[yass]

لا يوجد شك حاليا في أن النظام البعثي السوري في أزمة حقيقية , و خصوصا بعد تصريحات عبد الحليم خدام الأخيرة..وأعني هذه التصريحات ليس للأهمية التي أعطيها أنا شخصيا, انما للأهمية التي اكتسبتها لسببين , الأول هو أن هذه التصريحات قد أعطت سببا جديدا لحاملي راية الحريري لكي يستمر في هجومه على النظام السوري, و السبب الثاني و الأهم هو أن ما فعل خدام قد أيقظ الشعب السوري على حقيقة هامة , ألا وهي أن النظام السوري ينهار ببطء , لا أريد أن أقول أن الشعب كان جاهلا بهذه الحقيقة , لكنه بسبب الظروف الخارجية و الداخلية الصعبة كان يحاول أن ينظر الى جهة أخرى, و لا أرى نفعا للمهزلة الدستورية و التاريخية المسماة "مجلس الشعب" فكلنا يعلم أن أعضاء هذا المجلس ليسوا الا مسيري معاملات, الفرق فقط أنهم يركبون المرسيدس.
رغم كرهي العميق للبعث و ممارساته , و رفضي للعصى الدكتاتورية و التسلط الاستبدادي الذي ما زال مهيمنا على سوريا منذ أكثر من أربعين عاما الا أنني ضد الحلول الثورية , للثورية رومانسيتها و نحن الآن بحاجة للواقعية .
وطننا الآن بأزمة , و حين أتحدث عن أزمة لا أقصد أبدا مأزق النظام السوري حيال أزمة الحريري و تداعياتها , انما أقصد حالة الضيق الاقتصادي الذي طال جثومه على صدور الشعب السوري ...و لست أرى داعيا لذكر أسباب هذه الأزمة الاقتصادية, يكفي أن نتذكر الثروات الهائلة التي نسمع عنها ولا نراها.
هذه الأزمة الاقتصادية تؤثر سلبيا على جميع نواحي الحياة في سوريا, اجتماعيا و ثقافيا و حتى رياضيا.
أرى أن الطريق الوحيد للخروج من هذا المأزق هو المصالحة الوطنية و الوفاق بين مختلف القوى السياسية, حتى البعثيين منهم .
من قواعد العلوم السياسية أن "المصلح" أو الشخص الذي يقود الدولة من حالة الى أخرى يأتي عادة من قلب النظام الحاكم , هذا الشخص يكون عادة قادرا على الدفاع عن أشياء في العلن وهو يغيرها في السر .
لا أعنى أبدا أننا يجب أن نبحث عن "المسيح المنتظر" أو "امام الزمان الخفي" , انما أقصد أنه على المعارضة السورية أن تراهن على القواعد البعثية الديمقراطية, الحل يجب أن ينبع من قلب النظام , لأننا غير قادرون على الثورية و سوريا لا تحتمل اضطرابات, كما أننا لا نريد دبابة من أي دولة على أرضنا.
علينا أن نراهن على القلة البعثية المؤمنة بحقيقة الديمقراطية و بفاعليتها و أهميتها للتقدم و التطور , قد نفكر أنه من المستحيل أن يجتمع البعث مع الديمقراطية في شخص واحد, أو في مجموعة واحدة , لكن لا يوجد مستحيل .
أرى أنه على الشعب السوري أن يدعم خروج فئة من داخل البعث قادرة على الاطاحة برؤوس الفساد من داخل الحزب , و أن تستلم الحكم و تعمل على المصالحة الوطنية مع جميع الفئات السياسية , و أن نعمل جميعا على ايجاد صيغة جديدة للحكم في سوريا, مبنية على الحرية و العدالة و المساواة, و أن ندفن الى الأبد أشباح الخوف و الصمت و المهانة.


Yass