[محمد عزت رياض محمود]

"ان تاريخ دمشق المبكر محاط بضبابيات العصور الموغلة في القدم. واذا تركنا ما كتب في الفصول الاحد عشر الأولى من العهد القديم, فان شيئاً لم يحدث في العالم الا وكانت دمشق موجودة لتلقي أنباء وقوعه. إرجع بقدر ما تستطيع في الماضي الغامض فتجد ان دمشق كانت دائماً. وفي كتابات كل قرن لمدة 400 سنة تقريباً, ذكرها موجود والتغني بها قائم. بالنسبة الى دمشق السنوات هي مجرد لحظات. والعقود لمحات زمنية تافهة فقط. وهي لا تقيس الزمن بحسب الأيام والشهور والسنوات, بل بالامبراطوريات التي شاهدتها وهي تقوم وتنهار الى انقاض. انها من الخلود, فهي عاصرت وضع الأساسات لكل من بعلبك وطيبة وافسوس ....
".... شاهدت دمشق هذه القرى وهي تتطور الى مدن قوية تدهش العالم بعظمتها, ثم عاشت لتراها وهي تخّرب وتهجر وتتحول مقراً للبوم والخفافيش. لقد شاهدت الامبراطورية الاسرائيلية وهي ترتفع ثم شاهدتها وهي تفنى. وشاهدت اليونان وهي تنمو وتزدهر لمدة الفي سنة.... قبل ان تموت. وفي شيخوختها شاهدت يناء روما, ثم شاهدتها تطغى على العالم بقوتها, وبعد ذلك شاهدتها تندثر. ان بضعة قرون من مجد جنوى والبندقية وقوتهما لم تترك الا ومضات تافهة في دمشق لا تستحق مجرد التذكر . شهدت دمشق كل ماحدث على وجه الأرض, وما زالت تعيش. لقد نظرت الى رفات الوف الامبراطوريات, وسوف تنظر الى قبور الوف أخرى قبل ان تموت. ومع ان مدينة اخرى تزعم هذا الاسم, الا ان دمشق القديمة هي بحق المدينة الخالدة."
مارك توين 1860
من مقدمة كتاب بدر الحاج دمشق صور من الماضي 1840-1918

لكل انسان وطنان
وطنه الأم وسوريا.

ودمتم