضني على الكتابة ولكن ما يحرضني حقاً هي حالة الشخصية، وغالباً ما أسعى ليكون ملهمي ذلك الإنسان المسحوق المظلوم، وأحياناً دمعة على تغاضين وجه رجل، وبكاء طفل، وزغرودة وداع أم لولدها الشهيد.

س ـ ما هو المقياس في تقييم عمل فكري بأنه مميز أو أنه لا يصلح للنشر؟

ج ـ متى لامس العمل الإبداعي أحاسيس الناس فقد حقق التميّز، وأعتقد أن الرضا الشخصي المؤسس على معرفة ملتزمة وصادقة هي معيار هام وضروري، أما مسألة النشر فهذه تخضع لظروف أكثر من أن تحصى وأنت أدرى ماذا أعني بذلك.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.11700 seconds with 11 queries