عرض مشاركة واحدة
قديم 08/12/2006   #23
شب و شيخ الشباب وائل 76
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ وائل 76
وائل 76 is offline
 
نورنا ب:
Jul 2006
المطرح:
Gaza Palestine
مشاركات:
2,210

افتراضي


بدايةً يجب النظر للبناء الايديولوجي للبابا بندكت السادس عشر للوصول لحقيقة تلك الزيارة والهدف منها بعيداً عن تأطير تلك التصرفات على انها عدول منه عن موقفه السابق ومحاولة منه لرئب الصدع الناتج عن المحاضرة الاخيرة التي تسببت في غضب ونقمة الشارع الاسلامي عليه
بعتقادي ان المحاضرة الشهيرة لم تاتي وليدة العدم بل انها تعبيراً صادقاً وحقيقياً عن نزعات البابا ونظرته للاسلام على انه دين انتشر بحد السيف وان قراة بسيطة لتاريخ البابا تبرهن على ذلك من خلال عدة محاضرات ونقاشات خاضها البابا منذ العام 1959 عندما كان محاضرا في جامعة بون
لكن باعتقادي ان هناك قرآة اخرى وتخليل اخر لتلك المحاضرة يجب علينا التطرق اليه بعيداً عن التحليل الظاهر الذي ادى الى نقمة العالم الاسلامي على البابا لكن هذا التحليل او القراة الجديدة لا تؤدي الى مرونة وتفهم البابا بقدر ما تزيد حدة الحقد والكراهية عليه
قبل الخوض في قراة محاضرة البابا يجب علينا التطرق لتاريخ قريب الى حدا ما من تلك المحاضرة وتحديداً يوم 28كانون ثاني 2004 حيث نظمت الاكاديمية الكاثولوكية في ميونخ لقاء بين الكاردينال جوزيف راتسنجر (البابا بندكت السادس عشر)و الفيلسوف الالماني يورجن هبرماس وكان موضوع اللقاء ( الاسس الاخلاقية للدولة الليبرالية )
يورجن هبرماس يعد من اهم المفكرين العلمانين في اوروبا وهنا تكمن المفاجئة حيث كانت المفاجئة في هذا التقارب غير العادي بين طرح وتحليل وتسبيب مشاكل المجتمع الاروبي بين كلا الطرفين على اعتباري ان هبرماس مفكراعلمانيا والبابا بندكت لاهوتياً بل انها يتمتع بصفة رسمية اذ يحاور من موقعه الكنسي
وهنا ساقتبس جزءا من ذلك الحوار الذي جرى لتبين وجهة النظر التي يحملها البابا والتي يحاول من خلالها فرض وقائح جديدة على الدين المسيحي علفى اعتبار انه يجب الوصول الى عقلانة الدين من وجهة نظر البابا للوصول الى قواسم مشتركة في النظرة والمنهج بين كلا المنهجين الذان يحكمان البناء الفكري في الغرب اقصد هنا العلمانية والدين وذلك محاولة للوصول لحل المشاكل العصرية يتعرض لها المجتمع الاروبي
(يؤكد الكاردينال راتسنجر على ضرورة مواجهة التحديات الكبرى التي تعصف بالإنسانية، وأولها العولمة والتقدم التقني اللذان أنتجا قوة تدميرية غير مسبوقة. وهدف تدخل الدين التنويري هو ألا يتجاوز الناس حدود الحياة ذات المعنى. هنا يلزم برأيه التأكيد على أن القاعدة الأخلاقية والروحية للحقوق تتجاوز الحقوق ذاتها إلى العقل والروحانيات، والتوفيق بينهما، وإلى وضع أسس لواجبات الناس وليس فقط حقوقهم. ويقول راتسنجر في مساهمته في هذا اللقاء إن الإنسانية لا تحتاج إلى الحرب الكبرى لكي تدرك المخاطر التدميرية، فـ"الإرهاب" وحده كفيل بإيضاحه
وهنا يثور الكاردينال بشكل خاص ضد ذلك "الإرهاب الإسلامي" الذي يحاول أن يبرر نفسه أخلاقياً بشرح علاقات الاضطهاد القائمة، أو دينياً بالاستناد إلى نصوص، ويتساءل مستنتجاً: "ألا يجب أن يوضع الدين تحت عباءة العقل، وأن يوضع له حدود؟". العقل يدفع الدين إلى المساهمة في نشر ثقافة التسامح والحرية).
