انا ذاهب للمؤتمر ولا املك سوى الدعاء ، لان ما أنتظره مثل المطر ، ينهمر من السماء ، ذاهب ويملأ قلبي الايمان والخشوع ، انا اضيء في محرابي دزينة شموع ، انا ذاهب للمؤتمر ولا املك سوى الدعاء ..
لان الانجازات لا تتعلق هنا بالارادة ، وانا ما تعلمت ان اريد بل نشأت على التمني ، والشكر على كل حال ، فانا انسان بلا مطالب ، مسالم ، أليف ، مدجن ، لطيف ، ابتسم واصفق واهز في رأسي معلن الاستسلام والموافقة .. انا ذاهب للمؤتمر ولا املك سوى الدعاء ..
انظر الى حذائي الجديد ، بدلة وقميص ابيض وربطة عنق انيقة .. سأرتدي افضل ما عندي واذهب للفرح للقدر هناك حيث زرعنا الاماني ، والاماني عندنا يسقيها المطر ، ينهمر من السماء ، ولا نملك سوى الدعاء ..
سأحرص على ان أكون كما كل الوجوه الحاضرة ، باهتاً ، شارداً ، متخشباً ، بلا معنى ، ولكني جاهز لأتلون مثلما يريدون ، لاني ما تعلمت ان اريد ، نشأت على التمني ، ابتسم واصفق معلن الاستسلام والموافقة . .
سأنبهر بالنتائج دون ان اسمعها ، فما يدور في مثل هذه المناسبات مبهر قبل ان يحصل ، و قناع الدهشة من شدة المفاجأة والفرح جاهز في جعبتي .. سألبسه مع اول دعوة للتصفيق .. واصفق ابتسم معلنا الاستلام والموافقة ..
سأنعزل عما يقولون واشتغل بالاشارة ، فالكلام غير مهم هنا ، لان الفعل واحد ، وقد تدربنا على اداء الدور سنين .. عقود .. قرون طويلة ، دور كومبارس صغير في فيلم تاريخي طويل .. يبدأ قبل ان اولد ولا اعرف متى ينتهي .. وانا لا املك سوى الدعاء لان النهاية تعلنها السماء وتأتي مع المطر ..
ويدور الشريط ، احداث شهدناها وابطال حفظناها وايام تمضي .. نهار يطفئه ليل وليل يستمر في كل نهار ، حفظنا الحركات والاصوات وبتنا نعرف ما يدور من الموسيقى التصويرية ، او ربما من الصمت الذي يغلف كل الكلام .. والصورة اصبحت في أعيننا ثابتة .. او ربما ثبتت الاعين في الوجوه ونحن نعيش جثث هامدة .. وكيف للجثث ان تريد .. ونحن الذين نشأنا على التمني ..أمنيات يحملها الدعاء .. ننتظر المطر .. ينهمر من السماء ..
سأعد الزوادة .. كسرة خبز ورشفة ماء .. وجريدة بدون تاريخ وفنجان قهوة ولا اعرف اذا كان مسموح بالتدخين ، فاللقاء قد يطول وكلٌ يتكلم ويعيد .. على مبدأ ان التكرار يعلم .. وهو في كل الحالات مفيد .. ونحن حسب هذه القاعدة تعلمنا .. ورغم كثرة الخطابات وتعاقب الخطباء .. القول كلمتين .. نصفق نبتسم نعلن الاستسلام والموافقة ..
ساحرص ان ابقى مستيقظا امام الكاميرات .. اول من يقف واخر الجالسين .. ساطلق لحنجرتي العنان متفوق على كل الباعة الجوالين .. سأتناول المنشطات .. وانط ما احط .. والوح وارقص واذا كان الجو مواتيا سأدبك وانبطح واعلي فوق كتفي وجها من الوجوه الكالحة ، وادس في جيب من يمتطيني ورقة .. عله يقرؤوها .. اكتب فيها امنيات ودعاء كثير .. عله يبللني المطر .. حتى ولو كان من غير السماء ..
سأعود إلى بيتي .. ادعو زوجتي لاطلاق الزغاريد .. ويشدني من بنطالي ابني الصغير .. رافعا رأسه ينظر الي ويسألني عما حملت له من المؤتمر .. وبماذا أجيب ..
اعذرني يا بني .. فانا لا املك سوى الدعاء .. و كل ما اتمناه لك هو الخير القادم مع المطر ينهمر من السماء ، وانا ما تعودت سوى التمني ، اتمنى يا بني الا تنتظر سنين عمرك وانت تنظر الى السماء .. تنتظر المطر .. عله ينهمر في كل مؤتمر ..
نضال معلوف
--------------------------------------------------------------------------------------
www.syria-news.com