عرض مشاركة واحدة
قديم 03/11/2009   #3
صبيّة و ست الصبايا sandra
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ sandra
sandra is offline
 
نورنا ب:
Dec 2007
مشاركات:
3,859

افتراضي


في اليوم التالي ظل يقف على كتف الأمير ويحكي له قصصاُ غريبة عما شاهده .. حكى له عن طيور (أبو منجل) التي تقف صفوفاً على حافة النيل لتصطاد السمك بمناقيرها، عن أبي الهول الذي هو أقدم من الدنيا ذاتها ويعرف كل شيء، وعن التجار الذين يمشون الهوينى جوار جمالهم، ويحملون مسابح من العنبر بين اصابعم.. عن ملك جبال القمر الذي هو أكثر سواداً من الأبنوس، ويعبد جوهرة كبيرة .. عن الثعبان الأخضر العظيم الذي يعيش في شجرة ويعنى به عشرون كاهناً ... عن الأقزام الذين يسبحون في النهر راكبين على أوراق شجر ضخمة، وهم في حروب دائمة مع الفراشات
قال الأمير : " أيها السنونو الصغير العزيز.. أنت تحكي لي أشياء مذهلة .. لكن الأكثر غرابة هو معاناة الناس! لا يوجد لغز أكثر استغلاقاً من الشقاء ... طر فوق المدينة وأخبرني بما تراه هناك "

طار السنونو فوق المدينة ... رأى الأثرياء ينعمون في قصور بينما الشحاذون يتسولون أمام الأبواب .. طار في الأزقة ورأى وجوه الأطفال الجياع البيضاء الشاحبة .. وتحت الجسر رأى غلامان ينامان وقد احتضنا بعضهما طلباً للدفء.
صاح خفير الدرك: " ليس لكما أن تناما هنا ! "
من ثم فر الغلامان إلى المطر وعاد السنونو إلى الأمير يخبره بما رأى
" أنا مغطى برقائق الذهب .. أنزعها واحدة واحدة ..أعطها للناس الذين يحسبون أن الذهب سيجعلهم أكثر سعادة"
التقط السنونو روقة تلو أخرى من الذهب حتى صار الأمير السعيد رمادياً كئيب المنظر .. ورقة تلو أخرى يحملها إلى الفقراء حتى ازدادت وجوه الأطفال تورداً وراحو يضحكون ويلعبون.

ثم جاء الثلج وبعده الجليد وبدت الشوارع كأنما هي من فضة وارتدى الجميع الفراء
ازداد شعور السنونو البائس بالبرد لكنه لم يرد أن يفارق الأمير .. فقط راح يحاول أن يتدفأ بتحريك جناحيه .. لكنه في النهاية عرف أن موته قريب .. استجمع قواه وطار إلى كتف الأمير وقال له :
ـ وداعاً أيها العزيز .. هل لي أن ألثم يدك؟
قال الأمير :
ـ يسعدني إنك ذاهب إلى مصر أخيراً أيها السنونو الصغير .. لكن أرجو أن تلثم شفتيّ فإنني أحبك
ـ لست ذاهباً إلى مصر ولكن إلى بيت الموت .. إن الموت شقيق النوم .. أليس كذلك ؟
ولثم ثغر الأمير ثم هوى ميتاً عند قدميه
في هذه اللحظة دوى صوت شرخ غريب من داخل التمثال كأنما تحطم شيء .. الحقيقة ان قلب الامير الرصاصي انشطر إلى نصفين
في الصباح كان العمدة يمشي في الميدان مع أعيان البلدة .. مروا بالعمود فرأوا التمثال " رباه ! ما أقبح الأمير السعيد!! "
صاح الأعيان الذين لم يختلفون مع العمدة قط :
ـ ما أقبحه فعلاً .. لم تعد الياقوتة في سيفه وعيناه تلاشتا ولم يعد مكسواً بالذهب
ـ إنه ليس أفضل حالاً من الشحاذين وهناك طير ميت على قدميه .. علينا أن ننشر إعلاناً يمنع الطيور من أن تموت هنا
وقال أستاذ الفنون في الجامعة :
ـ ما دام لم يعد جميلاً فهو لم يعد مفيداً
وهكذا شدو التمثال وأذابوه في فرن كبير، ثم عقد العمدة اجتماعاً للمجلس البلدي، لتحديد ما يمكن عمله بالمعدن المنصهر
" سنصنع تمثالاً آخر ولسوف يكون هذا التمثال لي "
تصايح الأعيان وكل منهم يريد التمثال لنفسه وآخر ما سمعت أنهم ما زالو يتشاجرون .. ولاحظ العمال أن القلب لا ينصهر لهذا تخلصوا منه في القمامة حيث كانت جثة السنونو

* * * * *
قال الخالق لملائكته:
" هاتوا لي أثمن شيئين في تلك المدينة "
وعاد الملائكة للخالق بقلب التمثال الرصاصي وجثة السنونو ..
" لقد أحسنتم الاختيار، لأنه في حدائق جنتي سوف يغرد هذا الطائر للأبد وفي مدينتها الذهبية سيسبح هذا الأمير السعيد بحمدي "







// وأنّ حضورك في دمي مسكُ الختام //
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04291 seconds with 11 queries