عرض مشاركة واحدة
قديم 09/09/2006   #2
صبيّة و ست الصبايا Lady in Red
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Lady in Red
Lady in Red is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
Damascus
مشاركات:
124

افتراضي


[إن التربية الجنسية عملية مستمرة وممتدة وشاملةومسئول عنها المدرس والطبيب والأخصائى الإجتماعى والأب والأم ورجل الدين ،والسؤال عن أى سن نبدأ فيه التربية الجنسية سؤال خاطئ ،لأنه لابد أن يعدل إلى أى نواحى التربية الجنسية تتناسب مع الأعمار المختلفة ؟،فمشاهدةتلقيح الزهور من الممكن أن يفيد فى مرحلة ما ،ودراسة مفاهيم الأبوة والأمومة والرضاعة فى مرحلة تاليه،ودراسة التغيرات الهورمونية مرحلة أخرى وهكذا ، وبذلك نستطيع معرفة حقيقة ذواتنا وتلافى المفاهيم المغلوطة والأمراض الجنسية ،ومعرفة أن الإحتلام ليس خطيئة والحيض ليس إثماً ، والعادة السرية لن تصيب الفرد بالجنون والختان لن يؤدب البنت ويكبت رغبتها بل سيحرمها من الإشباع وأن المداعبات الخارجية من الممكن أن تحدث حملاً0000الخ
[أرجو أن يتذكر الجميع أن الأخلاق لايتم إحتكارها، وأن البعض الذين يدعون أنهم الوكلاء الوحيدون لقطع غيارها واهمون ،فكلنا نسعى من أجل أخلاق أفضل ولكن يوجد فرق كبير بين الأخلاق وبين المرض النفسى ،والخصيان أكثر الناس أدباً لكنهم أفشل البشر فى بناء المجتمعات ،ومن المؤكد أن أعظم قدرة نمتلكها نحن الكبار هى قدرتنا على نسيان مراهقتنا.
[ونحن الذين نحارب الثقافة الجنسية من أجل الفضيلة من أكثر المجتمعات إنفاقاً على العمرة والمنشطات !،مجتمع يدل إنفاقه على مدى نفاقه،وكما أن العمرة عند الكثيرين من تجار الشنطة إستدعاء للورع الشكلى والتدين المظهرى المفرغ من الروح الدينية الحقيقية ،فالمنشطات أيضاً عندنا إستدعاء للجنس الشكلى الميكانيكى الخالى من الروح الإنسانية الصادقة ،وهؤلاء عندما يحجزون تذكرة العمرة أو يتناولون قرص المنشط فإنهم بذلك يحافظون على ماأطلق عليه مجتمع الفاترينات ،فالمهم عندنا هو أن الفاترينة بخير أما ماهو وراء هذه الفاترينة الأنيقة فليس مهماً حتى ولو أكلته العتة أو أصابه العفن !!،فمن الممكن بل ومن العادى جداً أن تذهب إلى العمرة وبعد عودتك مباشرة تبيع بمنتهى راحة الضمير منتجاً منتهى الصلاحية ،وكذلك بعد أن تمنحك المنشطات جنساً صحيحاً من الناحية البيولوجية لاتتورع عن أن تسب وتضرب من كانت فى أحضانك منذ قليل تحت لافتة القوامة والتأديب .
وفى مجتمع الفاترينات يحاول كل من نخرت روحه السوس أن يتطهر ويقدم قرباناً حتى ولو ضحى بأى شئ حقيقى وصادق فى طريقه ومنها الدعوات الجادة للثقافة الجنسية،ولكن يوجد سؤال مهم يفرض نفسه ،فلماذا هذا العصاب الجماعى الذى أصبح يحكم ردود أفعالنا تجاه أى إختلاف وخاصة لو كان حول الجنس ؟.
