عرض مشاركة واحدة
قديم 03/11/2009   #2
صبيّة و ست الصبايا sandra
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ sandra
sandra is offline
 
نورنا ب:
Dec 2007
مشاركات:
3,859

افتراضي


حين بزعت الشمس، طار السنونو إلى النهر واستحم .. قال أستاذ العلوم وهو يمشي على الجسر " هذا غريب ! سنونو في الشتاء "
وكتب خطاباً طويلاً عن هذه الظاهرة إلى الجريدة المحلية وكان الخطاب مليئاً بكلمات معقدة لم يفهما أحد.
قال السنون وقدر ارتفعت معنوياته : " الليلة أنطلق إلى مصر .."
زار كل المعالم المهمة في المدينة وكلما قصد مكاناً، غردت العصافير وقالت : " ياله من غريب متميز ! "

وحين ارتفع القمر عاد إلى الأمير السعيد :
ـ هل لديك مهمات في مصر ؟ أنا سأنطلق الآن
قال الأمير :
ـ أيها السنونو .. أيها السنونو الصغير ... هلا ظللت معي ليلة أخرى ؟
أجاب السنونو :
ـ هم ينتظرونني في مصر، غداً يسافر رفاقي إلى الشلال الثاني، حيث أفراس النهر تتوارى بين الشجيرات، وعلى عرش ضخم من الجرانيت يجلس تمثال (ممنون) طيلة الليل يراقب النجوم وحين تبزغ شمس النهار يطلق صيحة سرور ثم يعود إلى الصمت وعند الظهيرة تأتي الأسود الصفراء إلى حافة النهر لتشرب وزئيرها أعلى من زئير الشلال
قال الأمير :
ـ عبر المدينة أرى شاباً يعيش في سقيفة، إنه ينحني على منضدة تغطيها الأوراق، وجواره باقة أزهار بنفسج ذابلة، له عينان حالمتان واسعتان وشفتان حمراوان، وهو يحاول الانتهاء من كتابة مسرحية لمسرح المدينة لكن البرد يمنعه من المزيد من الكتابة، لا نار في السقيفة والسغب يجعله يفقد الوعي
قال السنونو الذي كان طيب القلب بالفعل:
ـ لسوف أبقى معك ليلة أطول، هل أحمل له ياقوته أخرى ؟
ـ للأسف لم يعد لدي ياقوت ... عيناي هما ما بقي لي، وهما مصنوعتان من الزفير النادر الذي جيء به من الهند من ألف عام، انتزعهما وخذهما له، ولسوف يبيعهما للصائغ ويبتاع طعاماً وحطباً، ومن ثم ينتهي من كتابة مسرحيته
قال السنونو وهو يبكي:
ـ أيها الأمير العزيز .. ليس بوسعي أن أفعل هذا
قال الأمير
ـ أيها السنونو .. أيها السنونو الصغير .. افعل كما آمرك
هكذا وجد السنونو نفسه مرغماً على انتزاع الزفير، وحلق نحو غرفة الكتاب .. كان الدخول سهلاً لأن السقف كانت فيه فتحة واسعة... كان الشاب قد دفن رأسه بين كفيه فلم يسمع صوت رفيف جناحي السنونو .. وحين رفع وجهه وجد قطعة الزفير فوق أزهار البنفسح الذابلة ..
صاح : " لقد بدأ الناس يشعرون بقيمتي .. هذه الجواهر من معجب عظيم ولا شك ... الآن يمكنني أن أنهي مسرحيتي"
وبدا مسروراً جداً

في الصباح التالي طار العصفور إلى الميناء وراح يراقب البحارة وهم يرفعون صناديق كبيرة مربوطة بالحبال .. صارح السنونو : "أنا ذاهب إلى مصر! "
لكن أحداً لم يبال به.
وحين ارتفع القمر عاد إلى الأمير السعيد وقال:
ـ جئت كي أودعك
ـ أيها السنونو .. أيها السنونو الصغير .. آلا تبقى معي ليلة أخرى ؟
ـ إنه الشتاء ولسوف بأتي الجليد سريعاً.. في مصر الشمس الدافئة تشرق على أشجار النخيل والتماسيح تلعس في الوحل ناظرة في كسل إلى ما حولها .. رفاقي يبنون عشاً في معبد (بعلبك) واليمام الأبيض يراقبهم .. أيها الأمير العزيز .. يجب أن أتركك .. لكنني في الربيع سأجل لك جوهرتين جميلتين بدلاً من اللتين تخليت عنهما .. الياقوتة ستكون أكثر احمراراً من الوردة، والزفير سيكون أكثر زرقة من البحر
قال الأمير :
ـ في الميدان تحتي هناك بائعة ثقاب صغيرة .. لقد سقط الثقاب منها في البالوعة ولسوف يضربها أبوها بسبب هذا .. إنها تبكي .. رأسها الصغير عار وقدماها حافيتان .. خذ عيني الأخرى وأعطها ياها
قال السنونو :
ـ سأبقى ليلة أخرى .. لكن لو انتزعت عينك ستصير أعمى تماماً
ــ أيها السنونو .. أيها السنونو الصغير.. افعل كما آمرك
من ثم انتزع الزفير وانطلق إلى حيث بائعة الثقاب الصغيرة وألقى الجوهرة في كفها
صاحت الفتاة : " يالها من قطعة زجاج جميلة ! "
وانطلقت نحو البيت وهي تضحك .. عاد السنونو إلى الأمير وقال له:
ـ أنت الآن أعمى ..لسوف أبقى معك إلى الأبد
ـ لا أيها السنونو الصغير .. يجب أن تذهب إلى مصر
قال السنونو "بل سأبقى معك للأبد" ونام عند قدمي الأمير .

// وأنّ حضورك في دمي مسكُ الختام //
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04339 seconds with 11 queries