الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 31/12/2007   #124
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


لماذا احتفى الغرب بأعماله؟

احتفى الغرب بإنجازات إبراهيم الكوني على أكثر من مستوى، ربما أول مستوى هو ترجمة أعمالك إلى كل اللغات الحية تقريباً، ثم تلك الجوائز اللي نلتها الجوائز العديدة اللي نلتها على مدار سنين، وبالتالي اهتمام النقد الغربي بتجربتك ربما أكثر من النقد العربي، هذا إذا ما كان النقد العربي شبه غائب، بتقديرك هذا الاهتمام أو الانهماك الغربي والاحتفال بإبراهيم الكوني هو مردّه إلى صحرائك الكبرى التي تروي عنها له لهذا الآخر الذي يحب أن يكتشف بعض الغموض؟
إبراهيم الكوني: ربما، لكن السبب الرئيسي أعتقد هو أن الأوروبيين يقرؤون ونحن في العالم العربي لا نقرأ، حتى نقادنا لا يقرؤون، الأوروبيون يعرفون ماذا يقرؤون ويعرفون ماذا يقولون، لهذا السبب لا أعتقد أن اهتمامهم بأعمالي ناجم عن..

أحمد علي الزين: كغرائبي أو الأسطورة اللي..
إبراهيم الكوني: نعم، الموضة أو انتصار النزعة الغرائبية، لأني لا أعتقد أن لدي نزعة غرائبية في واقع الأمر، لأن الأسطرة أسطرة الواقع ليست غرائبية لا يجب أن تكون غرائبية، هذا تنفيذ لقوانين الرواية، لقوانين العمل دائماً، لكن أعتقد أن ما استفزّ أو ما أثار النقاد أو القراء في أوروبا لقراءة أعمالي هي الاستعارة، هي التحدث عن الصحراء كاستعارة للوجود الإنساني، الصحراء ليست صحراء في أعمالي أعتقد، ولكنها دائماً ظل لحقيقة أخرى، ظل لمبدأ ميتافيزيقي، هي دائماً استعارة للوجود يقول بيت الشعر:
الصحراء تمتد وتتسع
فالويل لمن تسول له نفسه أن يستولي على الصحراء
الصحراء كالصحراء المرئية لكنه يقصد الوجود..
أحمد علي الزين: الوجود الإنساني.
إبراهيم الكوني: الوجود الإنساني بشكل عام.
أحمد علي الزين: جميل، طيب أنت كثيراً ما تتحدث عن الصحراء والعدم، يعني شو هو الرابط بين الصحراء وبين العدم؟
إبراهيم الكوني: نعم هذا لست أنا من يتحدث عن الصحراء والعدم، لست أنا من يقرن الصحراء بالعدم، ولكن أنا أعتقد هذه نزعة عامة لكل الناس عندما يقولون: الصحراء يقولون: جحيم، جحيم كالصحراء، عدم كالصحراء، نار كالصحراء..
أحمد علي الزين: خلاء كالصحراء.
إبراهيم الكوني: يعني النظر إلى الصحراء بروح سلبية، لعن الصحراء في كل عبارة، هذه أعتقد أنه إثم كبير، لأن الصحراء هي رمز للروح، الصحراء هي قرين للحرية، الصحراء هي قرين لأنبل ما في الوجود الإنساني، لذا يجب أن نكبر الصحراء، أن نركع للصحراء، أن نصلي للصحراء، لأن كل علامة في الصحراء هي صلاة للأبدية، الصحراء ليست رمزاً للوجود الإنساني فقط ولكنها رمز للأبدي في أنبل معانيه، وليس عبثاً أن تكون كل الأفكار العظيمة نابعة من الصحراء، هي قاسية بطبيعة الحال لأن الحرية قاسية، هي عدم بطبيعة الحال لأن الموت عدم، ولكن في حقيقة ما وراء الموت.. إذا آمنا بأن ثمة حقيقة وراء الموت، إذا آمنا بخلود الروح فالصحراء هي الدليل الوحيد في هذا العالم الذي يستطيع أن يثبت ذلك.
أحمد علي الزين: وتخيّلته طيفاً يجوب الخلوات الكبرى باتجاه تامبكتو مرة، ومرة نحو إناث الجن في كهوف جبالها المعممة بغمام الفقيد والأبدية أو يقرأ في صمت أبيه المهاجر المستعصي حضوره الصارم في نبله على السؤال، السؤال عن السر الأعظم سر التكوين، فيبحر لاحقاً في اللغات والأديان والأساطير بحثاً عن المعرفة لكشف اللغز، كل لغة حجاب يفكّه فيزداد الكشف غموضاً وتتسع دائرة الشك والسؤال، يضرب رمل البيد بلغته البكر الطريقية فيخرج من السراب طيف أنثى الشوق بحثاً عن الحرية

الصحراء الساكنة في ضميره وروحه

أحمد علي الزين: طيب أستاذ إبراهيم أنت حتى الآن كما قلت حوالي 60 مؤلفاً عملاً إبداعياً ومعظم هذه الأعمال أتت من مصدر الصحراء وأنت على ما نعلم أو يعني عشت طفولتك لمدة عشر سنوات في تلك الصحراء، هل تلك العشر سنوات كافية كخزّان لكل هذا الفيض من الكتابة الملحمية؟
إبراهيم الكوني: أعتقد أن عشر سنوات كافية لزرع رموز الصحراء في وجداني، الحياة الروحية شيفرات شيفرات وإلا لما كان هناك وجود لما يسمى اللاوعي أو ما يسميه الصوفيون الباطن، نحن نختزن في الطفولة ما يجب أن يبشّر به في الرجولة، دائماً الكود دائماً الشيفرة المبثوثة فينا ليس فقط منذ الطفولة ولكن منذ أجيال سبقت الطفولة بآلاف السنين، هي مبثوثة فينا، كل ما هنالك أنه لا بد أن نهدهدها، لا بد أن نرحمها، لا بد أن نستجديها أو نعتني بها بحيث تتفجر فينا، وهو ما يتحقق بالتأمل الطويل، وهو ما يتحقق ليس بالتأمل فقط وإنما بالزهد، وهو ما يتحقق بالتنسك، وهو ما يتحقق بالانقطاع، لذا لا خيار أمام مبدع يريد أن يعانق رموز العالم وحقيقة العالم إلا أن يعتزل، إلا أن يضحّي بحياته في سبيل هذه الرسالة، صحيح أن عشر سنوات بعمر الزمن قليل، ولكن إذا أخضعنا التجربة إلى الباطن فإنها كثير جداً.
أحمد علي الزين: عقد يديه وراء ظهره وتدحرج كيبيس العشب عبر الخلاء، عقد يديه وراء ظهره دون أن يدري أن هذا الفعل ما هو إلا تميمة من تمائم كثيرة ورثها عن الأب لا بد أن يستعين بها كل من قرر أن يقهر في مسيره الصحراء، وتدحرج طويلاً


شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03833 seconds with 11 queries