عرض مشاركة واحدة
قديم 10/06/2006   #126
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


فصل في اشتقاق المنطق

وانقسام النطق إلى قسمين

أعلم يا أخي- أيدك الله وإيانا بروح منه- أن المنطق مشتق من نطق ينطق نطقاً، والنطق فعل من أفعال النفس الإنسانية، وهذا الفعل نوعان: فكري ولفظي، فالنطق اللفظي هوأمر جسماني محسوس، والنطق الفكري أمر روحاني معقول، وذلك أن النطق اللفظي إنما هوأصوات مسموعة لها هجاء وهي تظهر من اللسان الذي هوعضومن الجسد، وتمر إلى المسامع من الآذان التي هي أعضاء من أجساد أخر، وأن النظر في هذا المنطق والبحث عنه والكلام على كيفية تصاريفه وما يدل عليه من المعاني، يسمى علم المنطق اللغوي. وأما النطق الفكري الذي هوأمر روحاني معقول، فهو تصور النفس معاني الأشياء في ذاتها، ورؤيتها لرسوم المحسوسات في جوهرها، وتمييزها لها في فكرتها، وبهذا النطق يحد الإنسان، فيقال إنه حي ناطق مائت، فنطق الإنسان وحياته من قبل النفس، وموته من قبل الجسد، لأن اسم الإنسان إنما هوواقع على النفس والجسد جميعاً.
وأعلم أن النظر في هذا النطق والبحث عنه ومعرفة كيفية إدراك النفس معاني الموجودات في ذاتها بطريق الحواس، وكيفية انقداح المعاني في فكرها من جهة العقل الذي يسمى الوحي والإلهام، وعبارتها عنها بألفاظ بأي لغة كانت، يسمى علم المنطق الفلسفي.
ولما كان النطق اللفظي أمراً جسمانياً ظاهراً جلياً محسوساً، وضع بين الناس لكيما يعبر به كل إنسان عما في نفسه من المعاني لغيره من الناس السائلين عنه، والمخاطبين له، احتجنا إلى أن نذكر من هذا المنطق طرفاً شبه المدخل لقرب على المتعلمين فهم علم المنطق الفلسفي، ويسهل تأمله على الناظرين، فنقول أيضاً إنه لما كان النطق اللفظي هوألفاظ مؤلفة من الحروف المعجمة، احتجنا أن نذكر الحروف أولاً، فنقول: إن الحروف ثلاثة أنواع: فكرية ولفظية وخطية. فالفكرية هي صورة روحانية في أفكار النفوس مصورة في جواهرها قبل إخراجها معانيها بالألفاظ؛ والحروف اللفظية هي أصوات محمولة في الهواء، فمدركة بطرق الأذنين بالقوة السامعة، كما بينا في رسالة الحاس والمحسوس والخطية هي نقوش خطت بالأقلام في وجوه الألواح وبطون الطوامير؛ مدركة بالقوة الباصرة بطريق العينين.
وأعلم أن الحروف الخطية إنما وضعت سمات ليستدل بها على الحروف اللفظية، والحروف اللفظية وضعت سمات ليستدل بها على الحروف الفكرية، والحروف الفكرية هي الأصل.
إن الكلام لفي الفؤاد، وإنمـاجعل اللسان على الفؤاد دليلا وسنبين ماهيتها في فصل آخر.
أعلم أن الحروف اللفظية إنما هي أصوات تحدث في الحلقوم والحنك، وبين اللسان والشفتين عند خروج النفس من الرئة بعد ترويحها الحرارة الغريزية التي هي في القلب، وهي ثمانية وعشرون حرفاً في اللغة العربية، وأما سائر اللغات فربما تزيد وتنقص، وقد بينا علة ذلك في رسالة اختلاف اللغات. وأعلم أن الحروف إذا ألفت صارت ألفاظاً، والألفاظ إذا ضمنت المعاني صارت أسماء، والسماء إذا ترادفت صارت كلاماً، والكلمات إذا اتسقت صارت أقاويل والأقاويل نوعان: موزون ونثر، فالموزون كالشعر والرجز والقوافي، والنثر نوعان، فمنه فصاحة وبلاغة، ومنه مخاطبات ومحاورات، والخطاب نوعان، فمنه ما يتكلم به جمهور الناس فيما بينهم في طلب حاجاتهم بلا احتجاج ولا خصومة، ومنه ما يتكلمون به في دعاويهم وخصوماتهم باحتجاج وبراهين.
والدعاوي والخصومات نوعان: إما في أمور الدنيا، وإما في أمور الديانات والمذاهب والعلوم.
ولما كانت البراهين على صحة الدعاوي التي في أمور الدنيا لا تكون إلا بالشهود والعقود والصكوك، صارت البراهين أيضاً على صحة الدعاوي في أمور الديانات والمذاهب والعلوم، لا تكون إلا باستشهاد ما في الكتب الإلهية، والإخبار عن أصحاب الشرائع، أوإجماع الخصوم، أوشهادة العقول بالقياس الصحيح الذي هوميزان الحق.
ولما كان اختلاف الناس بالحزر والتخمين في مقادير الأشياء الموزونة والمكيلة دعتهم إلى وضع الموازين والمكاييل ليرفع الخلف بها عند الحزر، وكذلك اختلاف العلماء في الحكم بالحزر والتخمين على الأمور الغائبة عن الحواس، دعتهم إلى وضع القياسات ليرفع الخلف بها عند النظر.
ولما كان في صحة الوزن والكيل يحتاج إلى شرائط من عيار الصنجات، وصحة المكيال والميزان، وتقويم الكيل والوزن بها، كذلك حكم القياسات التي يعرف بها الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، والخير من الشر، يحتاج إلى شرائط ليصح بها الحكم، وقد ذكر ذلك في كتب المنطق الفلسفي بشرح طويل، ولكن نريد أن نذكر في هذه الرسالة طرفاً، ليقرب على المتعلمين فهمها، ونرجع الآن إلى ذكر الألفاظ الدالة على المعاني التي في أفكار النفوس فنقول:

عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05006 seconds with 11 queries