عرض مشاركة واحدة
قديم 19/08/2008   #28
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


جار الله القتيل، جار الله القاتل



خذ محطات رئيسية في تاريخ اليمن وحدد منها موقفا.
الإمامة في الشمال كان لا بد لها ان تزول من اجل إنهاء القرون الوسطى وتلمس الطريق نحو حد أدنى من الحداثة.
الاستعمار في الجنوب كان لا بد أن يلقى مقاومة ترغمه على الجلاء.
»التشطير« كان لا بد ان يُتجاوز بعد نجاح الثورتين، وفي أفق الاندراج في المشروع العربي الأكبر.
تقديم همّ بناء دولة عادلة كان لا بد من طرحه من دون السقوط في فخ »اليسراوية« المتطرفة.
السعي الى توحيد الحياة السياسية بين الشمال والجنوب ضروري مرفقا بجعل الهمّ التوحيدي معيارا. اذا كنت شماليا والسلطة الشمالية ضد فأنت جنوبي. والعكس صحيح.
إنهاء »التشطير« لا بد ان يكون مدروسا ومتأنيا ومحافظا على مكتسبات تطال التعددية، واحترام الرأي الاخر، وحقوق المرأة...
الحرب الانفصالية في 94 لا بد ان تكون مرفوضة خاصة وان الاكثر حماسة لها هم من كانوا الاكثر نزوعا نحو الاندماج الفوري والكامل.
مداواة آثار الحرب أولوية مطلقة. لا يكون ذلك بالتخلي عن رفاق أخطأوا ولا بالالتحاق بظافرين ظفروا، يكون بالتشجيع على المصالحة الوطنية، وتنقية الوحدة من الشوائب، ورفض مقاطعة الانتخابات، وبناء موقع قوي للمعارضة.
خذ هذه المحطات الرئيسية ستجد ان جار الله عمر كان باستمرار على الموعد، انه واحد من قلة اجتازوا المراحل المضطربة في اليمن وكانوا على الجانب الصح، او، اقرب ما يكون اليه. لم تغوه سلطة دار بخارها في رؤوس رفاقه. لم يسقط في فخ تسريع التاريخ في هذا البلد الفقير. لم يسمح للعصبيات المناطقية، التي عانى منها كثيرا، ان تؤثر على ثباته ووضوح الرؤية لديه. لم يرتبك في تنويع أشكال النضال، من العمل المسلح الى التبشير الديموقراطي. لم يغب عن باله يوما موقع بلده في المشروع العربي العام ولو انه، احيانا، جمع الوطنية والقومية بطريقة تستحق ان تثير نقاشا. لم يمنعه جسمه المنغرس في تربة اليمن من ان يبقي رأسه مفتوحا على كل ما يستجد في العالم: لقد كان ممتعا الاستماع اليه يناقش
أسباب انهيار الاشتراكية في العالم وهو الذي شاهد »تباشير« ذلك في عدن، ولكن المتعة الاكبر هي الانصات اليه يرسم حدود المراجعة المطلوبة مميزا بين وحدة الالمانيتين ووحدة اليمنين ورافضا ان يكون انهيار الجدار سببا للارتداد عن... بناء دولة.
جار الله عمر القتيل هو من أفضل النماذج التي انتجتها التجارب القومية واليسارية العربية في العقود الاخيرة، ولانه كذلك، وبسبب من تربيته الدينية، فلقد احسن الجمع بين رفض المهادنة الايديولوجية مع التيار الاصولي وبين ضرورات نهوض معارضة واسعة تدافع عن التعددية.
قاتله يدعى علي جار الله ليس معروفا. غير ان الثابت هو انه من خريجي مدارس الايمان التي أدارها الشق الاصولي المتخلف في تجمع الاصلاح.
ان شخصا في اليمن تربى على اعتبار جار الله عمر زعيما سياسيا يستحق الموت قتلا، واليوم، وبتهمة الكفر، ان شخصا من هذا النوع يدل على الهاوية التي نتجه الى الوقوع فيها، وندفع دفعا نحو ذلك بفضل هذا المزيج »الخلاق« من العدوانية الخارجية والعجز الداخلي.

30/12/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03263 seconds with 11 queries