[الإجابة عن هذه النقطة فى غاية الأهمية وليس الغرض منها الدفاع عن ماقلته أنا فى الحلقة التليفزيونية ،إنه الدفاع عن الجنس نفسه والذى لايعنى الدفاع عن الإباحية فالفرق بينهما شاسع بل أستطيع أن اقول وبكل راحة ضمير أنه لاعلاقة بينهما أصلاً ،فالذى لمسته من معظم المهاجمين لتدريس الثقافة الجنسية هو تحقير الجنس ،وتأكيد مفهوم أنه "أحقر الغرائز " و"الشهوة البهيمية الحيوانية " 000الخ ،وهو كلام مرسل يحتوى على مغالطات كثيرة ،فلو صح تقسيم الغرائز إلى غرائز راقية وأخرى حقيرة فأنا أعتبر وبلاتردد أو تحفظ أن الجنس هو أرقى الغرائز البشرية على الإطلاق ،لأنه ببساطة أعقدها من الناحية البيولوجية والنفسية ،والعلماء يعتبرون أن أهم عضو جنسى فى الإنسان هو المخ أعقد أعضاء الإنسان وأرقاها ،والدوافع الجنسية نواة تجمع داخلها كل عناصر الحياة وألوان طيفها المتعددة وحتى المتناقضات، ففيها حب التملك والمشاركة ،فيها الأخذ والعطاء ،وفيها الرغبة فى السعادة والقدرة على الإسعاد ،وفيها البحث عن الحنان والتواصل والخلود والقدرة على زرع بذور الحياة ،والجنس ليس شهوة بهيمية حيوانية بل إنه سلوك إنسانى إجتماعى شديد التعقيد ،فالحيوانات لاتشتهى بل هى تستجيب أوتوماتيكياً لدوافع بيولوجية فى مواسم تزاوج محددة ،أما الإنسان فهو الذى يشتهى ويضع لإختيارته مقاييس وقواعد جمالية ونفسية ،وعلماء النفس يؤكدون على أنه لايكاد يخلو سلوك إنسانى من دوافع جنسية بالمعنى الواسع والراقى لكلمة جنس .
لذلك فنحن لو حقرنا الجنس فنحن بالتالى نحقر الحياة ونحقر معها أنفسنا قبل الجميع،إن موقف مجتمعنا من الجنس موقف مرضى فضحته مثل تلك المناقشات عن الحلقة وغيرها ،مرض يمكن أن نطلق عليه ال SEXOPHOBIA ،ومن الممكن أن نلخص أعراضه وأسبابه كالتالى :
*الجهل الكامل بالجنس ومعناه كوظيفة عضوية وكدوافع نفسية ،هذا الجهل يجعلنا غير مؤهلين للتعامل معه كما يجب مما يؤدى إلى العرض الثانى .
* العجز عن مواجهة الجنس بكل صوره سواء العلمى أو الفنى أو الإجتماعى النفسى ،وكرد فعل طبيعى لهذا العجز فنحن نحقر الجنس فى محاولة منا لإثبات أن موقفنا الهروبى منه هو تسامى وتعالى عليه وليس عجزاً سببه الجهل والعجز السابقين ،وهذا العجز والتحقير يخلق العرض الثالث .
*الكبت والحرمان الجنسى ،إذ أن إيماننا الدفين بحقارة الجنس وتدنيه يجعلنا عاجزين عن دمجه فى مشاعر الحب والحنان والتواصل لدينا أثناء نمونا النفسى ،وهذا الإنفصال يفقد الممارسات الجنسية فيما بعد مضمونها العاطفى ويفرغها من محتواها النفسى فيخلق عندنا حالة من الحرمان الجنسى (الكيفى وليس الكمى ) فنمارس كثيراً ولكننا للأسف لانحس إلا نادراً !!،هذا الحرمان يجعل الجنس هو الوسواس القهرى ،هو شغلنا الشاغل وهو البداية والنهاية فى سلوكنا اليومى مما يخلق العرض الرابع .
*التجسد بمعنى أن يتجسد لنا الجنس فى كل شئ نراه ،فنتربص لكل عمل فنى ولكل صداقة بريئة ،ويتجسد لنا وراء كل ضحكة وإيماءة أو بهجة ،وبه يمكن تفسير الفشل فى الإمتحان والهزيمة فى الحرب أو حتى فى كرة القدم !!،وبالطبع فى برنامج كالذى نتحدث عنه ،وهنا يكفى الكاتب المهاجم المتربص أن يوحى ويومئ تحت شعار "إنت فاهم وأنا فاهم " ليكمل القارئ المريض بالوسواس الجنسى باقى الصورة ويمد خط "القباحة " على إستقامته،وبعدها يصرخ الجميع الشباب الشباب 00الفضيلة الفضيلة! .
