عرض مشاركة واحدة
قديم 30/09/2009   #5
صبيّة و ست الصبايا الؤلؤة
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ الؤلؤة
الؤلؤة is offline
 
نورنا ب:
Apr 2009
مشاركات:
14

افتراضي


فصل الصيف وما يقابله في الميثولوجيات

تقترن طبيعيّاً بفكرة الصيف، وشمسُه في ذروة قوتها، صورة إكتمال البطل، واستعداد الانثى لتقبل الذكر.
فلا غرو إذن ان تجسّد أساطير هذا الفصل فكرة إتحاد السماء بالأرض وثمرتها وليس على الصعيد الجنسي والتناسلي فحسب، بل على الصعيد الروحي أيضاً.
لكن، بما أنَّ الميثولوجيا قد سُردت رواياتها ودونت من وجهة نظر الرجل، أصبح للمرأة فيها وضع غريب يعكس تصورات الرجل المتناقضة عن هذا الكائن البشري المقرّب حتى العبادة والممقوت حتى الموت في آن واحد.
بما أنَّ الاساطير تعكس، على احد الاصعدة، إنفعالات الانسان وصفاته المميزة، فثمة تفسيرات ممكنة عدة لهذا الوضع الملتبس. احدها انَّ المرأة تُرى مختلفة من حيث الجنس، والمعروف أنَّ التعصب ضد ما هو مختلف صفة راسخة في الجنس البشري. لكن، لما كان هذا (الآخر) مرغوباً أيضاً، غدا من شأنه أن يثير الإشمئزاز والخوف، وفي آن واحد، ان يحبّ ويعبد. ثمة تفسير آخر ينبثق من تجربة الطفل مع امه.
فهذه العلاقة، وهي أولى العلاقات وأشدها تأثيراً في نمو الطفل, تتأرجح (بصورة مضرة به) بين الحب الدافئ الواقي، وبين سورة الغضب وحدة العقاب. من هنا ذلك الموقف المزدوج المتناقض تجاه النساء، الذي يفسر كيف انّهن يصبحن، والإلهات ممثلاتهن، رمزا للخوف الناجم عن المخاطر غير المرتقبة التي تتعرض لها حياة الإنسان.
ينظر إلى الإلهات الامهات، في مختلف انحاء العالم، نظرة يكتنفها الالتباس أو التناقض: فهن معاً واهبات للحياة وسالبات لها، وتجسيدات للأرض، وخالقات للحيونات والنباتات، وإلهات الحب والزواج والامومة. وهن يظهرن مع بعض هذه الصفات، أو كلها، تحت اسماء عدة: كالي (الهند)، اينانا (سومر)، عشتار (بابل)، عشتروت واناة (كنعان)، افروديت وديميتر وارتميس (اليونان)، سيبيلا وفينوس (روما)، ايزيس (مصر)، ما (الاناضول)، فريا (اسكندينافيا).. تتراوح طقوسهن بين المحتشمة وبين العربيدية المتهتكّة.

تكشف اللقاءات بين البطل والنساء عن موقف الرجل من المرأة، كما تحتوي على دروس حول كيفية توفيق الإنسان بين النزعات المتصارعة في كيانه. أول ما يجابهنا من هذا القبيل واجب تجنب تلك العلاقة الخطرة مع الام، المعروفة بعلاقة السفاح المحرّم. من أجل ذلك تسبغ على المرأة صورة عذراء جميلة أو إبنة ملك، لتصبح مكافأة صعبة المنال، أو ضالّة البطل المنشودة، أو حافزاً يدفعه إلى انجاز مهمته، كما فعلت أريانا عندما وقعت في حب ثيزيوس.
كان هذا قد جاء من اثينا إلى بلاط مينوس، ملك كريت، ليدفع الجزية السنوية، وهي سبعة شبان وسبع فتيات تقدم طعاماً لثور مخيف، هو المينوتور العائش في متاهة. لولا الخيط الذي كانت قد اعطته اياه أريانا، لما وجد ثيزيوس سبيله للخروج من المتاهة التي هلك فيها غيره. لكن إنتصاره جاء، نظراً لعدم نضجه النفسي، سابقاً لأوانه. فمع أنّه حمل معه أريانا، لم يبادل حبها بالتقدير اللائق، بل رمى بها على جزيرة صغيرة وانصرف. كانت إنتصاراته السهلة قد افسدته، فلا عجب إذن ان نراه يتعرض في ما بعد إلى مشكلات مع النساء.. من الممكن ان يكون لهذه الرواية طابع التحذير. فالرجولة لا تكتسب بسهولة، وبدونها تبقى المرأة كائناً خطراً أو مفترساً، سواء في شكلها الانساني، كما تظهر غالباً في صورها التقليدية، أو كمسخ شرير يجب قتله كالمدوسة.

يمكن مقارنة التفكير الميثولوجي، كالطبيعة الانسانية ذاتها، برقّاص يتأرجح بين ما هو ارضي أو بيولوجي وما هو أكثر منه تجردا أو روحانية.
تعكس هذا المجال الواسع بين الطرفين بوضوح الاساطير التي تتناول موضوعي الاخصاب والولادة.
فزفس يضاجع ليدا وهي بصورة بجعة. وعندما يخصب دانايه (التي ولدت فرساوس، قاتل المدوسة)، فهو يفعل ذلك بشكل وابل من الذهب يتسرب من خلال سقف سجنها.
لكن عندما يرتد الرقاص إلى الإتجاه المقابل، يكون تفكير الانسان الميثولوجي قد نضج فيقبل بصورة المضاجعة بشكلها الطبيعي، وان يكن قد يحدث ذلك في ظروف غير مألوفة، كالجماع الرمزي بين صفات متقابلة بوجه عام.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03459 seconds with 11 queries