والكاردينال بوضعه هذه المهمة نصب عينيه يخطئ إذ يتوجه شرقاً. فمهمته أن يتوجه غرباً ضد الأصوليات المسيحية العنيفة، وهي خصم الكنيسة الكاثوليكية الحالية الأساسي، وبدل أن يفعل ذلك يبدو كمن ينافسها في تشخيص الخصم الإسلامي
جهد راتسنجر حقيقي، وهو يعبر عن نزعة قائمة في الكنيسة للمصالحة مع قيم العلم والتنوير قادها اليسوعيون في الماضي. وقد سبق أن طرح البابا يوحنا بولس الثاني العام 1996، وبتأثير من راتسنجر، مسألة اعتراف الكنيسة بنظرية النشوء والارتقاء
راتسنجر يدفع بالأمر خطوة أخرى إلى الأمام، ليتجاوز ومن أخطر مظاهر حماقة المس بالدين والردود عليها أن تمثيل الحيز العام ينتقل إلى رجال الدين، و"الحوار بين الديانات" ينفذ عملياً كحوار بين رجال دين متعددي الأمزجة ومتفاوتي الثقافة، إذ ينصبون من قبل الاستوديوهات ممثلين للناس أو للديانات. ورجل الدين لا يمثل الدين، فالدين ليس بحاجة إلى تمثيل، وحاشا الله أن يحتاج إلى من يمثله، ويصغر حتى الأنبياء ناقلو رسالته عن تمثيله. وهو لا يمثل الناس أيضاً. فمن زاوية نظر الدين قد يوقعه تمثيل الناس والرغبة في نيل ثقتهم في منزلقات ومعاصٍ تصل حد الكفر. أما من زاوية المفهوم العلماني للتمثيل فلم ينتخبه أو ينتدبه أحد. ولكن كلاماً من نوع كلام البابا يحول المشهد الإعلامي، وهو مشهد التعددية السياسية الوحيد في البلدان العربية حالياً، إلى حوار أو صراع بين رجال دين من ديانتين مختلفتين ... يفترض في أفضل الحالات أن يتوسطوا بين العقيدة والمؤمنين على درجاتهم، وأن يقودوا شعائر الصلاة وغيرها. القيادة منتخبة أم غير منتخبه هي قيادة لمجموعات من الناس، وقد تكون هذه المجموعات عبارة عن طوائف، أو تنظيمات أو تكون قيادة للشعب. أما "الروح" فليست بحاجة إلى قيادة من هذا النوع. و"القيادة الروحية" هي مجرد تعبير سياسي بائس، وأداة غير مفحوصة المعنى ولا المنشأ ولا الهدف، يستخدمها من ينصبون أنفسهم قيادة على الناس، وناطقين باسمهم، وليس هذا دورهم.
وإذا وجد بينهم مفكر يتجاوز المهمة والدور إلى التفكير بالنصوص والتأمل بها، فهو لا يفعل ذلك كشخص مقدس أو تحيطه هالة من القدسية، بل كإنسان مثقف. ولا يهم في ذلك إن كان لقبه كاهناً أم شيخاً، أم فقيهاً أم حَبراً أعظم. فهو في هذه الحالات، بل في أفضل الحالات، إنسان يجتهد
ذلك الجهد للتعايش بين العلم والعقيدة الإيمانية إلى محاولة عقلنة العقيدة أو تقديس العقل ... وهو جهد فلسفي يخرج عن نطاق الدين
ولا أعتقد أن عقلنة الدين فلسفياً هي الحل لمسألة الأصولية. وهو على أي حال لا يستطيع لا من موقعه كبابا، ولا في خضم هذا الصراع أن يطرح تحدي العقلنة على الإسلام. فهذا التحدي يطرحه فقط مثقفون علمانيون مسلمون ومسيحيون على بعضهم البعض، ويتحاورون بشأنه حواراً ذا معنى، دون اكتراث بحدود الطوائف والهويات. أما رجال الدين فيقبلون بالحد الأقصى أن يعقلن كل منهم عقيدته إذا شاء، وليترك تحدي عقلنة الدين الآخر لرجال الدين الآخر
يحاول البابا أن يقدم الكنيسة وعقيدتها أداة ناجعة في بناء هوية أوروبا فيما يسميه هو حوار الثقافات، وهو

إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!

19 / 6 / 2007
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07400 seconds with 11 queries