[ إذا كان هذا هو حال المرض الضارب بجذوره فى نخاع المجتمع فهل نناقشه أم نخفى رؤوسنا كالنعامة ونضحك على أنفسنا ونؤمن بنصائح أصحاب بوتيكات الفضيلة ووكلاء قطع غيار الأخلاق وواضعى المواصفات القياسية للأدب والإحترام !!،إننا لن نصل إلى أى درجة من درجات التصالح مع النفس طالما أن الجنس ينمو بداخلنا كجنين غير شرعى نحتقره وندينه ونخنقه ونمنعه من التنفس حتى نجهضه ونطرده من دائرة النقاش ،ولابد أن نسأل أنفسنا فى عصر السماوات المفتوحة هل نحن فعلاً نريد الحرية الحقيقة أم الحرية المعلبة سابقة التجهيز؟،الحرية ياسادة لاتتجزأ ولاترتدى البرقع ولاتحب الترقيع ،والذى لايناقش الجنس بحرية لن يناقش السياسة ولاالإقتصاد بحرية وسيمارس طوال حياته التعمية والطناش على كل شئ ،وإتهام من يدعو إلى تدريس تلك الثقافة بأنه السبب فى إنتشار العادة السرية بين الشباب لابد أن يوجه بالأساس إلى من جعلوا الحد الأدنى للزواج أربعين سنة !!.
[ وأختم مقالتى بحادثة تاريخية وإقتباسين أحدهما من التراث العربى والآخر من التراث الأجنبى لعلها ترد على الإزدواجية الأخلاقية الحادة التى نعيشها والتى تدل على أن معظم الذين يتباكون على الفضيلة هم غالباً أبعد الناس عن التمسك بها :
*تم إعدام لوحة ليوناردو دافنشى " ليدا وطائر البجع" فى فرنسا بحجة أنها إباحية وتتنافى مع الأخلاق ،وكان الذى أمر بإعدامها هو الملك لويس الثالث عشر أكبر ملك إرتكب موبقات أخلاقية فى تاريخ فرنسا ،وبعدها أحرقت لوحة مايكل أنجلو التى تتناول نفس الموضوع وبنفس المبرر فى عهد لويس الرابع عشر بناء على طلب داعرة كانت تمارس العشق معه إسمها مدام دى مانتنون !!.
*قال الإمام الحافظ بن قتيبة الدينورى :"وإذا مر بك حديث فيه إفصاح بذكر عورة أو فرج أو وصف فاحشة فلا يحملنك الخشوع أو التخاشع على أن تصعر خدك وتعرض بوجهك ،فإن أسماء الأعضاء لاتؤثم ،وإنما المأثم فى شتم الأعراض وقول الزور والكذب وأكل لحوم الناس بالغيب "!!.
*قال كولن ولسن " أنا شاعر لاأحب الناس بالشكل الذى هم عليه ،فهم مخيبون للآمال ومقبضون إلى درجة كبيرة ،وحين يتهمنى النقاد بأننى مشغول بالجنس ،أعترف بذلك بترحاب ،فهو أحد الموضوعات القليلة التى يجب أن ينشغل بها الأذكياء ،دعنا نفكر بالجنس ونتحدث عنه قليلاً لشئ ما ،إن الشعراء والفلاسفة كانوا يبحثون عن معناه منذ تعلم الإنسان أن يفكر ،فتجاهل الأغبياء الذين يخبرونك أن تدع الجنس لغرف النوم ولاتتحدث عنه ،إن نظرة واحدة إليهم ستقنعك أنهم لو فكروا لأنفسهم بطريقة صحيحة لما أصبحوا أناساً من الدرجة الثانية كما هم عليه الآن !!!!.


خالد منتصر
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06447 seconds with 11 queries